PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الليبرالية الاقتصادية بدأت بالسقوط من بوابة «المغرب العربي

الشعوب تلتهم «الأسود الإفريقية».. والأسود هو الاسم الذي يحلو للمحللين الاقتصاديين الغربيين في بوسطن إطلاقه على الدول التي تعيش اليوم احتجاجات شعبية مطالبة بالحد من الغلاء وارتفاع الأسعار، والتي تتسع دائرتها بين عدد من الدول العربية بدءاً من تونس، مروراً بالجزائر، وصولاً لموريتانية، ليشكل رفض الليبرالية الاقتصادية التي انتهجتها هذه الدول منذ عقد أو أكثر من الزمن، الشعار الأساسي لهذه الاحتجاجات، حيث أدت هذه الليبرالية إلى تدني الوضع المعيشي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وساهمت في تعميق الفجوة والخلل في توزيع الدخل الوطني، من خلال سياسات الخصخصة التي اتبعتها هذه الدول تدريجياً. إذا فالمشهد الاقتصادي متشابه في معطياته، وفي مقدماته أيضاً على اختلاف هذه الدول، التي جمعتها –كما أسلفنا- السياسات الليبرالية اقتصادياً، وهي متشابهة في النتائج اليوم، لكن الشرارة بدأت تونسية، وقد جاءت كنتيجة طبيعية لتمركز الثروة خلال 24 عاماً في أيدي فئة قليلة من التونسيين، حيث يستحوذ أغنى 10% من التونسيين على ما يعادل 32% من الناتج المحلي الإجمالي، ويسيطر أغنى 20% من السكان على 47% من الدخل الإجمالي في تونس، بينما لا يمتلك 60% من التونسيين سوى على 30% من الدخل الوطني، وهذا ما أنتج ثورة الجياع اليوم، التي تنتقل كالنار في الهشيم من مدينة إلى أخرى دون استئذان، لتترك خلفها عدداً من شهداء الفقر والحرمان، بعد أكثر من أسبوعين على اندلاع شرارة هذه الاحتجاجات في 18 كانون الأول من العام 2010 الماضي التي انطلقت من ولاية سيدي بوزيد وسط البلاد لتشمل مدنا كبيرة أخرى في عموم البلاد. ولم تكن موريتانيا هي الأخرى بعيدة عن الاحتجاجات الشعبية الرافضة للغلاء، والتي تمثلت بدعوة أحزاب المعارضة في موريتانيا السبت 8/1/2011 إلى حشد تظاهرة جماهيرية للاحتجاج على ارتفاع الأسعار، ليكون العاشر من كانون الثاني الجاري بداية تحرك سياسي فاعل للضغط على الحكومة واستنكار سياساتها وخاصة لعدم تدخلها في مجال ضبط أسعار السوق، الآخذة في التزايد نتيجة انتهاج سياسة السوق التي تتبع اليوم في موريتانيا. وامتدت ثورة الفقراء إلى دولة المليون ونصف المليون شهيد (الجزائر)، وسقط فيها - حتى الآن - أربعة شهداء ونحو ثمانمائة جريح في مواجهات مع قوات الأمن الجزائري، ولكن الشهداء هذه المرة كانوا شهداء الفقر وغلاء المعيشة، الذي خلق حالة من الاحتجاج في الشارع المصاب يفقر متفاقم، حيث تواصلت الاحتجاجات في الجزائر منذ 4 كانون الثاني وما تزال مستمرة حتى اليوم، حيث احتج المتظاهرون على ارتفاع تكلفة المعيشة، وزيادة أسعار المواد الغذائية، وأتت الاحتجاجات بعد قرار الحكومة الجزائرية زيادة أسعار السلع الأساسية كالسكر والزيت، كما عبر المتظاهرون عن غضبهم من نقص المياه والطاقة وسوء التوزيع في مساكن الرعاية الاجتماعية. وفي المشرق يرجع الصدى، والبداية من الأردن، فحال الأردنيين ليست بأفضل، حيث شهدت عدة مناطق في الأردن بوم الجمعة 7 كانون الثاني احتجاجات على الغلاء وارتفاع الأسعار، وذلك تعبيراً عن رفض السياسات الاقتصادية في البلاد ورفع الأسعار بعد أن طال الغلاء جميع مناحي الحياة، ونددوا "بالإجراءات الحكومية التي تلجأ إلى جيوب المواطنين لسد عجز الموازنة والنهوض باقتصاد الدولة باستنزاف جيوبهم". إذاً، فقد بدأت حكومات دول المغرب العربي، وبعض دول نظيرتها في المشرق، بقطاف ثمار السياسات الليبرالية اليوم بعد عشر سنوات من الليبرالية الاقتصادية التي لا تضع الشعوب ومعيشتهم ومتطلباتهم في حساباتها، وهذا يؤكد أن المستقبل ليس لهذه السياسات، بل لما تقرره ثمار احتجاجات الشعوب، وربما من الأجدى لمن مايزال يتغنى بالسياسات الليبرالية في دول ومناطق أخرى أن يتعظ، وخصوصاً في الدول التي ماتزال غرة في تبني هذه السياسات.. ولديها ما هو أهم لتواجهه بدلاً من إتباع سياسات لن تنتج إلا الخراب... الأسود الإفريقية: يشمل الدول الثماني التي تتبع سياسة تنموية بالقارة الإفريقية، وهي، وتونس، الجزائر، موريتانيا، ليبيا، المغرب، مصر، بوتسوانا، وجنوب إفريقيا.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني