PCP

يا عمال العالم اتحدوا

المفاوضات العبثية .. لسلام مزيف وحقوق ضائعة

في عملية مسرحية مفضوحة، حاول نتنياهو، أن يظهر نفسه بالرجل الغاضب جداً من الرئيس الأمريكي أوباما، لمجرد أنه ذكر في خطابه حدود الرابع من حزيران، التي من المفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية الموعودة، لدرجة أن نتنياهو ضمنياً هدد أوباما بأنه لن يجلس مرة أخرى على كرسي رئاسة البيت الأبيض إذا ما أصر على موقفه، ولكن نتنياهو وأوباما يعرفان جيداً أن مسرحيتهما ليست سوى مسرحية قديمة بلبوس جديد، فالسيد أوباما عندما يقول العودة إلى حدود الرابع من حزيران ربط ذلك بتبادل للأراضي، أي إبقاء جميع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ضمن الكيان، مقابل إعطاء الفلسطينيين /3%/ من صحراء النقب لتضم إلى قطاع غزة، وربما بعض المناطق الأخرى التي لا تريدها إسرائيل أساساً. ولم يكن ثمة ما يفرح بعض العرب الذين لم يتأخروا في كيل المدائح للرئيس الأمريكي الأسمر المنقذ، وعندما ألقى أوباما خطابه الثاني أمام المؤتمر السنوي لمنظمة «إيباك» اليهودية ــ الصهيونية، أصيب هؤلاء العربان، كما قال بعضهم علناً، أنهم أصيبوا بخيبة أمل، نظراً لخضوع أوباما لضغوطات نتنياهو فتراجع عن خطابه الأول. وماذا أعطى أوباما للفلسطينيين سوى أرضهم المغتصبة من الإسرائيليين، ودولة فلسطينية منزوعة السلاح، ونسف مبدأ حق العودة للاجئين الفلسطينيين والتخلي عن القدس بوصفها، حسب المنطق العدواني الإسرائيلي، عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل، مقابل /22%/ للفلسطينيين و /78%/ للإسرائيليين شريطة اعتراف الفلسطينيين بيهودية هذا الكيان، والذي يعني طرد مليون ونصف مليون فلسطيني من أراضي /1948/، أما عن ثلاثة الملايين فلسطيني المشردين في المخيمات في البلدان العربية فلن يحق لهم العودة إلى ديارهم وأرضهم التي طردوا منها بالقوة العسكرية عام /1948/. والذين تجاهلهم أوباما، إضافة إلى الـ /4/ ملايين فلسطيني في الشتات والموزعين في مختلف أصقاع الأرض. وأكد أوباما «أن ما يجب أن يفهمه العرب أن أمن إسرائيل من أمن أمريكا، وأمن أمريكا من أمن إسرائيل، وأن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بكل عمل يحمي إسرائيل. ولم يجرؤ أوباما على الحديث مجدداً عن وقف الاستيطان الإسرائيلي، مؤكداً من جديد أن إسرائيل الصديق الموثوق الوحيد في المنطقة لأمريكا، وأمريكا الصديق المخلص لإسرائيل». ولا أحد يدرك طبيعة العلاقة الإستراتيجية بين إسرائيل والإمبريالية الأمريكية، يستغرب الحرارة التي قوبل بها خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي، والتي من الصعب أن يحظى بها شخص آخر من أي بلد في العالم. استغرق خطابه /40/ دقيقة وصفق له الحضور وقوفاً /27/ مرة، ومن ثم تسابق أعضاء الكونغرس لإلقاء التحية عليه ومصافحته والتقاط الصور التذكارية معه، رغم أن كلمته مفعمة بروح العداء للسلام الذي يحب أوباما أن يبدو دائماً وكأنه حريص على تطبيقه في المنطقة، ولكن أوباما ونتنياهو والكونغرس، واهمون بإمكانية أن يكون هناك سلام في ظل إصرار نتنياهو وبمباركة أمريكا، بأنه لا عودة لحدود الرابع من حزيران، ورفض قيام دولة فلسطينية إلا بعد أن تعترف بيهودية دولة إسرائيل على حدود ترسمها خطة الأمن الإسرائيلي والصلات التاريخية المزعومة في الضفة الغربية، وإبقاء المستوطنات جزءاً من السيادة الإسرائيلية. وأشار نتنياهو أمام الكونغرس: (إن الدولة الفلسطينية حين تنشأ بموجب هذه الشروط هي التي سيأتي المهاجرون الفلسطينيون إليها مثلما سيتدفق المهاجرون اليهود إلى الدولة اليهودية) وبهذه الطريقة ينهي نتنياهو حق العودة، بينما يفتح الباب واسعاً للمهاجرين اليهود، الذين انحسرت تدفقاتهم مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل سنوات، بفضل المقاومة البطولية للشعب الفلسطيني ضد احتلال وطنهم وأرضهم، وهم المصرون على عودة جميع اليهود المهاجرين من أوروبا وروسيا إلى أوطانهم الأصلية، الذين لا تربطهم بهذه الأرض الفلسطينية سوى الأوهام الصهيونية. وهؤلاء العنصريون الفاشيون يعملون ليل نهار لطرد ما تبقى من أهل فلسطين داخل فلسطين التاريخية. وعندما يصرّ نتنياهو على أن الشرط الرئيسي لعودة المفاوضات اعتراف الفلسطينيين بهذه الشروط الإسرائيلية، فإنه ينسف الأسس التي يجب أن يقوم عليها السلام في الشرق الأوسط، فالشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن وطنه المغتصب فلسطين ويعترف بيهودية إسرائيل ومطالبة نتنياهو الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية يجعل من المفاوضات مع إسرائيل خاطئة وعبثية، فأي سلام يمكن أن يكون دون عودة الأراضي المحتلة عام /1967/؟ وأي سلام هذا الذي يشترط تشريد ما تبقى من فلسطينيين من فلسطين التاريخية؟ وعن أي مفاوضات يتحدث نتنياهو، عندما يطالب محمود عباس بتمزيق الاتفاق مع حماس، ويخيره بين السلام مع إسرائيل وبين الاتفاق مع حماس؟. لاشك أن نتنياهو يرفع كثيراً من سقف مطالبه من السلطة الفلسطينية، منطلقاً من وهمه بأن داعمي القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية في سورية الصامدة، سيسقطون قريباً، وبالتالي سيضطر الفلسطينيون إلى الزحف على بطونهم مستجدين السلام المزيف من الجلادين الإسرائيليين. ويراهن الإسرائيليون والأمريكيون والأوروبيون على تغيير الأوضاع في سورية، لصالح التعاون مع إسرائيل والأمريكان، مما يعبد الطريق لنجاح المشروع الأمريكي ــ الصهيوني «الشرق الأوسط الكبير الجديد» في المنطقة، والذي كرست له الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والإمبريالية الأوروبية، كل ما يحتاجه من مستلزمات مادية وإعلامية وعسكرية، أملاً في نجاحه، وبمساعدة عملائهم في الخليج العربي وفضائياتهم المأجورة. وتدرك هذه الجوقة الواسعة، أن سورية بالذات هي العقبة الرئيسية على طريق تمرير هذا المشروع الاستعماري الصهيوني الخبيث، لذلك نرى هذا الكم الهائل من التجييش الإعلامي ضد سورية، فلجؤوا إلى استخدام جميع الأوراق الكامنة والمحضرة مسبقاً ومنذ سنوات عديدة لهذا الهدف، بمن فيهم تلك الشخصيات المبتذلة التي أدعت في لحظة من اللحظات بأنها وطنية وتقدمية ومدافعة عن المقاومة وغزة، ولكنها في المشهد السوري، ظهرت على حقيقتها، بوصفها بيادق مالكي أكياس المال في الخليج النفطي. وكان من أبرز هذه الشخصيات والذي كان معروفاً لنا منذ زمن بعيد، المرتد عزمي بشارة، الذي كان في سنوات شبابه شيوعياً ومن ثم ترك الحزب الشيوعي وأصبح عضواً في الكنيست الإسرائيلي، وفجأة ترك فلسطين، وسافر خارجها إلى البلدان العربية، متنقلاً بين بلد وآخر، وكان لافتاً تقديمه استقالته من الكنيست أمام السفير الإسرائيلي في القاهرة، لكي يحافظ على امتيازاته المالية، وكان من أوائل من هاجم المناضلين الفلسطينيين الشيوعيين الصامدين في وطنهم فلسطين رغم تعرضهم لمختلف أنواع الضغوط والتعذيب في سجون الكيان الصهيوني، ووجدت فيه الرجعية العربية وخاصة إمارة قطر الأداة المناسبة لتسويق سياستها المعادية لكل حركة سياسة تقدمية ووطنية في دنيا العرب وضد سورية العربية عبر قناة «الجزيرة» العبرية المتصهينة. فرهن نفسه حصرياً لقناة «الجزيرة» لقاء أجور مجزية، لقاء تقديمه الخدمات الإعلامية التحليلية المشوهة لما يجري في بعض البلدان العربية وخاصة في ليبيا وسورية وغيرهما، فوصف المعارضة الليبية وبعد تحولها إلى أداة بيد الغرب الإمبريالي بـ «الثورة»، مبرراً التدخل الاستعماري في ليبيا، مادحاً بعض المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة، والجميع يعرف كيف تمّ تشكيل هذه اللجان من قبل الاستخبارات المركزية الأمريكية. ولقاء المال والدولارات بذل جهده «لتبيض وجه مؤسسة «الجزيرة ــ الأسود العميل»، في هجومه وتزييفه للحقائق والحوادث في سورية خدمة لأسياده خدم الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل في قطر. هذه هي نهاية كل مرتد عن مبادئه، فمستنقع الخيانة له سطح وليس له قاع، وهذا ما يغوص فيه المرتد عزمي بشارة، الذي حول نفسه إلى أداة بيد الرجعية بيافطة قومية مزيفة، ولكن أساليبه القذرة سرعان ما افتضحت فسقط كما يسقط كل مرتد ممن سبقوه، ومن سيسقط بعده من أجراء رأس المال. د. إبراهيم زعير (صوت الشعب)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني