PCP

يا عمال العالم اتحدوا

وحدة العراق ضمان لاستقرار المنطقة

مع إعلان اوباما سحب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق، لاحظنا امتناعه عن وصف ايقاف العمليات القتالية وانسحاب جنوده من العراق بالانتصار، وهذا يعني الاعتراف بالوجه الثاني من الحقيقة وهي الهزيمة في العراق. وهنا يحق لنا ان نستذكر الحملات الاعلامية الكاذبة الكثيرة من وسائل الإعلام التي استُخدمت في حينها لتهيئة الرأي العام للحرب. مسألتان حظيتا بأكثر قدر من التركيز: كذبة امتلاك النظام العراقي السابق لأسلحة الدمار الشامل.. والكذبة الكبيرة لنائب الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد تشيني عندما صرّح بأن "ثمّة صلات مؤكدة" تربط القيادة العراقية بهجمات 11 سبتمبر العام 2001. تمت بالطبع فبركة الكذبتين، ولعبتا دوراً هاماً في تشكيل الرأي العام وتبرير احتلال العراق، لكن جهود الدعاية للحرب تضمنت أكثر من ذلك بكثير. حيث استغلّ مؤيدو الحرب غياب المعلومات الأساسية لدى الرأي العام (الأمريكي) بشأن العراق وشعب العراق، ليبالغوا في مزاعمهم.. وصف المسؤول السابق للبنتاغون الحرب بأنها ستكون "نزهة". وقال تشيني "أنها ستنتهي... بسرعة. أسابيع وليست شهوراً." بينما قدّر بول وولفوفيتز تكلفة مشروع الحرب بأكمله بما لا يتجاوز بليون أو بليوني دولار، مع تصاعد عوائد نفط العراق "لتمويل إعادة الاعمار بعد الحرب." في حين ذكر بوش وآخرون "سوف يستقبلنا العراقيون كمحررين." يبشرون بالديمقراطية الجديدة التي من شأنها أن تكون "منارة للشرق الأوسط الجديد". قبل الغزو، على سبيل المثال، راهن بيل أوريلي من شبكة فوكس نيوز التابعة للملياردير اليهودي روبيرت ميردوخ، "بأن العمل العسكري لن يستمر أكثر من أسبوع." وعلى نفس المنوال وبنفس الأسلوب المضلل، ساهم بيل كرستول محرر صحيفة ويكلي ستاندارت في مثل هذه الكذبة. وأخيراً، قال الصحفي فريد بارنيس المحرر في فوكس نيوز "كانت الحرب الجزء الصعب.... وهي تسير على نحو أسهل... أقصد أن بناء الديمقراطية مهمّة صعبة، ولكن ليست أصعب من كسب الحرب." هذا الشرك اللانهائي القاتل، لم ينته مع الغزو. بعد سنة ونصف السنة على استمرار الحرب، أجرت مؤسسة زغبي الدولية أول استطلاع للرأي على الصعيد الوطني العراقي.. تبين أن أغلبية كبيرة من العراقيين أعربوا عن رغبتهم بترك أمريكا لبلادهم، ولم يكن رأيهم إيجابياً بسلوك الجيش الأمريكي، ولا يميلون إلى إقامة الديمقراطية (الأمريكية) في العراق. وبعد أيام من نشرنا لحصيلة الاستطلاع، كان تشيني في "مقابلة صحفية" محاولاً تلفيق نتائج الاستطلاع بزعمه أن كل شيء على ما يُرام. وكان نفس الاتجاه لتلفيق الأدلة لدى إدارة بوش يحيط بضجة "زيادة القوات" عند تنفيذها مطلع العام 2007. صحيح أن العنف الطائفي (وليد الاحتلال) قد انخفص في هذه الفترة، لكن أسباب هذا الانخفاض ارتبطت بمغادرة العناصر المولدة والمسببة لها وتركها بغداد إلى المدن الأخرى، هذا بعد التطهير الطائفي لأحيائها وتقسيمها بحواجز كونكريتية (وفق خطة الاحتلال وحكومة الاحتلال في بغداد). علاوة على انقلاب جزء من حركة المقاومة (الصحوة) للاصطفاف مع الأمريكان. حالياً، تم سحب القوات الأمريكية المقاتلة (جزئياً)، لكن الحرب لم تنته، لم تكلل بالنجاح، ولم تنته مسئولية الولايات المتحدة. ويبقى العراق بلداً هشّاً، لقي مئات الآلاف من العراقيين مصرعهم، خمس سكان البلاد لا زالوا لاجئين (بما في ذلك العبء الذي تتحمله الدول المضيفة وخاصة سوريا والأردن)، وخمس آخر من السكان صاروا يتامى، عدا الأرامل وانحدار مستوى معيشة ما لا يقل عن 40% من السكان إلى دون مستوى الكفاف. وفي الوقت نفسه، وبدلاً من "منارة الديمقراطية" بدأ النظام السياسي للاحتلال في بغداد بالاختلال نتيجة فشل دُمى الاحتلال تنفيذ نتائج الانتخابات بعد أكثر من ستة أشهر على إعلانها. والمأساة لا تنتهي عند هذا الحد. لقد وعدوا العراقيين بتعجيل التنمية، وبعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق ووصول الغزاة الأمريكان، صارت البلاد تُعاني من انعدام التنمية، وعلى نحو لم يحدث من قبل.. والأمر الأكثر إيذاءً وألماً هو انهيار إمدادات الطاقة. بعد مرور أكثر من سبع سنوات عجاف، والعراقيون يعانون من نقص الكهرباء، مما أدى إلى تظاهرات في المدن والبلدات في أنحاء البلاد. "بدأت المشكلات الكبرى مع احتلال العراق العام 2003.. دمّر المحتل كافة المؤسسات والبنية التحتية للبلاد ، بما في ذلك محطات الطاقة (عدا وزارة النفط في بغداد!). متوسط دخل الأسرة في العراق بحدود 200-300 دولار شهرياً، يدفعون في المتوسط 80 دولاراً للحكومة قيمة فاتورة إمدادات الكهرباء التي نادراً ما تصلهم. العديد من العراقيين ممن يملكون المولدات الكهربائية يقعون في مشكلة أخرى.. الحصول على الوقود لتشغيلها.. "من الصعب جلب الوقود إلى مناطقهم بسبب التفتيش عند مداخل المدن والأحياء، إذ أن قوات الأمن العراقية تجعل الأمور صعبة بالنسبة للناس، مطالبين بالرشاوى للسماح بالمرور. علاوة على أن الوقود ليست نظيفة وذات نوعية رديئة، تًسبب الأضرار للمولدات." لقد شهد العراق طيلة سنوات الاحتلال الأمريكي, فوضى أمنية وسياسية واجتماعية , وحرب إبادة حصدت أرواح المئات يوميا, وقد استنزف القدرة البشرية العراقية خصوصا بعد تدمير دولته الحديثة, في ظل ظاهرة المجتمع الفوضوي –شريعة الغاب الأمريكية, والتي صنعت بيئة الإرهاب والعنف , لتبرر رواج تجارة الأمن والغزو الناعم, ويلاحظ أتساق عدد من الدوائر العربية مع المشروع الأمريكي, وتغازله بشكل سري وعلني لكسب رضاه بغية الحصول على حصتها من الكعكة العراقية , ونلمس ملامح واضحة لتفعيل مخطط تقسيم العراق إلى ثماني دويلات, ويبدو أن دعاة ومسوقي التقسيم قد اعدوا صفقة مصالح خاصة مع تجارة الموت وعبدة الدولار من ذوي الأصول العراقية, فأدى ذلك لانتشار العنف والعنف المضاد, وما نشهده اليوم هي عواقب دموية مريرة لجريمة ارتكبتها مؤسسات أمريكية مختلفة جمهورية وديمقراطية على حد سواء. وقد استخدمت الإدارة الأمريكية بشكل مباشر سياسية التقطيع الناعم للمجتمع العراقي , وذلك من خلال شكل العملية السياسية البائسة وبأدواتها السياسية ,خصوصا بعد إرساء منظومات قانونية ومؤسسات تنفيذية تجسد هذه السياسة, وقد مارست التقطيع الصلب ضد المدن ومناطق العراق, وخلقت بيئة صراع تقود إلى التقسيم , وارتكبت جرائم تقتيل وتهجير وتصفية للعلماء والتكنوقراط التي كانت تدير شؤون العراق المؤسساتية, والغاية منها ضرب مقومات الدولة القوية الموحدة, ومهدت للمليشيات الطائفية والعرقية التغلغل بالجسد السياسي العراقي , واضفت عليها الشرعية السياسية والقانونية, وقد أحكمت تطبيقاتها عبر منظومة قرارت أصدرها "برا يمر" السيئ الصيت ولا تزال الطبقة السياسية الوافدة حريصة على العمل بها وتعد تغيرها خطوط حمر, وأبرزها قانون –إدارة الدولة - حل القوات المسلحة العراقية–شكل المنظومة السياسية– الدستور- قانون مكافحة الإرهاب –دمج المليشيات في القوات المسلحة..الخ وتلك مقدمات تمهد لمخططات تقسيم العراق نظرا للشواهد والمشاهد الدموية التي تعصف بالمشهد العراقي خصوصا بعد انهيار جميع تلك المفاصل والتي رفضها الشعب جملة وتفصيلا, وفيما يلي نذكر أهم المشاريع الرسمية التي طرحت لتقسيم العراق بشكل علني وهي:- 1. نشرت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون الوثيقة( 16) وهي خطط أعادة هيكلية الشرق الأوسط وثيقة لـ "رالف بيتر" 2006,تقرير نشرته مجلة"القوات المسلحة الأمريكية في عددها لشهر تموز 2006 والذي يرسم مستقبلا للمنطقة ويقوم على إعادة هيكلة الشرق الأوسط, ويتطرق فيه إلى تقسيم العراق وسورية والسعودية إلى دويلات طائفية متنازعة,وتحافظ إسرائيل على سيطرتها على جميع الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة ليكون السلام قائما على أساس قوة الردع الإسرائيلية من ناحية وتمزيق دول المنطقة وفق سياسة التقطيع الناعم من ناحية أخرى, والتقرير أعده "رالف بيتر" الكولونيل المتقاعد في الجيش الأمريكي وهو يعبر عن رؤية المحافظين الجدد في أمريكا. 2. دعا نائب الرئيس الأمريكي "جوزيف بايدن" عندما كان سيناتور للحزب الديمقراطي عن ولاية "ديلاوير"– و"لزلي جليب" الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية CFR في أوائل ايار من 2008, إلى تقسيم العراق لثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية, وتتمتع كل منهما بالحكم الذاتي. 3. أصدر مركز "سابان" بمعهد "بروكينغز" للدراسات السياسية والإستراتيجية بواشنطن دراسة بعنوان" حالة التقسيم السهل للعراق " ومدى إمكانية تطبيق مشروع تقسيم العراق وفق الفدراليات الطائفية والعرقية, ونسب النجاح المتحققة مقارنة بالوضع الحالي , وما تحقق منه , إلى جانب توصيات للتغلب على الصعوبات التي ستواجه الأطراف المختلفة , وأطلقت على المخطط تسمية " الخطة ب" Plan B, واعد الدراسة كل من "جوزيف ادوار" باحث زائر بمعهد "بروكينغز" حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمنطقة "البلقان" وشاركه الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي الأمريكي بمعهد "بروكينغز" "مايكل هان لون" حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دول مختلفة, ويلاحظ توزيع قوات مشتركة على حدود المحافظات العربية لتجنب الاصطدام المحتمل كما يزعمون. 4. اكد نائب الرئيس الأمريكي بايدن بخطابه في أب 2010 الزعم بسحب القوات المقاتلة في بغداد "ان على الأكراد والشيعة والسنة تقاسم الثروات والسلطة وإنهاء الاختلاف" وهو إيحاء واضح للأدوات السياسية وإضلاع المثلث الطائفي العرقي للشروع بالتقسيم الطائفي الإثني. من هنا تبرز اهمية المقاومة الوطنية وأهمية تصعيدها ولابد من التعاضد الشعبي والتصدي بقوة لهذه المخططات التي تستهدف العراق وأجياله وثرواته, لا بل تهدف لضرب الاستقرار والتوازن بالمنطقة والعالم . كفاح عبد الجبار


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني