PCP

يا عمال العالم اتحدوا

هل هي حرب على الدراما السورية؟!كساد الإنتاج وهجرة الفنانين..

بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها الدراما السورية وانتقال العديد من الفنانين (النجوم خاصة) للعمل في الدراما المصرية أثيرت قضية ما سمي بهجرة الفنانين إلى مصر. ومعروف أن مصر كانت في أواسط القرن الماضي مركز إشعاع فني وثقافي على مستوى البلاد العربية، فمنها انطلق الفنانون السوريون فريد الأطرش وأسمهان ونجاة الصغيرة، واليها التجأ المسرحي الرائد أبو خليل القباني من سكاكين الأصولية الظلامية وحرائقها. . . كما انطلقت منها وردة الجزائرية وعزيزة جلال المغربية والعديد من الفنانين اللبنانيين. . . . لكن مع دخول الدراما السورية سن الرشد في أواخر القرن الماضي، وضخ دماء جديدة من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في عروقها مقابل دخول الدراما المصرية في نفق النمطية والجمود والتكرار والبعد عن الواقع، مع استثناءات محدودة، استطاعت الدراما السورية أن تخترق الأجواء العربية وتصبح بديلا حقيقيا عن المصرية. لكنها تعرضت منذ الموسم الماضي إلى حرب حقيقية متعددة الأشكال والجبهات، جوهرها سياسي يتعلق بنهوض دراما شابة تحمل قيما ورؤى سياسية مختلفة عن تلك التي كانت تسوقها الدراما المصرية العجوز سواء في رؤية التاريخ أو الحاضر خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والحياتية الكبرى التي يتعرض لها المجتمع العربي (فلسطين، الإرهاب، الأصولية، المرأة. ....) أو في مساحة الحرية المتاحة لها في معالجة هذه القضايا التي على ضيقها تعتبر أوسع بما لا يقاس من حدود الرقابات العربية المتخلفة والضيقة. هذه القيم والرؤى لا تناسب سوق التصريف الأساسي للأعمال الدرامية، وهي السوق الخليجية الغارقة في تبعية كاملة والمفتوحة أمام الغزو الثقافي العولمي مع الحفاظ على قشرة دينية هشة وخاضعة لردود فعل تنتج الإرهاب كوسيلة وحيدة في مواجهة هذا الغزو. النتيجة ان هذه الدراما تعرضت لخسارات مادية كبيرة نتيجة هذه المحاربة وأفلس عدد من شركات الإنتاج، ودق الكثير من الفنانين والمعنيين ناقوس الخطر من هذه الحرب. وجاء القرار الرئاسي بشراء جميع الأعمال الدرامية السورية التي أنجزت هذا العام ولم يتم بيعها لأي محطة فضائية من قبل التلفزيون السوري كحل إسعافي. وهذا القرار يعبر عن دعم حكومي حقيقي للدراما كصناعة وطنية ومصدر للقطع الأجنبي ومولد لفرص عمل معقولة من إداريين وفنيين وكومبارس، إضافة إلى دورها في نشر قيم الثقافة السورية الغنية والمتعددة والمنفتحة على ثقافات قديمة وحديثة. ومن المفارقات أن يتم بنفس الوقت الترويج لقرارات رفع الدعم عن المواد الأساسية لحياة الشعب من محروقات وغيرها. وبنفس الوقت الذي تعرضت فيه الدراما السورية إلى الحصار برزت ظاهرة أخرى بدأت بحالات فردية ثم ما لبثت أن تحولت إلى ظاهرة وهي هجرة الفنانين السوريين الى الدراما المصرية وكانت السينما بداية حين شاركت النجمة سلاف فواخرجي في فيلم حليم عن حياة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ مع الفنان الراحل احمد زكي ثم تتالت مشاركات الفنانين السوريين فأصبح جمال سليمان وجومانا مراد وتيم الحسن وسوزان نجم الدين والمخرج حاتم علي وأيمن زيدان وروعة ياسين وغيرهم يأخذون دور البطولة في أكثر من مسلسل مصري، وبأجور لم يسبق أن دفعت في الأعمال التلفزيونية السورية. أليست هذه هجرة جماعية ولنجوم الصف الأول بالتحديد؟ لكن بالمقابل لهذه الهجرة ـ إن صحت التسمية ـ فائدة كبيرة وهي إتاحة الفرصة أمام الموهوبين الشباب لإبراز مواهبهم، واثبات أن سورية ولادة للمواهب وهؤلاء ليسوا استثناء أو صدفة، فشاب مثل قيس الشيخ نجيب ربما لم يكن ليتاح له لعب دور البطولة في مسلسل أنزور «سقف العالم» بوجود كل هؤلاء النجوم، وكذلك باسل خياط في «جرن الشاويش» مع ما اعترى أداءه من ملاحظات. . . .. مهما يكن من أمر فإن السياسة عندما تدخل على خط الإنتاج الفني وتحارب درامانا المحلية عبر تحالف المال الخليجي والإعلام الحريري، مع تواطؤ مصري ضمني تفرضه المصلحة في إزاحة المنافس الأقوى تشكل خطرا حقيقيا على هذه الدراما، ويفترض البحث منذ الآن عن الحلول وسبل تسويق إنتاجنا المحلي المميز في غالبيته، ولا شك أن للمستوى السياسي دور أساسي في هذه المهمة.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني