PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مرحلة اليمين الإسرائيلي

في ثلاثينات القرن الماضي كانت سياسة المنظمات الصهيونية في فلسطين تتلخص في العمل على طرد الفلسطينيين من قراهم والتضييق عليهم, لدرجة تجعل حياتهم بالغة الصعوبة، وتدفعهم إلى الرحيل.وبلغت تلك السياسة أوجها في 1947, حيث استخدمت القوة لإخلاء القرى والبلدات الفلسطينية قسراً, وبالدم والنار. عملياً لم تتغير السياسة إياها مع قيام إسرائيل، الذي شرد جميع الفلسطينيين تقريباً, وبعدئذ، فالترانسيفر«أي: الترحيل» كان, وما يزال,مطروحاً لدى الإدارات الإسرائيلية المتعاقبة. غير أنه مع وجود الاتحاد السوفيتي وكتلة الاشتراكية العلمية القوية لم تكن العسكرية الإسرائيلية قادرة على القيام بخطوات استفزازية دولية فاقعة, فيما يتعلق بالفلسطينيين. استطاعت فقط استخدام التهديدات العربية الكلامية الفارغة ذريعة لشن حروب وقائية, احتلت بها أراض فلسطينية وعربية جديدة، وشردت عبرها موجات جديدة من العرب والفلسطينيين. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي وكتلة بلدان الاشتراكية العلمية، فرضت الإدارة الأمريكية على العالم هيمنتها الدولية، التي تضمنت تصاعد مختلف أنواع العدوانية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.ومع مجيء الإدارة الجمهورية بوجه السيد بوش الابن إلى السلطة في الولايات المتحدة، وخصوصاً بعد أحداث 11 أيلول 2001 بلغت الضراوة الأمريكية الذروة, وانعكس ذلك على الوضع الفلسطيني، لأن الإدارة الإسرائيلية كانت جزءاً من تلك الضراوة, فازداد التضييق على الفلسطينيين، وبوجه خاص أيام ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شارون, الذي أبدع بالتنكيل بالفلسطينيين. الإدارة الإسرائيلية الحالية تقوم بما هو أخطر بكثير من العدوان على المسجد الأقصى، أو على المسجد الإبراهيمي وغيره, علماً أن الانتهاك الإسرائيلي للمقدسات مستمر منذ زمن طويل, وأخطر من تهويد القدس, التي تهود منذ احتلالها في 1967, إنه طرد منهجي للفلسطينيين في ظل الهيمنة الأمريكية الدولية. إن هدم البيوت في القدس, وفي أراضي 1948, وتمدد الاستيطان في الضفة وغيرها. كل ذلك ليس مجرد تهويد للقدس، أو انتهاك للمقدسات، أو حتى عدوان على مواطنين فلسطينيين، إنه استكمال لما جرى ويجري منذ ثلاثينات القرن الماضي, وهو طرد للفلسطينيين . وهذا ممكن جداً في ظل الإدارة الأمريكية. المطالبة بتجميد الاستيطان هو نكتة, فهو لم يجمد منذ 1967, وحتى في القدس. إنما المسألة أنه يجري اليوم، وسيجري بتسارع أكبر وباستفزاز أشد. اليوم في ظل الهيمنة الأمريكية الدولية لا يعترض أحد، لا على توسع الاستيطان,ولا على طرد الفلسطينيين أو قتلهم, أو اعتقالهم. كل ذلك هو من جملة أمن إسرائيل, الذي لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه. نكتة أيضاً أن يحاول المرء وقف كل ذلك أو بعضه بالاعتماد على الإدارة الأمريكية. هل الرئيس الأمريكي بحاجة أن يعلن كون كل ما يحل بالفلسطينيين هو عمل جيد, وتؤيده الولايات المتحدة بكل قواها, كي يقتنع الفلسطينيون والعرب, أن الإدارة الأمريكية لا تساعد، ولن تساعد، لا في التراجع عن التوسع الاستيطاني، ولا عن التنكيل بالفلسطينيين.ربما حتى لو أعلن الرئيس الأمريكي ذلك يبقى الفلسطينيون والعرب ذوو العلاقة متمسكين بالحبل الأمريكي، ذلك لأن سياسة تلك الإدارة لم تتغير منذ ثلاثينات القرن الماضي، ولم يتغير التمسك بالحبل الأمريكي. أيضاً اللجوء إلى الإدارات الأوروبية الحليفة للإدارة الأمريكية من أجل المساعدة ضد المخططات الإسرائيلية هو مسعى عقيم، مقصوداً كان أو غير مقصود، لسببين، الأول هو أن الموقف النضالي الجدي غير موجود، كي يؤيده المرء، والثاني هو أن الإدارات المذكورة لا تستطيع شيئاً، حتى ولو أرادت، فالإدارة الإسرائيلية تأمرها متسلحة بالهيمنة الأمريكية. أيضاً الاستنجاد بالعرب «الرسميين» ــ ما فيش، وبالمسلمين«الرسميين» ــ ما فيش، فالإدارات الثالثية هي أضعف بكثير من أن تواجه الإدارة الأمريكية. نتيجة لذلك، الفلسطينيون متروكون دولياً وحدهم لمصيرهم، وكانوا كذلك منذ بداية الغزو الصهيوني لفلسطين. طبعاً ليس أمام الفلسطينيين،وأمام شعوب العالم في نفس الوقت، الآن، وفي المستقبل، سوى النضال الجدي. إن عملية الإبادة الجارية ضد الفلسطينيين لا ترحم، فالحاضر مهدد ، والمستقبل مهدد. والنضال الجدي ليس وصفة، وقد تمرس الفلسطينيون بالنضال، ودفعوا أثماناًَ باهظة،وسيدفعون المزيد والمزيد، بيد أن المهم ألا تذهب التضحيات هدراً، وفي ذلك يكمن كل معنى النضال الجدي، النضال الجدي هو الذي يستقطب جميع الفلسطينيين، وهو الذي يستقطب تأييد الشعوب، ويصل في نهاية المطاف إلى رأي دولي لصالح القضية. الاحتلال لا يزول إلا بالنضال، وفي ظل الهيمنة الأمريكية أصبح النضال أصعب بكثير، ومع ذلك فإنه مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعوب عموماً، وبالنسبة للفلسطينيين في وضعهم الحالي.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني