PCP

يا عمال العالم اتحدوا

قمة العشرين.. محاولة للخروج من الأزمة الرأسمالية الخانقة

قمة العشرين.. محاولة للخروج من الأزمة الرأسمالية الخانقة قمة العشرين في مدينة بيتسبرغ الأمريكية، محاولة جديدة للخروج من عنق الزجاجة، فالدول الثمانية الرأسمالية الكبرى إضافة إلى الدول الرأسمالية الأقل تطوراً، التأمت على هامش الدورة العادية للأمم المتحدة للبحث في سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الرأسمالية، التي أخذت تتحول إلى كابوس ثقيل يرهق قلاع الرأسمالية العالمية وكل دولة ربطت اقتصادها بهذا الشكل أو ذاك، بماكينة وآلية رأس المال العالمي الكبير. فالقمة أرادها الكبار في المنظومة الرأسمالية أن تساعد في رسم منظومة مالية جديدة، فرض صياغتها عمق الأزمة ومخاطرها وتداعياتها على الرأسمالية عموماً وتأثيراتها الثقيلة على كاهل الكادحين داخل وخارج الولايات المتحدة وغيرها من الدول الرأسمالية الكبرى، فالبطالة في الولايات المتحدة ذاتها بلغت معايير قياسية فوصلت إلى /10.2/ بالمئة، ومن الصعب التنبؤ بأن هذه النسبة ستتراجع خلال الأشهر القادمة. خاصة وأن انهيارات صروح المال الأمريكي والأوروبي والعالمي ما زالت مستمرة، حتى بلغ عدد المصارف المفلسة في الولايات المتحدة لوحدها /95/ مصرفاً منذ مطلع العام الحالي. ممّا خلق حالة من الاضطراب تسود القطاع المصرفي الأمريكي، والذي جعل رغبات القمة وقراراتها بتجاوز حالة اللا توازن والاضطراب في الاقتصاد العالمي ليست قريبة، كما تحدث قادة الدول العشرين في بيتسبرغ، خاصة وأن السلطات الأمريكية نفسها اضطرت قبل حوالي الشهر لإغلاق بنك «أيروين يونيون بنك» وهو أكبر مصرف بعد أن فقد أصوله المالية البالغة ومعبرة في ودائعه بنحو /32.1/ مليار دولار، لتكون عند الإغلاق بنحو /2.7/ مليار دولار فقط. صحيح أن قمة العشرين اتخذت العديد من القرارات، منها وضع أسس جديدة لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة، والأمل هو لمنع تكرارها مستقبلاً، ولكن ما يشبه هذه الإجراءات كانت تتخذ سابقاً بعد كل أزمة اقتصادية ومالية، ولكنها لم تجد نفعاً وانتهت تلك الأزمات بحربين عالميتين، إلا أن الأزمة الراهنة من الصعب التكهن بإمكانية حدوث حرب عالمية، لأن ليس من ثمة ثورة اشتراكية تهدد الرأسمالية اليوم، كما كان الوضع إبان أزمة الثلاثينات أو قبلها. ولكن الظروف الموضوعية تنضج لتكوين القوى الثورية الضرورية التي لم تبلغ حتى الآن المستوى الضروري للإطاحة بالرأسمالية بسبب التيارات التحريفية والانتهازية داخل الحركة العمالية والشيوعية، وتحول عدد من الأحزاب الشيوعية إلى أحزاب اشتراكية ديمقراطية تشبه أحزاب الأممية الثانية التي خانت قضية الطبقة العاملة، وتبني هذه الأحزاب شعارات وأفكار معادية للماركسية، رغم أنها ما زالت تتحدث عن نفسها بأنها أحزاب شيوعية أو تسميات أخرى لا تمت بصلة للماركسية ــ اللينينية، بل هي تحريف لها وخروج عن مبادئها الثورية. واللافت للانتباه، أن قمة العشرين اتخذت قراراً جديداً بتحويل مجموعة العشرين إلى مجلس اقتصادي عالمي رئيسي، دون إلغاء مجموعة الثماني، التي فشلت، كما هو متوقع، في تلبية احتياجات تلافي الوقوع في أزمة جديدة. وضم المجلس الجديد دولاً ذات اقتصاد ناشئ ومتطور نسبياً كالصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والسعودية وغيرها، أملاً في أن تتحمل هذه الدول قسطاً في التخفيف من شدة الأزمة الراهنة، وتحمل أي طارئ قد يشل الاقتصاد العالمي. ومن المعروف أن العديد من الدول المنتمية إلى ما يسمى الدول الناشئة والغنية بالنفط خاصة، وفي مقدمتها بعض دول الخليج العربي النفطية، ساهمت في التخفيف من أزمة الشركات الاحتكارية الكبرى ولاسيما شركات النفط العملاقة وشركات صناعة السلاح، بشرائها معدات عسكرية بمليارات الدولارات، دون أن تكون بحاجة لها بتاتاً. والسؤال هل بإمكان مجموعة العشرين الخروج من أزمتها الراهنة. والجواب أن الرأسمالية كانت تخرج من أزمتها ومرحلة الركود إما بحرب طاحنة عالمية أو إقليمية أو تبلغ مرحلة الانتعاش مجدداً، لأن القوى الثورية لم تستغل الأزمة لما فيه مصلحة الثورة الاشتراكية. فالرأسمالية ستجد دائماً مخرجاً لأزمتها على حساب الكادحين وعلى حساب نهب الشعوب والدول الأخرى واستنزاف ثروات وخيرات البلدان النامية والأقل تطوراً. وربما هذا ما قصده أوباما في كلمته في ختام القمة بقوله: «بإيجاد قواعد منظمة جديدة للاقتصاد العالمي وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي» وإذا ما قيض لهذا الاتجاه النجاح فإن الشرخ بين الأغنياء والفقراء سيزداد عمقاً وخطورة على الأمن والسلام العالمي الذي تسببه الرأسمالية المأزومة دائماً. نوار خليل


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني