PCP

يا عمال العالم اتحدوا

حكومة الانتداب

هذه القصيدة قديمة شهيرة للرصافي قالها في حكومة الانتداب البريطاني على العراق. وننشرها اليوم لما فيها من عِبَر. أنا بالحكومةِ والســــــياسةِ أعرفُ أألامُ في تفنيــــــدها وأُعــنـــــّـــفُ؟ ســــــأقولُ فيها ما أقول ولم أخفْ من أن يقولوا: شــــاعرٌ متطرفُ هذي حكومتنا وكلّ شـــــــموخها كذبٌ، وكــــــلّ صنيعها متكلفُ غشّـــــتْ مظاهرها ومُوّهَ وجهها فجميعُ ما فيها بهــــــارجُ زيـّفُ وجهان فيها باطنٌ متســــــــــــترٌ للأجنبيّ وظاهرٌ متكشــــــــــفُ والباطلُ المســـــــــتورُ فيه تحكمٌ والظاهرُ المكشوفُ فيه تصلـّفُ عـَلـَمٌ ودســـــــــتورٌ ومجلسُ أمةٍ كلّ عن المعنى الصحيح محرّفُ أســــماء ليس لنا ســـوى ألفاظها أما معانيها فليســـــــــت تـُعرَفُ من يقرأ الدســـــــــــتورَ يعلمْ أنه وفـْقاً لصكّ الانتـــداب مصــنـّفُ مــــن ينظرِ العـلمَ المرفرفَ يلقهُ في عزّ غير بني البلاد يُرفرفُ من يأتِ مجلســــــــنا يصدّق أنه لمراد غــير الناخبيــــن مُـؤلـّف مــن يأت مُطـَّرَدَ الوزارة يُلفـِـــها بقيود أهل الاســـتشارة ترســُفُ أفهكذا تبــقى الحـكـــــومة عندنا كلما تـُمَــــــوّه للورى وتزخرفُ كثرت «دوائرها» وقـــلّ فعالـُها كالطـّبل يَكبر وهو خالٍ أجوفُ كم ســـــاءنا منها ومن وزرائها عملٌ بمنفعــة المواطنِ مجحفُ تشـــكو البلاد ســـــــــياسة مالية تجتاح أمـــــــوالَ البلاد وتتلفُ تجني ضرائبها الثــقـــــال وإنما في غير منفعة الرعية تـُصرفُ حكمت مشـــــــدّدة ً علينا حكمها أما عــلـــى الدّخلاء فهي تخفف يا قومُ خلـّوا الفاشــِـســـِـــيّة إنها في الســائسين فظاظة وتعجرُفُ للإنكليز مــطــــــامع ببــــلادكمْ لاتنتهي، الا بان تتبلشفوا بالله يا وزراءنـــا ما بـالـــكــــــمُ إن نـحـــن جادلناكمُ لـــم تنصفوا وكأن واحــــــــدكم لفرط غروره ثمل تميل بجانبيه القرقف أفتقنعون من الحكومة باســــمها ويفوتكم في الأمر أن تتصــرفوا هذي كراسي الوزارة تحتكــــــم كادت لفـــرط حيائها تـتـقــصّف أنتم عليها والأجانبُ فوقكــــــــم كلّ بســــلطتهِ عليكم مشـــــرفُ أيُعدّ فخـراً للوزير جلوســــــــــه فرحاً على الكرسي وهو مكتـّفُ؟ إن دام هــــذا فــــي البلاد فإنـــــه بدوامه لسيوفنا مســـــترعِفُ (2) لابــد مــن يـوم يطـــول عليكـــم فيه الحساب كما يطول الموقِفُ فهنالكـُمْ لم يُغنِ شــــــــــيئاً عنكم لـُسُن ٌ تقول ولا عيـون ٌ تـذرفُ الشعب في جَزعٍ فلا تســـــتبعدوا يوماً تثور به الجيـوش وتزحفُ وإذا دعى داعي البلاد إلى الوغى أتظنّ أن هناك مــــــــن يتخلفُ أيذل قوم ناهضـــــون وعــــندهم شرفٌ يعزز جانبيه المرَهفُ (3) كم من نواص للعدا ســـــــنـَجُزُّها ولِحىً بأيدي الثائرين ســـــتنتفُ إن لم نضاحك بالسيوف خصومنا فالمجد باكٍ والعــُـــــــلى تتأفـّف زرْ ردهة التـــــاريخ إن فنـــاءها للمجــــد من أبناء يعربَ مَتـْحفُ قد كان للعـــــــرب الأكارم دولـة من بأسها الدول العظيمة ترجفُ عاش الأديب منعـــماً فــي ظلـها والعالم النحرير (4) والمتفلســــفُ أيام كان المســــلمون من الورى في ظلـّها لهم المحلّ الأشــــرفُ ثم انقضى عهد الـعروبة مذ غـدا عنها الزمانُ بســعده يتحرّفُ (5) حتى تقلـّص بعـــــدُ من سلطانها ظلّ بأقصى المَشـــرقين مُورّفُ وغــدتْ ممــالكها الكبيرة كــلها لسهام كل دُويلة تســــــــــتهدفُ فبنو العروبةِ أصبحوا في حــالة منها العــــــروبة لا أبالك تأنـفُ والمســــلمون بحالةٍ من أجلـــها تا الله ضجّ بما حواه المصحف (1) القرفـَف: الخمر. (2) مسترعف: مسبب للرعاف وهو سيلان الدم من الأنف ومن السيف.(3) المرهف: السيف أو السنان المشحوذ. (4) النِّحرير: العاقل الفطن الحاذق. (5) يتحرف: ينحرف.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني