PCP

يا عمال العالم اتحدوا

إسرائيل النووية المدعومة أمريكياً الوقاحة والابتزاز

المؤتمر الثامن لمراجعة معاهدة منع الانتشار النووي والذي بدأ أعماله في مركز الأمم المتحدة في أوائل أيار الحالي واستمر حتى الثامن والعشرين منه كان مناسبة لإعادة طرح مبادرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، بناء على القرار الذي صدر عام /1995/ في مؤتمر مراجعة المعاهدة والقاضي بإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط «إلا أنه لم ينفذ أي شيء من هذا القرار، وخلال مؤتمر المراجعة الحالي، وجدت بعض الأطراف العربية الفرصة للمطالبة بإخضاع منشآت إسرائيل النووية للمراقبة والتفتيش الدوليين من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن المراقبة من قبل الوكالة تقتضي انضمام إسرائيل لمعاهدة الحد من انتشار السلام النووي. ومن المعروف أن هذه الفكرة كانت منذ البداية مرفوضة بالمطلق من قبل إسرائيل، التي تلتزم ما يسمى سياسة «الغموض النووي» بتأييد أمريكي، لكي تبقى الطرف الوحيد ليس فقط المالك لهذا السلاح الخطير، بل ليكون فزاعة ورادع للعرب في صراعهم مع إسرائيل. ورداً على المطالبة بإخضاع منشآت إسرائيل للمراقبة والتفتيش، صعدت إسرائيل من تهديداتها لإيران وسورية ولقوى المقاومة. ولكن الطلب العربي تم الاستجابة له لأول مرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي وافقت بوضع القدرات النووية الإسرائيلية على جدول أعمال اجتماع مجلس محافظيها في السابع من حزيران من هذا العام. ومقابل هذه الموافقة، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك معلناً «إن إسرائيل ستستمر في سياسة الغموض أو (الالتباس)» على حد تعبيره، هذه السياسة التي تعتمدها تل أبيب بغطاء من الولايات المتحدة. ووصف باراك هذه السياسة «بأنها سياسة جيدة ولا داعي لتغييرها» وأوضح أن «ثمة توافقاً تاماً مع الولايات المتحدة بهذا الشأن». وتعتبر إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط ويقدر الخبراء بأن لديها ما بين مائتي وثلاثمئة رأس نووي. وعندما سئل باراك عن إمكانية السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة مفاعل ديمونة، قال: «إن هذا الخطر غير قائم» وأضاف: «عندما التقيت باراك أوباما قبل أسبوعين وغيره من المسؤولين الأمريكان جميعهم، قالوا لي إن جهود نزع السلاح النووي تستهدف إيران وكوريا الشمالية». والمعروف أن إسرائيل توصلت عام /1969/ إلى «تفاهم» مع الولايات المتحدة يمتنع بموجبه المسؤولون الإسرائيليون عن الإدلاء بأي تصريح علني حول قدرة بلادهم النووية ويتعهدون بعدم القيام بأي تجربة نووية، بينما تتعهد واشنطن بعدم ممارسة ضغوط على إسرائيل بهذا الشأن». وحتى دبلوماسيو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدوا إسرائيل ــ وفق معلومات إسرائيلية ــ أنهم لن يمارسوا ضغوطاً على إسرائيل لإخضاع مشروعها وترسانتها النووية لإشراف دولي وإنها (أي الوكالة) لن تجري مقارنة بين البرنامجين النوويين الإسرائيلي والإيراني أو مع أي مشروع نووي لدولة أخرى». ولكن إسرائيل تقرأ كل دعوة لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي، بأنها دعوة موجهة تحديداً لها، لأنها الوحيدة المالكة لهذا السلاح، ومعلوم أن إسرائيل في ظل تفاهم مسبق مع الإدارة الأمريكية حول سياسة «الغموض» النووي طورت «مذهب بيغن» والذي يقضي بمنع أية دولة أخرى في المنطقة من امتلاك سلاح نووي ولو بالقوة. لكي تبقى متفردة بامتلاكه وبحماية أمريكية مطلقة. قبل أربع سنوات، طلبت بعض الوفود العربية في ذروة مؤتمر ميونيخ للأمن من وزير الدفاع الأمريكي في حينه دونالد رامسفيلد بإدراج سلاح إسرائيل النووي على جدول أعمال المؤتمر، فابتسم وقال: إن «كل واحد يعرف بأن إسرائيل تحتاج إلى أن تدافع عن نفسها في وجه مخاطر وجودية». وأنهى البحث في الموضوع قبل أن يبدأ. واليوم يطلق المسؤولون الأمريكيون الكبار تصريحات ملتوية وغامضة حول مسألة الحاجة إلى تجريد الشرق الأوسط بأسره من السلاح النووي، وهي تشبه الصياغات الرسمية التي تخرج مؤخراً عن البيت البيض ووزارة الخارجية الأمريكية، وتتجاهل الولايات المتحدة بنود معاهدة منع الانتشار النووي التي دخلت حيز التنفيذ في /5/ آذار عام م1970/، وانضمت إليها حتى الآن /189/ دولة بما فيها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. وجميعها دول نووية. تقوم المعاهدة على ثلاثة أركان أساسية وهي: منع الانتشار، ونزع السلاح النووي، ودعم الاستخدام السلمي للطاقة النووية. ولم تتوان أمريكا ولا مرة عن سعيها لمعاقبة أي دولة معادية لسياستها العدوانية التوسعية حتى لو كان برنامجها النووي سلمي كالملف النووي الإيراني، ولو كانت إيران حليفة لأمريكا لما افتعلت هذه الضجة الهائلة حول برنامجها النووي السلمي. علماً أن إيران عضو في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، وتخضع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وليس لديها غموض نووي كما هو حال النووي الإسرائيلي. إن معالجة موضوع حظر الانتشار النووي بموضوعية ودون محاباة وانحياز لأي طرف على حساب دول أخرى، بات ضرورة ملحة للغاية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الأكثر سخونة في الساحة الدولية لذلك فإن شعوب المنطقة تشعر بالغبن والخطر من استمرار محاباة إسرائيل وحمايتها حتى من المطالبة بالانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي، مما يعيق جدياً من تطبيق شعار تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من هذا السلاح الرهيب القاتل. إن استمرار سياسة غض النظر عن السلاح النووي الإسرائيلي يهدد السلام والأمن في المنطقة والعالم ويتعارض مع الأهداف التي تتحدث عنها معاهدة منع انتشار السلاح النووي. مما يفقد هذه المعاهدة مصداقيتها ومشروعيتها، إن امتلاك إسرائيل لترسانة نووية بمفردها، يعطي الحق الأخلاقي والسياسي والأمني لكل دول هذه المنطقة في امتلاك السلاح ذاته، لكي يتم التوازن بين القدرة النووية الإسرائيلية، والقدرة النووية لدى دول المنطقة، لكي لا تستمر إسرائيل باستباحة حقوق شعوب المنطقة، فأما نزعه بشكل شامل وإما التوازن بامتلاكه، وفي كلتا الحالتين يصبح الردع النووي عامل لعدم استخدامه. وبما أن إسرائيل وحليفها الأمريكي والغربي الإمبريالية، اختاروا طريق التهديد النووي ضد شعوب المنطقة، فمن السذاجة التفكير بإمكانية انتصار الأمن والسلام، والسلاح الوحيد القادر على ردع إسرائيل المغتصبة للحقوق، هو سلاح المقاومة الذي اثبت التاريخ البشري أنه السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق المشروعة ولحرية واستقلال الشعوب المستهدفة إمبريالياً وصهيونياً!!..


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني