PCP

يا عمال العالم اتحدوا

موجز لمنهج مهدي عامل

موجز لمنهج مهدي عامل كتب الفيلسوف والمفكر الماركسي مهدي عامل العربي اللبناني في كتابه (مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني ـ القسم الثاني في نمط الإنتاج الكولونيالي) ما نصه : " إذا أردنا أن نحرر فكرنا ونجعله خلاقا، أي قادر على أن ينتج معرفة علمية ، وجب علينا القيام بما يمكن تسميته بثورة منهجية . ونقصد هنا بالمنهج كيفية حركة الفكر في اعتباره الواقع موضوعا له ، لقد اعتدنا أن ننظر إلى الواقع (واقعنا) من خلال فكر متكون هو الفكر الماركسي، نحاول تطبيقه على هذا الواقع بشكل ينسجم معه ، وفي الوقت ذاته بشكل يحافظ على أمانتنا لهذا الفكر المتكون الذي تبنيناه ، والصعوبة في هذا المنهج كانت تكمن في محاولتنا التوفيق بين الأزمة لهذا الفكر والانسجام مع الواقع ، أي معرفته العلمية ووجدنا الحل لهذه الصعوبة في نظرية التطبيق ، وإذا نظرنا بدقة إلى هذا المنهج التطبيقي رأينا أن المنطلق في معالجة الواقع هو الفكر المتكون ، لا الواقع في جدته وتعقده ، وهنا يكمن خطأنا المنهجي الرئيسي، لأن تطبيق الفكر المتكون على الواقع الجديد لا يمكن أن يؤدي في نهاية الأمر إلى معالجة هذا الواقع نظريا ، أي إلى معرفته بل إدخاله بالعنف في قوالب الفكر المتكون المحدد ، فإما أن تكون نتيجة عملية التطبيق صهرا للواقع التاريخي الجديد في قوالب الفكر المتكون وتماثلا معه ، وبذلك تكون قد انعدمت صيغة الجدة الرئيسية في الواقع ونكون جهلا له لا معرفة به". فإذا كنا فعلا أن ينشأ عندنا ولنا فكر ماركسي صحيح قادر على النظر إلى الواقع نظرة علمية علينا أن ندرك ونفهم أن العالم هو إنتاج العقل الإنساني الذي جمع في وعيه المنطق الرياضي والتحليلي والنقدي ، مكونا منهجا لغويا هو التفكير العلمي المادي الجدلي الذي تعتمده الماركسية في دراستها التحليلية النقدية للواقع المجتمعي وتاريخه . فعلينا ألا ننطلق من الماركسية كنظام فطري متكون ، نحاول تطبيقه على واقعنا بل علينا أن ننطلق من واقعنا في حركته التكوينية ، وهذا الانطلاق هو حركة تفكير مادية جدلية في هذا الواقع التاريخي كي يكون بإمكان فكرنا أن يتكون كفكر ماركسي ناقدا لواقعنا التاريخي المتخلف ، ومدى نجاحه مرتبط بمدى نجاح عملية إنتاج النظرية الماركسية للتخلف حتى نستطيع فهم العلاقة الجدلية بين الاستعمار والتخلف. بهذا المنهج العلمي المادي الجدلي انطلق كارل ماركس في دراسته التحليلية النقدية للنظام الرأسمالي الأوروبي خلال القرن التاسع عشر ، ففي كتابه (رأس المال) الذي عنوانه الأساس (نقد الاقتصاد السياسي) ومن هذه الدراسة بدأ تكون الفكر الماركسي وفي فترة لاحقة تبعه لينين في مواصلة التحليل والنقد للنظام الاقتصادي السياسي ، فتكون بذلك الفكر الماركسي اللينيني ، الذي تبنته أغلب الأحزاب الشيوعية في العالم. لكن الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماوتسي تونج في دراسة وتحليل ونقد الواقع الاقتصادي السياسي الصيني فتكون فكر الماركسية الماوية الصينية ، أما الأحزاب الشيوعية العربية فقد تعثرت في مسيرتها النضالية والتحررية وسبب ذلك أن تبنت مفاهيم وأفكار الماركسية اللينينية كقوالب جاهزة وألبستها للواقع بطريقة تعسفية منفرة ، ولأنها ليست من إنتاج هذا الواقع أصيبت هذه الأحزاب بالعرج والتعثر خلال أعمالها النضالية في حركات التحرر العربية. ومن أجل إنتاج فكر ماركسي عربي وجد المفكر الماركسي العلماني الديمقراطي الاشتراكي مهدي عامل ضرورة الانطلاق من دراسة تحليلية نقدية للواقع العربي الذي هو نظام الإنتاج الكولونيالي القائم على بنية التخلف العربي ، ونقد هذا التخلف كما يجده الأدب الاقتصادي السياسي المعاصر ، فعند المعالجة العلمية للواقع لا يوضع الفكر مع الواقع في مواجه مباشرة لأن الفكر لا يصل إلى الواقع إلا بإنتاجه لمفاهيمه النظرية عن طريق نقده للمفاهيم المتكونة عن الواقع فمن خلال عملية النقد هذه ينكشف الواقع في بنيته للفكر النظري إذن فالمعرفة العلمية ليست عملية مشاهدة ، بل عملية إنتاج تتحقق في حركة نقد للفكر المتكون ، تجد ضرورتها النظرية في التطور العلمي المحدد للواقع التاريخي هذه الحركة هي في الحقيقة حركة تحويل للأدوات النظرية لهذا الفكر وفي هذا التحول النظري شرط إمكان المعرفة العلمية . بقلم الرفيق أبو عادل(عن مجلة الوطن المجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني