PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني في اللقاء اليساري العربي المنعقد في بيروت ما بين 7/8 حزيران

مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني في اللقاء اليساري العربي المنعقد في بيروت ما بين 7/8 حزيران في المحور السياسي:- عالمياً لا يزال الصراع محتدما بين معسكر الرأسمالية كنظام استغلالي أعقب الإقطاع والنظام الإشتراكي كنظام حرية وعدالة اجتماعية لا بد وأن يخلف الراسمالية، وقد أثبتت كل تجارب المرحلة الرأسمالية المقولة الماركسية المعروفة " أن عدو الرأسمالية الاستراتيجي هو السلام العالمي" وبشكل خاص السلام بين مختلف الشعوب، ولذلك نجد الرأسمالية تسعى دائما لاشغال الشعوب بصراعات تفجرها فيما بينها، ليظل العالم يعيش حالة من الصراع تستثمره بحكم موقعها التاريخي لصالح إدامة سيطرتها وهيمنتها على الشعوب ومقدراتها، وعندما فقد المعسكر الرأسمالي مبررات صراعه مع معسكر الاشتراكية الذي تفكك بفعل فاعل، تفتقت عبقرية منظريها عن نظرية عجيبة غريبة منافية للمنطق حتى في اسمها "نظرية الفوضى الخلاقة" اسم فعلا على مسمى إذا كان المقصود هو خلق بؤر توتر وصراع دائم. والراسمالية الاستغلالية المتوحشة بقيادتها الإمبريالية الأمريكية وتماشياً مع نظريتها الفوضى الهدامة فإنها لا تتورع حتى عن انتهاك مثلها المزعومة مخالفة قوانيننها المخادعة فيما يتعلق بالتآمر على سورية نجد أمريكا تضرب بعرض الحائط بكل تلك المثل وتلك القوانين وتتعاون جهاراً نهاراً مع قوى وحركات ومنظمات ظلت حتى عشية المؤامرة تدعي محاربتها وتضعها على لائحة الإرهاب، إن دخول منظمات كالقاعدة وجبهة النصرة، وتنظيمات أصولية معروفة بعدائها لكل قيم الحرية والديمقراطية التي تتبجح بها أمريكا، وتغطية الأمريكان عليها بعبارات ملتوية لهو دليل مؤكد على الطبيعة التضليلية والمخادعة للإمبريالية، والتقارير المؤكدة عن الصفقات الأمريكة التي سهلت وصول الأخوان المسلمين في كل من تونس ومصر لسدة الحكم، ومحاولاتها التي لا زالت مستمرة لتحقيق نفس الصفقة في سورية، كلها تؤكد أن نظرية الفوضى الهدامة باتت المرتكز الأساسي للإمبريالية وحلفائها في المنطقة، وشهادة سوء سلوك تدمغ بها الرأسمالية المتوحشة نفسها مبرهنة في ذلك على إفلاسها التاريخي. في منطقتنا حيث الشرق الأوسط يمثل تربة خصبة لاستنبات الفوضى، استغلت الرأسمالية الإمبريالية الفرصة، وتحت ذريعة ايجاد حل للصراع العربي الاسرائيلي، وتحت عنوان براق وخادع وهو "صيانة السلام في الشرق الأوسط" قامت احدى جامعاتها المعروفة بارتباطها الوثيق بالاحتكارات الأمريكية برعاية تجمع ـــــ تزامنا مع مؤتمر مدريد سنة 1991 صدر عنه قرارات سياسية واقتصادية باسم "تقرير هارفارد" فكان هذا التقرير هو حجر الأساس في بناء مؤامرة كبرى ليس على الفلسطينين وقضيتهم وانما على الشرق الأوسط عامة، وهو ما بات يعرف اليوم "بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير" ومن يعود لتقرير هارفارد الذي انبثق عنه المشروع يكتشف أنه مشروع امبريالي صهيوني بامتياز، يكفي أن يكتَشف أن أب هذا المشروع وعرابه الأول هو شمعون بيرس، حتى أنه ولفترة طويلة ظل يعرف باسمه. هذا المشروع جلب لنا نحن الفلسطينين أوسلو المشؤومة وما تلاها من ملاحق واتفاقيات كطابا، ووايت ريفر، وويت بلانتيشن، ثم أنابولس وباريس الاقتصادية وكلها كانت لصالح تكريس مشروع بيريز، والذي أوصلنا في النهاية إلى هذا المأزق السياسي الاقتصادي الاجتماعي وحتى الأخلاقي، لقد وضع شعبنا أخيراً في سجنين كبيرين، سجن بإدار المندوب السامي الأمريكي دايتون وكل من جاؤوا بعده إلى نابلس ورام الله، وسجن بإدارة مشايخ الإخوان المسلمين في غزة الذين باتوا يهللون ويكبرون للتهدئة مع المحتل ويطالبون بهدنه طويلة الأمد معه، بكل ما تتطلبه مثل هذه الهدنه من وقف طويل الأمد للمقاومة. لقد عانى شعبنا ولا يزال الكثير من الويلات والمأسي، جراء مثل هذه السياسات والتي أقل ما يقال عنها أنها قاصرة ومقصرة فعلى مدى 65 عام من النضال والتضحيات لم يبق لشعبنا إلا أقل بكثير من 22% من فلسطين التاريخية وهذا القليل لا يزال بين فكي غول الاحتلال، والله وحده يعلم كم من السنين الأخرى العجاف ستمر وكم من هذه النسبة سيبقى لشعبنا إذا ظلت قياداتنا على هذا النحو من الإنقسام والتشرذم وانعدام المسؤولية. لقد مل شعبنا كل ادعاءات المصالحة التي بات يتلاعب بها كل من اليمين الفلسطيني في رام االله، وقادة الاسلام السياسي في غزة، ولا يزال شعبنا بأكثريته الصامته المغيبة والمهمشة فاقداً لأي أمل في استعادة وحدته الوطنية طالما بقي يرزح تحت نير أجندتين هدفهما الأول والأخير هو احتكار السلطة والتمسك بها حتى آخر نقطة دم تراق على مذبح السلطة وليس على مذبح الحرية والتحرير. وما دام اليسار الفلسطيني التقليدي لا يمتلك أجندته الوطنية، ولا يزال ينتظر نتائج محاصصة بين حركتين متصارعتين، وموزعا ما بين متفرج أو متذيل أو منتظر لما قد يتصدق به عليه أدعياء المصالحة، فإن الأكثرية المتململة لا بد وأن تنقلب على قيادتها التقليدية، مطالبة بتغيير حاسم وحازم ومن حقها ذلك تأكيداً، إن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا تتساءل وباستغراب عن سبب هذا السكوت الفاضح عن المؤامرة الدنيئة على بلد صمود وتصدي ومقاومة إن في تجاوزها وتطاولها على الثوابت العربية والفلسطينية، وانتهاكها المتكرر للحقوق الشرعية والتاريخية لهذه الشعوب، ‘ن هذا البلفور القطري الجديد يستحق أكثر من الزجر، على تجاوزه الفظ والمهين حتى للسلطة ومقاومتها بكل ما قدمه ويقدمه من تنازلات مجانية لم يكلفه أحد بها، سواء على صعيد التعديل المجاني للمبادرة العربية المرفوضة أوفلسطينياً، لأنها تسقط حق العودة والذي هو جوهر القضية وأساسها، أو على صعيد تبادل الأرا ضي والذي يكرس بقاء المستطوطنات ملغياً بذلك إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية المتصلة ومع ذلك يستمر التنازل العربي الرسمي والذي يقابله دائماً الرفض الإسرائيلي المتغطرس. سؤال أصبح من حقه أن يطرح نفسه: على ماذا اذن سيتصالحون؟! معظم قادة حماس وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي خالد مشعل يبدي مرونه مفاجئة، وتقارب ملحوظ مق قيادة رام الله، وفي نفس الوقت يهاجم سورية البلد الذي احتضنته وحركته يوم انفض عنه الجميع وتنكر الكل لحماس إلا سورية وشعبها التي قدمت له ولحماس ما لم تقدمه لأحد، والرئيس عباس يعلق على شرط نتنياهو التعجيزي وذو الأثار المدمرة وهو شرط الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية الدولة فيقول بهذه البساطة المتناهية "يسموا دولتهم مثل ما بدهم" وكان قبلها قد اعترف بعظمة لسانه بأنه هو شخصياً لن يعود لمسقط رأسه صفد وأخيراً يصرح كبير مفاوضيه صائب عريقات تعليقاً على تعديلات قطر الخيانية قائلاً: " إن هذه التعديلات تنسجم مع الرؤية الفلسطينية الرسمية للحل" فهل يا ترى سيكون المقترح القطري أحد مرتكزات المصالحة المنتظرة ؟ وإذا كانت كذلك فما هو الموقف الصحيح منها ومن طرفيها. سؤال على طاولة اليسار وبرسم الإجابة. من وجهة نظرنا في الحزب الشيوعي الفلسطيني، لا يزال اليسار قادر على ضبط الأمور، بل وأمامه الفرصة المواتية، خصوصاً بعد أن تكشف للقاصي والداني عقم ما يسمى بالربيع العربي أو بالأصح بالربيع الاخواني، إن التجربة المرة في كل من تونس ومصر تتطلب من اليسار العربي عامة والفلسطيني خاصة، أن يبادر ليأخذ دوره الحقيقي، وهو بدون أدنى شك قادر على أن يضطلع بمسؤولياته الوطنية إذا ما: أولاً:اعادة ترتيب وتنظيم نفسه في اتجاه بناء جبهة وطنية تقدمية. ثانيا: اذا ما طور من ايديولوجيته لتصبح أكثر قربا والتصاقا بالجماهير المتضررة من الاحتلال وخصوصا العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين. ثالثا: اذا ما اهتم برفع ثقافة الجماهير النضالية وتفاعل بموضوعية مع الأكثرية الصامته وقدم لها شيئاً من الثقافة الماركسية كأحد المرتكزات الهامة والأساسية في ثقافة المقاومة. رابعا: أن يرسخ اليسار في ذهن أنصاره ومؤيديه الايمان برسالته وأهمية دوره في ملء الفراغ الذي بات ينتظر من يملأه بعد أن تكشف ليس فقط خواء وعقم الفكر السياسي الديني الظلامي بل وتناقضه مع كل فكر ثوري تقدمي وتجربتي كل من تونس ومصر أكبر دليل على ذلك. خامسا: وأخيرا فلا بد لليسار اينما كان أن يتصدي للهرطقة الليبرالية، وللسذاجة والديماغوجية السياسية التي اعتادت على تمجيد وتعظيم العفوية حقداً على الحزبية وتقزيما لها ولدورها، يقصد التقليل من أهمية الأيديولوجيا وهنا فإن دور اليساري الحقيقي ينبغي أن يتركز على تبيان أهمية الأيديولوجيا والقيادة المؤدلجة (أي الحزب) لضمان نجاح الثورة، فأي ثورة تفتقر إلى الأساس الأيديولوجي ــــــــ إلى الحزب القائد، إلى القيادة المؤدلجة سيكون مصيرها حتما كمصير ثورتي تونس ومصر، ربيع ضعيف هش ما يلبث أم ينقلب إلى خريف قاحل أو شتاء مدمر. الرفاق في الحزب الشيوعي الفلسطيني


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني