PCP

يا عمال العالم اتحدوا

المال السياسي والحركة الثورية العالمية

في العقد الاخير بدأت الدوائر الامبريالية المختصة، تتصرف بوقاحة أكبر في تخريب الحركة الثورية العمالية، وصارت تقوم بشكل مباشر بشراء المرتدين في الحركات الثورية التي تخوض نضالا لا هوادة فيه ضد الامبريالية ومحاولاتها إخضاع العالم ونهبه، فإذا كانت هذه الدوائر تجري سابقا عملياتها وصفقاتها في إفساد الشرائح المناسبة في الحركات الثورية محاطة بسرية وحرص شديدين على عدم إفتضاح هذه الصلات فهي الان وبكل وقاحة تطرح على الملاء دولاراتها ثمنا لمن يريد الارتداد وخيانة المبادىء وطريق النضال.. والذين قبضوا الثمن دون أي وساطة (كاش) وطبعا لم يتغير جوهر الموضوع الذي شخصه لينين واصفا هذه الفئات داخل الحركة الثورية، التي تخون حركتها مهما اختلفت أشكال ممارسة الخيانة والارتداد. يقول لينين : في مقال كيف تستغل البرجوازية المرتدين لم يكن هناك يوما ولا يمكن أن يكون هناك نضال طبقي لا يتحول فيه قسم من الطبقة الطليعية الى جانب الرجعة، وفي جميع البلدان الرأسمالية يفسد قسم من الطبقة العاملة وفئاتها العليا عن طريق رشوتهم وهكذا ينتقلون الى جانب البرجوازية... ولا نبالغ اليوم إذا قلنا أن أحزابا ثورية برمتها ونتيجة لرشوة بعض القادة المتحكمين في قراراتها الذين طرحوا أسهم مواقفهم السياسية للتداول، أمست أدوات تدار وتستخدم من قبل دوائر الاعداء وممثليهم ولنا في جارنا القريب لبنان أمثلة حية وراهنة ، حيث قام تيار المستقبل بشراء أحزاب ثورية فصوتت هي وأنصارها المضللون لعودة الاحتكارات وممثليها من الكومبرادور الى دوائر السلطة التشريعية والتنفيذية. وكذلك الحال في فرنسا حيث تغلغلت في مواقع قيادة هذه الاحزاب العمالية والثورية عناصر باعت ضمائرها وأخذت تروج لسوق جديدة يتم التبادل فيها وفق القانون. وإذا أمعنا النظر الى الجوارأيضا، ألا نجد أحزابا عمالية وثورية في الاردن ومصر وفلسطين تعرضت لنفس حملات البيع والشراء في بورصة المغريات وتبعا لنفس القانون....؟ أما الان فتمنح مقابل كمية معينة من المال تقدم لبعض المتنفذين "الثوريين" المتوافقين مع الاخلاق الجديدة الطفيلية السائدة في روسيا وأكرانيا الين يطلق عليهم بحق ملوك بدون ممالك. فإذا دفعت لهم مبلغ ....كذا، تنال وسام ...كذا، وإذا كان المبلغ أقل تستحق وسام أقل وهناك أوسمة ترضية "على البيعة" يمكن توزيعها على المستخدمين والكومبارس... وبالمناسبة فإن من يعقد صفقات البيع والشراء وفقا للقانون / موقف سياسي = كمية معادلة من المال السياسي / يحرص أشد الحرص على أن يتخذ في باقي المواقف، التي لا يتقاضى ثمنها الوجه " اليسارية المتشددة" والمواقف الثورية البراقة، وذلك لسببين الاول، حفاظا على تسعيره مرتفعة لباقي المواقف المباعة، والثاني ليشكل غطاء ثوريا للفعل اليميني الرجعي الذي يصب في طاحونة البرجوازية والاحتكارات العالمية. يقول لينين: "أن الانتهازيين الاذكياء يدركون وجوب الحفاظ على الالفاظ الثورية لاحزابهم...بل ينبغي عليهم أن يصونوا طابع الحزب العمالي ذو المثل الاشتراكية العليا، لانه عندما يتخلون عن ذلك سينبشق حزب جديد يتبنى البرنامج الذي جمده الحزب القديم." (لينين الانتهازية وإفلاس الاممية الثانية) ولعلنا نلحظ اليوم وبناء على التجارب المعاصرة في الحركة الثورية، أن غالبية من باعوا الضمائر والذمم لا يطرحون جوهر الخلاف مع الثوريين الحقيقيين، بل يجهدون في طرح أي خلاف جانبي أو هامشي يبعد الجمهور عن جوهر الخلاف، كأن يطرح للتداول خلافا يقزم موضوع الخلاف ، إلى الطريقة المستخدمة تاريخيا منذ بدايات الحركة الثورية وهي أن الخلاف : خلاف بين أشخاص وخلاف على تسلم بعض المسؤوليات.... لقد أجاب لينين بوضوح عن ذلك في مؤلفه "الانتهازية وإفلاس الاممية الثانية" قائلا التحريفيون والانتهازيون لا يحبذون إظهار جوهر الخلاف مع الماركسيين الثوررين، بل يسعون الى تصوير هذه الخلافات كما لو أنها ثانوية أو نزعات بين أشخاص، وإذا أمعنا النظر كما أوضح لينين في مغزى السياسية الذي يطرحه الانتهازيون المعاصرون، ألا نجد أنه ينحصر في تمكين الفئات الكومبرادورية من التغلل ليس فقط في الاحزاب الثورية بل وتسهيل سيطرتها التامة، على ساحة فعل هذه الاحزاب لتشل نضالها الطبقي الذي تمارسه ضد البرجوازية في كافة المجالات، أما الافكار القائمة على أساسها فهي على العموم أفكار الاشتراكيين الديمقراطين الغارقة بالضبابية وعدم الوضوح الطبقي المختفي دائما وراء الشعارات الديمقراطية والبرغماتية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التنظيمية. وبالنسبة للصلة بالتيارات الاشتراكية فيلاحظ أنه يترافق وفي آن واحد الطرح الموحد والمتفق عليه لهذه الفئات الانتهازية في كافة الاحزاب المتواجدة فيها، وطبعا مستخدمة أحدث وسائل الاتصال وأسرعها لتوحيد جبهة الهجوم فلا نكاد نتعرف على طرح جديد لمجموعة الانتهازيين المعاصرين في بلد ما حتى نسمع صدى هذا الطرح في بلد آخر وعلى سبيل المثال فقط : أثيرت منذ فترة وتضليلا عن جوهر الصراع الطبقي المحتدم عالميا بدعة جديدة تفيد بأن العالم يعيش حالة صراع حضارات ولم نلبث أن سمعنا بها حتى عرفنا أن الدعوات بدأت لعقد مؤتمرات إقليمية ومن ثم دولية تبحث في هذا الاكتشاف الجديد ، واستنفرت جميع الفئات التحريفية والانتهازية المعاصرة في العديد من الاحزاب لإثارة الضجيج حول هذا الصراع الذي لا توليه الاحزاب الثورية الجامدة الاهتمام اللأق.!! وهل يمكن أن نمنع هذا الضجيج المفتعل لإخفاء الصراع الطبقي، ولقد بين لينين الموقف إزاء مثل هذه الحملات بقوله: "لا يمكن منع ذلك ، كما لا يمكن منع شركة تجارية من إستعمال أي إعلان وشعار، أي دعاية وبيان".(لينين، الامبريالية والانشقاق في الاشتراكية) ولكن من المكن حتما دحض أضاليلهم وأكاذيبهم ومناوراتهم بالعمل الدؤوب والبرهان المقنع .. وأوضح لينين أيضا وفي نفس المقال بأن بعضا من المخدوعين أو المضللين ، غير المنتفعين بهبات ورشوات البرجوازية يمكن أن يعود إلى صفوف الثوريين الحقيقيين، وجزم في الوقت نفسه بأن التيار الانتهازي الذي أفسد بأموال البرجوازية لن يعود الى صفوف الثوريين، إن النضال ضد التحريفية والانتهازية في الاحزاب العمالية والثورية مستمر وتبرهن الكثير من الاحزاب قدرتها في التصدي لكافة الاشكال الجديدة التي تتجلى بها. يجب القول أن أشكال محاربة الشيوعية تغيرت في منطقتنا ، ففي بداية التسعينيات من القرن الماضي كان سعي القوى المعادية طبقيا على تصفية الشيوعية كأسم وأيديولوجيا وتنظيم، وتغير ليس مضمونها فقط بل شكلها أيضا مدعين أن هذا الاسم أصبح غبر جذاب بالنسبة للجماهير كما حدث في فلسطين وتونس إلا أن مجريات الاحداث برهنت أن مبادىء الشيوعية وأسم الشيوعي بما يتجلى فيه من مضمون طبقي وطني وأممي وتراث نضالي غال على أجزاء كبيرة من الكادحين في بلادنا، وهو يتمتع بإحترام كبير تكون تاريخيا لدى الرأي العام الوطني. لذلك فقد غير الأعداء الطبقيون تكتيكهم فعوضا عن السعي الى تغير المضمون والشكل معا، أصبحوا يسعون جاهدين الى تغير المضمون مع الحفاظ على كل العوالم الاساسية للشكل بما فيه (التعابير الاساسية المستعملة) والهدف من ذلك هو أن الاحداث أثبتت بأن وجود الشيوعية كتيار ثوري ضرورة موضوعية للمجتمعات لذلك يحاول الاعداء الطبقيون تكوين الأحزاب الشيوعية المزيفة بإفراغها من مضمونها الثوري مع الإبقاء على الشكليات وبهذا الرداء الشيوعي المزيف يحاربون الشيوعية الحقيقية ، ومن أهم السبل التي أستعملت هي شراء الضمائر بشتى السبل وأغلبها غير مباشر. ويجب القول أن العدو الطبقي أفلح في عدة حالات وخاصة من خلال إعتماده على أولئك الذين حققوا لأنفسم مستوى معيشي يغنيهم عن النضال في سبيل الاشتراكية فهؤلاء أصبحوا معاشيا جزءا من البرجوازية في بلدانهم لذلك فإن قيام المجتمع الاشتراكي ليس فقط لا يعنيهم بشىء بل أكثر من ذلك فهو ضار بمصالحهم لذا كانت الاشتراكية متعارضة مع مصالح هؤلاء المرتدين أو المليونيرية الحمر ، فإن الهدف الاول بالنسبة لهم يكمن في محاربة القوى التي بإمكانها أن تحقق الاشتراكية ، وهي الاحزاب التي نشأوا فيها وهم بسبب عمرهم الطويل داخل هذه الاحزاب أدرى الناس بكيفية تخريبها وتحجيمها وتمزيقها.... إن نمط المعيشة المتلائم مع المجتمع الرأسمالي ومع أخلاق طبقاته السائدة يؤدي إلى التحريفية بالفكر، والانتهازية بالسلوك السياسي إنه ورم سرطاني يهدد جسم الاحزاب الثورية ، فالتحريفية والانتهازية داء عالمي شامل يأخذ أشكالا خاصة حسب الوضع في البلد المعين يستوجب الوقاية والعلاج الدائمين. عن مجلة الوطن (المجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني