PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مازوشية ثورية

بمناسبة اقتراب عيد الأم، واليوم العالمي للمرأة، ومع اقتراب الذكرى السوداء الثانية لما يسمى بالثورة السورية، لا مانع البتة، من إلقاء الضوء، على الواقع الأليم، والأسود، والمظلم الذي ينتظر المرأة السورية، وما تسمى بالمرأة العربية، بشكل عام، مع ربيع الماسون الملتحون، وحفلة تنصيب الجماعة، إياها، على عروش الحكم في المنطقة، برعاية، وتوصية، ودعم أمريكي وإسرائيلي مباشر، وبأموال آل وهاب. ولا نأتي بجديد إذ نقول أن كل الثورات عبر التاريخ القديم والحديث كانت عبارة عن تحولات جديدة، وانقلابات مجتمعية على مجمل المنظومات القيمية، والفكرية، والثقافية والسلوكية السائدة، مع تآكل وانهيار، وفقدان صلاحية القيم المجتمعية القديمة بفعل الزمان وعملية الفرز والاصطفاء الاجتماعي، وضرورة استبدالها بمنظومة جديدة تتناسب والواقع الجديد ومستحدثات الحقب الزمنية المعاشة، وكل هذا في سياق الصيرورات الاجتماعية والحتميات التاريخية القادمة والحاصلة، ومهما حاولت القوى الماضوية إعاقة تقدمها ووصولها. غير أن الملفت في "الثورات العربية"، وربيعها الدموي الفوضوي "الغرّاق"، وليس الخلاق، أنه شكل انقلاباً نوعياً، وبنيوياً، على المفهوم التاريخي الإيجابي والرومانسي للثورات وعرضها للتشويه، وتنكر لكل قيم العصر الحديثة، ورفض كل منظومات الثقافة والفكر والسلوك العصرية وأنماط الحكم التي تسود وتتقدم في العالم أجمع، وانكفأ للماضي البعيد ليستجلب أنماطاً سلطوية، وقيماً ثقافية وفكرية بالية وبائدة وفاقدة الصلاحية، من كهوف وأعماق التاريخ، لم تفلح أو تنجح في حينها، ليضعها على الطاولة مجدداً، وليجعلها وصفة لهذه المجتمعات المبتلية بشتى صنوف الظلم والقهر والعبودية والاستبداد. وبدلاً من تقديم منظومة جديدة و"ثورية"، تتناسب وقيم العصر عاد لينبش من ذاكرة التاريخ والزمان كل تلك التجارب المريرة والسوداء الفاشلة التي لم تجلب سوى المآسي والدماء، معيداً بذلك إنتاج ذات المأساة والكارثة البشرية الجماعية التي حلت بهذه المجتمعات. ولا يخفى على المرء، ما في تلك المنظومة القيمية والسلوكية والثقافية الصحراوية الرثة من نظرة دونية وترثيثية وانتقاص للمرأة بشكل عام، وما تعرضت له من حيف وضيم تاريخي وعمليات استرقاق، وكانت هدفاً "شرعياً" للسبي والاغتصاب، وانتهاك طفولتها وبراءتها، وتشويه لطبيعة دورها الوظيفي، والبيولوجي والإنساني العام، وكيف خرجت تماماً من دائرة الفعل والتأثير والأثر، وأضحت سكينة عزلتها، وأسيرة النظرة المجتمعية التقليدية المريبة لها. ويحفل التاريخ والتراث الصحراوي، بالكثير مما لا يسر من ممارسات طالت المرأة، ومن احتقار لقدرها، وكيانها، ومكانها الريادي الاجتماعي. وفي المجتمعات الناطقة بالعربية والتي "ثارت"، و"تحررت"، (ورجاء ممنوع الضحك)، توجه "الثوّار" فوراً صوب المرأة باعتبارها شغلهم الشاغل وهوسهم الدائم، لإعادة وضعها في ذات الإطار والمنظور التاريخي المجتمعي التقليدي عنها، وصدرت، في الدول "الثورية"، لذلك تشريعات وقوانين "جديدة" تبيح تعدد الزوجات، وملك الإيمان، وتفرض الزي "الشرعي"، والنقاب الصحراوي، على المرأة، وتم تحجيم دورها المجتمعي، وتقليص حركتها، والحد من نشاطها، ومورست بحق "السافرات" (غير الثورات)، شتى أنواع التخوين والازدراء، والتهديد والوعيد. وفي سوريا، كانت "القوى الثورية" الجديدة، بشكل عام، هي عبارة عن مجموعات مسلحة تنتمي لتيارات الإسلام السياسي المعروفة كجبهة النصرة، وجماعة الإخوان المسلمين، وخاصة في سوريا، التي طغى على "ثوارها"، و"قواها الثورية" الطابع السلفي القاعدي الوهابي بنسخته الأشد فتكاً وإجراماً ووحشية وتخلفاً، مستجلباً، وضامـّاً بين صفوفه مرتزقة ولمامات وأجانب من أربع أطراف الأطراف، ومن تلك التيارات الجهادية والسلفية والظلامية الميليشياوية المنظمة، ومدربة من قبل شركات أمنية غربية معروفة، الغارقة في الجهل والتخلف والتوحش وداء الحقد والتكفير والكراهية والنظرية الدونية للمرأة، وترافق مع ذلك ظهور وإطلاق جملة من الفتاوى المضحكة والمخجلة فيما يتعلق بفقه الوطء والنكاح والدعارة "الحلال" وانتهاك خصوصية المرأة وتشويه العلاقة المقدسة بينها وبين الرجل، لتتحول إلى مجرد ممارسة حيوانية شهوانية تفقدها أي بعد عاطفي ووجداني وإنساني. ومع ذلك لم نسمع أي رد فعل، أو تصريح علني، أو بيان "ثوري" يتيم لا من "الثورا"، ولا من "الثائرات"، اللواتي بدا أنهن "مسرورات" بالعودة لعصر الحرملك، والجواري، والإماء، والقنان، وليالي شهريار، والعيش بين غابات "اللحى" وجلابيب "الخلفاء" المعصومين الثوار، وظهرت فضائح جنسية مخجلة ومشينة موثـّقة و"مصورة" طالت "الثورا" ورموزهم و"ثائرات" سوريات. وأغرب ما حرر بهذه "الثورة" هن حيزبونات وشمطاوات ومطلقات وعانسات الثورة السورية، اللواتي كن يصفقن ويهللن ويطبلن ويزغردن لعبوديتهن الجديدة، ولوضهعن الجديد، ويفرحن لـ"انتصارات" و"فتوحات" جبهة النصرة الوهمية، وعصر "الفتح" الثوري الجديد، ولإجرام جماعة الماسون الملتحون في فصول الذبح، والنحر، والاغتصاب، والخطف والقتل، والذين لا ينظرون إليهن إلا كناقصات عقل ودين ومفسدات، مثل الكلب والحمار، للصلوات، ونجسات لا يجوز مصافحتهن لأنهن يبطلن ويفسدن وضوء أولئك الفحول الذكور من أتباع آل وهاب.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني