PCP

يا عمال العالم اتحدوا

أطروحات في بَلشفة الأحزاب الشّيوعيّة الجزء الثّاني. الماركسيّة واللينينيّة

الأمميّة الشّيوعيّة ،اللّجنة التّنفيذيّة الاجتماع الخامس الموسّع ترجمة : عبد المطلب العلمي تدقيق وتنسيق : محمد علي العربي الجزء الثّاني. الماركسيّة واللينينيّة 6. الماركسيّة واللينينيّة لتصبح فروع الأمميّة الشّيوعيّة أحزابا شيوعيّة حقّة في عصرنا وجب عليها أن تتجمّع تحت راية اللينينيّة. من الواضح أنّ اللينينيّة لا تتعارض مع الماركسيّة بأيّ وجه من الوجوه. لينين هو تلميذ ماركس الأميز. دون الماركسيّة لا وجود للينينيّة. لكن اللينينيّة أثرت الماركسيّة بتجربة الثّورات الرّوسيّة الثّلاث، على وجه الخصوص، وكذلك بتجربة عدد من الحركات الثّوريّة منذ مطلع القرن العشرين إلى يومنا هذا. لقد أثرت اللينينيّة مذهب الماركسيّة العام بتطوير القضايا التّالية: 1) نظريّة الإمبرياليّة والثّورة البروليتاريّة؛ 2) ظروف دكتاتوريّة البروليتاريا وآلية انجازها؛ 3) العلاقة بين البروليتاريا والفلّاحين؛ 4) أهمّية القضيّة القوميّة بشكل عام؛ 5) أهمّية وخصوصيّة الحركات الوطنيّة في البلدان المستعمَرة وشبه المستعمَرة بالنّسبة للثّورة البروليتاريّة العالميّة؛ 6) دور الحزب؛ 7) تكتيك البروليتاريا في عصر الحروب الإمبرياليّة؛ 8) دور الدّولة البروليتاريّة في المرحلة الانتقاليّة؛ 9) النّظام السّوفييتي كتسجيد للدّولة البروليتاريّة المعاصرة؛ 10) مشكل الفئات الاجتماعيّة في البروليتاريا ودورها كمصدر للتّجزّؤ في الحركة العماليّة إلى انتهازيّين وثوريّين وغير ذلك من مظاهره؛ 11) التّغلّب على الاتجاهات الاشتراكية الدّيمقراطيّة اليمينيّة، كذلك الانحرافات اليساريّة في الحركة الشّيوعيّة (مرض اليسراويّة الطفولي). لخّص ماركس وإنجلس بشكل أساسي تجربة الحركات الاجتماعيّة في فرنسا وإنجلترا وألمانيا. اللينينيّة التّي نمت من المذهب الماركسي والتّجربة الغربيّة، ناضلت في الصفوف الأولى ضدّ تحريف الماركسيّة من جانب الاشتراكيين الدّيمقراطيّين الغربيّين (نضال لينين ضدّ الانتهازيّة والكاوتسكية على الأخصّ). من جهة أخرى استخدمت اللينينيّة مذهب ماركس واستطاعت أن تلخّص تجارب الحركات الثّوريّة العظيمة في الشّرقين الأدنى والأقصى وإلى شرق حدود روسيا؛ في الصّين والهند، الخ. عصر الماركسيّة الأوّل من «البيان الشيوعي» إلى وفاة ماركس. العصر الثّاني – رجال الصفّ الثّاني من «الماركسيّين» – منذ تأسيس الأمميّة الثّانية إلى بداية الحرب الإمبرياليّة. هذا العصر، خصوصا نصفه الأوّل، له مواطن قوّة: تأسيس المنظّمات الجماهيريّة البروليتاريّة، العمل الثقافي التّنويري، الخ. لكن منذ التّسعينيات بدأت مرحلة تحريف الماركسيّة. وبدأ يتبلور، منذ عام 1907 تقريبا، داخل الأمميّة الثّانية، جناح ثوريّ في الحركة العماليّة العالميّة. المرحلة الثّالثة هي عصر اللينينيّة، وتعود بدايته إلى عشية الثّورة الرّوسيّة الأولى (1903–1904) وحاز على النّصر التّاريخي العالمي عام 1917. دون ماركس لا وجود للينين. لكن بعد ما فعله قادة الأمميّة الثّانية بالماركسيّة، بعد تلك «المراجعة» للماركسيّة التّي قام بها كاوتسكي وشركاؤه تحت راية ماركس (على الأخصّ نضال هؤلاء المرتدّين عن الماركسيّة ضدّ دكتاتوريّة البروليتاريا في روسيا)، يجب القول أنّه دون اللينينيّة، في الوضع الحالي، لا يمكن أن تكون هنالك ماركسيّة ثوريّة. اللينينيّة هي ماركسيّة عصر الرّأسماليّة الاحتكاريّة (الإمبرياليّة). الحروب الإمبرياليّة والثّورات البروليتاريّة، انتصار دكتاتوريّة البروليتاريا في روسيا، صعود الحركات البروليتاريّة والفلاحيّة في كلّ العالم تقريبا، نمو حركات التّحرّر الوطني للشّعوب المستعمَرة وشبه المستعمَرة – كلّ ذلك يشير إلى بداية الثّورة العالميّة. أحرزت اللينينيّة أول انتصار مباشر في بلد ذا أغلبيّة فلاحيّة (روسيا). لكن وكما نمت الثّورة الرّوسيّة من الوضع العام العالمي، كذلك اللينينيّة هي نتيجة للحركة البروليتاريّة العالميّة. وأتمّت تنظيف تقييم ماركس للحركات البروليتاريّة العظيمة في القرن التاسع عشر(الحركة التشارتية، كومونة باريس) من التّحريفات الانتهازيّة، مضيفة إلى تقييم ماركس خبرة الحركات الجماهيريّة النّامية في أوروبا وأمريكا وبقاع العالم الأخرى، آخذة بعين الاعتبار الأهمّية العظمى للحركات الفلاحيّة والقوميّة الثّوريّة التّي أعلنت عن نفسها بقوّة منذ بداية القرن العشرين؛ لقد رفع لينين تعاليم ماركس إلى آفاق جديدة. اللينينيّة هي التطوير المنسجم لفكرة الهيمنة البروليتاريّة في الظّروف التّي تبدأ بموجبها دكتاتوريّة البروليتاريا الحلول مكان دكتاتوريّة الإمبرياليّة. إنّ وجهة النّظر القائلة أن الماركسيّة هي النّظريّة وأمّا اللينينيّة فهي التّطبيق هي وجهة نظر خاطئة. اللينينيّة هي النظريّة والتّطبيق الماركسيّين في مرحلة الإمبرياليّة؛ مرحلة الحروب الإمبرياليّة والثّورات البروليتاريّة التّي ابتدأت بدكتاتوريّة البروليتاريا في روسيا. فأن تصبح الأمميّة الشّيوعيّة منظمة عالميّة تجسّد النّظريّة والتّطبيق الماركسيّين فتلك قضيّة تضعها نصب عينيها. 7. البَلشفة والتّقاليد الثّوريّة لا تتنكّر البَلشَفة لإرث أجيال الثّوريّين السّابقين. فأن تدرس كلّ الأحزاب البُلشفيّة تاريخ النّضال الثّوري في بلدانها وفي البلدان الأخرى إنّما هو أمر له مطلق الضّرورة حتّى تنخرط بوعي في البَلشفة في أيامنا. فمن غير المقبول ألّا يعرف الشّيوعي الفرنسي مؤلّفات لافارغ ولا يعرف النّواحي القوّية في الغيديّة، وأفضل مؤلّفات غيد في تلك الفترة حين كان لا يزال ماركسيّا. ومن غير المقبول ألّا يتربى الشّيوعيّون الإنجليز على روح الاحترام للتشارتيّة، وألّا يعرف الشّيوعيّون الإنجليز أهم وثائق التشارتيّة. ومن غير المقبول أن ينسى الشّيوعيّون الألمان خبرة نضال أفضل أقسام الاشتراكيين الدّيمقراطيّين الألمان في حقبة القوانين الاستثنائيّة ضدّ الاشتراكيين، ومن غير المقبول ألّا يستخدم الشّيوعيّون الألمان أفضل أعمال أوغست بيبيل وويليام ليبكتنيخت ضدّ الاشتراكيين الدّيمقراطيّين. ومن غير المقبول أن ينسى الشّيوعيّون الرّوس، أكثر الصّفحات سطوعا في مؤلّفات بليخانوف حين كان لا يزال ماركسيّا. بَلشفةُ الحزب تعني جعله بواسطة اللينينيّة استمرارا واعيا لكلّ ما كان ثوريّا حقّا وماركسيّا حقّا في الأمميّتين الأولى والثّانية. 8. البَلشفة وبعض الأخطاء النّظريّة في المعسكر الشّيوعي (أخطاء اللكسمبورغيّين على الأخصّ) الاستيعاب الحقيقي للينينيّة وتطبيقها العملي في بناء الأحزاب الشّيوعيّة في العالم، غير ممكن دون الأخذ بعين الاعتبار أخطاء عدد من الماركسيّين المشهورين، الذّين حاولوا النّهوض بتطبيق الماركسيّة في العصر الجديد، لكنهم لم يستطيعوا تحقيق ذلك. يتعلّق الأمر هنا بأخطاء الشّيوعيّين «اليساريّين» في روسيا ومجموعات الماركسيّين الهولنديين (غورت وبانيكوك)، كذلك أخطاء روزا لكسمبورغ. أولئك القادة السّياسيّون هم أقرب إلى اللينينيّة، لكن الأمر الأكثر خطورة هو وجهة نظرهم في النّقاط التّي لا تتّفق فيها واللينينيّة. الآن أصبح أمر بَلشفة عدد من أحزاب الأمميّة الشّيوعيّة بَلشفة حقيقيّة مستحيلا دون تغلّب هذه الأحزاب، على سبيل المثال، على أخطاء اللكسمبورغية التّي، لأسباب تاريخيّة، تلعب دورا كبيرا في حركات تلك البلدان. وفي ما يلي أهم أخطاء اللكسمبورغية التّي لها مغزى عمليّا اليوم: أ) التّناول غير البُلشفي لقضيّة «العفويّة» و«الوعي» و«التّنظيمات» و«الجماهير». فتقييم اللكسمبورغيين الخاطئ الذّي ارتكز على تجربة الحزب الاشتراكي الدّيمقراطي الألماني حال، في أغلب الأحيان، دون توسّع نطاق النّضال الطبقي الثوري ولم يمنحهم إمكانيّة الفهم الصّحيح لدور الحزب في الثّورة بشكل عام. ب) الاستخفافُ بالنّاحية الفنيّة في التّحضير للانتفاضة أعاق تناول قضيّة «تنظيم» الثّورة ولا يزال يعيقه اليوم جزئيا. ت) الخطأ في قضيّة العلاقة مع الفلّاحين. تقترب روزا لوكسومبورغ في مقالها الأخير، الذّي كتبته بعد إخماد انتفاضة السبارتيكيين في كانون الثّاني 1919، من تلمّس خطأها، موضّحة سوء تقدير دور الفلّاحين. فقد أساءت روزا لكسمبورغ تقدير دور الفلّاحين في عدد من مؤلّفاتها السّابقة؛ أيّ أنّها تناولت القضيّة الفلاحيّة بروح غير بُلشفيّة، فقدّمت بذلك تنازلات للاشتراكيين الدّيمقراطيّين. إنّ أخطاء اشتراكية ديمقراطيّة من هذا القبيل متعلّقة بالقضيّة الفلاحيّة وقع فيها، عمليّا، الشّيوعيّون المجريّون والحزبان الشّيوعيّان البولوني والبلغاري زمن وجودهما في السّلطة عام 1923 والمتطرّفين الإيطاليّين وإيديولوجيي اليساريّين المزيّفين في «الحزب الشّيوعي العمالي» الألماني وعددا من فروع الأمميّة الشّيوعيّة إلى الآن. ث) أخطاء روزا لكسمبورغ وعددا من الماركسيّين البولونيّين والهولنديّين والرّوس كانت بنفس الحدّة بخصوص القضيّة القوميّة. إنكار شعار تقرير المصير (الحقّ في تكوين دولة مستقلّة) على أساس أنّه «من المستحيل» في مرحلة الإمبرياليّة حلّ القضيّة القوميّة، أدّى عمليّا إلى العدميّة بخصوص القضيّة القوميّة، مما أعاق عمل الشّيوعيّين في عدد من الدّول للغاية. ج) لقد كانت الدّعوة لحزبيّة النقابات، مثلما أصرّ على ذلك الحزب البولوني لعدد من السّنوات بقيادة روزا لكسمبورغ، خطأ كبيرا يدلّ على عدم فهم دور النقابات كمنظّمات تضمّ جميع الأجراء. خطأ كهذا أعاق بشكل حادّ ويعيق الطليعة من السّير الصّحيح تجاه الطبقة بأسرها. والخطأ الذّي وقع فيه جزء من الشّيوعيّين الألمان، قبل مؤتمر الحزب في فرانكفورت عام 1924 بخصوص قضيّة النقابات، كان خطأ مماثلا. إذ تشيد الأمميّة الشّيوعيّة بعظمة أعمال روزا لكسمبورغ، كواحدة من مؤسّسي الأمميّة الشّيوعيّة، فإنّا متأكّدة من أنّها ستعمل انطلاقا من روح روزا لكسمبورغ في النّضال، مما سيساعد أحزاب الأمميّة الشّيوعيّة على أن تستخلص الدّروس من أخطاء هذه الثّوريّة العظيمة. دون التّغلّب على النّواحي الخاطئة للكسمبورغية، فإنّ البَلشفة الحقّة مستحيلة. فقط اللينينيّة يمكنها أن تكون بوصلة لجميع الأحزاب الشّيوعيّة في العالم أجمع. فكلّ من يحيد عن اللينينيّة يحيد أيضا عن الماركسيّة. كذلك يجب النّضال ضدّ جميع الانحرافات عن اللينينيّة في مجال ما يسمى «النّقاء النّظري» والفلسفة ونظريّة الاقتصاد السّياسي، الخ. نلاحظ في عدد من الأحزاب عدم الاهتمام الكافي بالنّظريّة. ويعتبر هذا عقبة كبرى على طريق البَلشفة الحقّة لأحزاب الأمميّة الشّيوعيّة. فأينما يقوم التّسامح مع الانحرافات النظريّة وغيرها لا يمكن الحديث عن بَلشفة حقيقيّة للأحزاب. فاستيعاب النّظريّة اللينينيّة هو مقدّمة لنجاح بَلشفة الأحزاب. التّروتسكية على الأخصّ هي انحراف خطير عن اللينينيّة؛ إنّها أحد أشكال المنشفيّة، تمزج بين الانتهازيّة «الأوروبيّة» والجملة «اليساريّة الرّاديكاليّة»، التّي غالبا ما تخفي السّلبيّة السّياسيّة. وليست التّروتسكية انحرافا منعزلا نحو المنشفيّة بل نظام عمره سنوات من الصّراع مع اللينينيّة. وليست التّروتسكية ظاهرة روسيّة فقط، إنّها ظاهرة عالميّة. ويعني تطبيق اللينينيّة في الأمميّة الشّيوعيّة فضح التّروتسكية في جميع الأحزاب وتصفيتها كتيّار.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني