PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الطبقة العاملة ومسألة السلام

ليست لحربائية النظام الرأسمالي حدود، الذي كلما تناقضت قيم إنسانية كالحرية مع تطوره ومصالحه إلا وداس عليها وتنكر لها وإن لا يكف عن إلقاء دروس القديسين والوعاظ عنها، ومن ذلك تجديفه ومسحه الأرض بلفظة وقيمة "السلام" أحد أهداف نضال الشعوب الرازحة تحث نير الاستغلال وإحدى مهام الطبقة العاملة المنوط بها تحقيقها ، فالرأسمالية الامبريالية لا تنقصها الوقاحة والصلف لعقد مؤتمرات "سلام" وإطلاق مبعوثي "سلامها" في كل البقاع، لا تسبقهم إليها إلا طائراتها ومدمراتها الحربية. ولا غرابة هنا امام منسوب الحربائية المرتفع هذا أن ينال جزار قانا اللبنانية شيمون بيريز جائزة نوبل "للسلام" ،وان ينال داث الجائزة بارك اوباما نظير جهود طائراته النفاثة في تدعيم بنيان السلام بقنابلها من كل طراز ولون في أفغانستان والعراق وغيرهما، ولعل فلسطين التي يراد فصل كفاح تحررها عن نضال شعوبنا الطبقي ضد الأنظمة الكولونيالية التبعية خير مثال عن التناقض الصارخ بين "السلام" والنظام الرأسمالي الامبريالي ككل، فاحدهما بالضرورة ينفي الآخر "فسلام الشجعان" حاله من حال "سلام الجبناء" فالأول وان استطاع عرفات ان يحشد له الساقطين في وهم السلطة والثاني الذي كان حبل مشنقة السادات كلاهما لم يؤديا إلا إلى نتيجة واحدة – وإن كان الاثنان في ميزان التاريخ لا يختلفان الا في درجة مقياس الجبن - : كثير ثرثرة عن "السلام" والسكين والنهب يعملان في جسد هذه الشعوب والأوطان بما يطيل أمد عيش الرأسمالية التي جعلت من "إسرائيل" قاعدة حربية لها متقدمة للسيطرة على شعوب الشرق الأوسط وقمع أي محاولة تحرر من نير سيطرتها وتبعيتها بما يضمن لها دوام نهبها لثرواث تلك الشعوب . إن المتتبع المسترجع لمجمل الحروب اللصوصية العالمية من أولاها ليومنا هذا، يجد أن مجرمي الحرب من بورجوازيات البلدان المتقدمة المتصارعة على تقسيم العالم إلى مستعمرات تابعة لها عقب كل حرب تجري فيها وديان الدماء بأيديهم يعقدون مؤتمر سلام ويتعاهدون أنها الحرب الأخيرة، لكن الأخيرة تأبى إلا أن تكون بداية ومنطلق الجديدة ضمن صراع هذه البورجوازيات على مقدارات وترواث الشعوب، ولضمان تفوق كل منها وكبح مسار نمو الاخريات. فهل يمكن ان يصنع السلام في ظل الرأسمالية الامبريالية ؟ ولنردف التساؤل هنا بآخر نلج منه للاول، ما مدى حاجة الراسمالية الامبريالية للحروب ؟ ان البحث في طبيعة الراسمالية الامبريالية وطبيعة ازماتها الدورية المحتومة والسبل المنتهجة لحلها يسعفنا بالجواب، فالراسمالية الامبريالية المتعطشة للاسواق الجديدة تصرف فيها فائض منتوجاتها، ومصادر مضمونة للطاقة تحرك بها آلاتها الضخمة التي تحتاج لمواد اولية ويد عاملة كلما كانت رخيصة الا ولبت شيئا من جشع الراسمالي، لا يتأتى لها كل ذلك الا بدفن السلام الدي نظمت فيه القصائد وانتهاج الحرب اللصوصية سبيلا لحل ازماتها، فالحرب سمة للراسمالية الامبريالية التي لا تتورع بورجوازياتها في خضم تنافسها المحموم عن نهش بعضها البعض وجر البشرية الى حروبها اللصوصية التدميرية، فالراسمالي الاخير مستعد ان يبيعنا الحبل الدي سنشنق به الراسمالي ما قبل الاخير كما عبر لينين ببراعة يوما . ان البورجوازيات في البلدان المتقدمة التي وصل تطور الرأسمالية فيها مرحلة الامبريالية تسعى جاهدة لاخفاء طبيعتها الاجرامية العدوة للسلام الانساني عبر طمس مسببات الحرب المادية الحقيقية ودوافعها النهبوية وكحاجة حيوية لاستمرارية الراسمالية الامبريالية مخفية ذلك طورا بأقنعة نشر الديمقراطية وطورا بكون الحرب شرط اساسي للسلام ! وعامدة الى دعم ونشر قراءات مغلوطة عن الحرب والسلام ضد الفهم المادي العلمي لمسألة السلام، ومن ذلك، القراءات الغائية والموغلة في الطوباوية التي ترى ان الوعظ والارشاد طريق السلام، وان مسألة السلام اهون بما يكون حتى تحققها ترنيمة قس او خطبة منبر وهلم شرا من التنويمات الاديولوجية، او حتى تسويات تجري بمنطق تجاري لدى جماعة البرغماتيين الذين لا ينظرون للمسألة في اطار النضال الطبقي ضد النظام الرأسمالي العائق الاساسي للسلام الانساني . ان إخضاع كل الحروب اللصوصية لتحليل طبقي لا يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة، إن الحروب رئة تنفس الرأسمالية الامبريالية وان السلام لن يتحقق الا بثورات بروليتارية عالمية تشمل أساسا البلدان المتقدمة الامبريالية، فسلام الإنسانية رهن بتحطيم نير الرأسمالية والقضاء على الاستغلال، وإحقاق السلام من مهام الطبقة العاملة التي ستحرر الإنسانية وذاك وعد التاريخ لها وبعض من رسالتها الخالدة.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني