PCP

يا عمال العالم اتحدوا

“جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين

في الموقف من الجنس أيضاً، اليسار يواجه اليمين، الإنسانية تواجه أخلاقيات "التجارة الرابحة"، وتواجه الدعارة بشقيها المتعاضدين: الرأسمالية والدين. لطالما أطلق الإسلاميون ،بشتى تلاوينهم، سهام الاتهامات “الأخلاقية” على اليساريين، ولطالما صرفوا شهادات العهر والدعارة لهم، وتبرعوا بصرف صكوك الغفران وإعادة الضالين إلى رشدهم واستتابتهم. باسم المقدس حارب الاسلاميون، وغطوا دعارتهم باسم النص والفتوى، وفي الوقت ذاته لم يقدم اليسار الرائج النموذج المضاد المتماسك، وهذا عملياً ما نحاول فعله هنا! الدعارة في الجنس، هي أن تقوم علاقة جنسية بين طرفين يكون دافعها الأساسي هو وجود مقابل ما “مالي- مصلحي” يتلقاه أحد الطرفين أو كلاهما، وهذا الدافع ليس بذي صلة بجوهر العلاقة الجنسية. هذا المعيار يضم العديد من الأمثلة والحالات: ما تمارسه وكيلة ال CIA على فراش “المناضل” السياسي للحصول على المزيد من المعلومات هو دعارة، عقد الزواج الرسمي مع إمرأة لغايات تقوية العلاقات مع أطراف سياسية أخرى “دول-قبائل-عشائر- ….إلخ” هو دعارة و تتغلف في إطار شرعي أو قانوني، عقد الزواج الرسمي مع امرأة من باب حمايتها من اللجوء أو نتيجة لسبيها هو أيضاً دعارة، إرسال “المجاهدات” ( وفي حال تم إطلاق هذا اللقب عليهن، ف “غانيات” النوادي الليلية يحق لهن نيل نفس اللقب، فكلا الطرفين يمتلك جوهراً واحداً في الدافع، لذلك لا معنى من تغيير المسميات، إما أن نسمي الطرفين “مجاهدات” أو أن نسمي الطرفين “غانيات، “بائعات هوى”، أو ماشئتم من التعابير الرائجة) إلى ملهىً ليلي مفتوح على طول الحدود السورية التركية هو الدعارة الكبرى. أثارت الفتوى الصادرة عن العريفي أصداءً واسعة، فإجازة عقود زواج مؤقتة مع نساء “مجاهدات” قد لا تتجاوز الساعة أحياناً لهؤلاء “المجاهدين” غير المتزوجين أو المتزوجين المنقطعين عن زوجاتهم، أثار غضب فئات شعبية كثيرة، وفي الوقت ذاته استفز العديد من الأسئلة حول الموقف الديني من الجنس، نصاً وممارسةً. دعونا من البنود الأخلاقية الزائفة للأشياء ، والتي تطبع على الورق فقط، لننتقل إلى الحاضنة (البنية الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والسياسية المطروحة في الاشتراكية والرأسمالية والدين)، حاضنة الفعل، وفي هذه المرة حاضنة فعل الجنس، الحاضنة على أضلاع مثلث الرأسمالية والاشتراكية والدين. الحاضنة الأساسية لفعل الجنس في الرأسمالية هي الربح، ففي الوقت الذي استخدمت فيه نظريات فرويد الجنسية في التسامي لصالح أصحاب المصانع (أن الإنسان لا بد له أن يتسامى عن فعل الجنس لصالح العمل المنتج في المصانع، مما يبرر العمل ل 18 ساعة يومياً) ، تظهرت نظريات أخرى في الرأسمالية نفسها، ومن باب نفس الدافع (زيادة الربح والإنتاجية)، وهي الحرية الفردية من المنظور الضيق تماماً، الجنس في موقع العمل “sex in workplace”، لا داعي “للتسامي” بعد اليوم، ستخصص أماكن في الشركات الكبرى لممارسة الجنس بين زملاء العمل، وسيفتح الباب لممارسته في المكاتب لحساب زيادة الربح، وزيادة الإنتاجية. جهاد النكاح هو sex in workplace ، إرسال “المجاهدات” إلى موقع عمل “المجاهدين” لإفساح المجال لهم بإنجاز المهمات المطلوبة، لزيادة الإنتاجية، ولزيادة الربح في الدنيا والآخرة معاً، ولربما أن تشيؤ أو تسليع الجنس في حالة “جهاد النكاح” هي أكثر وضوحاً، فالمجاهد سيبدأ بممارسته الجنسية دون حتى الحد الأدنى من مقدمات كماسوترا التي قد يهتم موظف الشركة الكبرى في قراءتها. من يمتلك موقفاً معادياً لجهاد النكاح، لا بد له أن يتخذ موقفاً معادياً “للسبايا”، فكلاهما ضحايا الفكرة الرأسمالية الجديدة المغلفة هذه المرة بالمقدس، هم ضحايا “sex in workplace”. في الاشتراكية، حاضنة أخرى من نوع آخر، وهذه الحاضنة هي نتاج الأسس التي انطلقت منها الاشتراكية في تفسير المجتمعات ووضعها للمسألة الطبقية في قلب الأفكار، رسائل ليينن إلى أنيسا أرماند حول الحب الحر، قد تكون نموذجاً جيداً للتداول والنقاش، الحب القائم على التحرر من الهموم المالية والأطماع المالية كذلك، والقائم على تجاوز السلطة الأبوية والقرارات المسبقة الدينية، هكذا يتشكل وعي جنساوي جديد، باختصار لأن حاضنته مختلفة! لقد اكتشفت الرأسمالية أن تسامي فرويد غير كاف لقمع الناس وتحويلهم إلى آلات، لذلك رأت في تحويل الطبقة العاملة إلى طبقة هستيرية هو الحل الأنسب، هستيرية مدمنة على شطط البرجوازية نفسها في الموسيقى والفن غير التعبيري، والجنس كذلك. ولقد تمكن الدين من إضافة نكهة المقدس للربحي، فاكتمل المشهد الديني – الرأسمالي في الموقف من الجنس. في عالمنا يستيقظ الليبراليون ويتساءلون “لمن هذه السيقان بالضبط؟”، وفي عالمنا تأخذ جبهة النصرة قسطاً من الراحة بين ساقين تجهلها تماماً، ولا تنتظر “أن يؤدم بينهما”، وفي عالمنا رسائل ما زالت مكتوبة عن الحب الحر بين لينين وأنيسا أرماند، تقف فيها الإنسانية أمام المرآة الحوار المتمدن


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني