PCP

يا عمال العالم اتحدوا

فائض القيمة (القيمة الزائدة)

فائض القيمة (القيمة الزائدة) لنعد في البداية إلى التاريخ والحديث هنا حول كيفية انقسام الطبقات والحيازة الملكية الخاصة لكي نستطيع الوصول معا إلى الحقائق.... إن المثبت علميا في علم التاريخ والحفريات الأثرية من الكم الهائل من المعطيات ، فإن الحقائق التي أكدها العلماء أن الإنسان البدائي لم يكن يملك أي ثروات ، فالطبيعة هي الغنية ومصدر غذائه بما حوت من جذور ونبات وثمار وحيوان ، وبعد معرفة الصيد البدائي الذي كان نقطة تحول في تطور الإنسان وممارسة المرأة لدورها بالزراعة لأنها الأكثر استقرارا في المسكن ونتيجة للصيد تكون المجتمع الرعوي بعد تدجين الحيوان وكنتيجة للتنازع على مصادر الرعي والماء وإرث الحروب ما بين القبائل ، وكان في المحصلة وقوع الأسرى الذين كان يتم التخلص منهم بالقتل ومن ثم باستخدامهم كعبيد لرعي الماشية وخدمة البيوت والعمل الزراعي وكنتيجة للتقسيمات في توزيع الثروة داخل القبيلة حسب الدور والمركز الاجتماعي تغير الأشخاص الأكثر حيازة على رؤوس الحيوانات (لديهم العدد الأكبر) وتميز كذلك قادة المعارك الذين كان لهم نصيب الأسد من الأسرى والغنائم وحيازة الأرض وبهذا التقسيم ظهرت طبقة العبيد (الخدم) في البداية تم استغلال هذه الطبقة بشتى مجالات العمل، زراعة ورعي وأبشع صنوف الاستغلال ، وأقل ما يمكن وصفها معاملة العبد كحيوان والمعرض للقتل بأية لحظة أو فريسة لمعركة يلقى بها مع حيوان شرس فرحة للمالك وتمتعه بالمنظر. كل ذلك رافق تطور وسائل الإنتاج وظهور المنانيفكتورة (المعامل الصغيرة) ونتيجة لفعل قانون التطور وهو التناقض ما بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج والتي تحكم كافة التشكيلات الاجتماعية والاقتصادية ثم الانتقال إلى مرحلة الإقطاع وقد تم ضمن الحدود والتقسيمات الإدارية للإقطاع الذي شكل عائق أمام حركة الرأسمال وتطور الصناعة حيث تحطم الإقطاع ليخلي الطريق أمام الرأسمالية . إذا فالثروات وحيازة الملكية لم تولد بالفطرة كمحبة للتملك (غريزة) بالإنسان ولو كانت الملكية موروث فطري لكانت تورث بيولوجيا ، لذا فلم يكن تراكم رأس المال سوى على جماجم الفقراء أولا وقبل كل شيء ، لذلك فإن الهم الأول لصاحب رأس المال هي الإدامة والتراكم (تنمية رأس المال). فعندما نجد الرأسمالي يفكر بالصناعة والتجارة فليس ذلك حبا في خدمة المجتمع بل حبا في شيء لم يلاحظه الكثيرون ألا وهو سبب تراكم رأس المال وهي القيمة الزائدة ، فصانع الملابس لا يهمه ولا يحرص على أن يسير الناس في الشارع عراه أو خوفا عليهم من البرد في الشتاء ، لذا يصدق الرفيق لينين حين يصف العلاقات الاجتماعية بقوله أنها علاقات اقتصادية مغلفه بغلاف اجتماعي دون استثناء لأية علاقة. لذا كيف يتم إنتاج القيمة الزائدة في العمل المأجور وهو أساس الرأسمالية؟؟ إن تحديد قيمة أي سلعة (بضاعة) يقاس بمقدار الجهد الاجتماعي الضروري لإنتاجها ، والرأسمالي (المالك) لكي يقوم بعملية إنتاجه للسلعة فهو بحاجة لرأسمال ثابت ورأس مال متغير ومهما بلغ رأس المال الثابت من ضخامة فلا يمكن له إحداث عملية إنتاجية وبالتالي عملية التراكم والزيادة للرأسمال (نموه) بدون وجود قوة العمل لدى العامل فالرأسمالي يملك رأس المال الذي يوفر الماكنه والمواد الخام ...الخ والعامل لا يجد ما يملكه سوى قوة عمله العضلية ومهاراته المكتسبة فهو يعرضها في السوق مجبرا وليس باختياره، فلو شعر الرأسمالي أن أي عملية إنتاجية يضع ماله فيها لن تعود عليه سوى بنفس رأس المال الذي شغله وأن هذا الاستثمار سيكرر دورانه بدون زيادة في النهاية لما أقدم على أي استثمار ولإدراكه أن هذه العملية في نهايتها سوف تزيد مما لديه من ملكية ورأس مال نجده مدفوعا في تنمية ما لديه. في هذه العملية يحصل العامل على أجر نتيجة بيع قوة عمله في السوق التي يحتاجها الرأسمالي بأجر متفق عليه تبدو للوهلة الأولى كعملية متكافئة لكنها في الحقيقة غير ذلك فخيارات الرأسمالي متعددة أما العامل فلا خيارات لديه وتلبية احتياجاته تجبره على الخضوع لسلطة رأس المال وشروطه. وفي عمله يقوم العامل ببذل جهد ضمن ساعات عمل والتي تقسم بما يعرف بوقت العمل الضروري الأول ، يقوم العامل ببذل الجهد الضروري لإنتاج سلعة ما ووقت العمل الإضافي ، ووقت العمل الضروري هي ما يقبض العامل ثمنه والتي لا تكاد تكفي سوى لسد رمقه وإبقائه قادر على البقاء حيا ليعمل في اليوم التالي ، بينما الحديث عن الوقت الإضافي فهو الذي سيستولي عليه الرأسمالي وهو عادة يكون ضعف الوقت الضروري في تقسيم ساعات يوم العمل والذي يحرص رب العمل على إدامته أطول فترة ممكنة . وهذا ما يفسر أن العامل يبقى طوال عمره عامل والمالك الرأسمالي يتطور رأسماله وينمو بثروته ، فإذا ملك مصنعا اليوم باستغلاله لجهد العامل باتفاقيات العمل المأجور نجده بعد فترة يملك مصنعين أو أكثر بينما حال العامل وصحته لا تزداد سوى فقرا ومرضا ، وتزداد شراسة الرأسمالي في هذه العملية وجهوده لكي يزيد يوم العمل وإطالته ، فإذا كان يوم العمل ثماني ساعات فهو يحاول إطالته إلى عشرة أو أكثر وإذا لم تفلح جهوده فمعركته تتحول إلى الضغط على العامل لتسريع العمل وبالتالي تسريع جهد العامل ليأخذ منه كمية إنتاج وجهد إضافي في نفس ساعات العمل ، قد يقول البعض أن ليس من العدل أن يأخذ العامل نصيبا كنصيب الرأسمالي في العملية الإنتاجية من باب فلسفة السلم الاجتماعي والخضوع والتسليم القضائي، فهذا تبرير يبدو منطقي، ولكن أن اللامنطق فيه هو عدم النظر في التاريخ التطوري للملكية أولا وثانيا أن ملكية الرأسمال لا يمكن لها إحداث عملية نمو وتراكم رأس المال بدون الجهد الضروري اجتماعيا لإنتاج السلع والذي يملكه العامل في معادلة العمل الرأسمالي المأجور والذي يكون العامل في هذه المعادلة هو الطرف الأضعف. وثالثا هل منجزات الإنسانية وعلومها حكر للرأسمالي ؟؟ فمعروف أن العلوم الاجتماعية وكافة المعارف البشرية والتقدم هو مجهود بشري اجتماعي متراكم ومتوارث للإنسانية وهو من حق الإنسانية جمعاء فأي فكرة في تطور الصناعة ـ تكنولوجي ـ لا يملك الرأسمالي الحق باحتكارها لنفسه دون غيره ، هذا الاحتكار الذي أوصل البشرية جمعاء لأزمة شديدة مرتبطة بجشع الرأسمالي وسعيه مراكمة رأس المال ، فكافة العلوم والإنجازات العلمية امتدت لها يد رأس المال والاحتكارات بتوجيهه وامتلاكه، فالشركات الرأسمالية هي أكبر ممول للأبحاث وهذا هو أبشع استغلال وذلك بحيازة العقول ومنجزاتها وتوجيهها بما يخدم غرض التراكم لرأس المال لديهم فكثيرا من الأبحاث الناجحة في المجال الطبي مثلا والتي في حال تطبيقها يمكن أن تخفف الكثير من معاناة البشرية وأمراضها المنتشرة ، ولكن ضمن سياسة الامتلاك وجشع مضاعفة نهب القيمة الزائدة نجد هذه الأبحاث تبقى طي الكتمان في الأدراج وذلك لسبب بسيط هو أن تطبيقها سوف يقلل من نسبة (الأرباح) كما يسميها الرأسمالي أي القيمة الزائدة. هناك من يحاول تميع وتغيب الصراع الطبقي في المجتمع الفلسطيني بادعاء أن ما ينطبق على واقع الدول الصناعية الأوروبية لا يتماثل مع واقع الشعب الفلسطيني؟؟؟ إن مثل هذا الإدعاء هو هروب من مواجهة الواقع وذلك لأن العمل المأجور وهو أساس الرأسمالية موجود في المجتمع الفلسطيني كما في باقي المجتمعات رغم خصوصية الواقع الفلسطيني، والتمايز الطبقي في المجتمع الفلسطيني موجود كذلك لكن خصوصية هذا الواقع لا يفصله عن امتداده العالمي وحركة الرأسمالية على الصعيد العالمي ولو بشكل مختلف . فواقع الشعب الفلسطيني لا يختلف عليه اثنان من حيث تخلفه وخضوعه للاحتلال ، لكن كل ذلك لا يلغي التفاوت الطبقي والعمل المأجور ـ لصالح الرأسمالية ولو بالوكالة ، ودليل ذلك شواهد عدة فأي مراجعة لسجل الحركة النضالية وأعبائها يبرز النسب التي تجعل الأعمى يرى ، وهي النسبة المرتفعة من شهداء ومعتقلين ..الخ كانت من أبناء الشعب الفلسطيني وفئاته المسحوقة والتي لا تملك شيء تخاف عليه أو تخسره في معركة النضال ، كما أن الواقع السياسي وإفرازاته الحالية يعزز هذا التفاوت من ناحية درجة وشدة انخراط الفئات العليا المنتفعة وقبولها بتسوية تلعب فيها دور الكمبرادور ، ومن جهة أخرى فإن العالم اليوم في ظل العولمة المتوحشة قد تسارعت فيه عملية الفرز الطبقي وعمقت درجة الاستغلال للأفراد والشعوب على السواء وهو ما يضفي على معركة الصراع ضرورة تكتل كافة القوى اليسارية الشيوعية والشيوعية حقا بنمط جديد على نطاق العالم. بقلم الرفيق أبو يوسف (عن مجلة الوطن المجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني