PCP

يا عمال العالم اتحدوا

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .....ماذا بعد؟؟

عشرون عاما ، والمفاوضات الفلسطينية الإسرئيلية ـ كخيار استراتيجي فلسطيني ـ تسير بالنسبة لنا من سيئ إلى أسوء ، لدرجة أن ما يشبه الاجماع الشعبي قد تشكل حول فشلها الذريع ، بل إن أطرافا رسمية ، فلسطينية وعربية توصلت لمثل هذا الاستنتاج ، فالرئيس عباس نفسه ، لم يملك بعد أن قدم ما قدم وما لا يقدم إلا القول بأنها مفاوضات عبثية ، ومثله صرح في أكثر من مناسبة كبيرا مفاوضيه بالتناوب قريع وعريقات ، ولعل السيد عمر موسى رئيس الجامعة العربية كان قد سبق الجميع عندما أعلن هو الآخر في أكثر من مرة موت عملية السلام برمتها بموت إطارها أوسلو. لكن الغريب ، هو : لماذا تعود كل هذه الأطراف ، لتدفن رؤوسها في الرمال ، وتتحذلق وتتفذلك لتبرر عودتها لخوض تجربة ، ـ بحسب رأئهم هم أنفسهم ـ أشبعت تجريبا ، مع أن كل الشارع الفلسطيني خاصة والشارع العربي عامة ، يرفض هذه العودة ، ويسخر من لعبة التسميات ، المكشوفة والممجوجة ، ويرى في هذه اللعبة (مباشرة وغير مباشرة) محاولات وذرائع فجه وسخيفة ومتهافته ، تقضح نفسها بنفسها وتعري أصحابها والمتعاملين بها. وتكشف أن أصحاب شعارات التحرير من البحر إلى النهر ، وكل البنادق في صدر العدو ، وثورة..ثورة حتى النصر يضعون اليوم ثورتهم وبنادقهم وشعاراتهم ـ لا بقولنا جانبا ـ ولكن مع الأسف في غير أماكنها واتجاهاتها ومنطلقاتها... لماذا ؟! وكيف؟! تساؤل كبير وخطير ، الإجابه عليه تتطلب أكثر من مقال ، ولكن في هذا المقام ، يمكن القول بأنه لم يعد صحيحا ولا مقبولا إلقاء اللوم ـ كالسابق ـ على حداثة التجربة وخصوصيتها وقلة خبرة المفاوصين ، فنضال عمره أكثر من 62 عاما وخبره تفاوضية مضى عليها قرابة العشرين عاما أيضا ، لا بد وأنها أكسبت التجربة والمجربين خبرة واسعة ودراية عميقة ، ولكنها هي نفسها وبدل أن تكسبها التجربة مراسا ثوريا متقدما تحولت مع الزمن وأمام مخططات الإغراء والحرف الخارجية لاتجاه معروف في الانتهازية اليمينية ، اتجاه بناء كمبرادور لم يستخف بالمبادىء الثورية بل استثمر معظم مقوماتها فعزز ورسخ دور الطبقة البرجوازية التي كانت ممسكة بزمام منظمة التحرير . مما أتاح للعدو الصهيوني (المحتل) أن يستثمر بمهارة وذكاء الطبقة البرجوازية لدى القادة ، وميلها السيكولوجي للإثراء ، فنصب لها الشرك وأتقن صناعة الطعم ـ شرك اوسلو وطعم غزة أريحا أولا ـ لقد كانت اوسلو بالفعل شركا أعد بدقة واتقان ، وبتخطيط مسبق ومدروس وبعد نظر ، وما كان ينبغي للطرف الفلسطيني و لا للأمة العربية أن تقع وتقبل بغير تنفيذ قرار رقم 242 كقرار محصن بشرعية دولية ، وكان عليها أن تتمترس وراءه تطالب المجتمع الدولي بتطبيقه ، لا أن تسقطه لأجل عيون اوسلو فبمجرد أن قبل الطرف العربي بالتفاوض من وراء ظهر هذا القرار ، انفتحت شهية المحتل مع التنازلات الفلسطينية والعربية التي لم يتوقع المحتل نفسه زخمها وحدتها ، فأخذت القرارات تتساقط الواحد تلو الآخر ليجد الطرف الفلسطيني نفسه مجبرا على قبول التنازلات ، تنازل إثر تنازل . فانتها سقف المطلب الفلسطيني ليتقزم اليوم عند حد استجداء لوقف مؤقت لاستيطان ترفض إسرائيل مجرد الالتفات إليه ، خصوصا بعد أن أدركت بأن طعم غزه أريحا قد أثمر كثيرا وأعطى أكله ولا أحد يمكنه التكهن بعد الآن بمصير القضية ومستقبلها ، فمنذ لقاء هارفرد سنة 1991 واسرائيل تتقن لعبة دفع القدم الفلسطينية (الرسمية) إلى مستنقع الإثراء واشغالها بسلطة المغانم ، أطماع تتسع مع كل توسيع وهمي لمناطق نفوذ سلطة الحكم الذاتي المحدود حتى وجدت القيادة المتنفذة نفسها غارقة في مستنقع المنافع الفردية ومرتبطة ارتباطا ماليا وأمنيا مع المحتل والاحتلال ، ويبدو أن الجانب الإسرائيلي قد وجد مشروعه في الحل الاقتصادي الذي دأب على التخطيط له منذ أمد بعيد (تقرير هارفرد سنة1991) قد نضج وبوصول حكومة نتنياهو للحكم ، قامت بطرحه كحل نهائي وستبقى هي أو أي حكومة تخلفها تلقي بكل الثقل في اتجاهه . مالم يبرز على الساحة الفلسطينية ما يجبر المحتل على تغييره . يبدو الآن واضحا تشبث كل الأطراف على السواء باحبولة المفاوضات ، التشبث الأمريكي الصهيوني له ما يبرره وربما ما يفرض فهمه على الآخرين لما له من أهداف تصب في الصالح العام (من وجهة النظر الأمريكية والصهيونية) ولكن على الجانب الفلسطيني لا أظن أحدا بقادر على الزعم بأي فائدة جنيت أو ستجنى. وهنا سؤال مهم يطرح نفسه ، هل أن كل ما جرى ويجري قضاء وقدر ؟ أي أنه لا وجود للبديل ، وحتى إذا تعذر وجود البديل هل يستسلم شعبنا لهذا الواقع المرير ، أعجبني قبل بضعة أيام رد أحد المؤمنين بالمقاومة على محاوره عندما طرح على مسمعه الكف والمخرز "نعم البديل هو أن نكون نحن المخرز وليس الكف التي تناطح المخرز ، المقاومة هي المخرز ، تاريخ المقاومات أثبت ذلك (والأمثله كثيرة من فيتنام إلى الجزائر لجنوب إفريقيا...الخ) المقاومة وفقط المقاومة بكل أشكالها وألوانها وأزمانها وأمكنتها، وعندما تلفق المعاذير وتختلق المحاذير حول صلاحية زمان ما أو عدمه ، أو مكانية الرأي حاله من عدمها ، فإن خلالا ما غير موضوعي يكون قد اعترى المقاومة والمقاومين (كحالتنا مثلا) وهنا لا بد من أن يهب الجميع ، كل الوطنيين الغيورين كل المؤمنين بالمقاومة طريقا للتحرير ، لا بد أن يبادر الجميع لاحتواء هذا الخلل والقضاء عليه ، وعلى جرثومته ، وبنفس القدر من المسؤوليه ، وبدون أي تحيز ، يتحتم على كل من يهمه المشروع التحرري ويؤمن بالنصر المؤكد أن يواجه بتجرد وطني خالص ، النقد البناء لمسبب الخلل ويؤشر بوضوح ونزاهة وجرأه على آليه انهائه. من هذا المنطلق نؤكد أن مسؤولية الإنقسام الذي جرى في وطننا (كسبب ونتيجة) تقع بشكل قطعي مباشر على عاتق الحركتين اللتتين تشاركتا افرازاته (فتح وحماس) فتح بممارستها السلطوية المنحرفة سطرت ورقة الانقسام وحماس قي لحظة مغامرة وقعتها فوقع المحظور، وإن كل الذرائع التي تساق ، وكل المحاولات اللف والدوران التي تمارس من قبل هذه الحركة أو تلك ، على مدى سنوات الانقسام ، ما هي إلا تخريجات لتمكن كل حركة من الحفاظ على مواقعها الخاصة ، مكاسبه الذاتية فلا الورقة المصرية ولا غيرها من أوراق تقترح أو تفرض إلا محاولات لجر متبادل للبساط من تحت الأقدام ، وكلها في النهاية تعمق الشرخ وتطيل الانقسام وتعطل أي لقاءات جادة وصادقة من أجل حوارات مباشرة نعم حوارات مباشرة (بدون وساطات ـ فكلمة المصالحة والوساطة هنا كلمتين مقيتتين لأنهما مرادفتين لشيء إسمه كظم الغيظ ودفن الجمار تحت الرماد) وقضيتنا بحاجة لشيء أكبر وأهم من المصالحة ، بحاجة لاتفاق على برنامج سياسي ، يتم فيه التخلص نهائيا من المفاوضات كخيار استراتيجي وحيد ، فالمفاوضات سياسيا وفنيا وعمليا لم ولن تكون أبدا بديلا عن المقاومة إنها أحد مكونات المقاومة وأحد فنون إدارتها، ونحاحها وفشلها يعتمد بشكل اساسي على قوة المقاومة المتواصل ، والتي بدونها لا يمكن زحزحة المحتل المتغطرس . وفلسطين تستحق أعظم وأجل قدر من المقاومة ، فهي ليست طنب الصغرى أو طنب الكبرى ولا هي مجرد قطعة من الأرض متنازع على جزء من حدودها، إنها الماضي والحاضر والمستقبل العربي الفلسطيني ، إنها المصير الذي يحدد بقائنا من عدمه وبالتالي مصير الأمة العربية والاسلامية جمعاء. (عن مجلة الوطن المجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني