PCP

يا عمال العالم اتحدوا

رجال في الأزمات

رجال في الأزمات شموعاً عديدة احترقت وبمحض إرادتها وبقرار تاريخي لتنير للأجيال القادمة الدرب، درب الحرية والسلام والتقدم .... اختطوا طريقهم ورسموه بجهدهم وعرقهم ... في إطار التصميم الواضح لخلق مجتمع سعيد ... ينعم فيه الفلاح وينتج فيه العامل ويبدع عبره الطالب . مجتمع يُغني فيه الأطفال للإنسان.للفرح. .. تحت شمس الربيع.. كل ذلك على أنقاض دمار الماضي .. دمار المحتلين ورصاصاتهم الحاقدة.. وأسلحتهم السامة فلا قهر ولا عبودية لا احتلال ولا رجعية لا قمع ولا تنكيل.. هكذا أرادوا .. هكذا صمموا أن يعبروا التاريخ بجهدهم وكفاحهم بأقلامهم وعلمهم، بعملهم وأملهم.. واثقين من حتمية الانتصار المستمد من طاقات الجماهير العملاقة صانعة التاريخ ومشكلة الحدث .. إنهم هؤلاء... الذين اقتحموا الحواجز ... وعبروا خشبة المسرح التاريخي ليكونوا أبطالاً به... فكانوا نبراساً يضئ الدرب ... فسقطوا شامخين ... كيف لا ... فالشجر يموت واقفاً ... إنهم أولئك أنبل بني البشر... رفاقنا الشهداء ... أولئك الذين أفنوا حياتهم في خدمة شعبهم وقضيته العادلة... فسقطوا منتصبي القامات رافعي الرايات ... راية العدالة والحرية ... راية الديمقراطية والتقدم والاشتراكية ,,. إنهم رفاقنا الذين مضوا ولكن من قال ذلك؟ إنهم ما زالوا أحياء ... ذكراهم خالدة راسخة في ذهن الرفاق وعبر الأجيال كيف ننساهم وقد حملوا الشعلة في حلكة الظلام فكانوا عنوانا في الكفاح كانوا نجمة وضاءة في سماء الوطن ... كانوا وردة حمراء فلا يمكننا إلا أن نخشع لعظمتهم ... لمسيرة درب آلامهم لطريق الحرية والعدالة التي اختاروها .. لا يمكننا إلا أن نستذكر كلماتهم ... وملف تاريخهم الكفاحي الملتصق في قضية شعبنا ... أنهم مصدر العمل والأمل أنهم انجاز الماضي وأفق الغد ... فرسان الأمل الذين كان منهم أحد رفاقنا المغاوير الأفذاذ .. الرفيق خالد الذكر سمير البرقوني أبا هاشم والذي يصادف في هذه اللحظات الذكرى السنوية الأولى لرحيله. الرفاق الأصدقاء ،، لقد أضاء رفيقنا عينيه في وطننا السليب حيث المشروع الصهيوني والكولونيالية البريطانية ... وبحسه الشعبي الذي ترعرع معه في أحياء وشوارع غزة وعبر تأثيره بتعاليم ثورة أكتوبر المجيدة .. أيقن رفيقنا لغة الصراع وطبيعته فكان له شرف الانتماء لاتحاد الطلاب العرب ومن ثم إلى مؤتمر العمال العرب في أطار الانتماء إلى عصبة التحرر الوطني ... حيث دافع وبثبات عن ساسة العصبة وأهدافها ودعا مع رفاقه الآخرين إلى قبول قرار التقسيم بعد أن تبين لهم أن الخطر يهدد كل أرض الوطن .. وكانت نكبة 48 حيث تمكنت الصهيونية وبالتواطؤ مع الرجعية العربية أن تغتال الوطن لكنها لم تنجح في اغتيال إرادة المناضلين وضمائرهم فكان اعتقال رفيقنا أبا هاشم سنة 49 ثمنا لكفاحه ضد مؤامرة اغتيالا لوطن بعد أن أعلنت السلطات المصرية عن عصبة التحرر الوطني الفلسطيني منظمة غير مشروعة وأمرت بحلها وكانت إجابة أبي هاشم ورفاقه على هذا التحدي مزيدا من التنظيم والعمل على فضح المؤامرة وزيادة التفاف الجماهير حول سياسة العصبة ودعمها ولم يثن اعتقاله لمدة سبعة وعشرين شهرا عن عزمه على الاستمرار في النضال ... فما إن أفرج عنه حتى عاد إلى صفوف العصبة وعمل مع رفاقه في ظروف تكاد تكون مستحيلة ... فالإدارة المصرية تشدد قبضتها على قطاع غزة والصلات مع بقية الرفاق في الضفة الغربية وباقي أجزاء الوطن مقطوعة تماما .. وأمضى أبا هاشم سنة 1952 في سجن غزة ستة أشهر وخرج ليعود للنضال من جديد ... وأسس مع عدد قليل من الرفاق الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة من خلال مؤتمر عقد في مدينة غزة في ظروف بالغة السرية واعتبر الحزب الوليد امتدادا تاريخيها لعصبة التحرر الوطني الفلسطيني ... هذا وقد ظل رفيقنا يعمل في صفوف الجماهير بدأب ومثابرة وأسهم مع رفاقه الآخرين في الكشف عن مؤامرة توطين اللاجئين في سيناء وعمل على التحضير للانتفاضة الباسلة التي انطلقت في قطاع غزة في أواخر فبراير عام 1955 أثر عدوان إسرائيلي على القطاع وشارك في قيادة هذه الانتفاضة وأسهم بصياغة برنامجها وبرنامج الحزب أثنائها .. فأعيد اعتقاله في مارس سنة 1955 واقتيد مع عدد رفاقه إلى سجن مصر العمومي حيث واجه تعذيبا وحشيا وساديا وأمضى اثنان وثلاثون شهراً أخرى في الاعتقال دون محاكمة حتى أفرج عنه أوائل عام 1958 ليعود من جديد إلى صفوف حزبه . واعتقل من جديد في السنة التالية ليمضي أربعة سنوات في السجون والمعتقلات المصرية فأدخل في السجن الحربي حيث تعرض ورفاقه الآخرين للتعذيب الوحشي من جديد ونهشت كلاب السجن جسده ... ونقل بعد فترة إلى معتقل الواحات حيث أمضى بقية السنوات الأربعة ، وخلال هذه السنوات الأربعة لم يجري استجوابه هو أو أي من رفاقه بل عذبوا بدفعهم إلى التخلص من مبادئهم وضمائرهم فصمد أبو هاشم ورفاقه كما صمد في السنوات السابقة وأجبر النظام المصري على إطلاق سراحه ورفاقه بعد أن أثبت التاريخ أن سياسة معاداة الشيوعية التي اتبعها هذا النظام لا تجلب لصاحبها سوى الوقوع في شباك الإمبريالية. وأثناء تواجده في سجن الواحات قام مع رفاقه بالمبادرة الشهيرة لتوحيد الشيوعيين المصريين وعاد أبو هاشم إلى ساحة النضال من جديد حتى كان الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وذلك لبقية الأراضي الفلسطينية وأجزاء من أراضي مصر وسوريا والأردن ... وأدرك أبو هاشم ورفاقه هدف العدوان الحقيقي هذه المرة أيضاً ... فدعا إلى إقامة تشكيل جبهوي واسع وقد حقق ذلك عبر تنظيم الجبهة الوطنية المتحدة والتي خاضت نضالاً سياسياً وعسكرياً لا هوادة فيه وعلى أثر ذلك أصبح رفيقنا مطارداً لمدة سنتين حتى تم اعتقاله مع رفيقه عمر عوض الله قائد الجناح العسكري للجبهة الوطنية في أواخر عام 1970 ... حيث تعرض كلاهما لتعذيب وحشي استمر أكثر من مائة يوم وحكم عليه لمدة ستة سنوات وحكم على رفيقه بالسجن مدى الحياة إلا أن الرفيق عمر عوض الله استشهد في سجن المجدل بعد سنوات قليلة واضطرت السلطات الإسرائيلية للإفراج عن أبي هاشم بعد تدهور حالته الصحية . ولكن أبا هاشم رفض الاستكانة وعاد إلى صفوف الحزب الذي أعيد بنائه من جديد وكافح رفيقنا بجهد وعرق وبتوهج ثوري باتجاه وحدة الشيوعيين الفلسطينيين حيث كان له دوراً بارزاً في إرساء قواعد سليمة فتحقق الحزب الشيوعي الفلسطيني الشامل والمستقل والموحد الذي توج بانعقاد مؤتمره الأول في فبراير لعام 1983 وكان له شرف الانتماء للجنة المركزية ... هذا وقد كان رفيقنا وفياً ومخلصاً، دائم الحركة والنشاط لا يعرف للتوقف أو الكلل معنى... كان مبدعاً ومحرضاً داعياً ومخلصاً حتى في لحظاته الأخيرة حيث ألم به المرض فظل وفياً لأهداف الوطن وتضحيات الشعب وقد كثف فعالياته في الانتفاضة المجيدة أسوة برفاق حزبنا وأيقن أنها السبيل لتحقيق الأهداف في الحرية والاستقلال وفي سبيل حقنا في تقرير المصير وبناء الدولة المستقلة العتيدة بقيادة م. ت. ف الممثل الشرعي لشعبنا ... فبرغم مرض رفيقنا حيث ذهب لتلقي العلاج في بلاد أكتوبر المشعل والراية . فقد ظل متقد التفكير في الانتفاضة ومسيرة شعبنا ... فمضى في بلاد الاشتراكية الأولى ... مضى في بلاد بعيدة ... مضى ليلحق بركب رفاقه الذين سبقوه على درب الشرف والكرامة بلال وعوض الله ونصار وبسيسو ونصر ودحدول ... فَكُنْ يا رفيقنا مرتاحاً ونم قرير العين فالعهد أن نستمر على هداكم حتى تحقيق الأهداف في العدالة والديمقراطية والتقدم. رفاقنا وأصدقاؤنا تتزامن هذه اللحظات مع اشتداد المؤامرة الهادفة لتركيع شعبنا وأمتنا العربية حيث أشرس هجمة استعمارية تستهدف النيل من مقدرات شعبنا والشعوب العربية وحيث الاحتلال الأطلسي على الأماكن المقدسة وفي سياق ذلك تتعالى صيحات الحاقدين من أوساط دعاة الترانسفير ومن قوى اليمين المتطرف الإسرائيلي هادفين إلى تصفية وإنهاك جماهيرنا مبتدئين بالمجزرة الوحشية التي ارتكبت في مخيم البريج البطل وصولاً لتصفية انتفاضة شعبنا ولكن خاب ظن المحتلين فشعبنا الذي أفشل كافة المؤامرات لقادر على التصدي لكل مخططات الإمبريالية الصهيونية ، ونحن من تعلم من أولئك الأفذاذ الذين مضوا على درب الكفاح ومن بينهم رفيقنا الخالد أبا هاشم ... نؤكد على أننا سنستمر على نفس الهدى والراية على درب الحرية والاستقلال عاش حزبنا الشيوعي الفلسطيني المجد والخلود لشهداء شعبنا الأبرار (تم إلقاء هذه الكلمة بمناسبة رحيل رفيقنا أبا هاشم عام 1990)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني