PCP

يا عمال العالم اتحدوا

خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة، ماذا بعد؟

استمعنا وبإصغاء لما قاله الرئيس عباس في كلمته في الأمم المتحدة وسررنا بهذا التصفيق المتكرر له، وبكل صراحة إننا نجد لهذا الخطاب جوانب عديدة إيجابية أهمها أن القضية الفلسطينية انتقلت من ملعب الوسيط الواحد أي الولايات المتحدة الأمريكية وتوابعها من الرباعية و غيرها إلى ملعب الأمم المتحدة، هذا الانتقال سيعطي القيادة الفلسطينية فسحة تنفس قليلة يمكن منها الانتقال من موقع إلى آخر. كذلك إن التكلم ولأول مرة منذ أتفاق أوسلو سيء الصيت بهذا الشكل وفي هذا المحفل الدولي، على أن القضية الفلسطينية ليست قضية حدود بل قضية شعب محتل يتم تهويد أرضه بشكل مبرمج و ممنهج ويجب التعامل معها على هذا الأساس يعتبر نقلة نوعية في خطاب السلطة. رغم الإيجابيات كان هناك مواقف أقل بكثير من المطلوب من قيادة شعب يتعرض وبشكل يومي للإرهاب المنظم من قبل حكومة الفصل العنصري و مرتزقتها من المستوطنين. رغم أنه تكلم عن الطريق المسدود التي وصلت إليه العملية السلمية لكنه لم يطرح مبدأ العودة عن أوسلو وذيوله، لم يقلها ولو بشكل مبطن أننا لا يمكن أن نستمر بالإلتزامات من جانبنا في الوقت الذي يتعمد فيه الطرف الآخر تغير الوقائع على الأرض، وأنه على الأمم المتحدة أن تتسلم إدارة البلد وفرض واقع جديد بقوة القرارات الدولية. لم يقل ما كان قد صرح به يوماً بأنه لم يَستلم رأس لسلطة وطنية ليصبح رئيس لروابط قرى. رغم كل ما ذكرناه من إيجابيات نحن نرى أن التوجه كان فيه جوانب سلبية، ليست الخطوة بحد ذاتها التي تُعتبر ايجابية بل أولاً: الطريقة التي اتبعت للوصول إلى الأمم المتحدة و ثانياً: فقدان السلطة لرؤيا إستراتيجية في المستقبل، أي ماذا بعد هذه الخطوة. وسأشرح ما نعنيه بهذا مبتدأً بعملية التحضير التي اتبعتها السلطة، التي وحسب وجهة نظرنا كان فيها نواقص لا يمكن اعتبار أنها سقطت سهواً. أولها أننا لا يمكن أن نتخذ مثل هذه الخطوة دون التوجه إلى شعبنا وطرح هذا التوجه عليه والأخذ برأيه، وتحضيره لمثل هذه ألمعركة، لقد بدت الأمور وقبل دقائق من الخطاب من أن الشعب لا يعرف ما هي هذه الخطوة ومدى خطورتها، كان الهم الأكبر لعموم الشعب هل ستدفع الرواتب أم لا؟ ولم يشرح له أن مجرد الكلام عن الأمم المتحدة هو بحد ذاته فتح معركة مع الدول المانحة وعلى رأسها أمريكا، كذلك هو فتح معركة مع إسرائيل التي تستغل حصتنا في الضرائب لتبتزنا، وأنه إذا أراد التحرر من الاحتلال يجب عليه أن يستعد لتضحيات جسام. أما ثانيها فكان هذا الضغط المتواصل على قوت الشعب من خلال التأخير في دفع الرواتب الذي جعل من هذا الشعب مستجدي لحقوقه الأساسية في الحياة الكريمة. كذلك إن ربط الشعب الفلسطيني بالبنوك و قروضها قد جعل منا مدينين لهذه المؤسسات حتى ولد الولد. أما ثالثها فهو هذا التسيب الأخلاقي والمالي الموجود ليس فقط على مستوى رأس الهرم بل وصل إلى النخاع، وزراء متهمون بالتسيب لا زالوا على رأس عملهم، شركات كبيرة تنهب وبشكل علني مقدرات الناس دون محاسبة، ألد حلان لم يكن حالة عرضية بل هو تعبير واضح لما يجري في مؤسسات هذه السلطة، الفساد أصيح مؤسسة كاملة متكاملة في هذا البلد. أما ثالثها فهو الخروج إلى المعركة دون أن نكون نحن متفقين على ما نريد، أي وبشكل أوضح اتخذ القرار ودعونا للسير به دون مشاورات حقيقية، أما وقد اتخذ القرار فمن الواجب أن نقوم ولو متأخرين بالتالي: 1ـ التوجه وبشكل سريع إلى إعادة تشكيل كافة مؤسسات منظمة التحرير لتشمل كافة الفصائل الوطنية المعادية للاحتلال و أوسلو وذيوله، من خلال إجراء انتخابات لكافة مؤسساتها. 2ـ إجراء المصالحة الوطنية على الأرض لا على الورق ليتمكن أبناء الوطن الواحد من المشاركة في اتخاذ القرار، و حتى نفوت الفرصة على أعدائنا من الدخول إلينا من خلال خلافاتنا. 3ـ تكليف المنظمة المجددة إدارة الصراع من الخرج حتى لا تقع القيادة تحت ضغط مباشر من الاحتلال. 4ـ أجراء انتخابات ديمقراطية في الضفة و القطاع تحترم نتائجها من الفصائل المشاركة فيها أولاً و من ثم فرض هذا الاحترام على العالم. 5ـ أما على صعيد الداخل فإن المهمة الوحيدة الملقاة على كاهل السلطة هو تسير أعمال المواطنين و ترك المقارعة السياسية للمنظمة أي بشكل واضح فصل السلطات، الإدارة للحياة اليومية للمواطن تكون للسلطة في الداخل بعد الانتخابات، أما المفاوضات تكون للمنظمة في الخارج. أما رابعها فهو هذا العناق الخانق للشعب ألفلسطيني من حلال استغلال إسرائيل للاتفاقيات الأمنية المعقودة مع السلطة التي تزيد من سيطرته على الشارع الفلسطيني، أصبح هذا الاحتلال ارخص احتلال في العالم بأسره، و أصبح دافع الضريبة الفلسطيني يدفع كل مصاريف أمن إسرائيل، لذلك إن المهمة الأولى الملقاة على كاهل السلطة هو إلغاء هذه الاتفاقيات حتى نتمكن من التحرك الجماهيري الحر. أما خامسها فهو ورغم حديثه عن المراحل التاريخية للقضية الفلسطينية لم يتمسك بشكل واضح بالمقررات الدولية المتعلقة بتأسيس دولة فلسطينية بجانب إسرائيل ولا بالشرط الذي وضع على إسرائيل يوم قبولها في الأمم المتحدة ألا وهو عودة ألاجئين إلى ديارهم. أما سادسها فهو هذا اللهث وراء النضال السلمي فقط والمفاوضات كوسيلة وحيدة لحل ألصراع هو مثير للريبة، لا يمكن أن نواجه عدو مثل إسرائيل بنوع واحد من النضال، نحن نرى أن شعارنا يجب أن يكون النضال كافة أشكال النضال من أجل أستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني المتمثل بإنشاء دولته و عاصمتها ألقدس. أن ما قاله الرئيس عن أننا سنرى ماذا بعد هذه الخطوة في حال رفض الطلب يعبر عن فقدان الإستراتيجية لليوم التالي، هذا يثير مجموعة من التساؤلات حول جدية القيادة في توجهها نحو ألأمم المتحدة، هذا يظهر بأن القيادة اتخذت هذه الخطوة لتقول فعلت ما في استطاعتي والباقي على الله. نحن نرى أنه بالإمكان الاستفادة من هذا التوجه و تحويله إلى نصر حقيقى إذا ما تمكنا من خلق العوامل الذاتية المطلوبة لذلك من خلال التخلص من أوسلو وذيوله وتطبيق برنامج يعتمد وبشكل أساسي على شعبنا لا على إرضاء أهواء الإدارة الأمريكية و غيرها من الإدارات في العالم. كذلك يجب توعية شعبنا و رص صفوفه لمواجهة طرح نتنياهو حول يهودية الدولة وما تعنيه في هذه المرحلة و تأثيرها على شعبنا في إسرائيل، إن المخطط الرامي إلى التطهير ألعرقي ألمتمثل بطرد العرب من إسرائيل تحت شعار يهودية ألدولة والطهارة ألعرقية فيها هو مقدمة لنكبة جديدة سيتعرض لها شعبنا إذا لم نكن مستوعبين خطورة هذه الطرح. و كما يقول رفاقنا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي هذه أرضنا و لن نسمح لأحد أن يطردنا منها. إن الضغوطات ألجديدة لأمريكا و إسرائيل التي تتجلى مؤخرا بالبيان الصادر عن الرباعية الدولية هو محاولة جديدة من التيار الأمر وصهيوني لإدخال القضية في نفق مظلم هدفه العودة لمفاوضات عبثية جديدة يسمح لإسرائيل بأن تستغل الوقت لتغير الواقع الديمغرافي وبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية و على رأسها هذا الحزام الاستيطاني حول مدينة القدس. كذلك إن الحديث عن المدة الزمنية اللازمة من أجل وصول مشروع القرار إلى المجلس الأمن لاتخاذ القرار هو محاولة من أجل كسب الوقت لزيادة الضغط على القيادة الفلسطينية، ذلك وفي الوقت ألذي تم قبول جنوب السودان بسرعة البرق، في الماضي كانت الرجعية العربية تقوم بهذا العمل القذر أمثال مبارك، أما اليوم وقد سقطت هذه الوجوه العميلة من على المسرح تقوم أمريكا و بشكل مباشر بهذا الضغط. هي من جهة تضغط بشكل مباشر على الدول الأعضاء في مجلس الأمن من أجل عدم القبول في الأمم المتحدة ومن جهة أخرى تهدد بقطع المعونات عن السلطة. نحن نؤكد ثلاثة أمور ألأول أننا و بإدارة مالية حكيمة لسنا بحاجة إلى هذه المساعدات، أما ألثاني فهو أن أمريكا بحاجة لنا بقدر حاجتنا لها و ربما أكثر،ألم نرى ماذا فعلت أمريكا عندما ترفع المجلس العسكري المصري الحاكم عن قبول الإعانة الأمريكية، هم مستعدين لدفع المليارات من أجل الحفاظ على إمكانية التدخل في اتخاذ القرار ألفلسطيني. وثالثها أن الأموال تستخدم لدعم الجهاز الأمني الفلسطيني الذي هو العين الساهرة و للأسف لأمن إسرائيل. بقلم الرفيق فرج(عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني