PCP

يا عمال العالم اتحدوا

ما هي الفلسفة الماركسية؟

ما هي الفلسفة الماركسية؟ الماركسية، أو الاشتراكية العلمية، هي الاسم الأول لمجموعة الأفكار التي استنبطت اولاً من قبل كارل ماركس (1818 - 1883) وفريدريك انجلس (1820 - 1895). وهي في مجملها، تقدم هذه الأفكار قاعدة نظرية مخططة ومتكاملة لنضال الطبقة العاملة من اجل بلوغ شكل اعلى من المجتمع الانساني - الاشتراكية. وتقع الماركسية تحت ثلاثة عناوين رئيسة، تتماثل بشكل واضح مع الفلسفة، والتاريخ الاجتماعي، وعلم الاقتصاد : المادية الديالكتيكية، والمادية التاريخية، وعلم الاقتصاد الماركسي. وقد وصف لينين هذه العناوين على انها "الأجزاء الثلاثة المكونة للماركسية". ولتعزيز دراسة الماركسية فإنني انوي تقديم موجز للمبادىء والقوانين الأساسية للمادية الديالكتيكية. فالمادية الديالكتيكية هي جوهر النظام الفلسفي للماركسية - اللينينية وأساسها المنهجي. فما هي المادية الديالكتيكية؟ وهل تحتاج فلسفة؟ لأولئك الذين ليسوا مطلعين على الفلسفة الماركسية، قد تبدو المادية الديالكتيكية مفهوماً غامضاً وصعباً. ولكن بالنسبة للذين استعدوا لأخذ الوقت اللازم لدراسة هذه الطريقة الجديدة للنظر الى الأشياء، فإنهم سيكتشفون استشرافاً ثورياً سيتيح لهم نفاذ بصيرة وفهماً لأسرار العالم الذي نحيا فيه. ان فهم وإدراك المادية الديالكتيكية هو متطلب اساس مسبق لفهم مبدأ الماركسية. فالمادية الديالكتيكية هي الفلسفة الماركسية التي تمدنا بالإستشراف العلمي والشمولي للعالم. انها الأساس الفلسفي - النهج والطريقة - الذي تأسس عليه مجمل المبدأ الماركسي. وحسب ما قاله انجلز، الديالكتيك كان "أداة العمل الأفضل أو السلاح الأمضى". وهي توفر دليلاً ومرشداً لعملنا ونشاطاتنا داخل حركة الطبقة العاملة. انها مشابهة للبوصلة أو الخريطة، التي تتيح لنا وضع خطواتنا وسط اضطراب الأحداث وتسمح لنا بفهم العمليات التحتية والأساسية التي تشكل عالمنا، سواء احببنا ذلك أم لا، وبوعي أو بلا وعي، كل واحد له فلسفة. فالفلسفة هي ببساطة طريقة النظر الى العالم. في ظل الرأسمالية، وبدون فلسفتنا العلمية، فإننا سنتبنى حتماً الفلسفة المهيمنة للطبقة الحاكمة والأحكام المسبقة للمجتمع الذي نعيش فيه. "الأشياء لن تتغير على الإطلاق" و "التاريخ دائماً يعيد نفسه" هي عبارات شائعة تتكرر على نحو موصول، وتعكس عبث محاولة تغيير الأشياء والحاجة لتقبل نصيبنا في الحياة. هذه الأفكار، كما شرح ماركس، تشكل عبئاً ساحقاً على وعي الرجال والنساء. وتماماً كما تحدت البرجوازية الناشئة في ثورتها ضد المجتمع الاقطاعي الأفكار المحافظة للأرستقراطية الإقطاعية القديمة، هكذا هي الطبقة العاملة، في نضالها من اجل مجتمع جديد، تحتاج الى تحدي نظرة الهيمنة لمضطهدها وظالمها الخاص، الطبقة الرأسمالية. وبالطبع الطبقة الحاكمة، عبر الرقابة الإحتكارية لوسائل الاعلام، والصحافة والمدارس والجامعات والوعاظ، تبرر بوعي تام نظامها الإستغلالي، وأنه "الشكل الأكثر شرعية وسوية للمجتمع". إن آلة الدولة القمعية و "جماعتها المسلحة من الرجال" ليست بالكافية للحفاظ على النظام الرأسمالي. وإن الأفكار والمبادىء الأخلاقية المهيمنة للمجتمع البرجوازي تخدم كدفاع حيوي للمصالح المادية للطبقة الحاكمة. وبدون هذه الأيديولوجيا القوية، لا يستطيع النظام الرأسمالي ان يصمد طويلاً. ويقول لينين، "بطريقة أو اخرى، كل العلم الرسمي والليبرالي يدافع عن عبودية الأجر". وتوقع ان يكون العلم نزيهاً وغير متحيز في مجتمع العبد المأجور يعتبر حماقة وسذاجة تماماً كتوقع النزاهة وعدم التحيز من اصحاب المصانع حيال مسألة : ما اذا كانت اجور العمال يجب ان لا تزاد من خلال تقليص ارباح رأس المال. ان الأيديولوجيا البرجوازية الرسمية تدير حرباً قاسية لا تلين ضد الماركسية، التي تراها - وهي على صواب - كخطر قاتل للرأسمالية. وقد شجب بلير الماركسية لأنها "عقيدة ضيقة التفكير وبالية". لقد سكب الكتاب والأساتذة البرجوازيون سيلاً يتدفق من الدعاية في محاولة لتشويه سمعة الماركسية - وبخاصة الديالكتيك. وكان هذا بشكل خاص الحال منذ انهيار جدار برلين والهجوم الأيديولوجي الضاري ضد الماركسية، والشيوعية والثورة وما الى ذلك. "الماركسية ماتت" لقد كرروا ترديد هذا الإدعاء وكأنه تعويذة دينية. ولكن الماركسية ابت ان تنحني امام هؤلاء المشعوذين! إن الماركسية تعكس الإرادة التلقائية للطبقة العاملة لتغيير المجتمع، ومصيرها مرتبط بمصير البروليتاريا. ويؤكد المدافعون عن النظام الرأسمالي، الى جانب اشباههم في الحركة العمالية وبإستمرار ان نظامهم هو الشكل الطبيعي والدائم للمجتمع. ومن ناحية اخرى يؤكد الديالكتيكيون انه لا شيء دائم، وكل الأشياء تهلك وتفنى في وقتها. وتشكل مثل هكذا فلسفة ثورية تهديداً عميقاً للنظام الرأسمالي، ولذلك لا بد من تشويه سمعته مهما بلغ الثمن. وهذا يشرح الدعاية المعادية للماركسية التي ترغي وتزبد يومياً. ولكن كل خطوة حقيقية للأمام في العلم والمعرفة تؤدي لتأكيد صحة الديالكتيك. وبالنسبة لملايين البشر فإن أزمة الرأسمالية المتنامية تظهر مدى صلاحية الماركسية. إن الحالة الموضوعية تجبر الشغيلة على البحث عن طريق للخلاص من هذا المأزق. "إن الحياة تعلمنا" قال لينين. وفي وقتنا الحاضر، وعلى استخدام الكلمات الشهيرة للمنافست الشيوعي، "إن شبحاً ينتاب اوروبا، انه شبح الشيوعية". وفي النضال والكفاح من اجل تحرير الطبقة العاملة، تشن الماركسية حرباً لا تلين ضد الرأسمالية وأيديولوجيتها، التي تدافع عن وتبرر نظامها الاستغلالي "اقتصاد السوق". إلا ان الماركسية تفعل ما هو اكثر من هذا. فالماركسية تزود الطبقة العاملة "بوجهة نظر عالمية متكاملة تتناقض مع اي شكل من المعتقدات الخرافية، ورد فعل أو دفاع القمع البرجوازي" (لينين). انها تسعى لكشف العلاقات الحقيقية التي توجد في ظل النظام الرأسمالي وتسلح الطبقة العاملة بالفهم والوعي لكيفية تمكنها من الوصول الى تحريرها. إن المادية الديالكتيكية، اذا ما استخدمنا كلمات الماركسي الروسي بليخانوف هي اكثر من وجهة نظر، انها "فلسفة الفعل". حدود المنطق الرسمي أو المنهجي الرجال والنساء يحاولون التفكير بأسلوب عقلاني. المنطق (من المبدأ العقلاني اليوناني في الكون يعني الكلمة أو السبب) هو علم قوانين التفكير. ومهما كانت الأفكار التي نفكر بها، ومهما كانت اللغة التي تم استخدامها للتعبير عنها، يجب ان تفي بمتطلبات التفكير. وتعطي هذه المتطلبات نهوضاً وبعثاً لقوانين التفكير. انه الفيلسوف اليوناني ارسطو (384 - 322 قبل الميلاد) اي منذ اكثر من 2000 عام الذي شكل النظام الحالي للمنطق الرسمي - النظام الذي يعتبر الأساس لمؤسساتنا التعليمية الى هذا اليوم. لقد صنف طريقة الكيفية التي يجب علينا ان نفكر ونقنع بالحجج والمنطق من خلالها، وكيف تجمع وتوحد العبارات من اجل الوصول الى الأحكام، ومن خلالها كيف يتم رسم الإستنتاجات والخواتم. لقد وضع ارسطو ثلاثة قوانين اساسية للمنطق : مبدأ التماثل أو التطابق حرف( إي) يساوي (إي) ومبدأ التناقض إي لا يمكن ان يكون إي وليس إي) ومبدأ الوسط المستثنى (إي إما انه إي أو ليس إي ولا يوجد هناك بديلاً وسطاً). لقد امسك المنطق الرسمي أو المنهجي بالسيطرة لأكثر من الفي عام، وكان اساس وقاعدة التجربة والخطوات العظيمة الى الأمام التي قطعها العلم الحديث. كما ان تطور علم الرياضيات قام على هذا المنطق. إنك لا تستطيع ان تعلم طفلاً الجمع بدونه. واحد زائد واحد يساوي اثنان وليس ثلاثة. وقد يبدو المنطق الرسمي اشبه بالفطرة السليمة، وهو مسؤول عن انجاز مليون وواحد من الأمور كل يوم. ولكن - وهذه لكن كبيرة - ان له حدوده، فعند التعامل مع عقد المقارنات لعملياتنا والأحداث المعقدة، فإن هذا المنطق يصبح غير كاف تماماً كطريقة تفكير. وهذا هو الحال بشكل خاص عند التعامل مع الحركة والتغيير والتناقض. فالمنطق الرسمي حيال الأشياء هو ثابت وعديم الحركة. وبالطبع هذا ليس إنكاراً للفائدة اليومية للمنطق، بل على العكس. ولكننا نحتاج لإدراك وتميز حدوده. إن الديالكتيك ليس تخيلاً أو تصوفاً، ولكن هو علم اشكال وصور تفكيرنا بقدر ما هو غير محدود للمشكلات اليومية للحياة، ولكن محاولات للوصول الى فهم عمليات معقدة ومطولة. إن الديالكتيك والمنطق المنهجي يحملان علاقة شبيهة لتلك الموجودة بين الرياضيات الأعلى والأدنى. مع تطور العلم الحديث، فإن نظام التصنيف كان قد استند على المنطق الرسمي، حيث كل الأشياء الحية قسمت الى جنس بشري وترتيبات. وهذ شكل قفزة عظيمة في علم الأحياء مقارنة مع الماضي. ومع ذلك هو نظام ثابت وصارم، بتصنيفاته الصارمة، والذي مع مرور الوقت انكشفت حدوده. وقد أظهر داروين، على وجه الخصوص، انه ومن خلال النشوء كان من الممكن لأحد الأجناس ان يتحول الى جنس آخر. وبناء على ذلك، فإن النظام الصارم للتصنيف يجب ان يتغير لفسح المجال امام هذا الفهم الجديد للواقع. وفي الواقع، إن نظام المنطق الرسمي والمنهجي قد اخفق ودمر. فهو لم يستطع التعامل مع التناقضات. ومن ناحية اخرى، فإن الديالكتيك - منطق التغيير - يشرح بأنه لا يوجد هناك تصنيفات مطلقة أو ثابتة في الطبيعة أو المجتمع. انها المادية الديالكتيكية فقط التي تستطيع ان تشرح وتفسر قوانين النشوء والتغيير، والتي لا ترى العالم كمجموعة مركبة من الأشياء جاهزة الصنع، ولكن كمجموعة مركبة من العمليات، التي تسير عبر تحول سلس لا يعيقه شيء نحو النشوء والفناء. عن صحيفد "النيوووركر" الناطقة بإسم الحزب الشيوعي الجديد في بريطانيا بقلم : بيتر هندي


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني