PCP

يا عمال العالم اتحدوا

انتخابات لبنان رغم فوز الرجعية والمال السياسي المقاومة خيار شعبي لا يقهر

انتخابات لبنان رغم فوز الرجعية والمال السياسي المقاومة خيار شعبي لا يقهر انتهت الانتخابات اللبنانية و نال تجمع الكومبرادور والعملاء الاكثرية، وتبين ان هناك وجهان داخلي وخارجي لنتائج الانتخابات النيابية التي ثبتت 14 آذار في موقع الاكثرية، وثبّتت المعارضة في موقعها. لبنانياً، بدت المعركة قاسية وغير مسبوقة. خسرت المعارضة الانتخابات، وبقيت في المعارضة. وربح فريق 14 آذار وبقيت الاكثرية النيابية في يده. ومسلسل المفاجآت انتهى الى صدمة كبيرة في أوساط المعارضة. وكانت التعليقات الاولى وردود الفعل لا تشير الى استمرار الأزمة القائمة الآن، بل تشير الى أن البلاد تقف على مفترق طرق: إما تجديد تسوية الدوحة مع أرجحية لمصلحة الاكثرية، وإما العودة الى ما قبل 7 أيار والذهاب نحو صدام لا أحد يعرف كيف سيكون، وخصوصاً أن الوجه الخارجي لنتائج الانتخابات سيكون له تأثيره الكبير، كما كان له تأثيره في مسار الانتخابات نفسها. وسرعان ما صدرت البيانات والمواقف والتعليقات من الخارج فإسرائيل تنفست الصعداء لأن الحلف الذي يحتضن خصمها الاول في المنطقة، أي حزب الله، قد خسر الانتخابات، وسوف تبني أشياء كثيرة على هذه النتائج، ربما يكون من بينها المغامرة باستعداد عملاني لحرب جديدة على المقاومة، وانضمت الى إسرائيل الولايات المتحدة الاميركية وعواصم غربية ترحيبا بـ«هزيمة حلفاء المحور السوري - الايراني». وسيكثر الكلام عن ضرورة الذهاب الى أبعد من الانتصار الانتخابي وتكريس ذلك في آليات عمل تخص أشياء كثيرة، لكن اهتمام الخارج سيظل بكيفية محاصرة حزب الله وتعطيل سلاحه. ومن الجانب العربي، سيكون «محور الاعتدال»، وفي مقدمه السعودية ومصر الى جانب الأردن ودول خليجية كثيرة، في موقع استثمار هذه النتائج بوجه سوريا بدرجة أولى وبما يخص مواقع النفوذ الاقليمي في سياسات الدول الداخلية، وسيُستثمر بوجه قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، وحتى بوجه من يدعم هذا التوجه، لأنه سيجري التصرف على أساس أن التيار الداعم للمقاومة في لبنان هو الذي خسر الانتخابات. ولعل أكثر المتفائلين في الموالاة وأكثر المتشائمين في المعارضة ما كانوا يتوقعون مثل هذه الحصيلة التي ستخضع ابتداءً من اليوم الى قراءة دقيقة، وخصوصاً من قبل الفريق الخاسر، لمعرفة أسبابها وتداعياتها اللاحقة، لا سيما أن النتائج جاءت مخالفة للكثير من التوقعات والتقديرات التي كانت تملكها المعارضة. ومن الواضح أن قوى الموالاة تمكنت من رفع نسبة المشاركة بصورة قياسية لصالحها، ويبدو أن المغتربين شكلوا ما يشبه «القوة الضاربة» التي نجحت في إحداث الفارق النوعي مع المعارضة، كما ان «التيار الأصولي» شارك بطاقته القصوى في العملية الانتخابية وبالتالي ساهم مساهمة فعالة في حسم المعركة في العديد من الدوائر، وخصوصاً في دوائر زحلة والبقاع الغربي ـ راشيا وطرابلس. ونجح خطاب الموالاة في دغدغة مشاعر شريحة واسعة من الناخبين، عبر التعبئة والمذهبية بمشاركة البطريرك والمفتي تبعاً لطبيعة انتماءاتهم وعصبياتهم مع تدفق اغترابي غير مسبوق على الدوائر الحامية، ترجمه الانفاق الاستثنائي الذي دفعه فريق الموالاة من أجل رفد جبهاتهم الانتخابية بأوسع شريحة ممكنة من المغتربين لتحسين فرص الفوز. ونتيجة الانتخابات جاءت لصالح الموالاة لكن بتدقيق الارقام يتبين ان عدد الاصوات توزع على الشكل التالي: 54.5معارضة مقابل 45.5 للموالاة حيث أن متوسط ما حصلت عليه لوائح المعارضة هو 815 ألف صوت مقابل 680 ألف صوت للوائح الموالاة من اصل نحو مليون ونصف ناخب اقترعوا يوم السابع من حزيران، مما عكس مشكلة مساواة على مستوى التمثيل بين الكتل الناخبة وحصتها من المقاعد النيابية. بالمحصلة فإن نتائج الانتخابات اللبنانية جاءت وفقاً لأمنيات المسؤولين الإسرائيليين الذين سبق أن حذّروا من خطورة فوز المعارضة اللبنانية في الاستحقاق الانتخابي، لكن على الرغم من مشاعر الارتياح والسرور إزاء خسارة المعارضة، أبدى عدد من حكام تل أبيب تحفّظهم وقلقهم من تداعيات هذه النتائج. مصدر هذا القلق هو الاعتقاد السائد لدى المستويات السياسية والأمنية والإعلامية في الدولة العبرية أن خسارة المعارضة لن تـُغيّر شيئاً في موازين القوى الفعلية في لبنان. ويرى هؤلاء أن فوز قوى «14 آذار» قد يحرّر حزب الله من بعض القيود من جهة، ويدفعه للمبادرة إلى نشاطات ضدّ إسرائيل من جهة ثانية. انطلاقاً من هذا المبدأ، يمكن تلمّس محاولة إسرائيلية لممارسة الضغط على دول المحور الأميركي ـ الغربي - العربي، وعلى القوى اللبنانية الحليفة لها، بغية تحريضها لمواصلة الهجوم على حزب الله بهدف استنزافه وشلّ قواه واستكمال «الهزيمة السياسية» لحزب الله بـ «هزيمة ميدانية». وعلى صعيد المواقف التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، رأى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أن «نتائج الانتخابات لا تبدّل شيئاً في كون الحزب يبقى دولة ضمن الدولة، وجيشاً ضمن الجيش يمنع انتعاش الحياة الاقتصادية اللبنانية». بدوره، تطرّق وزير الدفاع إيهود باراك إلى نتائج الاقتراع، وقال، خلال اجتماع كتلة حزبه (العمل) في الكنيست، إن «انتصار المعسكر المعتدل في لبنان يُعدّ علامة إيجابية» أما وزارة الخارجية الإسرائيلية، فقد أصدرت بياناً حدّد المطالب الإسرائيلية من الحكومة اللبنانية الجديدة، ورسم لها أجندتها السياسية والأمنية، حيث جاء فيه أن «أي حكومة (لبنانية) تتألّف، يجب أن تهتم بألا يكون لبنان قاعدة للعنف ضد إسرائيل وضد الإسرائيليين. على حكومة لبنان العمل على تعزيز الاستقرار والأمن على أراضيها، ووقف تهريب السلاح، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمها القراران 1559 و1701». ونقلت الإذاعة عن مصادر حكومية تقديرها أنّ «النتائج الإيجابية في لبنان ستبدو في نظر الأميركيين أنها تعزّز سياستهم باتجاه المصالحة» التي عبّر عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال خطابه في القاهرة. وبالمقابل فان السيد حسن نصرالله أكد «لن تخلي المعارضة الساحة». وهنّأ نصر الله الفائزين معتبراً أنّه يجب عليهم أن يعرفوا أنّهم يحملون الآن أمانة البلد والناس والشعب. وقال إنّ المعارضة تقبل النتائج التي أعلنها وزير الداخلية «أما الطعن امام المجلس الدستوري فهذا شأن آخر، ولكن نحن نقبل النتائج بكل روح رياضية، ونقبل أنّ الفريق المنافس حصل على الأغلبية من مقاعد المجلس النيابي، مع أنّ المعارضة حافظت على مجموع أعضائها السابقين». وأعاد نصر الله الحديث عن إمكان أن تكون الغالبية النيابية غالبية شعبية أو قد لا تكون. وتناول نصر الله ما رافق العملية الانتخابية من إنفاق مالي هائل، وتحريض مذهبي وعنصري، واتهامات وأكاذيب هدفها تخويف الرأي العام وخصوصاً في بعض الدوائر، ومن تدخلات خارجية مكشوفة. وقال إنّ هذا لن يمنع المعارضة من القبول بالنتائج. ورأى نصر الله أنّه بعد انتهاء الانتخابات تبيّن سقوط أكاذيب عدّة سيقت بحق حزب الله والمعارضة، وتناول اثنتين منها. فأشار إلى الخطاب السياسي الذي روّج أنّ المعارضة لن تسمح بإجراء انتخابات، وأنّه إذا أجريت الانتخابات ووجدت أن الأمور تذهب عكس مصالحها فسوف تخرب الوضع وتؤزم الوضع الأمني. وقال نصر الله إنّ هذا الكلام قاله أغلب قيادات الطرف الآخر، وما حصل اليوم يبرهن أنّ هذا الخطاب كاذب. أما الكذبة الأخرى التي تطرّق إليها نصر الله فهي ما قيل عن إجراء الانتخابات في ظل وجود سلاح المقاومة. ورأى أنّه لو فازت المعارضة في الانتخابات لأعادت قيادات الطرف الآخر تناول هذا الموضوع. وأكد نصر الله أنّ هذه الكذبة سقطت إذ جرت الانتخابات «في ظل وجود ترسانة سلاح للمقاومة، ومع ذلك لم يحصل أي إشكال». فالناس انتخبت بكامل الحرية والراحة، ولم ير أحد السلاح. أضاف أنّه تم الانتهاء أيضاً من كذبة تقصير ولاية الرئيس. وتوجّه نصر الله إلى قيادات المعارضة وتياراتها وأحزابها وجمهورها، الذين شاركوا في وضع هدف وطني شريف وهو العمل على إنجاز وتحقيق مشروع على كل الأصعدة. وقال إنّ المعارضة سعت للحصول على الغالبية من أجل خدمة هذا المشروع الإصلاحي لا من أجل الهيمنة على السلطة. وأضاف إنّها بذلت كل الجهود الشرعية للحصول على الأكثرية وواجهت «الحرب الكونية علينا وخضنا هذه المعركة الكبرى». ورأى نصر الله أنّ المعارضة لن تستطيع خدمة مشروعها الإصلاحي من موقع الأكثرية لكن هذا لا يعفيها من خدمته من أي موقع آخر سواء أكانت معارضة نيابية خارج الحكومة أم داخلها «وهذا خيار مفتوح على كل التوجهات». وشكر نصر الله جمهور المقاومة وحزب الله خصوصاً في الدوائر التي لم يكن فيها تنافس انتخابي والتي استجاب فيها الناس للدعوة إلى المشاركة في الانتخابات والدليل على ذلك نسبة الاقتراع العالية، وهو ما كان بمثابة استفتاء على المقاومة. وأكدّ أنّ النسبة في بعض هذه الدوائر فاقت أخرى كانت فيها منافسة حادة أو عالية. ورأى أنّ الناخبين وجّهوا رسالة لكل العالم، هي أن خيار المقاومة خيار شعبي، وبالتالي هذا الخيار هو تعبير عن إرادة هؤلاء الناس. أما الرسالة الثانية التي وجهها الناس برأي نصر الله فهي أنّ «المقاومة ليست قطعة سلاح نناقشها، هذه النقطة نناقشها على طاولة الحوار». أضاف أنّه لا داعي للقلق فموضوع المقاومة، ما دام محتضناً شعبياً، لا أحد يستطيع مناهضة خيار الشعب. زياد حداد


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني