PCP

يا عمال العالم اتحدوا

"العمل المغترب" لـ كارل ماركس

العمل المغترب" لـ كارل ماركس علينا الآن أن ندرك الصلة الضرورية بين الملكية الخاصة , الجشع , تقسيم العمل , رأس المال و الملكية العقارية , التبادل و المنافسة , قيمة و تخفيض قيمة الإنسان , الاحتكار , و المنافسة , الخ – الصلة بين نظام الاغتراب هذا بمجمله و نظام النقود. يجب أن نتجنب تكرار خطأ الاقتصادي السياسي , الذي يقيم تفسيراته على بعض الظروف البدائية المتخيلة . إن ظرفا بدائيا كهذا لا يفسر أي شيء . إنه ببساطة يدفع السؤال إلى مسافة غامضة و رمادية . إنه يفترض كحقائق و أحداث ما يفترض به أن يستنتجه – أعني , العلاقات الضرورية بين شيئين , مثلا بين تقسيم العمل و التبادل . بالمثل يفسر علم اللاهوت أصل الشر بسقوط الإنسان – ذلك يعني أنه يفترض كحقيقة في شكل تاريخ ما عليه أن يفسره . سنبدأ من الواقع الاقتصادي اليوم . يصبح العامل أكثر فقرا كلما أنتج ثروة أكثر , كلما زاد إنتاجه قوة و اتساعا . يصبح العامل حتى سلعة أرخص كلما زاد ما ينتجه من السلع . إن انخفاض قيمة العالم الإنساني تزداد في تناسب مباشر مع زيادة عالم الأشياء . لا ينتج العمل السلع فقط , إنه أيضا ينتج نفسه و العمال أنفسهم كسلعة و هو يفعل ذلك بنفس النسبة التي ينتج بها السلع عموما . تعني الحقيقة ببساطة أن الشيء الذي ينتجه العمل , نتاجه , يقف معاديا له كشيء غريب , كقوة مستقلة عن المنتج . إن نتاج العمل هو العمل المتضمن و الذي أصبح مجسدا في شيء , إنه تشييء للعمل . إن تحقق العمل هو تشييئه . في مجال الاقتصاد السياسي , يظهر تحقق العمل هذا كفقدان لواقعية العامل , التشييء كفقدان للشيء و العبودية له , الاستيلاء كانتماء , كاغتراب . هكذا يظهر تحقق العمل إلى هذه الدرجة كضياع للواقع لدرجة أن العامل يفقد واقعيته لدرجة الموت من الجوع . إلى هذه الدرجة يبدو التشيؤ كفقدان للشيء بحيث أن العامل تنتزع منه الأشياء التي يحتاجها بشدة ليس فقط ليعيش بل أيضا ليعمل . يصبح العمل نفسه شيئا يمكن الحصول عليه فقط من خلال جهد شديد و مع انقطاعات تشنجية . إلى هذه الدرجة يبدو استملاك الشيء كاغتراب بحيث أنه كلما زاد إنتاج العامل من الأشياء كلما قلت الأشياء التي يملكها و كلما زاد وقوعه تحت سيطرة إنتاجه , سيطرة رأس المال . كل هذه النتائج مشمولة في هذه الخاصية , بحيث أن العمال يرتبطون بمنتج العمل كما لو أنها شيء غريب عنهم . لأنه من الواضح وفقا لهذه المقدمة أنه كلما زاد العامل من اجتهاده في عمله كلما زادت قوة العالم المغترب المتشيئ ( الموضوعي ) الذي يخلقه , ضده هو , و كلما أصبح هو و عالمه الداخلي أكثر فقرا , و كلما ضعف انتسابهم إليه . إنه نفس الشيء في الدين . كلما اندس الإنسان أكثر في الإله كلما قل حفاظه داخل نفسه . يضع العامل حياته في الشيء , لكنه لم تعد تنتمي إليه بعد اليوم , بل إلى ذلك الشيء . لذلك كلما كان نشاطه أكبر كلما كانت الأشياء التي يملكها أقل . ما يشكل نتاجا لعمله , فإنه ليس هو . لذلك كلما كان هذا الإنتاج أكبر , كلما كان هو نفسه أقل . يعني تجسيد العامل في إنتاجه ليس فقط أن عمله قد أصبح شيئا , وجودا خارجيا , بل أنه يوجد خارجه , بشكل مستقل عنه و مغترب عنه , و أشياء تواجهه كقوة مستقلة , أن الحياة التي منحها للأشياء تواجهه كعدو و كشيء مغترب . لنلق الآن نظرة أقرب على التشيؤ , على إنتاج العامل , و الاغتراب , فقدان الشيء , فقدان إنتاجه , الذي يتضمنه . لا يمكن للعامل أن يخلق أي شيء من دون الطبيعة , دون العالم الخارجي الملموس . إنها المادة التي بواسطتها يحقق العمل نفسه , التي بها يكون فاعلا و التي منها , و من خلال وسائلها , ينتج . لكن كما توفر الطبيعة للعمل وسائل الحياة , بمعنى أن العمل لا يمكنه أن يعيش دون أشياء يمكن أن يمارس نفسه من خلالها , فهي لذلك أيضا توفر وسائل الحياة بالمعنى الأضيق , أي وسائل الوجود الفيزيائي ( أو المادي ) للعامل . كلما زاد استملاك العامل للعالم الخارجي , الطبيعة الملموسة , من خلال عمله , كلما زاد حرمانه لنفسه من وسائل الحياة من وجهين : أولا , يصبح العالم الخارجي الملموس شيئا ينتمي إلى عمله بشكل أقل فأقل , وسيلة حياة لعمله , و ثانيا , كلما أصبح أقل فأقل وسيلة للحياة بالمعنى المباشر , أي وسيلة للوجود المادي للعامل . بهذين الوجهين , إذا , يصبح العامل عبدا لشيئه , أولا في أنه يتلقى شيئ العمل , أي أنه يتلقى العمل , و ثانيا , في أنه يتلقى وسائل وجوده . أولا عندها بحيث يمكنه أن يوجد كعامل , و ثانيا كذات مادية ( أو كموضوع مادي أو فيزيائي ) . ذروة هذه العبودية هي أنه كعامل فقط يمكنه أن يحافظ على وجوده كذات مادية و أنه فقط كذات مادية يكون عاملا . ( يعبر عن اغتراب الإنسان في شيئه وفقا لقوانين الاقتصاد السياسي بالطريقة التالية : كلما أنتج العامل أكثر , كلما قل ما يملكه ليستهلك , كلما زادت القيمة التي يخلقها , أصبح فاقدا أكثر للقيمة , كلما زاد تجسد إنتاجه كلما زاد العامل تشوها , كلما زاد تحضر شيئه ( أي إنتاجه – المترجم ) كلما زادت بربريته , كلما زادت قوة العمل , كلما زاد عجز العامل , كلما أصبح العمل أكثر ذكاءا , كما زاد العامل غباءا و أصبح أكثر عبدا للطبيعة ) . يدخل الاقتصاد السياسي الاغتراب في طبيعة العمل بتجاهل العلاقة المباشرة بين العامل ( العمل ) و الإنتاج . من الصحيح أن العمل ينتج المعجزات ( أو الأعاجيب ) للأغنياء , لكنه ينتج الحرمان للعامل . إنه ينتج القصور , لكن فقط الأكواخ للعامل . إنه ينتج الجمال , لكنه ينتج البشاعة فقط للعامل . إنه يستبدل العمال بالآلات , لكنه يلقي ببعض العمال خلفا نحو أشكال بربرية من العمل و يحول آخرين إلى آلات . إنه يخلق الذكاء لكنه يخلق الحماقة و القماءة للعامل . إن العلاقة المباشرة للعمل بإنتاجه هي علاقة العامل بأشياء إنتاجه . إن علاقة الإنسان الثري بأشياء الإنتاج و بالإنتاج نفسه هو فقط نتيجة لهذه العلاقة الأولى , و تؤكدها . سندرس هذا الجانب الثاني فيما بعد . لذلك عندما نسأل ما هي العلاقة الأساسية للعمل , فإننا نتساءل عن علاقة العامل بالإنتاج . لقد اعتبرنا الاغتراب حتى الآن , اغتراب العامل , فقط من جانب واحد – أي علاقته بمنتجات عمله . لكن الاغتراب يعبر عن نفسه ليس فقط في النتيجة , بل أيضا في فعل الإنتاج , داخل فعالية الإنتاج نفسها . كيف يمكن لنتاج نشاط العامل أن يواجهه كشيء غريب إذا لم يكن في الواقع يبعد نفسه أثناء فعل الإنتاج عن نفسه ؟ فالإنتاج في نهاية المطاف هو ببساطة خلاصة أو مجمل الفعالية , و الإنتاج . لذا إذا كان نتاج العمل هو الاغتراب , يجب أن يكون الإنتاج نفسه اغترابا فعالا , هو اغتراب الفعالية , فعالية الاغتراب . يلخص اغتراب الشيء عن العمل الاغتراب فقط , الاغتراب في فعالية العمل نفسها . ما الذي يشكل اغتراب العمل ؟ أولا واقع أن العمل شيء خارجي بالنسبة للعامل – أي لا ينتمي إلى وجوده الضروري , و أنه لذلك لا يقوي أو يثبت نفسه في عمله , بل إنه ينكر ذاته , يشعر بالبؤس و أنه غير سعيد , لا يطور طاقة عقلية و جسدية حرة , بل يميت جسده و يدمر عقله . بالتالي يشعر العامل بنفسه فقط عندما لا يعمل , و عندما يعمل لا يشعر بنفسه . إنه في منزله عندما لا يعمل , و ليس في منزله عندما يعمل . لذلك فإن عمله غير طوعي بل قسري , إنه عمل سخرة . إنه لذلك ليس إشباعا لحاجة بل مجرد وسيلة لتلبية الحاجات خارجه . إن صفته المغتربة تظهر بوضوح في واقع أنه ما أن تزول الإكراهات المادية أو غيرها حتى يتجنبه كالطاعون . العمل الخارجي , العمل الذي يغترب فيه الإنسان عن نفسه , هو عمل تضحية بالنفس , إماتة الجسد . أخيرا , تتجلى الصفة الخارجية للعمل عن العامل في حقيقة أنه لا ينتمي إليه بل إلى شخص آخر , و أنه خلاله لا ينتمي إلى نفسه بل إلى شخص آخر . تماما كما في الدين تعزل الفعالية العفوية للمخيلة الإنسانية , الدماغ البشري , و القلب البشري , نفسها عن الفرد و تعاود الظهور كفعالية مغتربة للإله أو الشيطان , بحيث أن نشاط العامل ليس نشاطه العفوي . إنه ينتمي للآخرين , إنه فقدان لذاته . النتيجة هو أن الإنسان ( العامل ) يشعر أنه يتصرف بحرية فقط في أعماله أو وظائفه الحيوانية – الأكل , الشراب , و التناسل , أو في أقصى حد في منزله و زينته – بينما في وظائفه الإنسانية فإنه ليس أكثر من حيوان . صحيح أن الأكل و الشراب و التناسل , الخ , هي أيضا وظائف إنسانية أصيلة . لكن عندما يجري تجريدها عن بقية جوانب النشاط الإنساني و تحول إلى أهداف نهائية و حصرية , عندها تكون حيوانية . لقد اعتبرنا فعل اغتراب النشاط الإنساني العملي , العمل , من وجهين : ( 1 ) علاقة العامل مع نتاج العمل كشيء مغترب ذا سلطة عليه . العلاقة هي في نفس الوقت علاقة مع العالم الخارجي الملموس , مع أشياء الطبيعة , كعالم غريب يواجهه , في معارضة عدائية . ( 2 ) علاقة العمل مع فعل الإنتاج داخل العمل . هذه العلاقة هي علاقة العامل مع نشاطه الخاص كشيء مغترب و لا ينتمي إليه , النشاط كسلبية أو لا فعالية , قوة على أنها عجز , التناسل على أنه خصاء , طاقة العامل الخاصة الجسدية و الذهنية , حياته الشخصية – لأن الحياة ليست سوى النشاط أو الفاعلية ؟ - كنشاط موجه ضده , مستقل عنه و لا ينتمي إليه . الاغتراب الذاتي , مقارنة مع الاغتراب المشيء المذكور أعلاه . علينا الآن أن نشتق ميزة ثالثة للعمل المغترب من الميزتين اللتين درسناهما الآن . الإنسان هو كائن ينتمي إلى جنس ( أو نوع ) , ليس فقط لأنه يجعل من النوع عمليا و نظريا – سواء جنسه أو جنس بقية الأشياء – شيئا له , بل أيضا – و هذه ببساطة طريقة أخرى لقول نفس الشيء – أنه ينظر إلى نفسه كجنس حي راهن , لأنه ينظر إلى نفسه ككائن كوني و بالتالي فهو حر . حياة الأجناس , سواء للإنسان أو للحيوانات , تكمن ماديا في واقع أن الإنسان , مثل الحيوانات , يعيش على الطبيعة غير العضوية , و لأن الإنسان أكثر كونية من الحيوانات , فكذلك أيضا مساحة الطبيعة غير العضوية التي يعيش عليها أكثر كونية . تماما كما تشكل النباتات , الحيوانات , الحجارة , الهواء , الضوء , الخ , نظريا جزءا من الوعي الإنساني , جزئيا كمواضيع للعلم و جزئيا كمواضيع للفن – طبيعته الروحية غير العضوية الخاصة , وسائله الروحية للحياة , التي عليه أن يعدها أولا قبل أن يستمتع بها و يهضمها – لذلك أيضا فإنها تشكل في الممارسة جزءا من الحياة الإنسانية و النشاط الإنساني . بالمعنى المادي , يعيش الإنسان فقط من هذه المنتجات الطبيعية , سواء في شكل الغذاء , التدفئة , اللباس , المأوى , الخ . تظهر كونية الإنسان نفسها في الممارسة في أن هذه الكونية تجعل من مجمل الطبيعة جسده غير العضوي , ( 1 ) كوسيلة مباشرة للحياة و ( 2 ) كمادة , شيء , و أداة لفعالية حياته . إن الطبيعة هي جسد الإنسان غير العضوي – مما يعني القول الطبيعة بقدر ما تكون غير هذا الجسد الإنساني . يعيش الإنسان من الطبيعة – ذلك يعني أن الطبيعة هي جسده – و أن عليه أن يحافظ على حوار مستمر معها كي لا يموت . القول بأن الحياة الفيزيائية و العقلية للإنسان ترتبط بالطبيعة يعني ببساطة أن الطبيعة ترتبط بنفسها , لأن الإنسان هو جزء من الطبيعة . العمل المغترب ليس فقط ( 1 ) يؤدي لاغتراب الطبيعة عن الإنسان و ( 2 ) اغتراب الإنسان عن نفسه , عن وظيفته الخاصة , عن نشاطه الخاص , و بسبب هذا , فإنه يؤدي لاغتراب الإنسان عن نوعه أو عن جنسه . إنه يحول حياة جنسه إلى وسيلة لحياة الفرد . أولا إنه يؤدي لاغتراب حياة جنسه و حياة الفرد , و ثانيا , إنه يحول هذا الأخيرة , في شكلها المجرد , إلى هدف للأولى , أيضا في شكلها المجرد و المغترب . لأن العمل أولا , نشاط الحياة , الحياة المنتجة نفسها , تبدو للإنسان فقط كوسيلة لإشباع حاجة , حاجة الحفاظ على الوجود المادي . لكن الحياة المنتجة هي حياة النوع نفسه . إنها الحياة و هي تنتج الحياة . إن مجمل خاصية النوع , نوع الميزة أو الخاصية , تكمن في طبيعة نشاط حياتها , و النشاط الواعي الحر الذي يشكل خاصية النوع عند الإنسان . تظهر الحياة فقط كوسيلة للحياة . يوجد الحيوان مباشرة مع نشاط حياته . إنه لا يتمايز عن هذا النشاط , إنه ذلك النشاط بالذات . يجعل الإنسان من نشاط حياته ذاته موضوع إرادته و وعيه . لديه نشاط حياة واعي . ليس الموضوع حتميا عندما يندمج ( يتوحد ) مباشرة . يميز نشاط الحياة الواعي الإنسان مباشرة عن فعالية حياة الحيوانات . فقط نتيجة هذا فهو كائن ينتمي للنوع . أو بالأحرى أنه كائن واع – أي أن حياته الخاصة هي موضوع بالنسبة له , فقط لأنه كائن ينتمي للنوع . فقط بسبب ذلك فإن نشاطه يكون حرا . يقلب العمل المغترب العلاقة بحيث أن الإنسان يجعل , فقط لأنه كائن واع , من نشاط حياته , من وجوده , مجرد وسيلة لوجوده . إن الخلق العملي للعالم الموضوعي , ترتيب الطبيعة غير العضوية , هو إثبات على أن الإنسان كائن ينتمي للنوع أو الجنس واع - أي كائن يعامل الأجناس على أنها وجوده الضروري أو نفسها ككائنات جنسية أو نوعية . من الصحيح أن الحيوانات تنتج أيضا . إنهم يبنون أعشاشا و منازلا , مثل النحل , القندس , النمل , الخ . لكنهم ينتجون فقط حاجاتهم الخاصة المباشرة أو الآنية أو حاجات صغارهم , إنهم ينتجون فقط عندما تدفعهم حاجاتهم المادية المباشرة لفعل ذلك , فيم ينتج الإنسان حتى عندما يكون متحررا من الحاجة المادية و هو حقيقة ينتج فقط عندما يكون متحررا من حاجة كهذه , إنهم ينتجون أنفسهم فقط , فيم يعيد الإنسان إنتاج الطبيعة كلها , تعود منتجاتهم فورا لأجسامهم المادية , حيث يواجه الإنسان نتاجه الخاص بحرية . تنتج الحيوانات فقط وفقا لمعايير و حاجات الأنواع التي تنتمي إليها , فيم يستطيع الإنسان أن ينتج وفقا لمعايير كل نوع و أن يطبق معياره المتأصل على كل شيء , بالتالي ينتج الإنسان أيضا بالتوافق مع قوانين الجمال . لذلك ففي تشكيله لأهدافه يثبت الإنسان أنه كائن ينتسب للنوع أو الجنس . إنتاج كهذا يصبح حياة نوعه أو جنسه الفعالة . من خلالها تبدو الطبيعة على أنها عمله و واقعه . لذلك فإن موضوع العمل , هو تشييئ حياة نوع الإنسان : لأن الإنسان ينتج نفسه ليس فقط عقليا أو فكريا , في وعيه , بل بشكل فعال و حقيقي , و لذلك يمكنه أن يرى نفسه في عالم خلقه هو نفسه . في إبعاد موضوع إنتاجه عن الإنسان , ينتزع العمل المغترب لذلك منه حياته المرتبطة بالنوع أو الجنس , موضوعيته الحقيقية المرتبطة بالنوع , و تحول أفضليته على الحيوانات إلى عائق بحيث أن جسده غير العضوي , الطبيعة , قد أخذ منه . بنفس الطريقة يختزل العمل المغترب النشاط العفوي و الحر إلى وسيلة , إنه يجعل حياة نوع الإنسان وسيلة لوجوده المادي . الوعي , الذي يأخذه الإنسان من جنسه , يحول إلى اغتراب بحيث أن حياة جنسه تصبح وسيلة له . ( 3 ) لذلك يحول العمل المغترب حياة نوع الإنسان – كل من الطبيعة و قوة جنسه الفكرية – إلى كائن مغترب عنه و وسيلة لوجوده الفردي . إنه يؤدي لاغتراب الإنسان عن جسده , عن الطبيعة على أنها توجد خارجه , عن جوهره الروحي , عن وجوده الإنساني . ( 4 ) نتيجة مباشرة لاغتراب الإنسان عن نتاج عمله , عن نشاط حياته , هو اغتراب الإنسان عن الإنسان . عندما يواجه الإنسان نفسه فإنه يواجه أيضا البشر الآخرين . ما هو صحيح في علاقة الإنسان بعمله , بنتاج عمله , بنفسه , هو صحيح أيضا في علاقته مع البشر الآخرين , مع عمل و موضوع عمل البشر الآخرين . في العموم يعني افتراض أن الإنسان مغترب عن وجود جنسه أو نوعه أن كل إنسان مغترب عن الآخرين و أن الجميع مغتربون عن جوهر الإنسان . اغتراب الإنسان , مثل كل علاقات الإنسان بنفسه , يتحقق و يعبر عنه فقط في علاقة الإنسان مع البشر الآخرين . في علاقة العمل المغترب , لذلك يعتبر كل إنسان الآخر بما يتماشى مع المعيار و الوضع التي يجد الإنسان نفسه فيه كعامل . بدأنا من حقيقة اقتصادية , اغتراب العامل و إنتاجه . إننا نعطي هذه الحقيقة شكلا مفاهيميا : العمل المغترب المستلب . لقد حللنا هذا المفهوم , و بقيامنا بذلك حللنا ببساطة الحقيقة الاقتصادية . دعنا الآن ننتقل إلى رؤية كيف يجب على مفهوم العمل المغترب , المستلب , أن يعبر عن نفسه و يعرضها في الواقع . إذا كان إنتاج العمل مغترب عني , و يواجهني كقوة غريبة , فإلى من ينتمي عندها ؟ إلى كائن آخر سواي . من هو هذا الكائن ؟ الآلهة ؟ من الصحيح أنه في الأزمنة القديمة كان أغلب الإنتاج – مثل بناء المعابد , الخ , في مصر , الهند و المكسيك – كان في خدمة الآلهة , تماما كما كان الإنتاج ينتمي للآلهة . لكن الآلهة لم يكونوا وحدهم أبدا سادة العمل . نفس الشيء صحيح عن الطبيعة . و أي تناقض سيكون لو أن الإنسان أخضع الطبيعة أكثر من خلال عمله و أصبحت المعجزات الإلهية شيئا غير ضروري بشكل أكبر بسبب معجزات الصناعة , كلما كان مكرها أكثر على التخلي عن السرور أو الإنتاج و الاستمتاع بمنتجه بسبب الدفاع عن هذه القوى . الكائن المغترب الذي ينتمي إليه العمل و نتاج العمل , الذي يجري العمل الخدماتي له , و الذي في سبيل متعته يجري خلق نتاج العمل , لا يمكن أن يكون غير الإنسان نفسه . إذا لم يكن نتاج العمل ينتمي إلى العامل , و إذا واجهه كقوة غريبة , فإن هذا ممكن فقط لأنه ينتمي إلى إنسان آخر غير العامل . إذا كان نشاطه تعذيبا له , فإنه يجب أن يوفر السعادة و المتعة لشخص آخر . ليست الآلهة , ليست الطبيعة , بل الإنسان نفسه فقط يمكن أن يكون هذه القوة الغريبة فوق البشر . انظر إلى العرض السابق عن أن علاقة الإنسان مع نفسه تصبح موضوعية و حقيقية بالنسبة له فقط من خلال علاقته بالبشر الآخرين . لذلك إذا اعتبر نتاج عمله , عمله المتشيء , كشيء غريب , معادي و قوي , شيئا قويا و مستقلا عنه , عندها تكون علاقته مع ذلك الشيء بحيث أن شخصا آخر – غريب , معادي و قوي و مستقل عنه – هو سيده . إذا ارتبط بنشاطه الخاص كنشاط غير حر , فإنه يرتبط به كنشاط في خدمة , تحت حكم , إكراه , و نير شخص آخر . كل اغتراب ذاتي للإنسان عن نفسه و عن الطبيعة يتظاهر في العلاقة التي يقيمها بين بقية البشر مع نفسه و مع الطبيعة . لذلك فإن الاغتراب الذاتي الديني يتظاهر بالضرورة في العلاقة بين الشخص العادي و الكاهن , أو , بما أننا نتعامل هنا مع عالم روحاني , بين الإنسان العادي و الوسيط ( الروحاني – المترجم ) , الخ . في العالم الواقعي , العملي , يمكن للاغتراب الذاتي أن يكشف عن نفسه فقط في العلاقة العملية , الواقعية , مع بقية البشر . الوسط التي يتقدم فيها الاغتراب هو نفسه وسط الممارسة . لذلك من خلال العمل المغترب لا ينتج الإنسان فقط علاقته مع الشيء و مع فعل الإنتاج كقوى غريبة و معادية , إنه ينتج أيضا العلاقة التي يقف فيها بقية البشر تجاه إنتاجه و منتجه , و العلاقة التي يقف فيها هو تجاه هؤلاء البشر الآخرين . تماما كما يبدع إنتاجه الخاص كفقدان للواقع , كعقاب , و منتجه الخاص كخسارة , كمنتج لا ينتسب إليه , لذلك فإنه يخلق هيمنة غير المنتج على الإنتاج و نتاجه . كما يغترب نشاطه عنه هو , لذلك فإنه يعطي الغريب و فعاليته ما لا ينتمي إلى هذا الغريب . حتى الآن درسنا العلاقة فقط من جانب العامل . الآن , سندرسها من جانب غير العامل . هكذا من خلال العمل المغترب , يخلق العامل علاقة رجل آخر , الذي هو غريب عن العمل و يقف خارجه , مع ذلك العمل . علاقة العامل مع العمل تخلق علاقة الرأسمالي – أو أي كلمة أخرى يختارها المرء لسيد العمل – مع ذلك العمل . لذلك فالملكية الخاصة هي نتاج , نتيجة , النتيجة الضرورية للعمل المغترب , للعلاقة الخارجية للعامل مع الطبيعة و مع نفسه . هكذا تشتق الملكية الخاصة من تحليل فكرة العمل المغترب – أي الإنسان المغترب , العمل المغترب , الحياة المغتربة , الإنسان المغترب . من الصحيح أنا نأخذ فكرة العمل المغترب ( الحياة المغتربة ) من الاقتصاد السياسي كنتيجة لحركة الملكية الخاصة . لكن من الواضح من تحليل هذه الفكرة أنه , رغم أن الملكية الخاصة تظهر كأساس و سبب للعمل المغترب , فإنها في الحقيقة نتيجته , تماما كما أن الآلهة لم يكونوا أصلا سبب بل نتيجة التشوش في عقول البشر . أخيرا , لكن هذه العلاقة تصبح تبادلية . فقط عندما يبلغ تطور الملكية الخاصة نقطة ذروته النهائية , الذي هو سرها , تنبثق من جديد , أي , نتاج تحقق هذا الاغتراب . ( تتوقف المخطوطة هنا ) ــ من المخطوطات الاقتصادية و الفلسفية ( 1844 ) قاسيون ــ


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني