PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مفاهيم أولية حول "ظاهرة الانتهازية والتحريفية في الحركة العمالية والشيوعية(الجزء1)

مفاهيم أولية حول "ظاهرة الانتهازية والتحريفية في الحركة العمالية والشيوعية" ثمة أقسام متعددة للانتهازية وقبل الحديث عن ذلك لا بد من الإجابة على سؤال ما هي الانتهازية ؟ فهناك ثمة ألوان مختلفة ومتعددة من الانتهازية وذلك تبعا لتنوع الطبقات والفئات والشرائح والتيارات في المجتمع ، ولكن رغم ذلك فإن الانتهازية تعني " الانحراف عن الماركسية اللينينية والخروج عنها تحت شعاراتها ومسمياتها مما يعني انحراف نحو المصالح الفئوية الخاصة بدلا من المصالح الطبقية للبروليتاريا ". وعموما تجد أن للانتهازية مفهوما موضوعيا طبقيا من جهة وآخر ذاتيا ، والذاتي هنا في المجتمع الطبقي لا يمكن أن يكون إلا طبقيا في جوهره، لأن التوجهات الانتهازية والتحريفية تعبر عن مصالح طبقية في نهاية المطاف. 1- الانتهازية الموضوعية:- وهي تتمثل في الفكر والممارسة البعيدين كل البعد عن المصالح البروليتارية التي تتجلى مصلحتها الجذرية والرئيسية في النضال اللا هوادة فيه من أجل الاشتراكية ، والابتعاد عن البروليتاريا يأخذ بدوره شكلين الاول: في الجانب الفكري والممارسة العملية بما يخدم مصالح الطبقات الاجتماعية غير البروليتارية وأعداء الشيوعية، أي وفق ما تمليه مصالح لبرجوازية والبرجوازية الصغيرة ، وحتى الإقطاعية والملكية الكبيرة- وهذه التوجهات وخاصة البرجوازية الصغيرة المتلاصقة بالطبقة العاملة، تمهد الطريق للانتهازية والانحراف عن الطريق المبدئي الصحيح لنضال البروليتاريا وحزبها الشيوعي من أجل إسقاط الملكية الخاصة الرأسمالية ، وإحلال محلها الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج الاشتراكية. ثانيا: لا بد من التميز بين العامل (البروليتاري) والطبقة العاملة (البروليتاريا) بوصفها طبقة متجانسة وهناك فئات مختلفة وعناصر من طبقات متنوعة غير بروليتارية تكون داخل إطار الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي ، وهذه الفئات بالدرجة الأولى هي التي تقع تحت تأثير البرجوازية أو البرجوازية الصغيرة أو الإقطاعية وبقاياها، ويمكن أن تظهر لدى شرائح من العمال لديهم مصالحهم أو يتوهمون بذلك فيتميزون عن البروليتاريا كطبقة ، وهذه الفئات أو الشرائح تتناقض مصالحها أو تكون معادية للطبقة العاملة بصورة عامة. 2- الانتهازية الذاتية:- ويمكن أن نعرفها بشكل مختصر بالقول إنها تتمثل في عدم تطابق القول مع الفعل "فالاشتراكي الصحيح ليس هو الاشتراكي بأقواله بل بأفعاله ( لينين- كلمة أمام جلسة مشتركة 29 تموز 1918)". حتى أولئك الذين يسمون أنفسهم بالشيوعيين ألآن يعترفون كلاما بمبدأ الأممية أما الفعل فيستعيضون عنه بالقومية والاستسلامية (لينين مسودة أطروحة حول القوميات وقضايا الاستعمار، 4 تموز 1920)". ومن السمات للانتهازية وخاصة الذاتية منها هي:- أ‌- الانتهازية المفضوحة والتي تظهر ملامحها للجميع أهمها: 1) انعدام الإيمان بالنظرية العلمية وفلسفتها –وأصحابها يطرحون المسائل بصورة مجردة تماما. 2) التردد- يعجز أصحابها عن استخلاص النتائج من النقد والأخطاء. 3) التفكير الطوباوي(وأصحابها يحلقون بخيالاتهم وأحلامهم دون الأخذ بعين الاعتبار الوقائع الملموسة للصراع الطبقي مثل (الوقوع في نشوة النصر). 4) الوقوع بسرعة في الجزع والخوف. ب‌- الانتهازية المغطاة بألوان ثورجية منافقة ومن أشكالها: 1. عدم القدرة على التقاط الأكثر أهمية في اللحظة التاريخية الملموسة والتوهم بأن طرح الشعارات يكافي. وهناك ثلاث مجموعات رئيسية لمختلف أنواع الانتهازية سواء منها الموضوعية أوالذاتية. 1- الانتهازية المكشوفة تقوم وبطريقة مكشوفة على نسج الأضاليل التي مؤداها رفض حقيقة كون الطبقة العاملة هي القوة الحاسمة في النضال من أجل الاشتراكية ، والأكثر أنها تدافع عن الطبقة المستغلة(بكسر الغين) ونظامها ، وأصحابها يخفون عدائهم للطبقة العاملة ولكنهم غير قادرون على الإعلان عن ذلك علنا فيغلفون انتهازيتهم بقالب "عدم الثقة" وتندرج تحت الانتهازية الانتهازية اليمينية. 2- الانتهازية المتأرجحة... تتسم بأن لها وجهين تبادر إلى طرح فكرة ما وبنفس الوقت تطرح النقيض من ذلك وتعتبر نفسها أنها هي الطبقة العاملة وتحارب الحزب الشيوعي داخل الحركة العمالية بإطلاقها أطنان من الكلمات المعسولة عن الاشتراكية ، ولكنها سرعان ما تقع في المطب اليميني وتارة اليساري ، وتقططف مقتطفات مجتزأة من ماركس وانجلز أو القادة الثوريين وتمتدح كثيرا القادة البارزين في الأحزاب الشيوعية وفي نفس الوقت تكن لهم الكراهية وعندما يتاح لها المجال توجه انتقاداتها اللاذعة لهم ، وليس لديها أي انسجام وكأن رأسها منفصل عن جسدها. (مثال كيف كان هؤلاء الانتهازيون يمتدحون ستالين وعندما توفي صبوا جام غضبهم عليه) وفي تاريخ حزبنا أمثلة عن ذلك " إن التظاهر بالثورية ، أو حتى أن يكون الشخص ثوريا، لا يكفي لئلا يكون انتهازيا ويطلق على هؤلاء..المتأرجحون 3- الانتهازية المترددة... وهذه الانتهازية خطيرة لأنها تتحدث كثيرا عن الثورية لكي تخدع الجماهير – ولكنها تتسم بالتردد ويتجلى ذلك في التردد النظري (عدم الثبات النظري) تارة تتحدث عن تبنيها للماركسية ولكنها توضح بأن الماركسية عبارة عن منهج علمي وحسب ، وينسحب ترددها النظري على ممارساتها العملية فأحيانا تتخذ مواقف إلى جانب الليبرالية البرجوازية ، وتارة لا تبدي رأيها بالقضايا المطروحة، وعداؤها للبرجوازية ذو صفة شكلية فقط، صحيح أن للانتهازية أنواع متعددة ومتشعبة إلا أن مضمونها الاجتماعي والسياسي واحد في معظم بلدان العالم. يقول لينين في كتابه العظيم ما العمل : " إن المضمون الاجتماعي السياسي الواحد للانتهازية العالمية المعاصرة يتجلى في هذا المظهر أو ذلك تبعا للخصائص الوطنية وفي هذه البلاد تجمع الانتهازيون منذ أمد طويل تحت لواء خاص ، وفي تلك استخف الانتهازيون بالنظرية وانتهجوا عمليا سياسة الاشتراكيين الراديكاليين وفي بلاد ثالثة فر عدد من أعضاء الحزب الثوري إلى معسكر الانتهازية وأخذوا يسعون إلى بلوغ أهدافهم لا عن طريق نضال صريح في سبيل المبادئ وفي سبيل تكتيك جديد بل عن طريق إفساد حزبهم بصورة تدريجية غير ملحوظة ، لا يعاقبون عليها إن جاز القول ، وفي بلاد رابعة يعمد فارون إلى نفس الأحابيل في دياجير العبودية السياسية وفي ظروف تشابك فريد بين النشاط العلني وغير العلني"...الخ. لقد وقفت الماركسية اللينينية موقفا حازما دون هوادة من هذه الظاهرة وحض مؤسسو الماركسية اللينينية على محاربتها في صفوف الأحزاب الشيوعية وداخل صفوف الطبقة العاملة ، ونبهت الماركسية إلى مخاطر الاتحاد أو الاندماج معها في تنظيم واحد يتحول إلى اتحاد فوضوي غير قادر على النضال الجاد من أجل انتصار الاشتراكية وحول الوحدة أو الاتحاد مع بقية الفصائل يقول لينين :"..... ونحن نعلم قبل أن نتحد ولكيما نتحد ينبغي في البدء أن نعين بيننا التخوم بحزم ووضوح " (بيان هيئة تحرير الايسكرا ) . وكتب ماركس إلى زعماء الحزب منبها :" إذا كان هناك حاجة إلى الاتحاد فاعقدوا معاهدات بغية بلوغ أهداف عملية تقتضيها الحركة ، ولكن إياكم والمساومة على المبادئ إياكم والتنازل النظري" ، ويعلق لينين على كلام ماركس بقوله : "هذه هي فكرة ماركس وهنا نحن نجد بيننا أناسا يستغلون اسمه للتقليل من أهمية النظرية في الوقت الذي لا يوجد فيه حركة ثورية بدون نظرية ثورية (ما العمل). وهؤلاء دائما يتحدثون عن ضرورة التطوير وتجديد الماركسية ويتهمون الآخرين بالتحجر إلى آخره"، وعلق لينين على مثل هؤلاء بقوله " إن العبارات الطنانه عن تحجر الفكر وما إلى ذلك تخفي وراءها عدم الاهتمام بتطوير الفكر النظري والعجز عن تطويره (لينين – ما العمل)". إن التقدم الذي أحرزته الماركسية وانتشار أفكارها ورسوخها في صفوف الطبقة العاملة ، أثار ضدها هجمات البرجوازية التي أخذت تتصاعد بكل ضراوة، وبطبيعة الحال لم ترسخ الماركسية مواقعها دفعة واحدة ففي السنوات الخمسين الأولى من وجودها ، إي منذ أعوام الخمسينيات في القرن التاسع عشر كافحت الماركسية النظريات المعادية لها بصورة جذرية. في النصف الأول من العقد الخامس (القرن 19) صفى ماركس وأنجلز الحساب مع الهيغليين الراديكاليين الشباب الذين كانوا يتبنون وجهة نظر المثالية الفلسفية ، وفي نهاية العقد الخامس احتدم النضال ضد المذاهب الاقتصادية، ضد البرودونية في سنوات العقد السابع (القرن 19) تم طرد الباكونينية من الأممية . وفي العقد الثامن دحض دوهرينغ وبذلك تغلبت الماركسية على جميع الإيديولوجيات الأخرى للحركة العمالية، وفي النصف الثاني من القرن الأول لوجود الماركسية بعد عام 1980 بدأت التيارات المعادية للماركسية النضال ضدها في قلب الماركسية، فظهرت التيارات الانتهازية والتحريفية في معظم البلدان واتخذت في البداية أشكال محددة منها تعمل لتعديل الماركسية فلسفيا – اقتصاديا وسياسيا. ففي حقل السياسة... حاولت النزعة التحريفية أن تعيد النظر بالفعل في أساس الماركسية أي في نظرية الصراع الطبقي. يقول التحريفيون أن وجود الحرية السياسية والديمقراطية وحق الانتخاب العام لا يدع مجالا للنضال الطبقي ، وحاولوا أن يثبتوا أن الدولة ليست جهازا للسيطرة الطبقية ، ما دامت إرادة الأكثرية هي التي تسود في ظل الديمقراطية ، ولكن الأحداث اللاحقة منذ كومونة باريس مرورا بثورة 1905 في روسيا حتى يومنا هذا برهنت بأن البرجوازية على استعداد دائم لسحق الحركة البروليتارية ولن تتردد ثانية واحدة عن عقد صفقة مع عدو الوطن ، ومع الجيوش الأجنبية ولو أشاعت الخراب والدمار في وطنها ، ومن لا يدرك ذلك لا يفقه شيئا في الديالكتيك ولا يعرف أن النظام البرلماني غطاء تضليلي تقوم به البرجوازية لخداع العمال. إن جوهر السياسة التحريفية هو نسيان المصالح الجذرية للبروليتاريا الكامنة في تغيير النظام الرأسمالي وإقامة الاشتراكية محله وكل من يضحي بهذه المصالح الجذرية من أجل منافع وقتية ، فعلية أو مفترضة (حسب لينين) فهو تحريفي بامتياز. إن ما يجعل النزعة التحريفية أمرا محتما ، إنما هو جذورها في المجتمع المعاصر ، فالنزعة التحريفية ظاهرة عالمية ، ولا يمكن لأي اشتراكي ولو كان قليل الاطلاع والتفكير أن لا يميز بين من يتبنى ماركس بالفعل ومن يعمل ضد ماركس تحت غطاء الحرص على ماركس. ما الذي يجعل النزعة التحريفية أمرا محتما في المجتمع الرأسمالي ؟ في كل بلد رأسمالي تقوم أبدا إلى جانب البروليتاريا فئات واسعة من البرجوازية الصغيرة من صغار أرباب العمل ، يقول لينين " إن الإنتاج الصغير قد ولد وما يزال يولد الرأسمالية على الدوام ، والرأسمالية تخلق حتما من جديد جملة كاملة من الفئات المتوسطة (هؤلاء المنتجون الصغار المنتشرون في جميع البلدان) ، إن هؤلاء المنتجين الصغار يدفعون بدورهم حتما إلى صفوف البروليتاريا ، ويصبح من الحتمي أن تتسرب المفاهيم البرجوازية الصغيرة إلى صفوف الأحزاب العمالية الواسعة". إن نضال الماركسية الثوري الفكري ضد النزعة التحريفية ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو انتصار قضيتها العامة ، رغم كل تردد العناصر البرجوازية الصغيرة وتخاذلها (لينين-1908) . يقول لينين " ينبغي أن لا نخشى الصراع الفكري الداخلي ما دام ضروريا فهو يزيد الحزب صلابة وثباتا في غمرة نضاله ونحن ملزمون بتوضيح خلافتنا خصوصا." ويقول لينين " نحن ندعو الرفاق البلاشفة إلى الوضوح الفكري وإلى نبذ جميع النمائم السرية ، أيا كان مصدرها ، وهناك عدد لا يحصى من هواة الاستعاضة عن النضال الفكري في أهم المسائل جدية وجذرية بالمشاحنات الحقيرة المفعمة بروح المناشفة بعد المؤتمر الثاني ، فلا يجوز أن يكون لهم مكان في بيئة البلاشفة". ابراهيم زعيتر يتبع....


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني