PCP

يا عمال العالم اتحدوا

فتح وحماس والقوى الأخرى والثقة المفقودة

فتح وحماس والقوى الأخرى والثقة المفقودة إن عودة الفصائل الفلسطينية للحوار، ورغم المحاولات والتمنيات، فلا توجد بوادر أمل للوصول إلى اتفاق فلسطيني يخرج الساحة الفلسطينية من حالة الانشقاق والانقسام التي تمر بها، رغم التصريحات التي تخرج من هنا أوهناك، ويعود السبب بذلك إلى انعدام الثقة بين الأطراف الأساسية وتمسك كل طرف بمواقفه وعدم التنازل عنها بأي ثمن، ولكن السؤال الذي يراود الجميع ألا وهو: من المسؤول عن إيصال الساحة الفلسطينية إلى الحالة التي وصلت إليها؟ وعلى عاتق من تقع المسؤولية عن هذا الشرخ والانقسام؟ بالتأكيد هناك أجوبة تحمل الكل بالساحة الفلسطينية هذه المسؤولية، ولا تستثني أحدا إطلاقا. فالانشقاق والانقسام بالساحة الفلسطينية لم يأتي عن طريق الصدفة، وإنما هناك عوامل ومقدمات ساهمت بذلك، والناتجة بالأساس عن سياسة تفريطية مارستها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح باعتبارها كانت القائدة والمسيطرة والمهيمنة على القرار الفلسطيني على طول هذه المسيرة، والتي كانت تتحكم بكل صغيرة وكبيرة داخل مؤسسات الشعب الفلسطيني، أما القوى الأخرى التي كان دورها ثانويا، تتحمل مسؤولية بعدم قدرتها وعجزها عن القيام بدور رئيسي بمؤسسات الشعب الفلسطيني مما جعلها اليوم تدفع ثمنا غاليا عن عجزها وضعفها، لمنع حالة التراجع والتدهور بالمواقف الفلسطينية التي تمسكت بها القيادة الفلسطينية ورهاناتها التسووية. فسياسة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ما زالت سياسة تفريطية وتراجعية، قادت الساحة الفلسطينية إلى مزيد من التدهور والانهيار، ومن الخطأ تحميل حركة حماس مسئولة ما آلت إليه الأوضاع، فلولا السياسة التفريطية والتنازلات المجانية للعدو وهيمنة الفساد وإطغاء المصالح الذاتية على المصلحة الوطنية والتنافس على تقسيم الغنيمة والورثة التي تميزت بها الطغمة المهيمنة والمسيطرة على القرار وتحكمها بكل تفاصيل السلطة والمنظمة، هذه السياسة هي التي أوصلتنا إلى ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية الحالية، والتي نعيش بلاويها ومصائبها والتي تهدد كل الانجازات الفلسطينية التي كان ثمنها دما وتضحيات ومعاناة على مدار عقود من النضال. على مدار المرحلة السابقة مارست قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الفلسطينية – فتح، سياسة التفرد والتحكم بالقرار الفلسطيني، ومنعت على كافة القوى الفلسطينية الأخرى أي مشاركة فعلية، وجعلت مشاركتها فقط رمزية بالمؤسسات الفلسطينية وهمشت دورها لتظهرها عاجزة أمام الجماهير، ومارست حركة فتح أساليب غير ديمقراطية لمنع أي قوى فلسطينية أخرى من اخذ حجمها الحقيقي وإبراز دورها ضمن المؤسسات الفلسطينية، وكانت تقول للجماهير الفلسطينية أن هذه القوى اليسارية الموالية لسوريا وليبيا والتي تأخذ من الماركسية اللينينية منهجا لسياستها، هي قوة هامشية مهمشة تعتمد على أجندة خارجية، وان فتح حريصة ومدافعة عن القرار الفلسطيني المستقل، وان حركة فتح ترفض التدخلات الخارجية بالشؤون الداخلية الفلسطينية، وان أي انتصار أو تمثيل أو وصول أي طرف من هذه القوى إلى مراكز القرار تعني الكثير، وان محاربتها ومنعها من الوصول إلى مصادر القرار هي مهمة فتحاوية بظل هذه المرحلة وان فتح هي من أطلقت الرصاصة الأولى وهي رائدة الكفاح المسلح، هكذا تعاملت حركة التحرير الوطني الفلسطيني مع رفاقها ومناضلي الفصائل الفلسطينية الأخرى واعتقد إنها ما زالت. احتكار القرار السياسي على تنظيم كما تعودت عليه الساحة الفلسطينية لا يقود الشعب الفلسطيني إلا إلى الهاوية، والى مزيد من التنازلات والتفريط، وهذا الواقع ما زلت تمر به الساحة، وما زالت الأطراف المهيمنة والمسيطرة على القرار الفلسطيني والناطقة باسم منظمة التحرير الفلسطينية، تداعب الشعب الفلسطيني كأنه طفل رضيع لا يزال يجهل الحقيقة ولا يعرف المصطلحات، وكان فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية للمجلس التشريعي قد أربك الوضع الداخلي الفلسطيني، وبالأخص أصحاب القرار. عندما حاولت كتلة فتح بالمجلس التشريعي السابق، الالتفاف على اتفاق القاهرة بخصوص البند المتعلق بالانتخابات، كانت تهدف بالأساس حسب تقديراتها للحصول على أغلبية ساحقة بالمجلس التشريعي تضمن لها أغلبية تمكنها من تمرير سياسات دون الحاجة إلى القوى الأخرى، ولكن النتيجة كانت عكس كل هذه التقديرات، ولو كانت حركة حماس قد فازت بالانتخابات بالنسب التي اقرها المجلس التشريعي حسب رغبة كتلة حركة فتح فبالتأكيد فان حماس لن تكون بحاجة إلى القوى الأخرى وعلى رأسها فتح لتمرير سياستها وإقرار قوانين على رغبتها. حاولت حركة فتح على مدار الفترة السابقة وضع مفاهيم ديمقراطية على مقاييسها، وفرضتها على كافة القوى الأخرى بالساحة الفلسطينية، وكان انتصارها بحملة انتخابية في جمعية أو نقابة أو نادي أو أي مؤسسة فلسطينية تفوق كل التصورات، فعندما حاولت الحركة بانتخابات البرايمز اختيار مرشحيها لخوض انتخابات المجلس التشريعي اصطدمت بعقم الديمقراطية التي كانت تفرضها بالمؤسسات الفلسطينية لمنع القوى الأخرى من إثبات حجمها الحقيقي بين الجماهير، فاختلفت الحركة داخليا وكانت خلافاتها كبيرة وحصل لها ما حصل من خسارة عمقت من أزمتها، والآن تسعى جاهدة لوحدها من خلال حوارات القاهرة إن تكسر شوكة حماس وهي عاجزة بذلك، وان تصريح غسان المصري القيادي بحركة فتح يوم 27/04 لمعاتبة الفصائل الفلسطينية الأخرى عندما طالبها في بيان " بان تتحمل مسؤولياتها بتحديد موقفها بوضوح تجاه الطرف الذي يعرقل الحوار ويحوله إلى عملية عبثية ، وان تتخلى الفصائل عن مواقفها الوسطية والمجاملة ، لان عدم حسم مواقفها يجعل الجماهير تحملها جزء من المسؤولية ، وان الاستمرار في لعب دور الصليب الأحمر لايؤثر ولا يساهم في الضغط لإنجاح الحوار وتحقيق الوحدة الوطنية التي كانت الفصائل طوال مسيرة النضال الوطني المكون والشريك الفاعل والداعم لها ، لذا فإن الاكتفاء بموقف مناشدة فتح وحماس التوصل إلى الاتفاق لا يرتقى إلى مستوى الدور والمسؤولية المطلوب تحملها من الفصائل" يؤكد بلا شك هذا التصريح إلى حالة العجز التي وصلت إليها الحركة حتى بالحفاظ على ماء وجهها أمام مواقف حماس وتصلبها. بالواقع يطالب المصري من الفصائل الفلسطينية والقوى الأخرى إن تختار بين نهجين، نهج التسوية والتفريط بالحقوق الفلسطينية التي تمارسها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وسياسة التنازلات، حيث فتح اختارت أن تدعم هذه السياسة، أو أن تدعم الفصائل الفلسطينية سياسة المقاومة التي تشكل حماس عمادها وعمودها الفقري، وتحاول حركة حماس أيضا من خلال حواراتها تثبيت مفاهيم ومقاييس ديمقراطية فتح بالمؤسسات الفلسطينية، كذلك يحاول المصري الاستنجاد بالقوى الفلسطينية الأخرى وهو يدرك اليوم انه حركة فتح وحدها لا يمكنها أن تلعب الدور الذي مارسته على مدار عقود وسنوات، ولا يذكر المصري بتصريحه كيف تخلت حركة فتح عن كافة الفصائل الفلسطينية بمنظمة التحرير الفلسطينية عندما وافقت الحركة على أن توقع على اتفاق مكة مع حركة حماس الذي قاد الوطن إلى انشقاق تتحمل فتح كل المسؤولية الكاملة عن ما جرى. استمرار الاستهتار بالقوى الفلسطينية الأخرى وتهميشها، ليست سياسة جديدة تحاول أن تمارسها حركة فتح وإنما هي تجديد لسياستها القديمة لإخراجها من مأزق يهدد وجودها، وهي اليوم أصبحت بشكل عام خارج إطار القرار السياسي الفلسطيني، فالمنظمة مهمشة وملغية، وسلطة رام الله لا تتلقى أوامرها من حركة فتح بظل هذه الأزمة التي تعصف بها، وبقطاع غزة ممنوع عليها ممارسة دورها إلا ضمن ما تمليه عليها حركة حماس، ورجال فتح بكل مواقعهم واختلاف آرائهم يدركون حجم الدمار الذي حل بحركتهم، وهم يسعون جاهدين لترميم ما يمكن ترميمه، ولكن هل يوفقون بذلك؟ إذا راجعت حركة فتح سياساتها السابقة ومفاهيمها ومقاييسها لبناء علاقات داخلية على أسس ديمقراطية تضمن مشاركة الجميع على أسس وطنية ديمقراطية واضحة، ووضوح رؤيتها السياسية اتجاه الاحتلال والحقوق السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني، واثبات قدرتها على معالجة الفساد ومحاسبة الفاسدين الذين يذبحون بها وعدم توفير الغطاء لهم،، مع تأكيدها على أن الاتفاق على منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها هي مهمة أساسية وأولى قبل التوصل إلى اتفاق على سلطة أوسلو، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير حتى لا تبقى قراراتها رهينة زمرة تتلاعب بها وبمصيرها، بالتأكيد ستعيد هذه الحركة ثقة قطاعات واسعة من شعبنا الفلسطيني بدورها النضالي والثوري، كذلك ستعزز من دور حركة التحرر الفلسطيني على قاعدة النضال المشترك والاحترام المتبادل، فهذه هي التحديات التي تواجه الحركة لتعيد الثقة التي فقدتها منذ أوسلو، لتكون قادرة على مد جسور الثقة مع القوى الفلسطينية الأخرى. جاد الله صفا


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني