PCP

يا عمال العالم اتحدوا

ربيع عربي بأزهار بلاستيكية

ليس النقاش هنا حول تسمية ما يحدث بالشارع العربي بالربيع أو أي فصل آخر من الفصول المتعاقبه، والتي يتغير فيها ضمن الحركة الدائمة مصائر الشعوب وسقوط دول ونشوء أخرى ويتغير فيها كذلك أقنعة الوجوه الرسميه وأدوار اللاعبين على مسرح السياسه. لكن الثابت الوحيد هوواقع هذه الشعوب وما تعانيه أو عانته من جور وظلم وتهميش وسياسات قوانين الطوارىء في حكم الرحعيات العربية. إن غضب الجماهير باقٍ ما دام هنالك ظلم وما دام هنالك قوانين طبيقة تتيح لذوي السلطة الوصول لما يحرم منه الغالبيه العظمى من الجماهير، إن ما حدث ويحدث في الربيع العربي يدعو إلى رؤيه متعمقه حتى لا يخلط الحابل بالنابل ولكي لا تضيع البوصلة في معمعان ما يمكن أن تتمخض غنه هذه "الثورات" أو الهبات التي تعبر عن شعور جمعي لواقع الشعوب العربية الذي عانت منه طويلا، إن السلطة أي سلطه لا يمكن أن تسلم بالهزيمه أو الاندحار، وإن هروب حاكم أو اغتياله أو محاكمته لا يمكن أن يسمى ثورة ، خاصة إذا علمنا أن أي حاكم لا يمثل سوى رأس هرم طبقة تتحكم بكل مفاصل الحياه بالمجتمع لصالحها ولصالح ارتباطاتها العضويه المنوط بها ضمن خارطة التبعية للوكيل (الكمبرادور) بالاحتكارات وتبادل الوظائف والقيام بالمهام نيابه عن السيد الامبريالي الذي ينيط بالتابع الكثير من المهام للقيام بها بالنيابه عنه خاصة المهام القذرة. وفي عالمنا العربي هنالك الكثير منهم (أي الأتباع) المستعدين للعب هذه الدور لكن الفرق أن هنالك لاعبين قد اسودت وجوهها بحكم التعاقب الزمني وأصبحت مكشوفه بحيث لا يمكن لها الاستمرار بالسيادة على مجتمعاتها بنفس الأساليب المتبعه لذلك لا غرابه بما نشاهده الآن بالشارع العربي. من هنا ندرك أن الإمبريالية لا يمكن لها التسليم والقبول بوقوع الساحة العربية بأيدي قوى ثوريه أو حتى أنصاف ثوريه يمكن أن تشكل خطراً على مصالحها بالمنطقة، لذلك نجدها في كل توجهاتها تعمل على الابقاء على نفس المصالح وتعميقها بأشخاص وقوى من نفس اللون للعب نفس الأدوار فهي تعمل على :- 1- الايهام أن الربيع العربي جاء ليس بفعل قانون التراكم الكمي بل هو هبه عفويه ليس لتاريخ النضال الثوري فيه أي دور أو تأثير لذلك نجدها تجهز رجالات من صناعتها خادمة لمصالها بثوب جديد. 2- تقديم هذه الشخصيات بالتتابع كما يحدث في مصر. 3- استخدام معايير متباينه في التعامل مع كل قطر حسب موقعه في خارطة المصالح الإمبرياليه. 4- الاستعانة بدول اقليمية وبشكل سافر لها تأثير على رسم السياسة والقرار العربي, 5- استخدام مؤسسات مشلوله أصلا في سياق ماراثون تنفيذ سياسة حاقده ضد دولة بعينها أو حركات . 6- العزف على الوتر الديني وتضخيمه تارة بالتخويف منه وأخرى بتغذيته ليطفو على السطح كمنقذ لهذا البلد أو ذاك خاصة التطرف الديني الذي يبدي استعداده حتى للتعامل مع الصهاينه في سبيل الوصول للسلطة. 7- استخدام دول اقليمية (غير عربية) كراعيه للمعارضة أو ما يمكن تسميته البديل. إن الامبرياليه تعتمد في نجاح سياساتها على عدة عوامل منها أولاً ضرورة بقاء المعارضة سلميه واذا تطورت المعارضة إلى العنف فيجب لجم هذا العنف بتحويله ليس عنفاً ثورياً بل عنفاً فوضوياً، مع بقائه منوط بدعم الإمبرياليه له ورعايته ومساندته بتدخل إمبريالي واقليمي سواء بحظر طيران أو إيجاد مناطق عازله ...الخ كل ذلك بحيث لا يخرج عن كونه زوبعه في فنجان للعم سام وخير دليل على ذلك ما حدث في ليبيا ومحاولة حدوثه في كل من مصر وتونس واليمن وحتى رعاية الإمبرياليه لأي تغير يمكن حدوثه في قوانين ودساتير الدول المعنية والتي يجب أن لا تمس بالمصالح الإمبرياليه كاتفاقية كامب ديفيد وتصدير الغاز لدوله الكيان الصهيوني فالخطوط الحمراء لصالح أمريكا بالمنطقة يجب أن لا تمس مهما كان حجم التغير بالواقع العربي. إن ما يهمنا هنا أكثر هو الحديث عن سوريا وموقعها بالربيع العربي، فنحن لسنا ممن يغطون الشمس بالغربال وجميعنا يدرك أن الكثير من الأخطاء حدثت وتحدث في سوريا منها المتعمد المقصود أو غير المتعمد، لكن بالمنظور السياسي النسبي فإننا نظر ضمن اطار التحالف وليس التبعيه ننظر لسوريه ليس كعنوان الثوره المنشود أو التي نصبوا إليها ولكن إذا ما افتقدت من الساحة العربية أي لون من ألوان المقاومة فإننا ما زلنا نجد سوريا ضمن بوتقة وخندق النضال الممانع للمشاريع والمصالح الإمبرياليه بالمنطقة وضمن إطار التحالف فلا أحد يستطيع أن يحدد متى تقاربنا أو بعدنا عن أي طرف هو فقط مدى عداوته للإمبرياليه ومصالحها لذلك نجد سوريا ما زالت تقوم بهذا الدور ونجد أنفسنا مع سوريا في خندق واحد ودليل هذا التحالف ينبع من ضرورة الدور الذي تقوم به سوريا في رعايه المقامة وتحالفها مع أقطاب معارضه للإمبرياليه وليس لأنها رافعة راية الماركسيه اللينينيه ودليل على تحالفنا هذا سياسياً فإن إيران لا يجمعنا بها أي لون فكري ، فالتحالف السياسي هو جمع لقوى لزيادة التأثير وليس شرط للتماهي الفكري أو أي لون آخر ...الخ، ولأننا لا نشخصن القضايا فنحن كشيوعيين تضررنا كثيراً كأحزاب من هذه التحالفات وعلى استعداد لإعادتها، ذلك أن القضية هنا تتعلق بمصير ومستقبل أمه ومنطقة وانسان قبل أن تتعلق بمصير وحساسية حزبيه ضيقة. إننا نعود إلى هذا التحالف كما أوضحنا سابقاً ليس سوى على أساس سياسي وصالح أمة فالتحالف السوري الايراني اللبناني الفلسطيني هو المعول عليه، فبدونه ستخلو الساحة لأمريكا وحلفائها، وسيعود الشعب إلى عقود أخرى من الإحباط والمهانه، وتعميق التبعية لذلك لن ندخر جهداً في الحفاظ على هذا القطب. ليس غريباً أن ينبري لكسر هذا التحالف الامبرياليه وحلفائها بالمنافقه كالسعودية بثقلها وتحريك الجامعه العربية المشلوله، وببوق اعلامي مالي قطري، فالسعودية التي تطالب بفرض عقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي تطالب عبر بوقها القطري ومجلس الجامعة بتدخل دولي لقلب النظام السوري وبالتالي ضرب التحالف المقاوم الوحيد في المنطقة، الذي يعكر سهولة سير المخطط الإمبريالي وخير دليل على ذلك الموقف العربي من اليمن وسوريا فهل من مقارنة. كما أن تدخل تركيا السافر ضد سوريا ليس سوى محاولة للدخول على الساحة كبديل إقليمي عن إيران وهي التي ترتبط بالإمبرياليه والصهيونيه عضوياً في تحالفات عسكريه سياسيه...الخ معروفه للجميع ، وما خلافاتها مع الكيان الصهيوني إلا صراع على الدور في محاولة للإثبات للسيد الإمبريالي أن مفتاح المنطقة بيد تركيا واستقرارها بين طرفي المعادلة الأسيويه الاروبية بدلا من إيران المتمرده خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية إن الدور الاخطر لتركيا هو رعايتها بموافقة امبريالية على تغيير الصورة النمطية الدينية وخاصة طبيعة تعاملها السياسي والتدرج أو بما يسمى اليوم الاسلام الوسطي الذي يظهر سواءً بتشكيل الإخوان المسلمين في مصر لحزب جديد أو في تونس، وما يظهروه كأحزاب من تغيير في شكل التعامل مع مسلمات الأمس والتي بالمجمل تقول أن الغاية تبرر الوسيله فهي أحزاب تسعى لتعميم النمط التركي الاسلامي والتي لا ضير لديها من تدخل النيتو أو طلب العون من الكيان الصهيوني لأجل الوصول إلى الحكم. إننا هنا ندعي إلى إن المؤامرة ليست على سوريا فقط بل على المشروع المقاوم ولو بحده الأدنى الذي نلتقي معه على اساسه، لذا فإننا لا نخون المعارضة الشريفه في سوريا ولا نستخف بمصالح الجماهير بل ندعو إلى أن سوريا لا تستحق منا التآمر للإنقلاب عليها ولو بالتعاون مع أعدائها إن سوريا بحاجة لعملية تغيير داخلي ولو بضغط جماهيري فلا تكمن وطنيتنا بأن نرمي سوريا بأحضان الامبرياليه لمجرد وقوع الظلم بأشكال متعددة علينا فهذا الظلم مرتبط بواقع المجتمعات الطبقية فحتى في عقر الامبريالية فإن الظلم واقع مجسد وعلى كافة الصعد فليس البديل بالهروب من شتاء السماء لنقف تحت شلال الماء بل الأصح لوطنيتنا أن نطالب بالمظلات التي نصنعها في بلادنا وكما يقال بالمثل العامي (لحاف العيره ما بدفي). إننا كشيوعيين لا يمكن أن نقف يوما إلا مع جماهيرنا مع شعوبنا فنحن لا نقدس شخصيات أو حكومات ونعتبرها كما تعلمنا الماركسية أداة قمع طبقي لذلك ندعو إلى قيام حكومة تمثل حقا هذه الجماهير ومصالحها الحقيقية عمالها وفلاحيها وجميع الكادحين فيها. حكومة تقاوم ظلم الانسان لأخيه الانسان لذلك فنحن في هذا المقام لا ندافع عن حكومة سوريا أو حزب سوري بعينه بل نقف إلى جانب من تخندق معنا ضد الامبرياليه ولو بشكل نسبي ولجانب كل من يشكل عقبه أو يشكل حالة عداء مع أعدائنا الطبقيين مهما كانت معتقداته فنحن نتقارب وعلى استعداد لتناسي آلامنا الشخصيه في سبيل مصالح امتنا والانسانية جمعاء للخلاص من الامبرياليه مع ادراكنا أن هذا التحالف في كثير من الأوقات يفرض علينا وندرك أنه يقدمنا للأمام ولو خطوة واحدة لأن التحالفات لا يقصد منها تحقيق أهداف بل التقدم خطوة أو خطوات في سبيل تحقيق الأهداف العظمى. بقلم الرفيق ابو يوسف (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني