PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني في المؤتمر الحادي عش للأحزاب الشيوعية العالمية الذي انعقد في الهند

مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني يعيش النظام الرأسمالي في هذه الأيام ذروة أزماته ، فمع تصاعد حدة أزمته المالية (الاقتصادية) تتصاعد بالتوازي معها كل من أزمتيه السياسية والاجتماعية ، فإذا أخذنا النظام الرأسمالي الأمريكي ، كمثال على فشل الامبريالية فإننا نجد أن ضخ مئات بل ألوف المليارات في السوق الأمريكية لم يفلح لغاية الآن في كسر حدة الأزمة ، ولو بإحراز أي بادرة تحسن ، بدلالة أن مئات البنوك ومنها بنوك معروفة ومشهورة قد أغلقت أبوابها ، ومئات من الشركات الكبرى أعلنت إفلاسها ، والدولار يفقد مكانته و يتراجع دوره يوما بعد يوم فاقدا مركزه كاحتياطي لشراء النفط . لدرجة أن أصوات كثيرة بدأت ترتفع وتطالب بعملة بديلة ، فدول كبيرة مثل الصين ، ومع أنها تحتفظ بأكبر احتياطي من الدولار (2 ترليون ) تقريبا ـ ما يعادل نصف احتياطي العالم . بدأت تفكر بعملات أخرى ، ودول أخرى متوسطة وصغيرة بدأت تطالب بنظام مالي جديد ، ومعظم البورصات وأسواق المال المرتبطة بالنظام المالي الحالي ، كلها تتجه مؤشراتها في الغالب نحو الهبوط ولا شك أن ما ينطبق على الولايات المتحدة لا بد وأن ينطبق على كل الاقتصاديات المرتبطة بها. إن كل الإجراءات والتدابير بما فيها تلك التدابير والتي كانت حتى بالماضي القريب تحسب على الأنظمة الشمولية ـ كأسلوب تدخل الدولة ـ لم تجد لغاية الآن فتيلا في كبح جماح الأزمة ، ففي كل يوم يتم تسريح الآلاف من العمال في معظم بلدان المنظومة الرأسمالية ، ثم لا تلبث هذه الشركات أن تعلن إفلاسها ، أو اندماجها مع شركات أخرى تلافيا للإفلاس ، وبعض التصريحات أو التقارير التي تحاول أن توحي ببداية انحسار الأزمة لا تلبث أن تنقض بتصريحات وتقارير مقابلة ومن مصادر أكثر قوة وواقعية ، الحديث عن جوانب الأزمة الرأسمالية الاقتصادية تطول ، ولكن المهم أن تداعيات هذه الأزمة هو الذي سيقودنا لمعرفة أسباب المأزق الاجتماعي الذي يترافق ميكانيكيا مع المأزق المالي الاقتصادي ، فتسريح الآلاف من العمال في أي بلد ، وإغلاق البنوك ، وتقليص سوق العمل ، والتراجع في السياسات الائتمانية ( كما حدث في الولايات المتحدة) عكس مباشرة بآثاره السلبية على معظم النواحي الاجتماعية ( عائلات بدون مساكن ـ بطالة مرتفعة ، تدني هائل في الخدمات الصحية والعلاجية ، تخبط في أداء معظم مؤسسات الخدمات الاجتماعية) ، وإن كان ذلك يتم بشكل متفاوت بين هذا البلد أو ذاك . ولكن كظاهرة عامة يمكن القول بأن أزمة اجتماعية رافقت ولا تزال ترافق الأزمة المالية (الاقتصادية). كما أنه لا يخفى على أحد ، أن هاتين الأزمتين (المالية والاجتماعية) كانتا في الأساس مسبوقتين بأزمة سياسية عانى منها النظام الرأسمالي وفي طليعته الولايات المتحدة ، أزمة سياسية تمثلت في وجهة النظر الامبرياليين الجدد المتعلقة بحاضر ومستقبل النظام العلمي والمعتمدة على أيديولوجية تقسيم العالم لمحاور خير وشر ، دول مارقة ودول غير مارقة ، دول إرهابية ودول معتدلة . كل ذلك في إطار خطة حمقاء للهيمنة على العالم ، خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ووقوع العالم في دائرة القطب الامبريالي الواحد الذي توهم أنه قد حقق نظرية فوكوياما الزاعمة لنهاية التاريخ فانساق في سياسات وعمليات عسكرية مغامرة . شملت معظم دول العالم الثالث بحيث لم تبق منطقة في هذا العالم إلا وأجج فيها بؤر توتر أو أثار فيها صراعات أدخلته في أزمة سياسية وعسكرية كانت هي المقدمة الطبيعية للأزمتين السابقتين (المالية والاجتماعية) . هذا الإيجاز المكثف لأزمات الرأسمالية الثلاث التي سيظل يعاني منها هذا النظام والتي ستؤكد حتمية سقوطه في النهاية ، هي أزمات تقع دائما في صلبه وتنبع من طبيعته العامة ، و لا يمكن له التخلص منها بأي حال من الأحوال ، فعندما تكمن هذه الأزمات في مرحلة من المراحل ، فلأنها تهيئ لدورة كساد جديدة وأزمة قادمة هذا هو النظام الرأسمالي كما يمثله الواقع التاريخي سلسلة من الأزمات المتعاقبة ، تفرضها طبيعته الاستغلالية الساعية دائما وراء الربح لا غير والتي ينبغي أن تحسن استثمارها كل من الطبقة العاملة والحركة الشيوعية العالمية وعلى نتائجها وتداعياتها المحلية والدولية يتحدد دور وموقف كل الحركات التقدمية وفي مقدمتها الحركة الشيوعية والعمالية محليا ودوليا أيضا . وعلى وقعها تستطيع الطبقة العاملة وأحزابها أن تحدد مهام نضالها وطرائق عملها. وهذا ما تفعله الجماهير التقدمية في كل من دول أمريكا اللاتينية ، والعديد من بلدان أسيا وأوروبا وإفريقيا التي تحرز شعوبها المناضلة تقدما ملموسا على صعيد حريتها وتقريرها لمصيرها. ويوما بعد يوم يتعزز دور الحركة الشيوعية والحركات والأحزاب العمالية وتستعيد الجماهير ثقتها بنفسها وبقدراتها النضالية وزخمها الثوري معيدة للبشرية التقدمية ثقتها بالاشتراكية العلمية كنظام وحيد خلاق قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية وتخليص البشرية من كل مآسي الاستغلال الطبقي نظام خال من الأزمات الدورية . إن الوقت مناسب لتشكيل وبناء أممية جديدة تتخذ من الماركسية اللينينية وتراثها العلمي الثوري مرجعية مشتركة وبناءه ، وإن كل الأحزاب الشيوعية والعمالية مدعوة اليوم لبناء وانجاز هذا التجمع الذي به وحده تستطيع الحركة الشيوعية والعمالية أن تحافظ على بقاء وصفاء فكرها وتطوير أيديولوجية عملها في مواجهة كل الأيديولوجيات الأخرى ولبناء وترسيخ أيديولوجيا الشيوعية الماركسية اللينينية. رفاقكم في الحزب الشيوعي الفلسطيني 22/11/2009


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني