PCP

يا عمال العالم اتحدوا

ليبيا و مهزلة التكالب الغربي عليها

عندما بدء الحراك الجماهيري في ليبيا كانت العيون شاخصة تنظر بإعجاب و استغراب لمجريات الإحداث فيها، فليبيا وحتى قبل انقلاب ألقذافي لم تكن ظاهرة على الساحة كبلد فيه حركة جماهيرية منظمة من خلال ابسط الأشكال التنظيمية. عند قدوم القذافي حاول متأثرا بعبد الناصر أن يعطي صبغة وطنية وقومية لليبيا فقام بتأميم النفط الليبي، طرد القواعد الأمريكية وشارك مع القوى الناصرية في المعارك التي خاضتها الشعوب العربية في معاداة الصهيونية والاستعمار والرجعية، كما كان سندا ماديا لقوى المواجهة لإسرائيل، غير انه لم يتخلص من طابعه القبلي حيث بدء بإنشاء ليبيا على أساس نظريته التي وبموجبها شكل مناطق لا مركزية تتحكم بنفسها، لكن لم تكن أساس هذه اللامركزية هو الفرد كجزء فعال في المجتمع، وكمناطق لها همومها ومصالحها المشتركة بل كان على أسس قبلية. عندما لم يستطع فرض نظريته على العرب توجه إلى أفريقيا، استغل موارد ليبيا لشراء أتباع لنظريته "العالمية" ونصب نفسه ملك الملوك إفريقيا. كانت له تدخلات عديدة فمن تشاد إلى السودان وغيرها من الدول الإفريقية. لفهم عقليته وطريقة عمل ألقذافي يجب علينا أن نعود لتاريخه، فهو رجل قبلي تخرج ومعه كل أعضاء مجلس قيادة "الثورة" من الكلية العسكرية اليونانية التي كان آخرها آنذاك الديكتاتور باباذوبلوس الذي حكم اليونان منذ عام 1967حتى عام 1973، مزج القبلية بالدكتاتورية، فخرج علينا رجل قبلي دكتاتوري مزاجي مصاب بجنون العظمة كأستاذه باباذوبلوس، هذا هو معمر ألقذافي. عندما كانت ليبيا في صف القوى المعادية للامبريالية كانت هدفا لأمريكا وأعوانها في المنطقة، فكانت حربه مع السادات،ومن ثم الغارة الأمريكية على طرابلس التي أدت إلى مقتل بعض إفراد عائلته، لكن ومنذ أواسط التسعينيات وبعد الهزيمة التي مني بها المعسكر الاشتراكي بدء النظام الليبي يتوجه شيء بشيء إلى المعسكر الغربي،بدأ بإعطاء عقود تنقيب استخراج و تكرير النفط لشركات لاحتكارات اوروامريكية،فتم الإفراج عن المقراحي، وتحسنت العلاقات مع كافة دول الاتحاد الأوروبي، رشي رؤسائها، وأصبحت ليبيا بنظر أمريكا دوله معتدلة، هذا و باختصار الوضع ألليبي عشية انطلاق الثورة الأخيرة في ليبيا. بدأت الثورة وكان واضحا أنها عفوية لأبعد الحدود، استطاع ألقذافي جرها إلى حمل السلاح وبدء بضربها بوحشية مثلما علمه باباذوبلوس، وبدء الحديث عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين، هذا ما كان ينتظره الغرب فخرج علينا كل المرتشين من النظام ألليبي يتباكون على أهل أجدابيا وبنغازي وغيرها من المدن الليبية، وجدوا فرصتهم الذهبية للعودة إلى ليبيا "محررين" للشعب الليبي، أعطتهم السياسة الفاشية للقذافي فرصة العمر وأتى الوقت لتصفية الحساب مع الشعب الليبي. كيف يمكن أن نصدق أن صديق الأمس أصبح عدوا بين عشية وضحاها، لا لإنه ليس عدوا بل إن مجريات الإحداث تشير بأن التغيير حاصل لا محالة ، وأن التوجه هو الحفاظ على استقلالية القرار الليبي، أعطي القذافي فرصته لفرض سيطرته ففشل وكان لا بد من التدخل، وجاءت جامعة الدول العربية لتعطي الغطاء أللازم لهذا التدخل ألإمبريالي السافر. هنا المهزلة،من ذبح كل شعوب العالم يتباكى على الشعب ألليبي، من شد على يمين ألقذافي لضرب شعبه يترأس اليوم جوقة المجرمين للسيطرة على مقدرات ليبيا، فكما خدعوا وغرروا ميلوسوفيتش والشعب اليوغوسلافي يخدعون اليوم الشعب ألليبي و قيادته الجديدة. إن مخطط الشرق الأوسط الجديد يعود علينا بشكل آخر من المغرب العربي، ومخاوفنا من محاولة إجهاض الثورتان في تونس ومصر تزداد بالتدخل المباشر في الشئون الليبية. يا أحفاد عمر المختار انتبهوا من الخديعة المعدة لكم فالتدخل الإمبريالي في ليبيا يستهدف بالأساس مقدرات الشعب الليبي، وكل ما يقال عن المحافظة على سلامة المدنيين هو أكذوبة تستهدف التحايل عليكم، لا تصغوا لأكاذيبهم. نشجب الممارسات الفاشية لنظام معمر القذافي بنفس الحدة التي نشجب التدخلات الإمبريالية ونطالب إيقاف كافة أشكال التدخل في ليبيا ليتمكن شعبها من حسم الصراع وإقامة دولة ديمقراطية ترعى مصالحه. إذا قلنا إننا ضد التدخل فقط نكون مع النظام وإذا عارضنا النظام فقط نكون مع التدخل، لقد وقعنا في نفس الوضع مع نظام صدام الفاشي وكان موقفنا آن ذاك لا للفاشية لا للاحتلال، هذا هو موقفنا اليوم لا لفاشية القذافي لا لاحتلال ليبيا. بقلم الرفيق فرج(عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني) 18/3/2011


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني