PCP

يا عمال العالم اتحدوا

شيوعيو فلسطين و قرار التقسيم

قبل الولوج لموضوع قرار التقسيم و موقف الشيوعيين منه ، لا بد من التطرق الى الاوضاع التي سادت الحركه الشيوعيه في فلسطين في اربعينيات القرن الماضي . في نهايه الثلاثينيات و بدايه الاربعينيات ، و بعد ان تخلص الشيوعييون من الشعارات اليساريه المتطرفه كشعار الثوره العماليه في فلسطين و اقامه سوفييتات العمال و معاداه الحزب و تشدده تجاه قياده الحركه الوطنيه الفلسطينيه . انحرف انحرافا اكثر خطوره و هو التذيل للحركه الوطنيه الفلسطينيه من قبل الجناح العربي بقياده محمد نمر عوده ، و سيطره حاييم بجوجا على القسم اليهودي ،الذي كان يطرح فكره ان السكان اليهود كانوا في طريقهم الى التحول الى كيان قومي محدد. بينما شغل الامين العام للحزب رضوان الحلو موقفا تصالحيا بين الطرفين . استمرت الامور على هذا المنوال الى عام 1942 حيث تم انشقاق الحزب نتيجه لانحراف قومي داخل صفوف الكوادر اليهوديه ، فعلى سبيل المثال كان شموئيل ميكونيس ينادي بضروره تاييد الحزب لمطالب الاحزاب الصهونيه بتاسيس فيلق يهودي للمشاركه في الحرب العالميه الى جانب بريطانيا و كذلك تجميد كل اشكال مقاومه الاحتلال البريطاني . و يجب الاشاره هنا ان انشقاق فعليا كان قائما قبل ذلك بفتره ،حيث تم فصل القسم العربي للحزب عن القسم اليهودي ،و تم تكوين لجنتان مركزيتان يقوم الامين العام بالتنسيق بينهما و لم يعقد اطلاقا اي اجتماع موسع للجنتين ،عقد مؤتمر عام للحزب كانت مهمته رأب الصدع الموجود و لقد قام الحزب الشيوعي السوري اللبناني بايفاد مندوب له هو ادوارد الشرتوني للقيام بمهمه تقريب وجهات النظر بين الفريقين و تم بالفعل انتخاب لجنه مركزيه مشتركه جديده ، لكن هذه اللجنه لم تباشر عملها ،حيث دعا شموئيل ميكونيس بعد ايام ، الى عقد مؤتمر عام لاعضاء الحزب اليهود ، و اعلن في ذلك المؤتمر عن طرد الاعضاء العرب من صفوف الحزب . بين الشيوعيين العرب كان هناك جماعتان :جماعه القدس و جماعه حيفا . مجموعه القدس كانت تتبنى الخط المعادي للاستعمار و كانت ترى ان المعركه الحاسمه في فلسطين هي معركه التحرر الوطني ، اما مجموعه حيفا فكانت تؤكد بشكل اوضح على النضال من اجل الاشتراكيه ،و طالما حدثت خلافات بين المجموعتين بخصوص المقالات التي كانت تنشر في صحيفه الاتحاد ،و لا تحوز على رضى احد الطرفين . بعد طرد الشيوعيين العرب من الحزب الشيوعي الفلسطيني ،تم تاسيس عصبه التحرر الوطني التي ضمت معظم اعضاء الحزب العرب و تم تسجيلها في مدينه حيفا و انتخب موسى الدجاني امينا عاما لها ثم تم استبداله بخالد الزغموري . من المعروف ان هيئه الامم قبل اتخاذ قرار التقسيم ارسلت لجنه تحقيق دوليه الى فلسطين ، قام عضو اللجنه المركزيه لعصبه التحرر مفيد النشاشيبي بالاتصال مع لجنه التحقيق الدوليه و تم ترتيب لقاء معها في منزل خليل البديري استمر حتى الثالثه صباحا و كانت نتيجه هذا الاجتماع ان توصيات الاقليه في لجنه التحقيق ،التي اوصت بالحفاظ على وحده فلسطين و استقلالها كُتبت في تلك الليله ،و ذلك كان انعكاسا لبرنامج العصبه نفسه لاقامه دوله ديمقراطيه مستقله في فلسطين . بعد صدور قرار التقسيم في تشرين الثاني عام 1947 ،عقد اجتماع للجنه المركزيه للعصبه في مدينه الناصره، و بعد نقاش طويل صوتت اغلبيه اعضاء اللجنه المركزيه ضد قبول مشروع التقسيم ،و كان رأيهم ان الاتحاد السوفياتي اخطأ بتأييده التقسيم ،و قدموا مقترحا للاتصال مع الاحزاب الشيوعيه العربيه و ارسال رساله باسمهم جميعا الى القياده السوفياتيه ، مطالبه الاتحاد السوفياتي بتغيير موقفه . اما الاقليه المؤيده للقرار فكانت ترى فيه نواحي ايجابيه ، مثل انهاء الاحتلال البريطاني الذي يعني الاستقلال و كذلك الوحده الاقتصاديه مع الدوله اليهوديه التي و بنضال الشيوعيين العرب و اليهود ستؤل الى دوله واحده ديمقراطيه ، كذلك طرحوا اقتراح ارسا رساله الى الحزب الشيوعي الفلسطيني مقترحين اعاده الوحده الحزبيه . يجدر الاشاره هنا ان الاغلبيه كانت كل من إميل توما و رشيد الهباب و عصام عباسي و محمد سليم موسى و عوني الناشف ومحمد نصر و مفيد النشاشيبي و مخلص عمرو و خليل البديري .اما الاقليه فهم توفيق طوبي و فؤاد نصار و فهمي السلفيتي و إميل حبيبي و رشدي شاهين و حسن ابو عيشه . بعد قرار الاغلبيه صدرت عده اعداد من صحيفه الاتحاد تعكس موقف الاكثريه من قرار التقسيم ،فتداعت الأقليه لعقد اجتماع موسع للجنه المركزيه (بلينوم) ، لاعاده مناقشه الموقف من قرار التقسيم ، و كان الاتفاق على ان جميع المدعويين من خارج اطار اللجنه المركزيه ، تتم دعوتهم بموافقه جميع اعضاء اللجنه المركزيه . بالفعل عقد الاجتماع في كانون الثاني عام 1948 ،و المفاجأه كانت ان المدعويين المقترحين من قبل الاغلبيه لم يحضروا الاجتماع ،بينما حضره المدعويين المقترحين من قبل الاقليه ، كذلك تغيب عن الاجتماع عضو الاكثريه إميل توما . فكانت نتيجه التصويت الموافقه على قرار التقسيم.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني