PCP

يا عمال العالم اتحدوا

حق العودة

حق العودة من يقطع اليد التي لفت الحبل على العنق؟ د. عادل سمارة ــ لعل من مألوف التاريخ البشري، ولو افتراضاً، تكوين إجماع على دعم حق، اي حق، والتمسك بل والنضال من أجله. أما حين يتم إجماع كثيرين، وتزايداً في هذا الإجماع فهو أمر، بل وأمر خطير. هل يليق بحق العودة اليوم استدعاء قول امرىء القيس: " لا صحو اليوم ولا سكر غداً...اليوم خمر وغداً أمر"؟ نعم وأكثر من ذلك. وتطابق الحال أن القاتل في حالة امرىء القيس من داخل البيت وهنا ايضاً! منذ عديد السنين والتدريبات تجري على اغتيال حق العودة، وهي تدريبات بدأت من أفراد، فقوى فدول قطرية ودول عظمى. كما أنها تدريبات اتخذت اشكالاً أميبية كثيرة منها السري ومنها العلني، منها الشفهي ومنها المكتوب، منها الموارب، ويبدو اليوم أنها تتخذ شكلا واضحا ومتحدياً إلى درجة تحمل معها وجوب اعتذارنا نحن عن حق العودة. ليس هذا خيال شاعر، فالاعتراف، اي اعتراف بالكيان الصهيوني الإشكنازي لا يعني في التحليل الأخير إلا أمراً واحداً: "أن فلسطين هي أرض إسرائيل، وبالتالي فالاعتراف يعني وجوب الاعتذار والتعويض للكيان عن كل محاولاتنا تحرير فلسطين، ستكون هذه المحاولات مثابة "اعتداءات" من العرب على الكيان". وإذا كان لنا في الأرض المحتلة، ونحن تحت عيونهم وهم تحت عيوننا، إذا كان لنا أن نقدم راياً أو مشورة، فهي هذه فقط، وإن حدث وحصل هذا العدو على الاعتراف الذي يتم "الطبخ" من أجله، فإن يوماً سيأتي ليطالبنا هذا العدو بالتعويض عن "عدواننا" على "أرضه"[1]. هذا ما نفهمه مما يدور اليوم، في ذكرى النكبة، من تعديلات على المبادرة الرسمية العربية، التي تمت تسجيتها بكل المذلة تحت أقدام الكيان ليركلها مرات بقدمه، لكن جلدها ثخين. واليوم يجري الحديث عن تعديلها لتضم إبلى جانب كل الأنظمة العربية مختلف الأنظمة الإسلامية، ولتسمى "المبادرة العربية الإسلامية" وليس مبادرة الطبقات الحاكمة في تضليل وتشويه مقصودين. إن لم يشهد التاريخ تخاذلاً، وتنازلاً عن حقوق الأمم، فهذه المبادرة هي الأولى في سجل لم يوجد من قبل، ولن يستمر من بعد. فهي أولاً تنازل عن حق مضى عليه قرن، وهي تاتي في اللحظة التي بدأت فيها اقدام المقاومة تعبر حدود فلسطين، وتحقق النصر كبديل لهزائم الدولة القطرية، وهي بدأت في وقت يوسع العدو من تصفيته النهائية للشعب الفلسطيني ليطارد هذا الشعب في اللجوء، وليصادر الأرض، ويطرد من القدس، ويطالب علانية بدولة لليهود وحدهم "دولة قطرية صهيونية كالقطريات العربية"، وليختزل حتى كارثة أوسلو إلى خطة اقتصادية لا أكثر، وهو ما اسميته منذ أوسلو نفسه: "سلام راس المال"، وها هو يتحقق، في هذه المبادرة، أما الآلية العملية له فهي : "مجلس الأعمال الإسرائيلي الفلسطيني" الذي بلغ الثالثة من عمره!. لقد مكَّنت الدولة القطرية ورأس المال الكمبرادوري والريعي ومثقفيهما وساستهما، مكنت الصهاينة وورائهم المركز الراسمالي المعولم دوماً، من تحقيق "قانون العودة"، وبقي أن يقدموا لهم "التعويض"! وعليه نسأل: من الذي خوَّل هؤلاء الحكام مجرد الحديث، فما بالك "المبادرة" فيما يخص الحق الشعبي في فلسطين؟ من الذي انتخبهم ليزعموا تمثيل الأمة في إهداء الحق لعدو الحق! إذا كان هؤلاء قد خرجوا من دائرة الدفاع والتحرير، إن كانوا فيها اصلا، فهذا لا يسمح لهم ببيع هذا الحق! ها قد سِيق حق العودة اليوم وأوقف على خشبة المقصلة، وايدي الدولة القطرية العربية تلف الحبل النجس على العنق الطاهر، يتم هذا اليوم في ذكرى النكبة، حبل المشنقة اليوم على عنق حق العودة بأيدي فلسطينة عربية وإسلامية. ولا داع للقول من يحركها، لكن الأهم هو : من يقطعها! -------------------------------------------------------------------------------- [1] لقد كتبت هذا منذ عام 1991 في كتابي "الراسمالية الفلسطينية: من النشوء التابع إلى مأزق الاستقلال". كنعان


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني