PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الصفعة الإسرائيلية لأوباما.. وما زال الرهان مستمراً

الأصدقاء يختلفون في الآراء أحيانا». هكذا تحدث باراك حسين أوباما الذي «غلى من شدة الغضب»، بحسب ما ذكرت صحيفة «معاريف» 12/3، اثر الصفعة ـ بعض المعلقين سماها البصقة ـ الإسرائيلية في وجه الحليف الكبير المفترض بالإعلان عن بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية ونائب أوباما جوزف بايدن (وهو بالمناسبة يجاهر ويفاخر بصهيونيته) موجود في تل ابيب لغرض الإقلاع بالمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسلطة أوسلو بمباركة جامعة عمرو موسى. ردود الفعل الأمريكية الأخرى من هيلاري وبعض معاونيها أظهرت غضبا أمريكيا، تلاها اتصال بين هيلاري ونتنياهو استمر لخمس وأربعين دقيقة، ولم يكن الإعلان عن الاتصال ومدته بريئا طبعا، إذ سارع الإعلام العربي الرسمي والنفطي والليبرالي بالتطبيل والتزمير لخلاف شديد بين أمريكا وإسرائيل، ولم يعد على العرب سوى أن يستغلوا فرصتهم التاريخية ويلوحوا بمبادرتهم السعودية ـ أعدها للملك السعودي صديقه توماس فريدمان وتبنتها قمة بيروت العربية 2001ـ وحل الدولتين الذي وعد به بوش أصبح قاب قوسين أو أدنى!! وانجرت إلى هذا الضجيج والمراهنة ربما بسبب حسن النوايا أو ضبابية الرؤية صحافيون كتاب من شتى الاتجاهات، والاشتراكيون الديمقراطيون الذين حمّلوا أوباما آمالا عظاما منذ تبوئه المنصب الرئاسي في البيت الأبيض (اقرأ معظم افتتاحيات «النور» التي تناولت هذا الموضوع). حتى الصحف الإسرائيلية أرسلت إشارات تحذير من «حيونة» رئيس وزرائها واستهتاره بمشاعر الحليف الأمريكي ناهيك عن التابع الفلسطيني والعربي، فكتبت هاارتس: «للأزمة الراهنة مع الولايات المتحدة سبب واحد هو إصرار نتنياهو على مواصلة البناء في شرق القدس وعلى إسكان اليهود في الأحياء العربية داخل المدينة وسلب الفلسطينيين فيها منازلهم» وتابعت سلطة أوسلو مسلسل استجدائها لأي شيء تخفي به عورتها وتتعذر به للعودة إلى مفاوضات بلا نهاية بدأت منذ أوسلو وستستمر، إذا بقيت خيارات السلطة هي المتحكمة بالحراك السياسي الفلسطيني، إلى يوم الدين. فأعلن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، أن محمود عباس أبلغ الأميركيين أنّ التوجه إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل «صعب جداً» من دون الوقف التام للاستيطان «وخاصةً أنه يجب إلغاء قرار بناء 1600 مسكن استيطاني في القدس الشرقية»، ان أي رهان على خلاف أمريكي إسرائيلي أو على ضغط أمريكي مفترض على إسرائيل مهما كان نوعه وشدته يدفعنا إلى التذكير ببعض المواقف والحقائق عن العلاقة الصهيونية بالمراكز الامبريالية الرئيسية أو القائدة. فبريطانيا العظمى، التي كانت زعيمة الامبريالية الصاعدة حتى أربعينيات القرن المنصرم، هي من أصدرت وعد بلفور عام 1917، وسلمت فلسطين التي كانت تحت احتلالها للعصابات الصهيونية بعد أن سهلت الهجرة من كل أنحاء أوربا إلى فلسطين.وبقيت سنوات العسل البريطانية ـ ومعها الغرب الأوربي الامبريالي ـ مستمرة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، التي شهدت صعود نجم الامبريالية الأمريكية، وكان العدوان الثلاثي على مصر العام 1956 خاتمة التلاحم الصهيوني الأوربي الغربي، لتبدأ بعدها نقل تحالفها الاستراتيجي إلى زعيمة الامبريالية الجديدة، أمريكا، مع الإبقاء طبعا على صلتها الوثيقة بالامبريالية الأوربية التابعة في قرارها السياسي بعد الاقتصادي للزعيمة الجديدة، والتباينات التي تجري هنا وهناك هي الاستثناء الذي يؤكد القاعدة (لاحظ دور اللجنة الرباعية المشلولة في هذا السياق). والموضوع ليس موضوع رغبات ونوايا وقرارات إدارية، فالصهيونية بما هي تجسيد سياسي لمصالح رأس المال المالي العالمي جزء عضوي من هذا النظام العابر للقارات، وبهذا فان استعمال مفردة التحالف ليس دقيقا في التعبير عن العلاقة بين الصهيونية والامبريالية ـ مهما تغير قادتها وممثلوها ـ بل ان الوحدة العضوية هي التعبير الأصح عن هذه العلاقة. إن معرفة هذه الحقيقة تنأى بنا وبكل من يقرأ التاريخ من وجهة نظر علمية عن الرهان على أي خلاف بين هذين الحليفين المتحدين، الامبريالية والصهيونية، والباقي مجرد تفاصيل. وإذا كنا نعذر جماعة أوسلو والنظام العربي الرسمي، الذي يعيش موته السريري منذ عقود، والليبراليين العرب لأنهم حددوا خيارهم وأصبحوا في خندق الأعداء دون مواربة (ظهر ذلك جليا في عدوان تموز 2006 على لبنان، وفي العدوان الصهيوني على غزة ولا زال يظهر في الحصار المستمر لها) فإننا لا نستطيع ان نغفر لمن لم يزل يرفع يافطات اليسار، ثم يسير في ركب أوسلو أو يطبل لجديد أوباما وخطاباته التي بدأ بها عهدها وأنهاها على سرير نتنياهو. . . ها هي سلطة أوسلو تلحس كل تصريحات أقطابها، وتمهد للقاء يجمع بيريز مع رئيس حكومة التنسيق الأمني مع الإسرائيليين سلام فياض، فقد كشفت صحيفة «الأخبار» اللبنانية 20/3 من مصادر موثوقة أن لقاءً حصل في وزارة الخارجية الفرنسية، تحت رعاية ممثّلة فرنسا الخاصة لشؤون الاقتصاد والثقافة في الشرق الأوسط فاليري هوفنبرغ، تحت عنوان «باريس جيروزاليم»، جمع بالنيابة عن مندوبة فلسطين العامة في باريس هند خوري، المستشارة السياسية في الممثلية العامة في باريس تغريد سنوار شوارتز، إلى جانب عدد من ممثّلي «الجمعيات الناشطة في إسرائيل»، ومنها جمعية «بيت هام» التي أسسها هنري كوهين سولال. واللقاء يسعى إلى الإعداد لمؤتمر في جامعة «باريس ٩ دوفين» الخاصة بالأعمال، يقام لمناسبة الزيارة الرسمية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في ١٣ و١٤ و١٥ نيسان المقبل ويحضره رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وسيكون المؤتمر اقتصادياً فرنسياً إسرائيلياً فلسطينياً. كل هذا يجري ومشاريع الاستيطان تتواصل في القدس والضفة، ومشروع بناء كنيس الخراب على مقربة من المسجد الأقصى على قدم وساق، وقمع الانتفاضة الباسلة التي بدأت شراراتها الأولى ترعب المستسلمين قبل المحتلين يزداد وحشية. لكن الشعوب عندما تستلم مصائرها فإنها لا تعرف التراجع، وإذا كانت أربعة وستون عاما من الكفاح الفلسطيني ضد هذا الكيان لم تفلح في كنسه، فان إصرار الشعب ووحدة قواه الوطنية على برنامج واضح يقوم على اعتماد المقاومة بكل أشكالها طريقا للنضال كفيل بدحر الاحتلال وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، شاء اللاهثون خلف سراب الحلول أم أبوا. وعد الخالد


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني