PCP

يا عمال العالم اتحدوا

قبضايات آخر زمان مثليون جنسياً

في حديقة الحيوانات المصرية هنالك سلحفاة معمرة يتجاوز عمرها المئة عام، وهو أطول من عمر الحديقة ذاتها - بالمناسبة المقالة ليست عن التوريث - ويبدو أننا نقف أمام سلحفاة ممتدة الأجل بحيث لا ينتهي عمرها ولو بنهاية فلسطين نفسها! السلطة الفلسطينية تخرج من مرحلة البيات الشتوي على طريقة السلحفاوات البرية لتلقط رزقها من مفاوضات تزحف بعجلات معطلة ولا تصل أبدا منذ بدئها في أوسلو وحتى تقوم القائمة! قد نكتب عن المفاوضات على طريقة الماغوط: كمن يضحك في جنازة، فهذه ليست المرة الأولى التي يتأهب فيها الإعلام لتشييع المفاوضات إلى مثوى جنازة أخرى! في تقرير وائل التميمي على الـ'بي بي سي' العربية استعرض خطاب عباس الإعلامي منذ إصراره على وقف الاستيطان مقابل المضي في المفاوضات، إلى تعنت نتنياهو الذي دفع عباس للتراجع عن إصراره ذاك في باريس داعيا لعدم التسرع في وقف المفاوضات وضبط النفس! ليصل التميمي إلى نتيجة مفادها أن قرار وقف المفاوضات لا قبل لعباس به، يعني (مش قده)! فلماذا يخوض معركة المواجهة الخاسرة مع أرشيفه الإعلامي؟ هل هذا كله في سبيل السلام؟ سلام (إيه اللي جاي تتكلم عليه والمستوطنات على ودنه)؟ كأن ما قالته رواية 'الأرجوحة' ينطبق على هذا الرجل، فكيف يقوم بإعداد أقداح الشاي التي يملكها سواه كمن له ذراع واحدة؟ الأجدر بعباس أن يتجنب المواجهة الإعلامية وسكوت (حنصور) يا سلطة! اضحك 'الجنازة تطلع حلوة' أما زعماء العالم حسب تقرير شيرين أبو عاقلة على 'الجزيرة' فهم بياعو بضاعة، ولكنها كاسدة! والدليل حسب أبي عاقلة أن بضاعتهم ردت إليهم، فالفلسطينيون لا يشترون! يبدو أن الشرق المنهوبة أرضه وثرواته وكرامته والسلام اللي على باب الله لا يحتاج إلى زعماء بل إلى كلب حراسة كما تنبأ الماغوط في ذات الأرجوحة! طيب ما دمنا في سوق السلام السوداء وهذه حالنا فلماذا يعود عباس للجامعة العربية حسب تقرير الـ'بي بي سي' ليطلب غطاء لتجارة خاسرة؟ وكيف يحصل على تصريح من وزراء الخارجية العرب للمضي في التخبط التفاوضي من دون أدنى اعتبار لإراقة جماعية لماء وجه السياسة العربية أمام الإعلام العربي والعالمي؟ هل لكي يبرر فعلته التفاوضية لإعلام متربص بالجنازة؟ اضحك إذن فالجنازة تطلع حلوة! ومن يدري فربما تكون سياسة الاحتكار الإعلامي للخبر على العربية فقط، أرحم الراحمين، ولن يضطر الرئيس لمواراة وجهه أو الاكفهرار أمام الكاميرات الفضائية التي تحمل توقيعا يثير في نفس الرجل أي حرج من أية ملة إخبارية لا يتبعها! 'العربية' تسند عباس في مواجهاته الإعلامية المحرجة، فتستقل الأرجوحة الفلسطينية لتحول مسار الأرجحة من حديقة الخبر الإعلامي اليابس كالعصا لمن عصى، إلى حديقة الأخبار المغلفة بالسولفان، كأنها حلوى فضائية توزعها على أفراد السلطة الفلسطينية بغير حساب! عباس على 'العربية' يبدو شخصية قوية تستطيع فرض رأيها والتهديد والوعيد، فإما أن يتوقف نتيناهو عن سياسة الاستيطان وإما أن يتوقف عباس عن التفاوض! لكن على الأرض أخبارا ليست للنشر، ففضاء 'العربية' لا يلتقط ما يكدر خاطر السلحفة التفاوضية مادام هنالك أمل ناقص'أعرج' لم يمر بتقارير الـ'بي بي سي' العربية التي تعرض لك الأمل وخيبته معا! مثليون قبضايات لن أظلم مسلسل 'التكسي' الذي يقوم العقيد أبو شهاب ببطولته، فأقول ان الفكرة مبتذلة، والعرض أقل مما يصل بالبطل إلى البطولة، حتى إن كان في هذا الظلم عدل لابد منه، إنما سأعرج على حيرة تنتاب المشاهد من كم الأعمال الرمضانية التي تتعرض لنماذج بدأت تتفتق في مجتمعاتنا كأنها بيض أفاع سام، لتشكل ظاهرة أصبح من الصعب أن يسيطر عليها الإعلام وهو يضم منها عددا لا يستهان به كأنه يربت على كتفها، وكي لا أطيل فهي ظاهرة المثلية! تصور أن أحد الركاب الذي يستقل تكسي أبي شهاب كان مثليا (ولن أقول لوطيا حتى لا أقلب أوجاع أمة قابعة في جيب التاريخ على هيئة بحر مغضوب عليه من عهد لوط) وأبو شهاب كما يفترض بالنص أن يكون ساخرا على ذلك المثلي فينعته بـ(القبضاي) إلا أن السخرية بدت على استحياء وكأن في الأمر مراعاة لمشاعر التاريخ الميت! ليس المطلوب بالطبع من الدراما أن تغض الطرف عن ظواهر تشكل ناقوس خطر مكمما في مجتمعات لا تسر الخطيئة حياء بل خشية إملاق أو فقر، وليس المطلوب منها ان تتحول إلى سلسلة مواعظ ولا دروس دينية فهذه لها قنواتها 'اللي على .... ظهر من يشيل'! إنما المطلوب منها ان لا تتعامل مع الظاهرة كواقع مسلم به وإلا ماذا تسمي ظهور قصي الخولي البطل السوري المعروفعلى صعيد التلفزيون، في لقطات كوميدية ساخنة في 'بقعة ضوء' يمثل دور الحارس 'المثلي' لصاحبة كباريه؟ هكذا يصبح المثلي حارسا وفتوة وبشكل طبيعي جدا، بل ويقوم باداء دوره أبطال وفنانون لهم بصمة في ذاكرة المشاهد العربي كفرسان، فهل هذا عصر الفوارس (النص نص )؟ هل في الأمر دعوة للتعامل مع هذه الظاهرة باستسلام تام وتقبلها كأنها جزء من النسيج الاجتماعي العربي؟ وإن كان النقد هاجسا فنيا لتلك الأعمال الكوميدية فهل لنا أن نعتبر الضحك من أجل الضحك أحد أدوات ذلك النقد المشغول بالفراغ! ثم لو أن تلك النماذج أصبحت تفرض وجودها في إطار الاعمال الفنية التي تتخلى عن الحس التهكمي فيها فهل لنا ان نعد حضورها واجبا أخلاقيا يقوم الفن بتحفيزه متذرعا بالحرية؟ سأعود للماغوط إذن الذي يعتبر أن أحرار الدولة هم كسورها الجبرية التي لا داعي لوجودها، حينها عليك أن تسأل من أهم: الرجولة أم الحرية في المجتمع العربي؟ والعتب على 'أبو جانتي'! يسرا بالعربي يا الله كم تنفرد قناة أبو ظبي ببطولة من طراز استثنائي حيث تعرض في دورتها البرامجية الحالية بعد رمضان سلسلة من برامج مميزة ذات أفكار جديدة ومغامرة، منها برنامج 'قاضي الغرام' الذي عرجت عليه من قبل ومنها برنامج 'بالعربي' الذي تقوم يسرا بتقديمه ويشرف عليه طاقم إعداد وتنسيق وتصوير وإخراج وفنيين لا حصر لهم وهو موضوعي في هذه الزاوية التي تتطلب تنوع الموضوعات المطروحة .. البرنامج يلقي الضوء على حقائق وأمور لم يتطرق لها الإعلام العربي من قبل ولا تعد مما يرد على باله، أو يثير اهتمامه لما لها من أهمية لا تليق بانشغالاته المعاصرة وأهمها الفيديو كليب كأفضل اختراع لتفريغ مكنونات الأمة! البرنامج أقرب إلى الحوار التوثيقي الذي يسعفك بالمعلومة ضمن إطار محاورة فريدة لفنانة متحدثة ولبقة لم تسع لفرض تواضع مدع وهي تحاول فهم الفكرة التي يريد الضيف أن يصل بها إلى المشاهد، مما شكل تفاعلا لطيفا لم يشغله التكلف ولا فرض الذات، استطاعت يسرا أن تفصل به بين بطلة في عمل فني وبين مستضيفة لمجموعة أبطال في مسرح الواقع وهذه هي البطولة الاستثنائية الحقيقية لهذه الفنانة حتى لتظن أن 'بالعربي' أجمل أدوار عمرها، لان البرنامج يحرص على القيمة الأخلاقية والفنية والتوثيقية والمعلوماتية والإعلامية فيخرج عن الفذلكة والابتذال، والمعهود إذ يطرح أفكارا لها وزنها لم توظف الحوار لصالح الجانب التجاري بقدر ما تعزز الجانب المعرفي، البرنامج يعيد إليك ثقتك بالطاقات العربية ويقينك بالمجد العربي خاصة وهو يعرض أسماء لمجموعة من رواد الحضارة الإسلامية من أطباء وفيزيائيين وعلماء. ما لفت حقيقة هو مانشيت عريض نشرته 'القدس العربي' وعرضته القناة عن تبرئة احد الأطباء المصريين الذي تخصص في علاج العقم هنا في لندن، وقد أوقف عن عمله فترة بتهمة ملفقة كانت أحقاد التنافس غير الشريف وراءها .. العربي إذن يفلت من عقال سطوة إعلامية تنصب أقمارها أعواد مشانق لإعدامات جماعية بحق عقولنا وأذهاننا، فهل نعتبر هذا البرنامج أول الغيث؟ أم أن مبدأ التميز االبرامجي بين الفضائيات محصور بمنطق (الهشك بشك) وما هو تحت الحزام وأنا (مش عايز أقول اللي حصل في التخشيبة)؟ القدس العربي


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني