PCP

يا عمال العالم اتحدوا

فلسطين: أدوات الهزيمة والهروب إلى الأمام

فلسطين: أدوات الهزيمة والهروب إلى الأمام التخبط السياسي الذي تعيشه قوى المشروع الأمريكي في المنطقة يتجسد أكثر ما يتجسد في السياسات المدمرة للنضال الوطني الفلسطيني التي اتخذتها سلطة أوسلو مؤخراً لأسباب عديدة في مقدمتها: ـ إنها اضعف الحلقات في التحالف الأمريكي الصهيوني الرجعي العربي. ـ الوعود التي تقطعها لمحاوريها الأمريكان والإسرائيليين خلال مسيرة المفاوضات تستلزم منها اتخاذ خطوات ـ فضائح لتأكيد التزامها بهذه الوعود. ـ الطبيعة الطبقية البرجوازية الكمبرادورية لمجموعة أوسلو، مما يجعلها ترتبط بحبل سري بسلطة الاحتلال في مشاريعها الاقتصادية ولا تستطيع قطع هذا الحبل. لهذه الأسباب ولغيرها أيضا نرى فضائح سلطة أوسلو تتوالى منذ اعتمادها على الجنرال الأمريكي دايتون ليس فقط في تدريب وتسليح قواتها الأمنية، بل أيضا في وضع العقيدة القتالية لهذه القوات، مما يبعدها تماما عن أي عقيدة وطنية بما فيها برامج ومنطلقات حركة فتح رغم ما لحقها من تشويه وتقزيم في مؤتمر الحركة الأخير من قبل هذه المجموعة، وصولا الى فضيحة تقرير غولدستون، وأخيرا جاءت الضربة القاصمة بمرسوم أصدره عباس يقضي بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 24 كانون الثاني القادم كردٍّ على رفض حركة حماس التوقيع على اتفاق القاهرة ومطالبتها بتعديل بعض البنود فيها. لم يستطع عباس أن ينزل من الشجرة التي صعد إليها بسحب تقرير غولدستون إلا باستنزاف المزيد من أرصدته المتبقية، رصيده الشعبي الفلسطيني الذي وصل إلى أدنى مستوياته هو ورئيس وزرائه سلام فياض، حتى اضطر الكثير من رموز أوسلو إلى التنصل من مسؤولية سحب التقرير وإدانته والمطالبة بالتحقيق (نبيل عمرو ودحلان وحتى ياسر عبد ربه)، ورصيد الثقة به كمنفذ للرغبات الأمريكية عند الحليف الأمريكي، فاضطر في حركة بهلوانية إلى إعادة طرح التقرير الذي نال تأييد 25 دولة في مقابل معارضة 6 دول، هي الولايات المتحدة وهولندا وسلوفاكيا وهنغاريا وأوكرانيا وإيطاليا، وتحفظت عليه 11 دولة تدور في فلك الولايات المتحدة أو تخضع لضغوطها، وهي البوسنة وسلوفينيا وبوركينا فاسو وأورغواي والكاميرون واليابان وغابون والمكسيك والنروج وبلجيكا وكوريا الجنوبية. في حين كانت تؤيد القرار لدى طرحه في المرة الأولى 33 دولة، ولو استطاع عباس «الصمود» أكثر أمام الضغوط الوطنية لتمكنت إسرائيل وحلفاؤها الامبرياليون من أمريكا إلى أوربا واليابان من سحب النصاب من القرار، لكنه أصبح في وضع لا يحسد عليه اضطر معه إلى التخبط وتشكيل لجنة تحقيق (لم تحقق في شيء ولم تباشر عملها أيضا) ثم الإيعاز إلى ممثل السلطة في مجلس حقوق الإنسان إبراهيم خريشة بالسعي لإعادة طرح القرار وهو ـ عباس ـ نفسه الذي أمره بسحب القرار من التداول. فوق الشجرة مرة أخرى لكن محمود عباس عاد وارتكب خطيئة وطنية اكبر بحجة الاستحقاق الدستوري، وهو إصدار مرسوم بتحديد موعد الانتخابات التشريعية الرئاسية في كانون الثاني القادم، نقول خطيئة وطنية لأنها تكرس وتشرعن حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتجعل حل الدولتين ـ كما صورها رسم كاريكاتوري ـ ليس حل إقامة دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل كما ظلوا يرددون ليل نهار، بل هو حل دولة مسخ في الضفة وأخرى إمارة طالبانية في غزة، مما يدخل المشروع الوطني الفلسطيني في نفق مظلم يصبح معه النضال الفلسطيني مشتتا هنا وهناك إزاء الممارسات الخيانية لسلطة رام الله، وسياسات الظلامية والتفرد في غزة من قبل حكومة حماس التي لم تفكر حتى الآن بتقديم نموذج للوحدة الوطنية حتى على مستوى القطاع رغم التقائها مع القوى الوطنية الفلسطينية الجذرية في مقاومة الاحتلال. الخطوة الجديدة من رئيس سلطة أوسلو هي في الحقيقة ورطة جديدة له، وصعود مرة أخرى إلى شجرة سيبحث لاحقا عمن يساعده في النزول منها ويدفع ثمن ذلك من دماء الشعب الفلسطيني ورصيد سلطته المنهارة، فأي عاقل يدرك أن الانتخابات التي قررها لا يمكن إجراؤها في غزة وربما في القدس أيضا بسبب إصرار نتنياهو على إخراجها من أي مفاوضات للـ«الحل النهائي». إذاً هي انتخابات في حدود كانتونات الضفة الغربية التي تركت له سلطة الاحتلال إدارتها وضبطها امنيا بإشراف دايتون. ولا يستبعد أن يقوم عباس في هروبه إلى الأمام بتعيين نواب القدس وغزة، وبذلك يدق المسمار الأخير في نعش ما يسميه الوحدة الوطنية، صحيح أنه سيكرس الانقسام القائم ويعمقه، لكنه سيدفع بنفس الوقت كل القوى الوطنية الحريصة على وحدة النضال الوطني الفلسطيني إلى إعادة بناء الجبهة الوطنية العريضة التي لن تقبل في صفوفها خدم الاحتلال وشركاءه ومنفذي توجيهاته، أي انها بداية النهاية لأكذوبة أوسلو التي ظلوا يلهون بها الشعب الفلسطيني منذ خمسة عشر عاما. رهانات خاسرة وها هو أوباما الذي تضع السلطة كل رهانها عليه قد تغاضى حتى عن موضوع وقف الاستيطان على بؤسه بالنسبة لأهداف النضال الوطني الفلسطيني. فقد تسربت أنباء عن توافق أمريكي إسرائيلي على الموضوع، إذ نقلت «هآرتس» عن نتنياهو قوله لنظيره الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو خلال زيارة الأخير للمنطقة، إنّ المحادثات بين واشنطن وتل أبيب في موضوع البناء في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، «انتهت». وقال نتنياهو لثاباتيرو: «توصلنا إلى حل موضوع المستوطنات مع الأميركيين. لا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك. إذا كنتم معنيين بسماع المزيد من التفاصيل، فاسألوا واشنطن» وأكد هذه الأخبار دان مريدور، المكلَّف شؤون الاستخبارات، والذي أمضى الفترة الأخيرة في الولايات المتحدة، بقوله أن «البناء في المستوطنات لم يعد موضع خلاف مع الولايات المتحدة، فقد توصلنا إلى تفاهمات على تقييد البناء في المستوطنات». إذاً ليس أمام القوى الوطنية الحية سوى توحيد صفوفها حول برنامج وطني مقاوم يلفظ المساومين والتجار ويواصل المسيرة الكفاحية المشرفة للشعب الفلسطيني وصولا الى أهدافه الوطنية التي تشكل إجماعا وطنيا في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الوطنية المستقلة، أي دحر المشروع الصهيوني وهزيمة حلفائه وأدواته. وعد الخالد


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني