PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الأزمة الراهنة: مؤشر على «تهالك» الرأسمالية أم تجديد «دوري» لها؟!

الأزمة الراهنة: مؤشر على «تهالك» الرأسمالية أم تجديد «دوري» لها؟! أ» «في المنهج» لاشك بأنه كان ولا يزال سبب «الأزمة» في نمط الإنتاج الرأسمالي هو التناقض الأساسي: التناقض ما بين الطابع الاجتماعي للإنتاج والتملك الرأسمالي الفردي لنتائج الإنتاج. والرأسمال بهذا المعنى: على حد قول كارل ماركس: «علاقة اجتماعية»!. هذا «التناقض الأساسي» هو قضية محسومة لا جدال فيها. ولكن علينا هنا أيضاً ونحن نكرر المسلمات ألا نغفل مسألة بالغة الأهمية ألا وهي: سبب تعاقبية الأزمة بشكل رئيسي. وهي مسألة يبدو أن البعض لم ينتبه لها ولا أدري لماذا؟. وأسباب تعاقبية الأزمة هي التي تقود إلى تعديلات في دورة الأزمة الاقتصادية ــ ضمن تطور الرأسمالية ذاتها ــ فقد دلت التجربة بأن تعاقبية الأزمات بالضبط سير ومدة دورة الأزمة بمجملها إنما تتعلق بعدد كبير من العوامل كقدرة السوق الدولية على استيعاب السلع والأجر الحقيقي للطبقة العاملة أي مسار ممارسة الصراع الطبقي و..... الخ. غير أن هنالك عوامل حاسمة من بين هذه العوامل العديدة هي ما أبدع بها كارل ماركس. فقد توصل هذا الأخير وبناء على تحليله العلمي الشامل لعملية إعادة الإنتاج الرأسمالية إلى الاستنتاج بأن الأساس المادي لتعاقبية الأزمات الاقتصادية إنما تقوم بصورة رئيسية على دوران الرأسمال الثابت ذو الاهتلاك الفيزيائي والاهتلاك المعنوي!!. وهذا الأخير هو المهم في عملية التعاقب. وقد صاغ ماركس العلاقة ما بين دوران رأس المال الثابت وتعاقبية الأزمات كالتالي: «إذن بدرجة تطور قيمة وحدة الرأسمال الثابت الموظف خلال تطور نمط الإنتاج الرأسمالي تتطور أيضاً حياة الصناعة، والرأسمال الصناعي في كل توظيف لأربع سنوات من العمر قل وسطياً لعشر سنوات. وإذا ما أمد تطور الرأسمال الثابت بهذه الحياة من جهة فإنه من جهة أخرى يعقدها التثوير الدائم لوسائل الإنتاج الذي يزداد بدوره مع تطور نمط الإنتاج الرأسمالي ومع هذا التطور كذلك تغيير وسائل الإنتاج وضرورة استبدالها الدائم تبعاً لاهتلاكها المعنوي قبل أن تهتلك فيزيائياً بكثير. ويمكن الظن أن دورة الحياة لفروع حاسمة في الصناعة الكبيرة تبلغ الآن وسطياً عشر سنوات. غير أن الأمر لا يتوقف هنا على الرقم المحدد. إنما يمكن التوصل إلى أنه عبر هذه الدورة التي تشمل مجموعة من السنوات والمؤلفة من دورانات متعلقة ببعضها حيث يبعد الرأسمال من قبل جزئه الثابت تتكون قاعدة مادية للأزمات المتعاقبة حيث يمر المشروع الرأسمالي بفترات متلاحقة من الاسترخاء، والحيوية، المتوسطة والاندفاع المتهور والأزمة. حقاً إن الفترات التي يجري فيها توظيف رأس المال مختلفة ومتباعدة إلا أن الأزمة تشكل دائماً نقطة الانطلاق لتوظيفات كبيرة. وبالتالي تشكل أيضاً ــ بالنظر إلى كامل المجتمع ــ إلى هذا الحد أو ذاك قاعدة مادية جديدة لدورة الدوران المقبلة (كارل ماركس ــ رأس المال ــ ج2)». ولقد تقلصت الدورة كثيراً وذلك نتيجة تسارع الثورة العلمية والتقنية وبالتالي في الاهتلاك المعنوي السريع للرأسمال الثابت. وذلك لأن أساس دوران الرأسمال ليس اهتلاكه الفيزيائي فحسب فهذا يميل بالعكس إلى أن يطول الاهتلاك المعنوي. فمع تسارع الثورة العلمية والتكنولوجية يتكون ميل موضوعي لاختصار زمن التوظيف الجديد، زمن دوران الرأسمال وبذلك يتم الاختصار من دورة الأزمة الاقتصادية. وبالفعل فمع الانتقال من مرحلة المنافسة الحرة ــ التسمية كلها كذب ــ إلى المرحلة الإمبريالية وتحديداً ما بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت سلسلة من التغيرات في المسار الدوري لعملية إعادة الإنتاج الرأسمالية. وبصورة رئيسية يمكن رؤية الظواهر التالية: 1 ــ بالانطلاق من أزمة /1974 ــ 1976/ لم تعد دورة الأزمة في البلدان الإمبريالية المتطورة تسير بصورة متزامنة فلقد انشطرت دورة الاقتصاد الرأسمالي العالمي خلال العقدين والنصف بعد الحرب العالمية الثانية وكانت قد تميزت حتى ذلك الوقت بطابعها الموحد أصبحت القاعدة أن يتوافق الازدهار في بعض البلدان مع أزمات وركود في بلدان أخرى. 2 ــ لم تعد الحركة الدورية لنمو الصناعة الرأسمالية في كل دورة إلى تراجع مطلق في الإنتاج إنما فرضت الدورة نفسها بصورة رئيسية في صعود وهبوط دوريين لمعدلات نمو الاقتصاد. فقد جرى تعديل لمجرى المراحل «الكلاسيكية» الأربع: أزمة ــ انحطاط ــ تنشيط ــ انتعاش ــ ويتجه هذا التعديل إلى خلط الحدود بين مرحلة الأزمة والانحطاط من جانب وبين مرحلة التنشيط والانتعاش من الجانب الآخر. بذلك تنحل الدورة بصورة متزايدة في مرحلتين كبيرتين: مرحلة انحدار، ومرحلة صعود. 3 ــ بالارتباط مع الدورة الاقتصادية تبرز في جميع مراحلها سلسلة من المظاهر التأزمية الدائمة أو المزمنة مثل أزمات العملات والركود التضخمي ومظاهر أخرى .... الخ. وعدم الاستقرار يزداد وهذا يعني أن مسار عملية إعادة الإنتاج يزداد اتساعاً بالتشابك بين المظاهر التأزمية الدورية والدائمة. وتعود أسباب هذه التغيرات في دورة الأزمة الرأسمالية إلى الشروط المتغيرة لإعادة الإنتاج الرأسمالية التي تنبثق عن الثورة العلمية التقنية. وبالارتباط مع ذلك تعود الأسباب المذكورة كذلك إلى التكون التام لرأسمالية الدولة الاحتكارية في البلدان الرأسمالية المتطورة(1). « ب » للأزمة ظواهر تتمظهر بها وأزمة /1929 ــ 1933/ المشهورة قد تمظهرت بأزمة نقدية تسليفية، أو لنقل أن الأزمة الاقتصادية قد مهدت لنفسها بانهيار النظام التسليفي، بانهيار مصرفي مصحوب بدمار اجتماعي طبقي غالباً لصغار ومتوسطي المستثمرين الرأسماليين الذين لا يجدون بين أيديهم سيولة نقدية للاستمرار. في تشغيل منشآتهم. والمنطق البرجوازي يتوقف أو يطيل الوقوف عند «الأزمة المالية» كما يحصل الآن. وقطعاً ما من أزمة تتساوى مع الأخرى ولكن ثمة مظاهر أساسية تشترك بها كافة الأزمات كانهيار وإفلاس البنوك، أزمة تجارية، فيض إنتاج، إتلاف سلع، بطالة، تخفيض أجور. دمار فظيع للفلاحين والحرفيين، احتدام غير اعتيادي للتناقضات الطبقية. ولكن مع الانتقال إلى مرحلة «الإمبريالية» فقد برزت مع الأزمات مظاهر «نوعية» جديدة وبالأخص ما بعد الحرب العالمية الثانية تظاهرة «الركود التضخمي»و «الأزمات النقدية والمالية» وهذا يعني أن الإمبريالية تقوّي وتفاقم التناقض الأساسي الذي هو سبب الأزمات الاقتصادية «الدورية» المعدلة!!. وهذا ما يجعل الهزات الاقتصادية والاجتماعية أكثر عمقاً وشمولاً والصراع الطبقي أكثر احتداماً. إن الانتقال من مرحلة «المنافسة الحرة» إلى مرحلة «الإمبريالية» إنما يعني تعمق الأزمة واستمراريتها. أطول فترة زمنية ممكنة في مراحل الدورة الاقتصادية: المعدلة!!. يمكن لنا هنا الحديث كثيراً في مسلمات الماركسية حول: «الأزمة» ولكن هذا لن يساعدنا في شيء يذكر إذا لم تربط هذه المسلمات بتطورات الرأسمالية الراهنة. بل إن تكرار هذه المسلمات يُذكرنا بالخطاب الإيديولوجي القومي الذي يُعِيد ويكرر علينا بأن إسرائيل دولة: عدوانية وعنصرية واستيطانية ولا تفرق ما بين الحجر والبشر. وتحديداً عندما، تشن إسرائيل حرباً ضروس على «الأمة العربية». حتى الإسلام قد فتح باب الاجتهاد بالضبط عدم إلغاء العقل. فإما أن يصيب المرء أو يُخطئ. المهم ألا تلغي العقل والواقع الراهن بتكرار المسلمات والبديهيات أو نحجب ذاك بهذا. الماركسية تقدم لنا الخطوط العريضة فقط وعملية تكرار الخطوط العريضة إنما يعني تحنيط الماركسية بل ابتذالها فالجميع من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين إن شئتم يدرك أن الأزمة سببها «النظام الرأسمالي» سببها التناقض الأساسي في هذا النظام وأن دوران رأس المال الثابت ذو الاهتلاك الفيزيائيو «المعنوي» بشكل خاص هو السبب الرئيسي في تعاقبيتها. ولكن السؤال المطروح ــ وهنا نحاول بهذا السؤال تجاوز «التكرار للمسلمات والبديهيات ــ هل هذه الأزمة هي أزمة «»مؤقتة من طبيعة انتقالية وسوف يتم تجاوزها بمرحلة من «التوسع» الإمبريالي الجديد. أم هي أزمة مستمرة بالضبط ليست دورية؟ هنا مربط الفرس وهنا يكون الحوار الصراعي. بدون لف أو دوران بل إن الأجوبة على هذا السؤال إنما يعني بالضبط تحديد المواقف الماركسية من المواقف الانتهازية المنزلقة إلى الخطاب «الثقافوي» الإمبريالي. وسوف أشير هنا إلى، ملف، «الانهيار الاقتصادي الكبير» الذي نشرته جريدة «النور» في العددين /362 ــ 363/ ولن أتوسع كثيراً في هذه الإشارة النقدية. هذا الملف «النوري» قدم لنا: «علاك فاضي» وهذه ليست مسبة أو تهمة أبداً بالضبط «علاك فاضي» أو: «ثرثرة فوق النور»! وأصر على هذا الكلام ولا أطلب حذفه. فلقد صمم جهابذة «الملف»أن يكون «الملف» بعيداً عن «الرؤية الماركسية» تحديداً بقناع: مديح ماركس!!. إنه «ملف» قد أعد مسبقاً!! بشكل انتقائي للمقالات فلا مقال واحد في «الملف» له علاقة بالماركسية لا من قريب ولا من بعيد كأن هنالك بل هنالك موقف مسبق الصنع في زخرفة الملف بمقالات دوغمائية تافهة ورخيصة. جذرها الرئيسي: الديماغوجيا وفصل الاقتصاد عن المادية التاريخية!!! أي أن هذه المقالات الفارغة قد اعتمدت لغة اقتصادوية مع مصطلحات تجريدية فارغة ومبتذلة. فـ «الاقتصاد»لغة البرجوازية في ممارستها: أجور أرباح سعر الكلفة السوق .... الخ. أما «المادية التاريخية» فهي لغة الماركسية وبالضبط في تناول: «الأزمة» الراهنة. بل إن السيد «حمارنة(*)»! ينقل لنا في تناول «الأزمة الراهنة» أو «الانهيار الاقتصادي الكبير» بعض ردود الفعل على هذا الانهيار الكبير، كما حصل ظاهرياً ــ تجريبياً نموذجياً: حيث قال فلان وقالت فلانة من المسؤولين البرجوازيين .. ولا أدري لماذا هذا الرجل أمين «عام» لحزب شيوعي أردني؟ بعيداً عن الـ «حمارنة» ما من أزمة إلا وتعبّر عن توقف أو انقطاع في تحقيق قانون القيمة ــ وهنا المشكلة ــ بالترابط مع تأثير حركة الصراع الطبقي السياسي. والأزمة هنا هي تعبير عن أن الرأسمالية ليست خالدة، ليست نهاية التاريخ بل فاصلة في التاريخ إن كل «أزمة بهذا المعنى هي أزمة لعلاقات الإنتاج الرأسمالية». والآن ما هو الجواب على السؤال الذي طرحناه منذ قليل؟ حسناً .. إذا كان الجواب بأن الأزمة هي أزمة مؤقتة أو دورية (ويستشهدون بماركس حول ذلك حيث يقول ماركس: بأن الأزمات ليست سوى حلول قسرية آنية للتناقضات المتواجدة. هي هيجان عنيف يُعيد مؤقتاً التوازن المختل .... الخ). فإن هذا التجاوز «للمؤقت» سيكون بـ «توسع» معولم جديد. وبنهضة تقنية جديدة وازدهار جديد.و «مرحلة سلمية» جديدة بلو «ليبرالية» ما زال الصراع حول اتجاهاتها مستمراً أو كما قال السيد نبيل مرزوق(**) في «الملف» العبقري: «وما نأمله هو وعي درس الأزمة الحالية واتخاذ الإجراءات المناسبة لتحفيز وتطوير عناصر القوة والنمو في اقتصادنا الوطني انطلاقاً من أن التطور الحالي لليبرالية الاقتصادية ليس الصيغة النهائية للرأسمالية وإنما هو مرحلة من مراحل التطور الرأسمالي ما زال الصراع حول اتجاهاتها مستمراً ... الخ»و «إن ما يجري حالياً ليس خللاً ناشئاً وأزمة عابرة بل هو أزمة في التحول والتطور في إطار الرأسمالية»،و «إن الأزمة الحالية ليست نهاية عصر الرأسمالية» هنالك الكثير من السفسطات الممجوجة والمملة في هذا «الملف» الليبرالي «المعتدل»و «يضم هذا الاجتماع كلاً من المحافظين الليبراليين والإصلاحيين «»المعتدلين بل أحياناً ينضم إليهم من كانوا فيما سبق راديكاليين ويولي المحافظون الليبراليون ثقتهم لـ «آليات السوق» إذ ستخلق هذه الآليات الظروف الملائمة لازدهار مرحلة جديدة من «الرخاء» قادرة بدورها على إرساء عصر جديد من «السلام» الدولي ومنح الديمقراطية أقصى حظ لها من الانتشار في أكبر عدد ممكن من الأمم. ذلك إن لم يؤدِ جنون السلطات الحاكمة هنا أو هناك إلى عرقلة ازدهار آليات السوق. وإذا ما كان ينبغي أن يكون هناك قائد لهذه المعزوفة العالمية حتى يتم عبور العاصفة المؤقتة فليكن. ومن هنا تجد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ــ التي يصفها الليبراليون الأمريكيون بأنها نوع من حكم التسامح الكريم ــ ما يبرر القبول بها وقد انضم لوجهة النظر هذه الكثيرون من أنصار مذهب «ما بعد الحداثة» ومما لا شك فيه أن مرحلة التوسع الرأسمالي الجديد ــ في منظور هؤلاء جميعاً ــ لا بديل له. ويجب للحركة الاجتماعية أن تقبل التكيف مع الظروف الجديدة فهو شرط نجاح صراعاتها في المستقبل(2)». إن هذا المنطق الذي يرى في الأزمة أنها أزمة مؤقتة دورية .. إنما يقود إلى لا لزوم لما يلزم للأحزاب الماركسية. بالضبط انتهاج طريق النضال بكافة الأشكال المناسبة لأجل «الاشتراكية» أو بمعنى آخر: إن انتهاج طريق النضال لأجل الاشتراكية لأجل «الثورة» الاشتراكية لا لزوم له، ليس مطروحاً البتة على جدول الأعمال وذلك لأن مرحلة هائلة من «التراكم» قادمة وذلك لأن الرأسمالية سوف تـُعقلن نفسها. فالرأسمالية في أزمتها «الدورية» هذه سوف تحل أزمة التراكم القائمة والبعض هنا يبشر بـ «كنزية جديدة» على طريقة «محمد الجندي» صاحب مقولة «الإدارة»و «الإنسان» أو «الناس» المأخوذة من علم الاجتماع التبسيطي! في ملف النور الكنزي. وأكثر من ذلك إن اعتبار هذه الأزمة دورية مؤقتة إنما يعني أن المراكز سوف تسمح للأطراف بتطور رأسمالي معقول ومُعقلن حتى وإن كان في إطار «التبعية» وبالمعنى البرجوازي في إطار «تفاعل الحضارات والثقافات» وسوف تغدق على الأطراف بالرساميلو «التطور»و «التحديث» بل ويُتحفنا المرزوق بعد اغتيال الأشجار بقوله: «ويبدو أن تفاعلات الأزمة والركود الذي سينشأ عنها قد يدفع العديدين وخاصة من التابعين وليس القادة في النظام إلى محاولة فرض نوع من العقلانية على تطور النظام واتجاهاته وقد تكون هذه فرصة للدول النامية لالتقاط الأنفاس ومراجعة السياسات وبناء إستراتيجيات تنمية وطنية بعيداً عن الاملاءات والتوصيات الخارجية وهذا ما نأمله في سورية على صعيد القرار الاقتصادي ليكون منسجماً مع المصالح الحيوية للشعب السوري، في التقدم والازدهار» ... «هذا ما نأمله». إنه «الأمل» فلتعش عليه وما نيل المطالب بالأمل» ... أمل حياتي بالضد من ملف النور الديماغوجي وبالضد من الأزمة الدورية فإن الأزمة الراهنة إنما هي علامة على «تهالك» الرأسمالية المؤكد. وعلامة بارزة على ضرورة الاشتراكية بل باتت هذه، الاشتراكية كبديل ممكن مطروحة على جدول أعمال، القوى الثورية. وسأترك القارئ هنا يقرأ ما كتبه مفكر الثورة العالمية سمير أمين، كتب هذا الأخير تحت عنوان: الرأسمالية المتهالكة ما يلي: (1 ــ ليست الأزمة البنيوية التي تغرق فيها الرأسمالية من طبيعة «انتقالية» سيجري تجاوزها بمرحلة توسع معولم جديد. ما نشهده علامات مؤشرة على «تهالك» الرأسمالية وبالتالي ضرورة انتهاج «طريق» الاشتراكية كضرورة موضوعية للإنسانية برمتها، وأقول انتهاج طريق «انتقال طويل» لا «بناءً» منجزاً لاشتراكية هنا أو هناك. أول ظواهر التهالك: الآثار بعيدة المدى للثورة العلمية والتقنية الجارية. إذا كانت هذه الثورة ــ وتحديداً المعلوماتية والأتمتة التي تدفعها ــ تعبر عن نفسها بواقع أن نسبة أعلى من الإنتاج المادي يمكن الحصول عليها بعمل أقل (ولكن أكثر مهارة وتخصصاً) ورأسمال أقل في آن فيجب أن نستنتج إذاً أن نمط الإنتاج الرأسمالي قد استنفد دوره التاريخي لأن الرأسمالية مبنية على سيطرة الرأسمال على العمل. بكلام آخر لم تعد علاقات الإنتاج الرأسمالية تسمح باستمرار تراكم دائم هو الذي يحدد مهمتها التاريخية. أصبحت هذه العلاقات عقبة أمام استمرار إثراء المجتمعات البشرية. علاقات أخرى قائمة على إلغاء الملكية الخاصة للرأسمال باتت ضرورة موضوعية لا «لتصحيح» خارطة توزيع الدخل (في صالح العمل) التي تميل الرأسمالية بذاتها إلى جعلها أكثر تفاوتاً بل لتتاح العودة إلى نمو الثروة المادية الذي غدا مستحيلاً على قاعدة العلاقات الاجتماعية الرأسمالية. معنى ذلك أن الاشتراكية لم تكن مرة على جدول أعمال المقتضيات الموضوعية لتقدم الحضارة مثلما هي اليوم. ثاني ظواهر التهالك: لم تعد الإمبريالية الجماعية للثلاثية الفاعلة على مجمل النظام العالمي تسمح بمتابعة التطور الرأسمالي «التابع» للأطراف. كانت إمبريالية المراحل التاريخية السابقة من التوسع الرأسمالي العالمي تقوم على دور «نشيط» للمراكز «المصدرة» للرساميل نحو الأطراف وكان هذا الدور يكيّف تطورها اللا متناسق بشكل يمكن تسميته عن حق بالتابع أو اللا متكافئ. وسمحت هذه «التصديرات» بدورها بامتصاص الفائض الناتج عن استغلال العمل المضاعف في الأطراف بحيث أن الأرباح المستخرجة كانت تفوق تدفق الرساميل المصدرة. لم تعد إمبريالية الثلاثية الجماعية وبالتخصيص إمبريالية «مركز المراكز» الولايات المتحدة تعمل بالطريقة نفسها فالولايات المتحدة تمتص جزءاً محترماً من الفائض المولـّد في العالم كله. والثلاثية لم تعد مصدّراً مهماً للرساميل نحو الأطراف. والفائض الذي تضخه تحت عناوين شتى (بما فيها دين البلدان النامية وبلدان الشرق) لم يعد الموازن للتوظيفات الإنتاجية الجديدة التي يموّلها والسمة الطفيلية لنمط الاشتغال هذا الذي يشمل كل النظام الإمبريالي هي بذاتها علامة شيخوخة تدفع إلى مقدمة المشرح. التناقض المتصاعد بين المراكز والأطراف (المسمى الشمال ــ جنوب) يلاقي «انطواء» المراكز على نفسها «تاركة الأطراف لمصيرها البائس». ترحيب صنّاع الخطاب الإيديولوجي ــ الإعلامي الراهن بوصفه إثباتاً على أن الإمبريالية قد زالت لأن الشمال قادر على الاستغناء عن الجنوب! تلك مزاعم تكذبها الوقائع يومياً (لماذا وجود منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي وتدخلات حلف شمالي الأطلسي؟) وفوق ذلك تتنكر بذاتها لجوهر الإيديولوجيا البرجوازية الأهلية التي كانت تعرف كيف تؤكد رسالتها العالمية. أليس التخلي عن هذا الدور لصالح خطاب ثقافوي جديد يسمى «ما بعد حداثي» رمزاً على شيخوخة النظام الذي لم يعد يجد ما يقترحه على /80%/ من سكان الأرض؟ 2 ــ هذان المؤشران معاً يعبّران عن نفسيهما من خلال حلول «التدمير اللا خلاق» محل «التدمير الخلاق» في النمط السابق وهنا أتبنى التحليل الذي يقترحه «بينشتاين» يكون هناك «تدمير خلاق، (التعبير لشومبير)» عندما يكون في نقطة الانطلاق تسارع في الطلب ولكن إذا تباطأ الطلب منذ نقطة الانطلاق فإن التدمير الذي يحدثه أي تجديد تكنولوجي لا يعود خلاقاً. يمكننا كذلك أن نحلل هذا التحول النوعي في الرأسمالية في الصيغ التي تقترحها آنجي هوغسفلت: العبور من رأسمالية تتوسع إلى رأسمالية تنكمش لا يقتصر التعبير عن تهالك الرأسمالية على مجالات إعادة إنتاج ذاتها اقتصادياً واجتماعياً. فهو يظهر أيضاً في ميادين الممارسة السياسية والخطاب الإيديولوجي. فأفول الديمقراطية والقضاء على الثقافة المواطنية (حتى البرجوازية منها) لصالح ثقافة الاستعراض ــ في استعادة لتعبير غي دوبور القوي ــ هي أيضاً مؤشرات على تهالك الرأسمالية ونتائج لها(3)). « ج » الأزمة مستمرة! وسوف تجلب معها احتدام التناقضات الطبقية محلياً وعالمياً. وهي سوف تستمر على قاعدة ثورة علمية وتكنولوجية جديدة تمنح أركان نمط الإنتاج الرأسمالي فـ «أولى هذه التحولات الهامة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار هي «الثورة العلمية والتكنولوجية الحالية إذ تقوم كل ثورة تكنولوجية (وكانت هناك عدة ثورات تكنولوجية طيلة تاريخ الرأسمالية) بقلب أنماط نظام الإنتاج والعمل كما أنها تفكك الأشكال القديمة لتقيم على أنقاضها أشكالاً جديدة التركيب. وبما أن هذه العملية لا تتم بشكل فوري فإنها تمر بفترة فوضوية إلى حد ما، وبما أن عملية التفكيك هذه تـُضعف بدورها موقع الطبقة العاملة فهي تبطل إعادة تشكيل أشكال التنظيم والنضال الضرورية السابقة فهذه كانت قد أسست في فترة سابقة طويت صفحتها. بعد أن كانت في زمنها فعالة ــ لمواءمتها لظروف العصر الذي نشأت فيه ــ إلا أنها أصبحت عقيمة في ظل الظروف المستجدة. وفي لحظات التحول هذه يرجح ميزان القوى الاجتماعية لصالح رأس المال. وهذه هي الخاصية الأولى التي تتسم بها لحظتنا الراهنة. لقد اقتضت كل الثورات التكنولوجية السابقة في تاريخ الرأسمالية تحقيق استثمارات ضخمة عند أعلى سلسلة الإنتاج (أي استثمارات في قطاعات إنتاج وسائل الإنتاج، أي بمعنى آخر فإن الآلية تقتصد العمل المباشر لقاء تشغيل كم أكبر من العمل غير المباشر (المستثمر في المعدات) علماً بأن الابتكارات التكنولوجية الجديدة تقتصد كم العمل الكلي اللازم لإنتاج كمية معينة من السلع. وعلى هذا النحو كانت الثورات التكنولوجية السابقة تدعم سلطة أصحاب رؤوس الأموال «أصحاب المصانع» على العمال الذين يقومون بتشغيلها ويبدو أن الثورة التكنولوجية الجديدة (خاصة في مجالات المعلوماتية والهندسة الوراثية) مختلفة. فهي تتيح اقتصاد العمل المباشر وكذلك تخفف حجم المعدات في آن واحد غير أن هذه الثورة تقتضي تقسيماً جديداً لمجمل العمل لصالح العمل الفني المؤهل. فما الذي تعنيه هذه السمة الجديدة المميزة للثورة التكنولوجية الحالية؟ وما هي إنجازاتها الفعلية والمحتملة؟ المحتمل والفعلي يدخلان هنا في صراع. فهذه الثورة التكنولوجية تعني أن المزيد من الثراء يمكن الحصول عليه مع القليل من العمل، دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى دعم سلطة رأس المال وهذا يعني أن توافر الشروط اللازمة لتجاوز حدود نمط الإنتاج الرأسمالي قد أصبح في طريقه للتحقق. فالرأسمالية ــ من الناحية الموضوعية!!!! ــ قد عفى عليها الزمان هذا هو المحتمل(4)». ومن ناحية ثانية فإن هذه الأزمة البنيوية المستمرة هي مؤشر على بداية مرحلة «انتقالية» طويلة نحو الاشتراكية. هذا هو «الخط العام». أو لنقل: «لقد فقدت موجة ثورات القرن العشرين زخمها أما الثورات الأكثر جذرية للقرن الحادي والعشرين فلم تتأكد بعد. وفيما بين النور والغسق تظهر الأشباح كما يقول غرامشي». يوسف الجندي المراجع: (1) «الأزمات الاقتصادية» أوتو راينهولد، ترجمة: بوعلي ياسين، دار الفارابي /1980/ ط أولى، تشرين الثاني، ص 57 + 59. (*) الحمارنة: راجع العدد «362» ص 5،. (**) مرزوق: العدد «363» ص 4: النور، جريدة. (2) سمير أمين: اشتراكية القرن، دار الثقافة الجديدة، ط أولى، سبتمبر /2008/، ص 144. (3) ما بعد الراسمالية المتهالكة، سمير أمين: دار الفارابي ص 150 ــ 153. (4) + (5) اشتراكية القرن، ص 145 + 146.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني