PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الأرهاب ومشروعيته بالمنظور الطبقي

رغم كثرة الحديث عن الإرهاب إلا أنه كمفهوم بقي عائماً بقصد، وذلك خدمة لأغراض ومصالح مستخدميه، فأكثر من يستخدمه في هذا العصر كمفهوم مبهم يصل حد التناقض هو الإمبريالية وأدواتها تبريراً لسياساتها في كافة المجالات. فلو افترضنا تعريفا للإرهاب فيمكن القول أنه " كافة أشكال الضغوط الممارسة بحق الفرد والجماعة والمجتمعات وانجازاتهم المختلفة والهادفة لسلب الإرادة الحرة والمدمرة للإنسانية". لا يستطيع أي فرد إنكار واقع الانقسام الطبقي في المجتمعات وواقع الصراع الطبقي، لذا نستطيع القول أن مفهوم الإرهاب هو مفهوم طبقي وسيبقى كذلك ما دام الإنقسام الطبقي موجودا، ذلك لأنه مرتبط بالصراع الطبقي ولا يختفي إلا باختفائه لأن الضغوط الممارسة على الفرد والجماعة والمجتمع تهدف بالأساس إلى تكريس واقع طبقي جبرا وتعزيز ما هو قائم، أو لخلق واقع جديد خدمة لمصالح هذه الطبقة أو تلك ضمن قانون الصراع. ففي خضم الصراع الطبقي تبرر الإمبريالية وأعوانها استخدام هذا المفهوم لتكريس سيطرتها وإدامتها، لذلك فهي أول الممارسين له فعليا، وكما قال لينين " إن الدولة البرجوازية هي أول من يبدأ باستخدام القوة والعنف" والعنف هنا لا يقصد به القوة المجردة بل هو الشكل الأكثر سفورا من أشكال الضغط الممارس على الفرد والجماعة والمجتمع، فقد يكون الضغط بأدوات أخرى كالإعلام وممارسته لفرض سياسة اقتصادية، فجميع أجهزة الدولة البرجوازية تعمل كخلية نحل واحدة لهدف واحد هو إدامة سيطرة طبقة ضد أخرى لتعزيز سلطتها وسيطرتها ونهبها للثروات والسلطة ذورة الأدوات المنظمة للقمع والسيطرة طبقياً. وهنا لا بد من التفريق بين الضغط بأشكاله الذي تمارسه دولة البرجوازية وافرازاتها الهرمية الممثل بالإمبريالية العالمية وأخطبوط سيطرتها الدولية وأدواته التي تفرض هذه السيطرة عبر سياساتها على مستوى العالم وتحدد سياسات تابعة للفرد والجماعة والمجتمع هذه السياسة التي تخدم مصالح الاحتكارات العالمية وتأبيد سيطرتها في نهب الثروات والقيمة الزائدة التي تنتجها الطبقة العاملة على سطح هذا الكوكب. لذا نستطيع القول أن هذا المفهوم للإرهاب الذي تقوده الإمبريالية وتمارسه لا يخضع لمعايير شرعية أو أخلاقية انسانية بل هي شريعة الغاب التي تحط من هذه القيمة وذلك لارتكازها على إدامة عيش فئة ضئيلة جدا وطفيلة من المجتمع على حساب الغالبية الساحقة من المجتمع الانساني هذه الغالبية التي هي منتجة الخيرات المادية. وهنا نرى أن لا أخلاقية ولا انسانية في هذه السياسة لأنها تكرس الظلم واستغلال الانسان لأخيه الانسان وبالتالي فقدان العدل المجتمعي وتكريس لشرعية البقاء للأقوى في الوقت الذي تسيطر البرجوازية على كافة مقدرات القوة الجبرية. أما المفهوم الآخر للإرهاب وهو الشرعي والأخلاقي، والذي لا بد من استخدامه في الصراع الطبقي وجبراً لأن الطبقة المقابلة للغالبية المنتجة للخيرات لا تتنازل عن ملكيتها وأدوات قوتها طواعية بل مكرهة. وتنبع شرعية وأخلاقية الإرهاب الذي تمارسه الطبقات المسحوقة بحق طبقة المستغلين، من أنه يمارس من طبقة تشكل غالبية سكان هذا الكوكب فهم يمثلون 84% ولا يجوز سوى 4% مما ينتجون لذلك فهم يسعون لاقامة مجتمع العدالة الحقة وتحقيق حلم الانسان الأبدي بالمساوة في مجتمع يختفي فيه استغلال الانسان لأخيه الانسان، وهذا الارهاب الشرعي الذي نسميه كماركسيين العنف الثوري، واخلاقيته تنبع من كونه يدعم صيرورة حركة التاريخ. قد يقول قائل أن حصر مفهوم الإرهاب بهذه الصيغة الطبقية هو خنق للمفهوم وحصره في بوتقه هو اكبر منها بكثير، إن هذا القول صحيح إذا ما أردنا تعداد مظاهر هذا المفهوم وتجلياته في المجتمع الانساني ومثال هذه المظاهر والتجليات العنف ضد المرأة والأسرة.....الخ، إن الارهاب كفهوم متمثل بالعديد من المظاهر والافرازات في الكثير من جوانب الحياه المجتمعية، وحديثنا هنا بالجذر وليس الفرع، وإذا ما اردنا الحديث عن كل هذه الإفرازات والمظاهر فلا يتسع المجال هنا للحديث عنها، ولا يمكن القول فقط انها افرازات الواقع الطبقي ومن يتحمل مسؤوليته هي الطبقة المسيطرة في المجتمع وكافة هذه المظاهر مرتبط بوجودها وموقعها، واختفاء المفهوم ومظاهره وافرازاته مرتبط بالصراع الطبقي وانقسام المجتمع بين من يملك ومن لا يملك، من بيده السلطة وفاقدها، لذلك فإن بناء مجتمع العداله والمساواه "المجتمع الاشتراكي" سيبنى على أسس مغايرة تماماً (وليسن في كلي) للواقع الحالي الذي وصفه لينين بقوله " أن أسس العلاقة المجتمعية القائمة حالياً هو أساس اقتصادي لكن مغلف بغلاف اجتماعي" ولدينا مثل عربي يؤكد ذلك وهو أنه " إذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك" وهذا يعني ببساطة أن أساس العلاقة الانسانية في واقع الانقسام الطبقي هو أساس مادي وهو المتحكم والمسيطر في بناء العلاقات الانسانية لذلك فإن بناء المجتمع الإشتراكي هو تحرير هذه العلاقة الانسانية لتتراجع القيم المادية للخلف (وليس نفيها) مفسحة المجال أمام ترسيخ العلاقات الانسانية الحقة وليصبح شعار لينين للمجتمع الشيوعي "من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته" واقعاً يحرر الانسان من الإرهاب والضغط الذي يكبله من ممارسة هذه الانسانية. الرفيق ابو يوسف (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني