PCP

يا عمال العالم اتحدوا

منتدى دافوس الاقتصادي العالمي

منتدى دافوس الاقتصادي العالمي اللصوص الإمبرياليون يسعون لإغراق السفينة للنجاةبأنفسهم الصراعات المفتوحة بين الحمائية والانفتاح وخطر الحرب الاستعمارية عاد منتدى دافوس الاقتصادي العالمي للانعقاد للدورة التاسعة والثلاثين تحت شعار «تشكيل عالم ما بعد الأزمة» بحضور /2500/ شخصاً، منهم أكثر من /41/ رئيس دولة وحكومة، إضافة إلى عدد من وزراء المالية والاقتصاد، وحشد من رجال الأعمال ومدراء كبريات الشركات والبنوك العالمية، ومن أبرز الشخصيات التي حضرت: رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الذي ألقى كلمة الافتتاح، ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الصيني وين جياباو، ولم يحضر الرئيس الأمريكي المنتخب بل أوفد وفداً ضم أبرز مستشاريه إضافة إلى مشاركة الرئيس السابق بيل كلينتون ونائبه آل غور. أفق الأزمة..غير منظور مؤسس المنتدى كلاوس شواب حذر من أن نهاية الأزمة لا تبدو في الأفق، وذلك أثناء التحضير لافتتاح المنتدى، وحدد شواب أهداف المنتدى للعام الحالي بخمسة أهداف يغلب عليها الطابع الإنشائي، وإن كانت تخفي الشيطان في التفاصيل، وهي: ضمان النظرة إلى عالم اليوم ككل وبصورة منتظمة ونمطية، دعم الحكومات وخاصة مجموعة العشرين في جهودها لمعالجة الأزمة، إعادة تعريف الأجهزة والمؤسسات لمواجهة التحديات، وضع قاعدة للقيم الأخلاقية في عالم المال والأعمال، واتخاذ قرارات وخطوات عملية ملموسة من قبل الحكومات لتجاوز الأزمة. وفي حوار مع وسائل الإعلام أكد شواب أن الأزمة «ليست أزمة عابرة بل هي أزمة تحولات» وسيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي للفترة القادمة . لذلك يستشف من كلام شواب أن المطلوب حالياً هو إعادة اللحمة لقوى رأس المال العالمي عوضاً عن عقلية النجاة بنفسك لذلك نراه يركز على النظر إلى العالم ككل، وهنا العالم المقصود ليس عالم الشعوب بل عالم طغاة رأس المال، ودعم الحكومات التي تقتطع من أموال الشعوب الحصة الأكبر لدعم الشركات المتهاوية في الوقت ذاته إعادة تشكيل الأدوات القديمة بحلة جديدة لإعادة تعريف الأدوات هو إعادة تشكيل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والأهم إنعاش منظمة التجارة العالمية وهو ما تبين في مناقشات المنتدى لاحقاً، وهي القرارات التي يطالب بها شواب الحكومات لإعادة تشكيل عالم ما بعد الأزمة. النزعة العسكرية.. الخطر الأكبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ألقى كلمة الافتتاح بوصفه ضيف الشرف، دعا فيها لاعتماد سلة عملات بدلاً من الاعتماد على الدولار . هذا الاعتماد الذي صدر الأزمة مباشرة للاقتصاديات الرأسمالية المفتوحة وذلك من خلال تآكل مدخرات الدول، حيث شكل الدولار /63.9%/ من الاحتياطيات العالمية من العملة الصعبة مقابل /25.5%/ لليورو و /4.7%/ للجنيه الإسترليني، وهذا الاعتماد بالذات إضافة إلى الاعتماد على الصناعات الاستخراجية، كالنفط والغاز والمسعرة عالمياً بالدولار، أدت إلى ترنح الاقتصاد الروسي بعد فترة ازدهار قصيرة . بوتين أوضح: «إن الاعتماد على عملة هي في الواقع عملة الاحتياط الوحيدة أمر ينطوي على مخاطر بالنسبة للاقتصاد العالمي، لذا فمن المفيد تشجيع عملية موضوعية تفضي إلى ظهور عدة عملات محلية قوية في المستقبل . لكن بوتين أشار إشارة ذات أهمية بالغة حين حذر من نتائج الاعتماد على «الإنفاق العسكري» كطريقة لإنعاش الاقتصاد، وهذه الإشارة ذات دلالة هامة جداً فالإمبريالية في أزمتها قد تتجه نحو اتخاذ أكثر أشكال حل الأزمة تطرفاً وهي الشكل العسكري من خلال عسكرة الاقتصاد وخلق الحروب والنزاعات المسلحة، وهذا أحد سبل حل الأزمة لكنه أسوأها وأخطرها وربط التحذير من العسكرة بالاستغناء عن الدولار ذو دلالات قد تتجاوز ما بين السطور إلى ما يجري خلف الكواليس، وخاصة أن قوة الدولار مفروضة ليس من خلال القوة الاقتصادية للاقتصاد الإمبريالي الأمريكي بل من خلال الأساطيل والقواعد العسكرية الأمريكية . إيمون باتلر المحلل الاقتصادي في معهد «آدم سميث» البريطاني تحدث عما يجري خلف الكواليس حيث قال: «إن المهم في دافوس ليس المحاضرات التي سيلقيها الزعماء حول الاقتصاد، بل اللقاءات الموازية التي ستعقدها الوفود الرسمية مع الأخصائيين الماليين والاقتصاديين لرسم صورة كاملة واقعية للميدان ومعرفة عمق الأزمة المالية التي تعصف بالعالم . وأضاف: «إن منتدى دافوس فرصة سنوية يستغلها أرباب العمل للضغط على صناع القرار والسياسيين من خلال فرض قوانين تناسب أعمالهم، بالمقابل يسعى رجال السياسة إلى عقد جلسات عمل مع الاقتصاديين لجس نبض الأسواق»؟ وربما لا يكتفون بجس نبض الأسواق، بل والنزاعات المحتملة و «فوائدها»؟! حل آخر للأزمة .. تنسيق بين الكبار على حساب الصغار أنجيلا ميركل اقترحت حلاً للأزمة من خلال إنشاء مجلس اقتصادي للأمم المتحدة يعمل حسب «ميثاق لنظام اقتصادي عالمي» مثله مثل مجلس الأمن، واعتبرت أن المخولين لبحث هذا الميثاق هم دول مجموعة العشرين أي: الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، كندا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، اليابان، جنوب أفريقيا، السعودية، الأرجنتين، استراليا، البرازيل، الصين، كوريا الجنوبية، الهند، اندونيسيا، المكسيك، روسيا، تركيا والاتحاد الأوروبي، أي تجمع كبرى الدول والمراكز الإمبريالية مع الدول سريعة النمو والأسواق ذات الأهمية الاقتصادية والجيو ــ سياسية. وهي بذلك تطالب بإقصاء الدول الفقيرة عن القرار الاقتصادي العالمي، وهي الدول التي تأثرت ليس فقط بالأزمة بل ما زالت مقراً لتصدير الأزمة من المراكز ومورداً للثروات المنهوبة والتي تنعش الاقتصادات الكبرى أثناء أزماتها الدورية والمتكررة، وإن كان مجلس الأمن قد كرس سلطة المنتصرين في الحرب عالمياً، فإن مجلس الاقتصاديين سيكرس لأول مرة في التاريخ سلطة المهزومين والراغبين في الهيمنة بطريقة قطاع الطرق ونحن هنا نتحدث بالتأكيد عن المراكز الإمبريالية الكبرى الثلاث الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، أما الباقي فلولا أهميتهم الاقتصادية والسياسية والجيو ــ سياسية، كما أسلفت لكان تم إقصاؤهم منذ زمن بين الحمائية والانفتاح التدميري ... صراع أساسي وشهد المنتدى أعنف النقاشات حول الحمائية ودور الدولة المتزايد الأهمية حالياً مقابل آراء طالبت بالانفتاح وتحفيزه لإنقاذ السفينة . فبينما تدعو الدول الرأسمالية الكبرى لعدم اللجوء إلى الحمائية وفرض الحواجز الجمركية على تدفق الصادرات نجدها تقوم بذلك تماماً حين يتعلق الأمر بحماية أسواقها، فقد شدد المجتمعون على ضرورة إعادة إحياء جولة الدوحة التي أفضت إلى فشل ذريع في فرض إزالة الحواجز الجمركية أمام بضائع الشركات الاحتكارية وأودت بمنظمة التجارة العالمية إلى الثلاجة، لكن الإجراءات التي يتخذها هؤلاء أنفسهم تتناقض كلياً مع ما يدعون إليه فالدول الأوروبية والولايات المتحدة يفرضون إجراءات مكافحة الإغراق واستخدام الحواجز أمام الصادرات. ففي أوروبا تم استئناف دعم منتجات الألبان وهو إجراء سيكون محظوراً إذا تم توقيع اتفاق الدوحة، الهند زادت التعرفة الجمركية على الصلب، أما روسيا فزادتها على السيارات. بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة حذر من «النزعة التجارية المالية» للبنوك، التي تنسحب من الخارج إلى دولها في أول تباشير الأزمة، أما الولايات المتحدة فهي أكثر من يفرض الحمائية الآن على أسواقها، ولكن بصمت، ومؤخراً رفضت شراء القماش من الصين، وهذا حاجز غير جمركي بل سياسي . ففي الحين الذي يتشدق به أباطرة المال وطغاة الاستغلال بوحدة السفينة وضرورة إنقاذها مجتمعين ودفع الثمن بشكل جماعي، تراهم يتقافزون منها للنجاة بأرباحهم وعلى السفينة السلام. وقد أشار عدد من الخبراء الاقتصاديين الحائزين على جائزة نوبل لمجلة «شبيغل» الألمانية إلى الدور المحوري للدولة في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، وانتقد عدد منهم الليبرالية الاقتصادية التي أدت «لقصور النظام المالي العالمي» وعدم عدالته بالنسبة للفقراء، ووصف أحدهم المروجين لليبرالية الاقتصادية بتعبير: «إن هؤلاء الذين عولوا على قوى السوق كانوا أشبه بشخص أعرج مثير للشفقة. حذار من الاضطراب الاجتماعي … ولم يخفِ أعضاء منتدى دافوس الإمبريالي خشيتهم من الاضطرابات الاجتماعية، فوزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد أشارت صراحة أن هناك خطران كبيران تواجهان أوروبا: الأول احتمال اندلاع اضطرابات اجتماعية، والثاني «اضطرار» الحكومات لاتخاذ إجراءات اقتصادية أحادية الجانب لحماية اقتصادها في تلك الأثناء كان مليونان ونصف المليون من الفرنسيين يجوبون شوارع فرنسا ضد حكومة ساركوزي وإجراءاتها الاقتصادية الأحادية الجانب، في حين هتف المئات من المتظاهرين في جنيف ودافوس ضد المنتدى وحملوا لافتات كتب عليها «أنتم سبب الأزمة . وفي وقت لا يجد فيه كبار الرأسماليين أفقاً لحل الأزمة فإن أفق الاضطراب الاجتماعي واضح وإضرابات الطبقة العاملة في كل أنحاء العالم ما هي إلا تمارين لاضطرابات أكبر وانفجارات أقوى وهذا ما يقض مضجع المستغِـّلين . المنتدى دون جدوى .. لكن الأزمة خطيرة انتهت أعمال المنتدى بالدعوة إلى إعادة بناء النظام الاقتصادي العالمي وتأسيس «مبادرة إعادة الهيكلة العالمية» بهدف إصلاح النظام المالي العالمي وترشيد وعقلنة الحياة الاقتصادية وسوى هذا الكلام فإن المنتدى وباعتراف الكثير من المراقبين جاء دون جدوى ولم يحقق أياً من أهدافه بسبب التناقضات العميقة بين أطرافه وعقلية النجاة التي تحكمهم وهي عقلية حتمية وليست إرادية بتاتاً تفرضها طبيعة النظام الرأسمالي التناحري القائم على المنافسة الشديدة واللهاث وراء الأرباح الأعلى . لكن ما تسرب بين السطور أشار إلى خطورة الأزمة الاقتصادية الدورية الحالية، واتجاهات تطورها المتعارضة، فالتناقضات بين الرأسماليين حالياً إن لم يقم حلها من خلال تدخل الدولة الوطنية لحماية الاقتصاديات الوطنية وخاصة الدول الفقيرة والنامية، وأيضاً تحت ضغط الحركة العمالية والنضال المستمر للطبقة العاملة وقواها وطلائعها الثورية في بلدان المراكز الإمبريالية. إن لم يتم حلها من خلال ذلك فإن خطر العسكرة واندلاع حروب اللصوص الإمبرياليين هو خطر قائم وجدي ويزداد تهديداً كلما تعمقت الأزمة . انتهى المنتدى، وأنهى اللصوص نقاشاتهم دون جدوى، لكن النتيجة التي نتوصل إليها من خلال هذه النقاشات أنه نعم، يجب تشكيل عالم ما بعد الأزمة، لكن دون هؤلاء اللصوص والقتلة. رشيد موسى


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني