PCP

يا عمال العالم اتحدوا

من حي الشيخ جرّاح إلى أبي مازن حوِّل...أسانج رجل العام وأم كامل الكرد امرأته حوِّل

رحل العام ورحّل معه أزماته جميعها. رحّل معه حكامه ومحكوميه، المنصبين زوراً باسم أكثرية 99.99، والمنصبين ديمقراطياً بفعل البروباغندا التي تغسل العقول، أو أولئك الوارثين حتى وإن كانوا على قاب قوسين أو أدنى من القبر. وأبرز القضايا الرئيسية المرحلة عاماً بعد عام هي القضية الفلسطينية. فبعد سنتين من التفاؤل الكلي لدى معسكر عرب 'الاعتدال' بأن الحل آت لا محالة على يد باراك أوباما، كانت الحصيلة 'تشاؤلاً' أطبق على الصدور التي كانت مشرّعة على أن سنة 2010 هي سنة ولادة الدولة الفلسطينية. نقول هذا بينما كنا في نهاية العام نعاين على قناة فلسطين كيف يأفل عام، وكيف يطل آخر على شعب أرضه محتلة وحقوقه مغتصبة. نتابع كيف يكون وقع الأيام مع دبابات الاحتلال وحواجزه، فإذا بنا مع الرئيس محمود عباس يخاطبنا من البرازيل خلال افتتاحه للسفارة الفلسطينية في العاصمة برازيليا إثر اعتراف البرازيل بدولة فلسطين على حدود سنة 1967. حكى عباس وحكى كثيراً عن شجاعة لولا دي سيلفا وخلفه، لكننا تمنينا لو لم يحك عن الولايات المتحدة والاستيطان الصهيوني، لأن ما حكاه يشبه 'حكي' من سكت دهراً ونطق كفراً. فبعد كل هذه التجارب المرّة مع الولايات المتحدة هل يعقل أن يقول محمود عباس الجملة التالية غير المفيدة وهي: أستغرب عدم اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات رادعة ضد الاستيطان! لماذا هذا الاستغراب يا 'ريس'؟ هل تحتاج إلى مزيد من التجارب والبراهين لتتشكل لديك القناعة بأن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة؟ إن لم تسمع بأم كامل الكرد تلك الفلسطينية المقاومة في حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية، عليك أن تسمع وتتعلم منها دروساً في مقاومة الاستيطان. وعليك أن تتعلم منها أن مقاومة الاستيطان لا تكون بالكلام، ولا تكون بقبول عرض مشبوه بوقف الاستيطان لأشهر، عرض تجتمع من أجله جامعة الدول العربية لتعطي تفويضاً للفلسطينيين بالتفاوض المباشر مع الصهاينة نزولاً عند الضغوط الامريكية التي وصفت حينها بأنها كبيرة. الآن وبعد أن أعلن أوباما فشله على الملأ لم يشكل الأمر مفاجأة لمن يعرفون الحدود الحالية المتاح فيها الحراك للأمريكيين. أما عرب 'الاعتدال' والأصح أن يكونوا عرب الاعتلال كانت مفاجأتهم كبرى، لأنهم وحتى اللحظة يسبحون باسم الإدارة الأمريكية كائناً من كانت صبحا وعشية. أما الشريط الدوار لقناة المنار فقد حمل في أحد أخباره: اعتقلت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أيوب القواسمة المطلوب من قبل إسرائيل منذ سنة 1996، ربما يكون هذا الاعتقال لحمايته من الاعتقال. فلماذا سوء النوايا؟ أم كامل الكرد ' إن كان جوليان أسانج هو شخصية عام 2010 نتيجة ما نشره موقع ويكيليكس وما يتوقع أن ينشره ـ ونحن ننتظر على أحر من الجمر ـ فإن أم كامل الكرد هي شخصية متتالية للأعوام 2008 و2009 و2010 في مقاومة الاستيطان الصهيوني في حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية. أم كامل استحقت أن تكون بطلة فيلم وثائقي بثته قناة الجزيرة لتعرِّفنا إلى هذه السيدة التي بإمكانها أن تعطي دروساً في الصمود والمقاومة، ليس من خلال صوتها، بل من خلال نظرة عينيها، وثبات خطوتها، رغم تقدمها في العمر. حكاية أم كامل الكرد مع الصهاينة قديمة العهد وتعود بداياتها لسنة 1972، أي بعد احتلال القدس الشرقية بسنوات قليلة. بعد المضايقات والتهديدات لسنوات كانت سنة 1999 حيث مُنع كافة أبناء أم كامل من السكن في دارهم أو حتى زيارته، وإن فعلوا يتم تغريم كل منهم ألف شيكل. لاحقاً سلبها المستوطنون نصف دارها، وتركوا لها النصف الآخر يأويها مع زوجها المريض. وفي سنة 2008 جاءت الشرطة الصهيونية ونقلت زوجها المريض إلى دار الجيران، ورموا مفروشاتها في الطريق. مات زوجها سريعاً من الألم والقهر والتعب، وهي نصبت خيمة قريباً من منزلها وسكنتها. خيمة أم كامل الكرد وصلت أصداؤها حتى البرلمان الأوروبي. جاءها مناصرون حتى من ديار باراك أوباما ومن الديانات الثلاث كما قالت. صارت ملتقى المناصرين لحق الفلسطينيين في أرضهم من كل أنحاء العالم. وهم كما أم كامل تساءلوا من أين أتى هؤلاء المستوطنون وأين هي ديارهم؟ خيمة أم كامل الكرد كان يجب أن تشكل درساً للسلطة الفلسطينية في الصمود والتمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. هذه المرأة التي قالت يوماً ولا تزال عند قولها: 'إذا أنا يئست معناها انتهيت'. خيمة أم كامل هدمت سبع مرات، ودفعت أم كامل غرامة أربع مرّات. أما الإغراءات المادية للتنازل عن بيتها فوصلت إلى 15 مليون دولار. ومع ذلك بقيت تردد 'الإنسان بلا أرض إنسان بلا كرامة'. في هذا الفيلم الوثائقي الذي حمل عنوان قصة أم كامل الكرد كانت نساء أخريات أصغر سناً جسورات مقاومات وبطلات قولاً وفعلاً.. جميعهن من حي الشيخ جرّاح الذي يخطط الصهاينة لإخلائه بالكامل من السكان الفلسطينيين. هناك وأمام جحافل العسكر الصهاينة وقفت سيدة فلسطينية احتلوا منزلها لتقول بالمختصر المفيد: 'هذا المكان لنا. وسيأتي يوم زي ما طلعونا بالقوة نطلعهم بالقوة.. حقنا بالقوة لازم ناخذوا'. هل يفهم 'المعتدلون' عفواً 'المعتلون' أنها المعادلة الأولى والأخيرة ولا ثانية لها، لقد نطقت تلك المرأة جواهر، أمسكت بالجندي.. شدها شدته.. دفشها دفشته.. ضربها ضربته، نساؤنا أمثولة في حب الأرض فلنتعلم منهن، بدل الهرولة إلى مفاوضات تكون فيها ثوابتنا هي موضوع التفاوض وليس الاعتداءات الصهيونية وفي طليعتها الاحتلال والاستيطان غير المعترف به دولياً. هكذا ختمت التلفزيونات على 2010 بالشمع الأحمر ' نجم سهرة رأس السنة في الأقنية التلفزيونية اللبنانية قارئ أو قارئة للمستقبل، متوقع أو متوقعة لمسار هذا البرج وذاك. وحدها قناة المنار شذت عن القاعدة، فلا قارئ غيب أو عالم فلك هو حصري لها، بل هي عملت لمحاصرة هؤلاء في نشرتها الإخبارية وقبل أن تباشر أخواتها الأقنية في استضافة هذا وذاك من أصحاب وصاحبات الكتب الضخمة التي تصدر سنوياً في علم الفلك، لقد استقبلت قناة المنار شيخاً مسلماً وكاهناً مسيحياً، ليقول الأول: كل من يدعي الغيب هو دجّال والله وحده يعرف الغيب. وليقول الثاني: المستقبل حاضر فقط عند الله. وهكذا كانت الديانات السماوية بمواجهة من أسمتهم المنار 'المبصرين'. لم تمض ساعة على نشرة أخبار المنار حتى احتل أصحاب 'الموسوعات' المختصة بعلم الغيب الشاشات، ومنهم من كان عليها حصرياً، وراح كل منهم يقدم ريبورتاجاً طويلاً عريضاً لما صح من أقواله في العام الماضي، وذلك طبعاً قبل المباشرة بتلاوة 'ورقة النعي' للعام الجديد. فالتوقعات السياسية، الأمنية وغيرها كما هي العادة في شرقنا 'مكركبة'، إذ ممنوع علينا أن نعرف الخيط الأبيض من الخيط الأسود، هذا طبعاً إن صدقنا التوقعات. من أل بي سي أطل كما هي العادة ميشال حايك ليقول: المسؤولية كبيرة. كتاب 'بكرا' ـ أي الغد ـ مش مطبوع وبدون كسرة ولا فتحة ولا ضمة، وتلته ماغي فرح لتقول لكل من المشاهدين برجه وما يدور في فلكه لهذا العام. كذلك كانت ليلى عبد اللطيف على الجديد تستعرض ما صح من توقعاتها للسنة الماضية، يليه توقعات العام الجديد. وفي ما حاول تلفزيون أل بي سي جذب المشاهدين للمشاهدة بتقديم إغراءات منها 100 ألف دولار وسيارة هدية، لم تكن لدى المحطات الأخرى هدايا، بل اكتفت بالبرنامج الفني الترفيهي. أم تي في وأو تي في قناتان خصصتا لليلة رأس السنة دستة من النكات 'الرذيلة' من خلال برنامجي أهضم شي ولول. صحيح أن الضيوف كانوا هم ذاتهم والذين يتكررون تقريباً على القناتين، إلا أنهم في الحلقة الخاصة والمسجلة لليلة رأس السنة كانوا أكثر انفلاتاً، ولم يكن للزمور دور كبير في ستر عورات ما هو من 'الزنَّار ونازل'. تلك المباراة بين القناتين على التفنن في الرذالة والابتذال جعل بعض النكات تتكرر في ما بينهما. وطبعاً كانت المرأة منتهكة ككيان إنساني وكذلك الرجل. حتى تلفزيون لبنان احتفل بليلة رأس السنة بحفل أعده الشاعر عبد الغني طليس وقدمه، وكان بعلبكي النكهة مع علي حليحل بحضور صباح رغم مرضها ووهنها، والفنان جهاد عقل. وبالمرور على قناة روتانا موسيقى، صدفة، حيث القنوات الخليجية لا تحيي مناسبة رأس السنة، كان عاصي الحلاني يغني لعبد الحليم حافظ 'بحلف بسماها وبترابها'، وقد أداها بشكل جميل جداً وقدم بنهايتها المعايدة للجميع. وبالمناسبة هذه الأغنية تُعد من الروائع العربية من زمن الغناء الجميل والهادف وهي من كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان كمال الطويل. وعلى قناة الدنيا السورية كان بحث جدي في ماهية الأبراج والتوقعات مع ضيوف من بينهم الممثل القدير مصطفى الخاني، الذي اعتبر الموضوع إشكالياً. فيما كانت مذيعتان تتوليان من طرفي نصف الدائرة التي شكلها الضيوف الكثر إدارة دفة الحوار، ولهذا كانتا تتكلمان معاً. (زهرة مرعي) صحافية من لبنان (القدس العربي)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني