PCP

يا عمال العالم اتحدوا

لبنان والصفعات المتلاحقة للمشروع الأميركي

ليس خافيا على احد كيف حاولت أمريكا جاهدة بالتعاون مع عملائها وشركائها العرب تحويل لبنان إلى وكر للسفير الأمريكي يكون فيه هو الآمر الناهي، والقضاء على حزب الله وتحجيم القوى الوطنية الأخرى. وألقت بكل ثقلها من أجل حشر حزب الله وسوريا في زاوية الاتهام بمقتل رفيق الحريري. جندت أمريكا مجلس الأمن وأدوات الدعاية والإعلام، والضغوط الاقتصادية والأمنية والعسكرية والقانونية من أجل أن يكون الذي قتل الحريري سوريا أو حزب الله، أو قوى قريبة منهما. كان هناك إصرار من قبل أمريكا وإسرائيل ومن في أفلاكهما من العرب على إشعال حرب أهلية في لبنان، وكانت دائما تثور ضجة مفعمة بالتحدي والتهديد مع كل مأخذ ولو صغير على حزب الله، بل إن المآخذ كانت تصنع صناعة وتلفق تلفيقا من أجل جر حزب الله إلى حرب أهلية. لكن الحزب كان دائما حكيما، وعمل جاهدا على التقليل من أهمية الاتهامات والاستفزازات، وجنب لبنان الصراع الدموي. وقد تجلت حكمة حزب الله عندما تجاوز الاستفزاز كل الخطوط الحمراء بمحاولة فرض رقابة على شبكة اتصالات الحزب وإلحاقها بالجيش اللبناني. لقد حسم الأمور خلال ساعتين في 6/7/ايار 2008، وقضى على إمكانية نشوب الحرب الأهلية بسرعة فائقة. وبدأ المشروع الأميركي يترنح بانتصار 2006 ومقاومة غزة الأسطورية وتقهقر الاحتلال الأميركي البريطاني في العراق، ووجدت أمريكا وإسرائيل نفسيهما أمام مآزق جديدة لا يستطع أصدقاؤها العرب تقديم عون جاد لها ،كان آخرها تحرير الضباط الأربعة فهذا الحدث يؤثر سلبا على مجمل السياسة الأمريكية في لبنان، ويضع حلفاء أمريكا في مواقف حرجة وصعبة، وسيؤدي إلى رفع مستوى التأييد الشعبي للمقاومة الوطنية. وفي حيثيات الافراج جاء في قرار القاضي فرانسين: «بناءً على المادة الرابعة من نظام المحكمة والمواد 2 ،17 ،63 ،68 ،101 و102 من القواعد، طلب المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان من قاضي الإجراءات التمهيدية إصدار الإطلاق الفوري إلى الحرية لجميل محمد أمين السيد وعلي صلاح الدين الحاج وريمون فؤاد عازار ومصطفى فهمي حمدان». وكان المدعي العام قد ذكر أنه نظراً إلى الظروف الاستثنائية للقضية سيكون من المفيد إصدار الأمر باتخاذ الإجراءات التي تضمن أمن هؤلاء الأشخاص المحررين. وارتكازاً إلى هذه الخلاصات، ذكر المدعي العام أنه «تطبيقاً للمادة 63، الفقرة (د) من القواعد لا يمكن احتجاز أي شخص كمشتبه فيه لمدة تزيد على 90 يوماً، إلا في حال صدور مضبطة اتهام مصدّقة من قبل قاضي الإجراءات التمهيدية بحقه. ويعتبر المدعي العام أنه لا يمكن أن يتم الاحتجاز الاحترازي لمشتبه فيه إلا إذا كان بصدد اتهامه في أقرب مهلة ممكنة». وبعد دراسة معمّقة لمجمل أجزاء ملف لجنة التحقيق الدولية والسلطات اللبنانية، اعتبر المدعي العام أن المعلومات التي بحوزته في الوقت الحالي «لا تتمتع بالصدقية (PAS SUFFISAMMENT CREDIBLES) لتبرير إصدار مضبطة اتهام بحق الأشخاص المحتجزين». وفي هذه الظروف، تطبيقاً لمبدأ قرينة البراءة، رأى المدعي العام أنه «لا يجوز في هذه المحطة من الإجراءات استمرار احتجازهم». انتهت اذا مرحلة كاملة من الشراسة الحريرية كانت قد بدأت قبل أكثر من أربع سنوات، شبّاناً شُغلوا طوال الليل، على طريقة العمل السري، وهم يحملون من إحدى المطابع لافتات عليها صور الضباط الأربعة التي سرعان ما انتشرت في اليوم التالي بين المتظاهرين المحتشدين في ساحات بيروت. رفعوها عالياً، بينما كان قياديون من 14 اذار يراقبون ردود الفعل، قبل أن يهمسوا في آذان البعض: قريباً سوف يكونون خلف القضبان. وفضح بهذا الافراج الكلام الذي قاله نمور 14 آذار يومها عن «العفوية» التي نسبها هؤلاء إلى الناس لأنهم اتهموا الضباط، ثم جاء القرار بتوقيفهم. كما فضحت العفوية نفسها التي حملت غيرهارد ليخمان (ويصر الاعلام على تسميته ليمان)، الرجل القوي في فرقة ديتليف ميليس، الذي عرض المقايضة على الضباط، قبل أن يقرر رئيسه توقيفهم.وللعلم فإن ليخمان هذا يقود إحدى الشركات الأمنية الخاصة في العراق المحتل المأجورة من قبل الاميركان. الآن تهاوت الروايات التي وصلت إلى إعلاميي الحريري والاعلام الديمقراطي الوهابي ، وإلى سياسيي أمريكا وعملاءها من الذين يقرأون ما يكتب لهم ولا يزالون، وتضمّنت كلّ ما ورد في اتهامات ميليس التي صادق القضاء اللبناني عليها ونفذها، خطوات كان من بينها توقيف الضباط الأربعة. تلك الروايات التي جعلت هؤلاء الضباط مجموعة من العملاء المرتزقة، الذين تجمعوا في عصابة فخططوا ودبّروا وراقبوا ونفذوا دون أن يستعينوا بسائق أو مرافق أو حتى هاتف. مرحلة جديدة إذن بدأها لبنان ستكملها نتائج الانتخابات وتهاوي شبكات الموساد والتي يبدو أنها تتهاوى لان أحدا لم يعد قادرا على تمويلها بعد هذه الازمة العاصفة في الاقتصاديات الرأسمالية بما فيها الاسرائيلية.. جورج الحلو (صوت الشعب في سوريا)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني