PCP

يا عمال العالم اتحدوا

إننا عائدون

ان من المفروض أن يملأ مرور ذكرى هزيمة عام 1967 النفس بالحزن . لكن ما حدث شيء آخر فالزحف البطولي نحو الجولان وفلسطين يؤكد الرفض الجدي والحقيقي لتلك الهزيمة التي لا يمكن محو آثارها كما يبدو سوى بالقوة التي تستند إلى إرادة الجماهير، ولم يعكرها سوى موافقة محمود عباس على المبادرة الفرنسية في اليوم الذي تقوم فيه طائرات فرنسا الحربية والهيلوكبتر بقصف المدن الليبية وقتل أطفالها, بالاضافة الى وقاحتها في التآمر على سورية وسعيها لتكون رأس حربة في هذا التآمر. فالمبادرة تأتي من دولة استعمارية منحازة بالكامل لاسرائيل الصهيونية لذلك رأينا أن المبادرة تهمل قضايا رئيسة كالقدس وعودة اللاجئين ولا تنص بوضوح على وقف الاستيطان وتبقي نصه غامضا , حيث يقول: التوقف عن الأعمال أحادية الجانب. والمهم أيضا أنها تجمد كل التحرك باتجاه الأمم المتحدة, وتعيد الفلسطينيين الى مفاوضات لا شكل لها ولا طعم. إذاً هي محاولة لاستعادة النكسة بشكل آخر ردا على اتفاق المصالحة , والنهوض الشعبي الفلسطيني العارم الذي قام به شباب وفتيات فلسطين الاشاوس باقتحامهم النيران المعادية بصدور عارية الا من حب الوطن والعزم على استعادة ترابه الطاهر... أربع وأربعون سنة من النضال من أجل محو آثار العدوان واستعادة أرضنا المحتلة, يحتم علينا اليوم العمل لتوطيد جبهتنا الداخلية ومنع التدخل الأجنبي في بلادنا ومن ثم تسخير طاقات الشباب والجماهير للمواجهة التاريخية مع العدو المدجج بالسلاح وبالدعم الأمريكي. في ذكرى النكسة ال 44 يتضح أن صيانة الكرامة الوطنية لا تستكمل إلا من خلال المواجهة المستمرة مع المشروع الصهيو-أمريكي وأذنابه في منطقتنا، ودعم المقاومة الوطنية بكل اشكالها وضرب المصالح الأمريكية في المنطقة. وفضح الانظمة العربية التي حولت أراضيها إلى قواعد للمستعمرين وشواطئها تسخرها للقواعد الأمريكية والفرنسية والبريطانية لا شك في أن ما حدث في الخامس من حزيران عام 1967 قد شكل مرحلة انعطافية في المنطقة حيث في ذلك اليوم الأسود شن الإرهابيون الصهاينة حرباً عدوانيةً غاشمةً استهدفت مصر وسوريا والأردن أطلق عليها وفق تسلسل الحروب بين العرب والصهاينة تسمية "الحرب الثالثة"، بعد نكبة فلسطين في عام 1948 والعدوان الثلاثي على مصر في عام 1956. لقد مثلت تلك الحرب العدوانية بما أفرزته من نتائج عسكرية وسياسية واقتصادية وجيواستراتيجية تحولاً خطيراً في مجرى الصراع العربي ـ الصهيوني بشكل عام والصراع الفلسطيني ـ الصهيوني بشكل خاص، ولولا وجود الاتحاد السوفياتي ودوره لكانت قرارات ومشاريع الامم المتحدة بعيدة تماما عن أي مكسب للشعوب العربية ولكن بفضل هذا الصديق العظيم صدرت قرارات متواترة ومتلاحقة، أدت بالنتيجة إلى صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 في 22 تشرين الثاني 1967 الذي وضع أساسا قانونيا لاستعادة الاراضي المحتلة ابان النكسة وسلاحا قويا في يد الحريصين على استرجاع حقوقهم المغتصبة ولكن كالعادة فالكيان الصهيوني رفضه رفضاً قاطعاً!! ولكن الشعوب لم تستكن فكانت حرب تشرين 1973 وتحرير الجنوب عام 2000 والصمود والنصر الاسطوري عام 2006 وفي عام 2008 اسطورة جديدة من الصمود الفلسطيني مما أدى الى تعاظم دور وموقع نهج المقاومة . وبالتالي جاءت هذه السنة وفي ذكرى النكبة ومن بعدها ذكرى النكسة التحركات نحو العودة في السياق الطبيعي لنهوض قوى حركة التحرر الوطني الذي تم استهلاله في هذا العام بسقوط نظامين عميلين في مصر وتونس. لقد كان الزحف نحو الجولان مدويا، وتفتحت من دم شهدائه زهور شقائق النعمان لتعيد ضخ دم نقي في الشريان الفلسطيني المقاوم. طفل وامرأة هما من بين الـ 23 متظاهرا الذين استشهدوا الأحد 5/6/2011 بنيران الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية فجنود الجيش الإسرائيلي أطلقوا النار الحيَّ على المتظاهرين الفلسطينيين الذين حاولوا عبور خط وقف إطلاق النار قبالة قرية مجدل شمس المحتلة في الجولان، فكانت الحصيلة كما ذكرنا 23 شهيدا، وأُصيب 350 آخرون بجروح. وقال الدكتور علي كنعان، مدير "مستشفى الشهيد ممدوح أباظة" في القنيطرة: "جميع الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفى تعرضوا لإطلاق نار مباشر و تلقّوا إصابات في الصدر والرأس". كما تظاهر في اليوم نفسه آلاف الفلسطينيين أمام الشريط الحدودي في جنوب لبنان وبالقرب من المعابر الفاصلة بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث وقع عدد من الشهداء و مئات والجرحى على أيدي القوات الإسرائيلية. وكما قال أحد الادباء : هؤلاء العائدون إلى الوطن، لم يغادروه يوماً. لا تصدّقوا ما يقولون على الشاشات، وما يروّجون في البيانات والخطب. العائدون بقوا فيه، متشبّثين حتى الأظفار والرموش ، العائدون إلى الوطن حلّقوا نحو فلسطين دون أن ترتفعَ أقدامُهم عن الأرض. يطيرون الهوينى ليلامسوا حيفا ويافا وعكا. هؤلاء لا تنطلي عليهم كذبة احتلال فلسطين عام 1967. يعلمون أن التاريخ المستحدث لاستعمار فلسطين مزوّر.. هو حق العودة، الذي أيقظ هؤلاء العائدين من طفولتهم وبعثهم نحو فلسطين. العائدون من طينة قلّ نظيرُها في أيّامنا ـــــ وإن لم تنقطع ـــــ العائدون لا يعترفون بحدود، ولا يقفون بالصفِّ في المطارات، ولا يعرضون (ويعرضن) جواز سفرهم على أحد. هؤلاء يتحرّكون بخفّة... المناضلين. دلال المغربي لم تحتج إلى حقيبة سفر، ولا إلى إذن مرور. لم تحفظ سرّها، لا بل أفشته طفلةً. كانت قد أخبرت العائلة بأنها عائدة إلى فلسطين، وحقاً عادت، كريمةًَ عزيزةً من دون مذلّة «أوسلو». لم يستطع إيهود باراك أن يطلقَ عليها الرصاص أثناء رفعِها لعلم فلسطين في فلسطين. لكنه أطلق على جثّتِها الرصاص، فلم يصب مقتلاً. قل إنّها رصاصة المهزوم والمقهور. هؤلاء العائدون، أحياءً وأمواتاً، يعودون إلى وطن لم يبارحهم. تحية إكبار الى شعب فلسطين الأبي المكافح والى الشهداء والجرحى من أبناء هذا الشعب الذين بزحفهم البطولي واجهوا بثبات الفصل الجديد من المؤامرة الصهيونية الأميركية الهادفة الى إلغاء حقهم في العودة وفي إقامة دولة فلسطين العربية وعاصمتها القدس.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني