PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الحاجة الموضوعية إلى حزب شيوعي

الحاجة الموضوعية إلى حزب شيوعي طبعاً ليس المقصود بالحاجة إلى حزب شيوعي وجود حزب شيوعي واحد في العالم كله، وإنما الحاجة إلى حزب شيوعي في كل بلد.. وهذه الحاجة تأتي من كون النظام الرأسمالي الدولي يهدد البشر والبيئة، ويحتاج سكان الكرة الأرضية نظاماً بديلاً. الرأسمالية.. تهديد مستمر النظام الرأسمالي الدولي يهدد البشر أولاً بالعدوانية والاحتلال.. وثانياً بالاستعمار الحديث، أي باستغلال البلدان الأخرى والهيمنة عليها من دول احتلال، وإنما بآليات داخلية في البلد، اقتصادية وسياسية واجتماعية.. وثالثاً، ببناء اقتصاد دولي ينتج تراكم الثروة في أيدي عدد محدود من سكان العالم، وتراكم الفقر والجوع لدى الأغلبية الساحقة من البشر. ورابعاً، بإنتاج مراكز تطور عالية التقنية في بعض المناطق وبعض الحالات، ومساحات كونية ضعيفة التطور، قد يصل بها الأمر إلى العيش في حياة بدائية تعود إلى القرون الماضية. وخامساً هدر الموارد البشرية، لأن البطالة والعمل الأسود وضعف التطور بسبب الفقر، كل ذلك يهدر إمكانات الإنسان، فالبائس، الذي يعيش حياة بدائية، أو حياة مؤلمة، يستطيع، إذا ما توفر له العلم والإمكانات التكنولوجية أن يكون جزءاً من أداة التطور الشاملة. وسادساً هدر موارد الطبيعة بمختلف الأشكال، بالتصحر، بتسميم البيئة، بإتلاف الثروات الطبيعية، فالتسليح يستهلك كميات أسطورية من ثروة ثمينة لا بديل لها (البترول ليس طاقة فحسب) هي البترول، عدا أن الحروب تقتل الناس وتشردهم. وسابعاً بالتهديد العسكري الدائم، الذي قد يتحول إلى كارثة كونية، إذا ما استخدمت الترسانات النووية. كل من البنود المذكورة أعلاه تحتاج تفصيلاً، وبعضها معروف على نطاق واسع، وبعضها الآخر يغطيه الصخب الإعلامي. النظام الرأسمالي الدولي حمل تاريخياً التطور إلى المجتمع الإنساني، ولولاه لبقي الإنسان في ظلام القرون الماضية. لقد حمل تاريخياً التطور الصناعي والتكنولوجي، والتطور العلمي الهائل في كل المجالات، والتطور الاجتماعي الذي نقل الإنسان من الهمجية إلى الحضارة والتطور الإداري، الذي نقل الدولة من النظام القبلي، والنظام الملكي العبودي، إلى الدولة الحديثة بمختلف اختصاصاتها أيضاً. الدور التاريخي للنظام الرأسمالي الدولي يحتاج تفصيلاً واسعاً، ولكنه مع كل سلبياته الاجتماعية والسياسية، التي يجب ألا تغيب عن الذهن، يؤلف نقلة نوعية بالنسبة للأنظمة ما قبل الرأسمالية. ولذا، فإن الدعوات للرجوع إلى تلك الأنظمة هي دعوات للرجوع باسم الدين إلى العبودية القديمة، إلى العبيد والجواري والنخاسة، وإلى كل ما تنطوي عليه عصور الهمجية. الالتباس الكبير هنا هو في استخدام ورقة الدين، إن الدعوة إلى تجاوز الأنظمة العبودية ليس دعوة إلى تجاوز الدين، فالدين تراث حضاري، احترامه هو في تطوره، لا في جموده، وهناك فرق كبير بين تجاوز الدين، وتجاوز العبودية باسم الدين. تهمة الإلحاد التي توجه إلى من يتجاوز الأنظمة العبودية باسم الدين، تهمة بحد ذاتها، كان يحرق من يخالف رأي الكنيسة. وفي أيام العباسيين قُتل الكثيرون بتهمة الزندقة (وهي تهمة كاذبة)، ومن جملة هؤلاء الشاعر بشار بن برد، الذي قتل جلداً أبشع قتلة، أيضاً سجن الأئمة الأربعة، الذين أصبحوا فيما بعد أسماء مرجعية في الإسلام. الرجوع إلى الأنظمة العبودية هو قتل للمجتمعات، وانتهاك للدين، الذي ترتكب باسمه مختلف المجازر والموبقات، وأيضاً الجرائم ضد الإنسانية. الدور الظلامي للرأسمالية التطور في تاريخ الإنسان كان دوماً نتيجة التعاون المنظم، القسري غالباً. الجهد الفردي أنتج الحرفة، والجهد المشترك بين العامل والصانع أنتج تطور الحرفة، وتعاون العاملين في المانيفاكتورة (أي المجمع الحرفي الذي يعتمد على العمل اليدوي) طورها إلى المصنع، وتطور المصنع أدى إلى الثورة الصناعية، وإلى آخر السلسلة. والنظام الرأسمالي الدولي حمل التطور، لأنه من دون الرأسمالي، وقبل الرأسمالي، ما كان ممكناً لا وجود المانيفاكتورة، ولا المصنع ولا التطور التالي. والنظام الرأسمالي كان يؤلف دوماً أداة مزدوجة للتقدم ولعرقلة التقدم، كان يبني، ويمنع الآخرين من البناء، الرأسمالية الدولية تحتاج لتطور المجتمع، فلا تستطيع أن تتحرك في مجتمع ضعيف التطور. إنها بحاجة إلى جيوش جرارة من المهندسين والتكنولوجيين والأكاديميين، وأيضاً إلى الإداريين ومختلف فئات العاملين في نشاطاتها. وهؤلاء لا يمكن الحصول عليهم في مجتمع تقليدي قديم، ولذا قام النظام الرأسمالي الدولي الذي يمثل المصالح الرأسمالية بتطوير التعليم والعلم والتكنولوجيا والدراسات الأكاديمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان بذلك أداة تقدم على نطاق واسع، وحتى على نطاق المستعمرات. ولكن النظام الرأسمالي الدولي يستغل في الوقت نفسه الناس والطبيعة، وهذا يتسبب برد فعل عدائي للنظام، فلجأ هذا لصد ذلك، إلى أدوات العبودية القديمة، إلى الإقطاع والطائفية، وبذلك أعاق ويعيق، التطور في بلدانه وفي المستعمرات. النظام الرأسمالي الحالي في ظل الليبرالية الجديدة يؤلف مداً واسعاً للتجهيل وللتخريب ولإنتاج مختلف الكوارث. إن الدور التقدمي التاريخي بالنسبة للنظام الرأسمالي الحالي انتهى، وحل محله دور ظلامي مديد تحميه الترسانات النووية والثروات الفلكية والإعلام الذي يستند إلى أعقد المنجزات التكنولوجية. تختلط لدى الكثيرين الرأسمالية بالغنى، ويلتبس النظام الرأسمالي الدولي، بأنظمة رأسمالية، أو قبل رأسمالية، في بلدان معينة. الغني ليس بالضرورة رأسمالياً، وقد يكون مستغلاً من الرأسمالية الدولية، فأغنياء العالم الثالث على اختلافهم مستغلون من تلك الرأسمالية.. أيضاً أنظمة البلدان ما كان يمكن أن تستمر على الأغلب، لولا النظام الرأسمالي الدولي، فأي نظام فاقد للشعبية يكون في حكم المنهار، دون دعم النظام الرأسمالي الدولي، حتى لو كان لديه قوات بوليسية شرسة، فهذه تتأثر بلا شعبية النظام، ويمكن أن تطيح به. النظام الرأسمالي الدولي يمثل قمة الرأسمالية الدولية، التي تشتري في الديمقراطيات الحديثة الناخبين والمؤسسات الناتجة عن اقتراعهم، أي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. النظام البديل للنظام الرأسمالي الدولي، من المفترض أن يمثل مصالح المضطهدين في العالم، ولكن هل يستطيع أن يمثلهم عبر الاقتراع؟ لا نعتقد، لسبب بسيط هو أن الأصوات مشتراة أو محتجزة، محتجزة للإدارات، لأرباب العمل، للعصابات، إلخ.. البرهان نجده في كل مكان، حيث يتم تزوير كل شيء، التزوير الصريح أو المغطى. البديل: الاشتراكية العلمية النظام البديل هو في الاشتراكية العلمية، التي تعني بأقانيمها الثلاثة: أولاً تطوير المجتمع، فالمجتمع الضعيف التطور لا تبنى فيه الاشتراكية، وإنما تبنى فيه أنظمة تقدمية معادية للنظام الرأسمالي الدولي وتسير في اتجاه الاشتراكية ـ العلمية. ثانياً إقامة نظام يمثل مصالح العمال والفلاحين البعيدة المدى، لأن مصالحهم الآنية قد تكون مع الإقطاع، أو مع الراسمالية، والمصالح البعيدة المدى هي أن يكونوا أحراراً وغير مستعبدين لا لرأس المال ولا للإقطاع ولا للسادة الطبيعيين، الطائفيين أو القبليين، وأن يكونوا منتجين، للإنتاج المتطور أكثر فأكثر، وأن يكونوا متضامنين اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وأن يكونوا المالكين الحقيقيين لثروة المجتمع، المالكين الحقيقيين، لا المباشرين، أي تصرف الثروة على ضمان مستويات معيشية أعلى فأعلى مع تصاعد الإنتاج كماً ونوعاً لجميع أفراد المجتمع، وعلى ضمان مختلف الخدمات الاجتماعية، ومختلف المستلزمات الاقتصادية والسياسية، المالكين الحقيقيين، لأن الثروة لا تذهب إلى عدد محدود من الناس. ثالثاً الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج، فالمجتمع، لا الاحتكارات، هو الذي ينتج عبر مؤسساته، وهو الذي يستهلك، ووسائل الإنتاج ليس المقصود بها وسائل الإنتاج الحرفية، المجتمع يطور الوسائل الحرفية، ولا يملكها، ويحولها من وسائل ضعيفة التطور إلى وسائل متطورة بالمكننة وبالتكنولوجيا، ومن وسائل فردية أو شبه فردية إلى وسائل جمعية. في تاريخ التجارب الاشتراكية العلمية، عندما يتم التشديد على أقنوم دون آخر، يحدث الخطأ المميت أحياناً، وخصوصاً عندما يتجاوز المرء التطور. الكثيرون يقعون في فخ القيم ما قبل الرأسمالية. مثلاً التقشف. إن الاشتراكية العلمية لا تعني التقشف، ولا تدعو إليه، إنما تربط المستويات المعاشية بالإنتاج، فلا يمكن لإنتاج ضعيف أن يوفر مستويات معاشية عالية، وإذا ما كان الإنتاج متطوراً وعالياً، فيجب أن يتمتع المجتمع أفراداً وجماعات بثمار ذلك. أيضاً العدالة في التوزيع. ليست الاشتراكية العلمية مؤسسة إغاثة توزع ما لديها على المنكوبين. التوزيع يتعلق بدور العاملين في الإنتاج، ليس نصيب من ينتج بالملايين مثل نصيب من لا ينتج مطلقاً. أو من ينتج بالملاليم.. إلخ.. فالإنتاج والتطور هما ما ترتبط بهما كل مؤشرات المستويات المعيشية، ومؤشرات مستويات الخدمات في المجتمع. إن المجتمع الضعيف الإنتاج لا يقدم سوى مستويات ضعيفة معيشية وخدمية. الحزب الشيوعي هو الأداة النضالية في ظل الاشتراكية العلمية ينتفي الرأسمالي، أي ينتفي الطرف الذي ينظم العمال، ويصرف قواهم في المؤسسات الإنتاجية والخدمية. والمفترض أن يحل العمال محل الرأسمالي في تنظيم عملهم في مؤسساتهم، وفي رفع مستوى تلك المؤسسات إلى أعلى درجة ممكنة. وعندما يفتش العمال عن امتيازات عبر ذلك، فإنما يقومون عن قصد أو غير قصد بتخريب مؤسساتهم، وبإيصالها تدريجياً إلى الانهيار. الرأسمالي يضبط الأمور لحسابه، والمفترض بالعمال أن يضبطوا الأمور لحسابهم الجماعي لحساب مجتمعهم ولحساب مستقبلهم. وهذا لا يحتاج الوعظ فقط، وإنما أيضاُ التربية النضالية. فالعمال لا يناضلون فقط من أجل الاستيلاء على السلطة في المجتمع، ومن أجل معرفة كيف يتم التحول، ومن أجل التربية النضالية للقيام بذلك. والهوة في تجارب الحركة العمالية التاريخية بين النضال ضد الرأسمالية، والنضال في سبيل التحول في اتجاه الاشتراكية العلمية هي التي تسببت بالعديد من النكسات التاريخية التي عانتها تلك الحركة. الحزب الشيوعي هو الأداة النضالية التي تقوم بالوظيفة المزدوجة، النضال ضد الرأسمالية الدولية، والنضال، إذا ما كان قادراً، من أجل بناء الاشتراكية العلمية في مجتمعه وفي العالم. الحزب يستطيع في مجتمعه التحول في اتجاه الاشتراكية العلمية فقط، أما الاشتراكية العلمية، فلا تبنى إلا على مستوى العالم كله، لأنه ما بقي التناقض بين البلدان ذات التوجه الاشتراكي العلمي، والرأسمالية الدولية، فسيبقى الصراع الذي يؤثر سلباً في البلد ذي العلاقة على كل التوجه الاشتراكي العلمي، يؤثر سلباً على المجتمع، ويؤثر سلباً في تحديد أولويات الإنتاج. الوعي التاريخي الحزب الشيوعي، كي يستطيع أن يكون أداة نضالية، من الضروري أن تتوفر فيه ولديه إمكانات ومواصفات أساسية. الأحزاب الشيوعية مرت بتجارب قاسية ولكنها غنية، وحري بأي حزب شيوعي، أن يستفيد من تلك التجارب، ولكن ثمة أمر أساسي يجب وضعه في الاعتبار هو أن الحزب، أي حزب، لا يصاغ صياغة مجردة، وإنما يتحكم في بنائه الوعي التاريخي الإنساني من جهة، ومجموعة العوامل السياسية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية، من جهة أخرى، فبناء حزب ما في بلد أوربي ليس كمثل بنائه في بلد مثل الصومال. لكن لكي يكون الحزب شيوعياً من الضروري قبل كل شيء أن ينطلق في برامجه، وبرنامج عمله من الاشتراكية العلمية. فلا يستطيع الحزب أن يكون شيوعياً وطائفياً (بالمعنى الديني والعرفي والقبلي) في الوقت نفسه، طبعاً تحالفه أو تناقضه مع التشكيلات الأخرى في المجتمع هما أمران تابعان للأوضاع الفعلية القائمة، من جهة ولإستراتيجيته من جهة أخرى، الحزب يعمل في مجتمع حي ويحاول تطويره، وهذا يتناقض مع «ذبح» الأعداء، أو مع «الذوبان» في الأصدقاء، أي يتناقض مع الفتن والصراعات الضيقة الأفق، فهو يحارب الاستغلال، ولكن لا يحاربه في شخص المستغلين، وإنما في نظام الاستغلال، والفرق كبير بين الأمرين. ولكي يكون الحزب شيوعياً يجب أن يكون نضالياً، أي يجب أن يضم مناضلين، لا مؤيدين. الحزب الشيوعي ليس حزباً «انتخابياً» أي معتمد على عدد الأصوات، وهذا بالضبط كان موضوع الخلاف بين البلاشفة (أي الأكثرية) والمناشفة (أي الأقلية) أيام ثورة أكتوبر 1917. المؤيدون هم خارج الحزب ويرحب المرء بوجودهم وبتعاظم وزنهم الاجتماعي والسياسي، أما الأعضاء فهم مناضلون ولهم دور اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي، أو دور في كل ذلك، ويضحّون ويتحملون التضحية، وفي هذا يختلف العضو عن المؤيد الذي قد يضحي ويتحمل التضحية أيضاً. والمفترض بقيادة الحزب أن تحمل مسؤولية الأعضاء، فهم ليسوا عملة في خزانتها، تصرف منها ما تريد. يفترض أن تكون التضحية مرتبطة بالإستراتيجية، وذات مردود على مستوى البلد، وليست مجانية (تضحية للتضحية). أيضاً العلاقة بين الحزب والأعضاء ليست علاقة عسكرية، فالحزب ليس منظمة شبه عسكرية، أو أسبارطية: حينئذ تكون علاقة القيادة بالأعضاء عبودية، وهذا ما يحاربه الحزب أصلاً. علاقة القيادة بالأعضاء هي علاقة بأحرار، لا بعبيد. التحالف النضالي لقد فرضت ظروف ثورة أكتوبر 1917 ظهور ستالين، الذي لولاه ما قام الاتحاد السوفيتي، وما بني كدولة عظمى من الدرجة الأولى في العالم. ومن دون أن تشعر الأحزاب الشيوعية الأخرى دخلت إليها عبادة الفرد، التي أدت إلى كارثة كونية، غورباتشوف ليس ستالين، ولو لم يرث الاحترام الفردي ما استطاع أن يساعد النظام الرأسمالي الدولي، في تقويض النظام الاشتراكي العلمي، عبادة الفرد أياً يكن ذلك الفرد، تؤلف علاقة عبودية تحاربها الاشتراكية العلمية أصلاً، ويجب أن تنتهي من ممارسة الحزب الشيوعي ليبقى شيوعياً، ولكن لا لمصلحة ديمقراطية شكلية، تنقل الحزب إلى الموقع الليبرالي. تلك كانت المشكلة التي أدت إلى الظهور التاريخي لستالين. ورثة لينين كانوا يشدون الحزب بشكل أو بآخر إلى الوراء، ولولا ستالين لكان الحزب الشيوعي الروسي في ذمة التاريخ، وكانت روسيا مستعمرة، أو مجموع مستعمرات غربية. الدفاع عن الاشتراكية العلمية هو أمر أساسي بالنسبة للحزب، وهذا قد ينتج عنه شذوذ تاريخي، ولكن هذا الشذوذ، خصوصاً بعد التجربة الفاشلة التي عاناها، ويعانيها، النضال البروليتاري العالمي، يجب أن يتم التراجع عنه سريعاً لمصلحة النضال البعيد الأفق. النضال يتطلب أن تلتقي الأحزاب الشيوعية، فلا يمكن بناء الاشتراكية في بلد ما من دون النضال المشترك لجميع قواه الحية، ومن الجملة القوى التقدمية، أي المعادية للنظام الرأسمالي الدولي. أيضاً لا يمكن بناء الاشتراكية العلمية في جزر منعزلة، أي في بلدان، دون بلدان أخرى، فالنضال عالمي، وهذا يستلزم التحالف النضالي، لا السياسي، للأحزاب الشيوعية في العالم. وهذا التحالف تحول دونه مجموعتان من العقبات، الأولى متعلقة بظروف كل حزب، والثانية متعلقة بالاجتهادات المتباينة. والعقبات نفسها بحاجة إلى النضال ضدها عبر النضالات الثنائية والمتعددة الأطراف، والهادف إلى التعاون في حل الظروف الخاصة، وإلى تقارب الاجتهادات وصولاً إلى توحيدها، والبوصلة في كل ذلك، هي أولاً الالتفاف حول الاشتراكية العلمية، وثانياً الانطلاق من أن أحداً لا يملك الصح كله، وثالثاً استيعاب الأطراف لبعضها بعضاً فلا يؤدي الخلاف في وجهات النظر إلى توترات بين الأطراف. النظام الرأسمالي الدولي لا يجسد الهيمنة والاستغلال فحسب، وإنما هو منغرس أيضاً في النسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمعات. اختلاف الحزب الشيوعي مع هذا النسيج حتى في البدهيات هو الطبيعي وليس العكس، ومواجهة الاختلاف غير ممكنة، وغير مفيدة، بالتوتر، وبالسجالات، وإنما بالنضال الموضوعي على مختلف الأصعدة. الاشتراكية العلمية ليست برشامة يبتلعها المجتمع، أو يمكن تبليعه إياها، كي يحل قضاياه، وإنما هي أفق نضالي، وأفق بناء اجتماعي ـ سياسي يساعد المجتمع، ويساعد قواه الحية على التحرك في سبيل تحرير المجتمع بكل معاني التحرير، وتطويره، وبناء مستقبله. والحزب الشيوعي هو الطليعة النضالية في كل ذلك. محمد الجندي


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني