PCP

يا عمال العالم اتحدوا

خمسون عاماً على استشهاد الشيوعي الرمز فرج الله الحلو الشيوعية أقوى من الموت والطغاة

خمسون عاماً على استشهاد الشيوعي الرمز فرج الله الحلو الشيوعية أقوى من الموت والطغاة ولد فرج الله بن اسطفان فرج الله الحلو عام /1906/ من أبوين فقيرين بقرية حصرايل في قضاء جبيل في محافظة جبل لبنان حيث اضطرت والدته للسفر مع اثنين من الأولاد إلى أمريكا الشمالية حيث يقيم أحد أخويها والعمل كبائعة متجولة لمساعدة عائلتها، كان فرج الله أصغر أخوته أهتم به أخوه الأكبر غالب، ولم يتسنَ له الذهاب إلى المدرسة إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكان قد بلغ الثالثة عشر من عمره، حيث التحق بمدرسة القرية المجاورة (جدايل) التي يفصلها عن قريته حصرايل واد عميق، وبعد ثلاث سنوات انتقل إلى مدرسة أعلى في بلدة عمشيت المجاورة. وقد أكسبه اجتهاده في الدروس وتفوقه في المدرسة احترام المعلمين والتلاميذ، إذ حصل على /80/ جائزة من الدرجة الأولى في مختلف المواد الدراسية والامتحانات، ومن مدرسة عمشيت انتقل إلى مدرسة ميفوق للرهبان في أعالي جبال منطقة جبيل ورغم اجتهاده إلا أنه لم يتحمل استبداد إدارة الرهبان فترك الدراسة وعاد لبلدته. في عام /1927/ كان قد بلغ /22/ عاماً من عمره وضاقت ظروفه المعيشية فاختار العمل في مصلحة المساحة التي كانت في عهدة الفرنسيين متنقلاً بين مدن وقرى لبنان وسورية، لكنه كان دائم القلق، قرر في عام /1929/ السفر إلى حمص ليكمل دراسته في المدرسة الإنجيلية والتي تعرف فيها على الشيوعي ناصر حدة من قرية يبرود السورية. ومنها انتقل إلى الكلية الأرثوذكسية في دمشق حيث تمكن من الحصول على الشهادة الثانوية التي تؤهله للدراسة الجامعية، لكنه لم يتابع دراسته الجامعية حيث عمله السياسي في الحزب وتعرفه على باقي أعضاء الحزب وانشغاله عن الدراسة. كان يهوى القراءة ومطالعة الصحف والمجلات والكتب الأدبية حيث قرأ لكثير من الأدباء أمثال جبران خليل جبران وسلامة موسى كتابه عن الاشتراكية وفي مطالعته لمجلة فرنسية قرأ عن لينين والثورة الاشتراكية حيث تأثر كثيراً وصرح بذلك قائلاً: عندما قرأت القصة الأولى عن حياة لينين ونضاله تسارعت ضربات قلبي، وفهمت أية طريق علي أن أختار ... لقد فهمت أمراً رئيسياً وهو أن ضبط النفس والصبر ورباطة الجأش التي تميز بها لينين هي صفات ضرورية للمناضل الثوري. عاد عام /1931/ إلى بلدته واتفق مع ناصر حدة على تأسيس منظمة حزبية فيها، حيث أسس أول منظمة حزبية في حصرايل وانتخب الرفيق فرج الله سكرتيراً لها. سافر إلى الاتحاد السوفييتي عامي /1933 ــ 1934/ للدراسة الحزبية، زار هناك جمهوريات آسيا الوسطى وجمع يومياته في كتاب صدر عام /1937/ بعنوان: «إنسانية جديدة تبني عالماً جديداً». بعد عودته من موسكو قاد نشاط جماهيري واسع أهم ما نتج عنه عقد مؤتمر للفلاحين في جبل لبنان أدى إلى تقديم عريضة حول مطالبهم إلى المندوب السامي الفرنسي. كان ممثلاً للحزب في المؤتمر الوطني الذي خاض معركة الاستقلال عام /1934/. في نهاية عام /1934/ كلفه الحزب بالإشراف على عمل الحزب في منظمة حلب التي قادها حتى عام /1935/. كما أصبح في نفس العام /1935/ عضواً في اللجنة المركزية للحزب. شارك في الإضراب الستيني ضد الاحتلال في دمشق وألقي القبض عليه ورحل إلى لبنان عام /1936/. كان عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري اللبناني منذ عام /1936/. في بداية عام /1937/ انتخب الرفيق خالد بكداش أميناً عاماً للجنة المركزية وأعيد انتخاب الرفيق فرج الله عضواً في السكرتاريا. شارك فرج الله في تحرير صحيفة الحزب «نضال الشعب» ومن ثم «صوت الشعب». ألقي القبض عليه ثانية عام /1939/ بتهمة قيادة حزب محظور (بعد قرار المندوب الفرنسي حل الأحزاب السياسية) وحكم عليه بالسجن /5/ سنوات أفرج عنه عام /1941/ بعد هزيمة جيش فيشي العميل الهتلري ونجاح جيش فرنسا الحرة بقيادة ديغول. انتخب رئيساً للحزب الشيوعي اللبناني عام /1944/ (في المؤتمر الثاني للحزب السوري اللبناني) إلى جانب خالد بكداش الأمين العام للحزب الشيوعي السوري وكانا يشكلان ثنائي متكامل حتى في مؤتمرات الحزب، والذي ظهر جلياً في المؤتمر الثاني للحزب الذي عقد بشكل علني في حي المصيطبة ببيروت بين /31/ كانون الأول عام /1943/ و /2/ كانون الثاني /1944/، حيث قدم الرفيق خالد بكداش التقرير السياسي بينما قدم الرفيق فرج الله التقرير التنظيمي والذي أشاد فيه بالرفيق خالد بكداش قائلاً بأنه منظم نجاحاتنا. بقي الحزب موحداً بسبب الظروف الإقليمية وسيطرة الديكتاتوريات في سورية ولجوء معظم أعضاء الحزب المعروفين إلى لبنان. على الصعيد الشخصي عقد قرانه على ابنة خاله فرجيني الحلو عام /1949/. منذ أواسط الخمسينات عمل في سورية بصفته عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي في سورية ولبنان. وكان مكلفاً بالإشراف على المسائل التنظيمية الحساسة. اعتقل في /25/ حزيران عام /1959/ من قبل مخابرات حكومة الوحدة في الإقليم السوري بعد أن نصبت له كميناً في البيت السري بدمشق (والعائد لصبحي حبل الذي اعتقل قبل شهرين) بوشاية وخيانة أحد الأشخاص الذي كان عميلاً سرياً للاستخبارات ويدعى رفيق رضا. توفي في اليوم الأول بسبب قساوة التعذيب وصموده الأسطوري على يد الجلادين: عبد الوهاب الخطيب ونعسان ذكار ووجيه أنطاكي حيث لم يستطيعوا انتزاع أية معلومة منه، وعندما أدخلوا لعنده الخائن رفيق رضا ليستدرجه باعترافاته بصق في وجهه ناعتاً إياه بالخيانة مما أثار غيظ جلاديه وعبروا عن ذلك باستخدام أقسى أساليبهم الوحشية في تعذيبه حتى فارق الحياة ولم يستطيعوا النيل من صموده، والذي أصبح استشهاده كابوساً ومأزقاً لجلاديه كما في حياته. وفور علم الحزب بنبأ اعتقاله استنفر كافة أعضاء الحزب وقيادته وخاصة الأمين العام الرفيق خالد بكداش الذي قام باتصالاته على النطاق العالمي والمحلي وذلك بتجييش /47/ شخصية يسارية ونقابية عالمية وعربية الذين قدموا إلى الرئيس جمال عبد الناصر مطالبة بالحفاظ على حياته كذلك تدخل كل من الرؤساء خروتشوف وتيتو ونهرو للرئيس عبد الناصر مطالبة الحفاظ على حياته وإطلاق سراحه حيث رد عبد الناصر بأنه لا يقتل شيوعيين ونفى في البداية نبأ دخول فرج الله الأراضي السورية كما نفى اعتقال فرج الله، ثم نفى علمه باعتقاله وبقي خبر استشهاده سراً لأكثر من عام، ولكن الأمر كان منتهياً وخوفاً من افتضاح أمر استشهاده جرى إعادة نبش جثمانه من بستان (سامي جمعة) وتذويب جثمانه بالأسيد ورميه في نهر بردى. حدث هذا في وقت كان الحزب بأكمله ملاحقاً من قبل أجهزة الاستخبارات. وكانت قيادة الحزب وكوادره وأعضاءه الباقون خارج المعتقلات يعملون في ظروف السرية المطلقة. وحول اعتقاله الذي كان يراد منه ضرب الحزب وإضعافه لأنه الحزب الوحيد الذي رفض حل نفسه رغم موقفه الإيجابي والداعم للوحدة من حيث المبدأ ولكن على أرضية جماهيرية صلبة تحقق لها الديمومة كما حددها الحزب في بنوده الثلاثة عشر وحول شخصية الشهيد فرج الله يقول الرفيق خالد بكداش: «كان هذا الرفيق ممتازاً جداً، كان هادئاً دؤوباً شجاعاً اعتقلوه ثم ذوبوا جسده في الأسيد، عندما حصلت الضربة الشديدة ضدنا شكلنا قيادة مركزية سرية لقيادة الحركة الشيوعية في سورية وكان الوضع صعباً جداً في دمشق. كان فرج الله الحلو يأتي إلى دمشق من أجل تحسين العمل السري، أنا كنت في موسكو فأرسلت خبراً مع حسن قريطم ومع يوسف فيصل بالذات وأخبرته أنه ليس من الضروري أن يذهب فرج إلى دمشق خفت عليه ولكنهم أرسلوه من أجل تصفية الأمور ولما سأله الكاتب عماد نداف من أرسله أجاب: القيادة في غيابي كان فيها أرتين مادويان ونقولا شاوي لم يردوا على اقتراحي، جاء فرج الله الحلو إلى دمشق واعتقل، ذهب إلى البيت السري وكان رجال الأمن يعرفون هذا البيت كانوا ينتظرونه في نفس البيت. وهناك من يقول أن رجال الأمن رحبوا به باسمه السري قائلين: أهلاً أبو فياض وهناك من يقول بأنه أصر على الذهاب إلى دمشق لأمور تنظيمية لابد من تصفيتها». وحول الخائن رفيق رضا يقول الرفيق خالد بكداش: شك الرفاق في سلوك رفيق رضا بادئ الأمر فقلت لهم ابعثوه إلينا ونحن نكبسه، كانوا يقولون إنه مشبوه ولكن بعض الرفاق في القيادة قالوا ليس هناك دلائل، اقترحت إرساله إلى رومانيا لقضاء شهر عسل قلت يرتاح ونرى الغلط بعدها، إلا أن رفيق رضا رفض مع أن كل شيوعي كان يرغب في الذهاب إلى رومانيا آنذاك. ازدادت شكوكي عندها سواء عذروه أم لم يعذروه وتساءلت: هل يعني رفضه جاء نتيجة تعليمات من زعمائه الذين يتعامل معهم؟ من المخابرات يعني. لقد خرب رفيق رضا كثيراً وأظن هو كان وراء اعتقال فرج الله الحلو .. أظن هو. وحول وجود العملاء في الحزب أجاب خالد بكداش: إن الأعداء يدفعون عناصرهم داخل الحزب ويحاولون شراء عناصر من الحزب نفسه وهذه عملية مستمرة، يجب اليقظة والحزم، إذا برزت علامة استفهام حول شخص ما يجب إبعاده فوراً. إن مسألة أمن الحزب هي مسألة صعبة مسؤولية أمن الحزب شيء هام جداً. كما حدد الرفيق خالد بكداش الشهيد فرج الله الحلو من أصدقائه المقربين رغم أن العمل الحزبي هو الأساس. الشهيد فرج الله الحلو رمز من رموز الشهادة والبطولة والمبدأ الذي يفتخر به الحزب الشيوعي السوري كما الحزب الشيوعي اللبناني. ألف تحية إلى روحه الطاهرة في الذكرى الخمسين لاستشهاده، وألف وصمة عار على جبين جلاديه القتلة أعداء الحرية والديمقراطية والوحدة العربية. م. فيصل خليل


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني