PCP

يا عمال العالم اتحدوا

القناة الفلسطينية .. والقناة السورية

بالونات السلام، التي تطرحها الإدارات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية، تتناوب بين القناتين الفلسطينية والسورية، والأولى تطرحها بوجه خاص الإدارة الأمريكية برسم الإدارات العربية المعتدلة. والثانية تطرحها بالدرجة الأولى أوساط إسرائيلية لدغدغة الإدارة السورية وحملها على تغيير مواقفها الإقليمية. بالنسبة للقناة الفلسطينية لم يستطع المفاوضون المصريون في سبعينات القرن الماضي أن يحصلوا إلا على تلميح بإعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً دون أرض (أي تفويضاً ذاتياً). وكتب باتريس كلود في لوموند، /18/ حزيران /1992/ تحت عنوان: «السيد شامير والسيد رابين يتنازعان الرأي العام اليميني»، وتناول المناقشة التلفزيونية، التي جرت /16/ حزيران /1992/ بين شامير ورابين (...)، حيث سأل الأول الثاني «هل تريد حقاً دولة فلسطينية داخل حدود إسرائيل؟ وأجاب رابين «لا، أنا ضد إنشاء دولة فلسطينية بيننا وبين الأردن، وضد العودة إلى حدود ما قبل /1967/، وضد الانسحاب من القدس، ولكني في نفس الوقت أعارض توسيع المواطنة الإسرائيلية إلى مليوني فلسطيني في الأراضي. (...) لا أريد أن أرى /750/ ألفاً من سكان غزة يشتركون في انتخاباتنا، ويمشون بهدوء في شوارعنا».. وكتب باتريس كلود تحت عنوان: «عدم إرجاع الجولان أبداً» (...) في الأسبوع الماضي قال الاسحاقان أمام جموع المستوطنين المجتمعين في كاتسرين (العاصمة الإسرائيلية للجولان) «الجولان إسرائيلية بمقدار ما الجليل كذلك، ولن يعاد إلى أحد»، قال ذلك شامير، وقال رابين «لن ننزل ثانية من الجولان». وحصل الفلسطينيون بقيادة فتح على أقصى ما يمكن الحصول عليه من الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية، وذلك باتفاقات أوسلو، التي قضمت منها إسرائيل ما فيه بعض الخير للفلسطينيين. الاستيطان تراه الإدارتان الأمريكية والإسرائيلية أنه طبيعي، لأن الضفة الغربية (يهودا والسامرة) هي أرض إسرائيلية، وكذلك القدس. أما موقف الإدارة الأمريكية ضد الاستيطان، فهو نفاق دولي، ولا تستطيع أصلاً أن تكون ضده، فاللوبي الصهيوني يحاسبها حساباً عسيرا (؟). ولذا، فكل الكلام عن تجميد الاستيطان، وعن الخلاف الإسرائيلي ــ الأمريكي حوله، هو مجرد بالونات إعلامية. وكتب باتريس كلود عن تصوّر رابين للصلح مع سورية، بخلاصته ما يلي (لوموند، /5/ تشرين ألأول /1994/): على أثر نقاش لمدة /7/ ساعات، وافق الكنيست في /3/ تشرين الأول بـ /53/ صوتاً ضد /45/ على بيان لرئيس الوزراء اسحق رابين حول عملية السلام، وخصوصاً حول المناقشات الجارية بشأن الجولان. قال رابين، «لقد لاحظنا في الأسابيع الأخيرة إشارات تدل أن سورية تريد أن تكون شريكة في جهود السلام (...)، وليس لدينا أي نية لتجاهل تلك الإشارات (...)، ولكن الطريق ما يزال طويلاً...». والشروط من أجل الاتفاق مع دمشق حسب رابين: «كل شيء أو لا شيء، «من دون تدمير المجتمعات اليهودية» المقامة في الهضبة، وآخر في التقويم والمراحل لهذا الانسحاب، والمرحلة الثالثة تتألف من «تنفيذ التطبيع» للعلاقات مع دمشق، التي «سوف تختبر خلال ثلاث سنوات»، الفترة، التي خلالها «سوف تستمر في الاحتفاظ بكل منطقة الهضبة». ووضع رابين: خلف كلمة «تطبيع سوف نقيم سفارة إسرائيلية في دمشق، وقنصلية سورية في القدس، وليس في تل أبيب، وباصات إسرائيلية تذهب إلى حلب ودمشق أو إلى أي مكان آخر، وطائرات العال، وروابط ثقافية وتجارية» الخ، وبالعكس. أخيراً يجب التفاوض حول «ترتيبات الأمن» التي تضم في رأي رابين القوات المسلحة في المناطق ذات العلاقة، ونزع سلاح تدريجي «على أساس غير متناظر». وفي نهاية العملية نشر «قوة متعددة الجنسية بالطريقة الموجودة دوماً في سيناء». وبعد إبرام الاتفاق، يخضع مجموع المشروع للاستفتاء. (انتهى تلخيص المقال) غالباً التصور الإسرائيلي للسلام لم يختلف، وربما هو اليوم أكثر تشدداً، فقد اعتبر رابين من الحمائم، ولذلك اغتيل. وسورية يقع عليها ضغط أمريكي وعربي من أجل الدخول في عملية سلام، وربما من الصعب، والشروط من هذا النوع، أن تقبل سورية بالدخول في نفق مظلم لتصل إلى السلام. حتى «وديعة رابين» التي جرى الكلام عنها في حينها ليست سوى كذبة أمريكية، ربما لجس نبض سورية، ولمعرفة استعدادها لتغيير مواقفها. وبصرف النظر عن السلام، ربما من الصعب أن تسير سورية في الطريق الأمريكي، الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تمزيقها، حسب المنظور، الذي تكلم عنه الإسرائيلي ايتامار رابينوفيتش. إسرائيل لن تعود إلى حدود ما قبل /1967/، ولن تنزل من هضبة الجولان، وهي مستمرة في الاستيطان بكثافة. ولا يمكن لأي مفاوضات أن تزيل الاحتلال، المدعوم أمريكياً حتى العظم. والوسيلة لإنهاء الاحتلال هي نفسها التي استخدمت ضد كل احتلال بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا يتطلب أن تبنى البلدان العربية إمكانات جدية للدفاع عن النفس، كما يتطلب تغيراً في موازين القوى الدولية، وكلا الأمرين غير ممكنين، ما دامت البلدان العربية متعلقة بأذيال الإدارة الأمريكية. وهذا التعلق المشين، لا يؤيد الاحتلال فقط، وإنما يُوسعه ليشمل الشرق الأوسط بكامله. الشعوب العربية أمامها أحد خيارين، الدفاع عن النفس، أو الخروج من التاريخ.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني