لماز غوني الثائر الذي جعل من عدسة السينما سلاحاً
الثوري الذي أصبح شيوعياً قبل أن يعرف الأفكار الشيوعية العلمية و دفاعها عن كل مظلوم و جائع في هذه الدنيا الذي انتسب الى ثوارها بدون أن يحرضه أحد على قول الحقيقة و مجابهة الواقع المتوحش الذي فرضته الرأسمالية على حياته و حياة شعبه .
هناك من الثوار من رفع البندقية و وهب حياته و جسده للثورة و للشعب و على رأسهم الرفيق جيفارا .
وهناك من ناظل سياسياً و حفر في الصخر و انشئ أجيالاً لا تعرف اليئس و لا الهزيمة و منهم الرفيق خالد بكداش .
وهناك من ناظل بلقلم و حرض الألاف من الثوار و المظلومين فكان صدى كلماتهم اقوى من صدى المدافع و منهم شاعر المقاومة الرفيق بول الوار.
و هناك من سخر الفن و علوم الصورة كسلاح لدفاع عن معاناة الملايين البشر من ابناء شعبه فنال إحترام الأعداء قبل الإصدقاء و اعطا حياته شمعة لتضيئ الطريق امام المسحوقين.
لمحة عن حياته.
عاش يلماز غوني (47) عاماً قضى منها في غياهيب السجون (11) عاماً وعام و نصف العام في المنفى و خدم في الجيش سنتين في سرية الإنضباط و تشرد (3) أعوام في ديار الغربة وقد منحة القدر وقتاً قصيراً للإبداع .
خلال الوقت القصير الذي قضاه من حياته حراً كتب سيناريو (17) فيلماً و نشر (40) رواية و مئات من القصص فكم كان بإمكان هذا الكاتب أن يبدع لو عاش اكثر .
ولد يلماز حميد بيتون الملقب (يلماز غوني ) في 1-4-1937 في قرية بنيدجة قرب اضنه.
والده من اصل كردي هاجر الى اضنه خلال الحرب روسيا القيصرية و تركية العثمانية .
يقول غوني خلال احد المقابلات الصحفية معه انه عاش طفولة سعيدة حتى السابعة من العمر الى ان تزوج والده مرة ثانية و هنا فقد السعادة و الراحة في حياته .
من عمر السابعة كان هو و عائلته يعملون لدى أحد الملاكين في البساتين و في قطاف القطن و حمالاً حتى انهاء الثانوية في بعض الوقت كان يدرس و يكمل الدراسة .
في البداية كان يبيع الكرز و البندق في الشوارع ثم بائع جرائد بعدها عمل ميكانيكياً لآلات التشغيل السينمائي في شركة (اند فيلم) و ثم في شركة ( كمال فيلم ) و كانت هذه البداية دخوله الى عالم السينما.
في السنة الثانية من المرحلة الإعدادية كتب لنشرة المدرسية الجدارية قصة قصيرة عن فلاح فقير يأخذ زوجته الى المدينة قاصداً الطبيب و لم يكن لديه المال فعرض ديكاً بدل المال على الطبيب و رفضت القصة بحجة انها يسارية علماً انني لم افهم في ذالك الوقت معنى (اليسارية ).
في عام (1953) بدء بكتابة قصص و أول ما نشر كانت (أبناء بني الموت – لا حدود للإذلال )
يقول غوني وقتها ختمت الرجعية على بطاقتي بشمع الأحمر كلمة ( متمرد ) و تعرضت للملاحقة طوال حياتي و في عام ( 1957) نشر قصته التي ادخلته السجن و هي ( ثلاثة عوامل خفية للامساوى الإجتماعية ) فصودرت كل اعداد الجريدة و أعتقل يلماز غوني بتهمة نشر الأفكار الشيوعية و أصدر بحقه حكم بسجن ( سبعة اعوام و نصف ) لآن القانون التركي كان يعتبر الدعاية للشيوعية و الصراع الطبقي جريمة لا تغتفر .
في عام (1958) تم أستئناف الحكم و خفض الى سنة و نصف و نفيه نصف السنة تحت رقابة البوليسية مشددة .
في السجن كتب عدة روايات منها ( الأعناق الملتوية – ماتو و رؤوسهم محنية ) و كانت تعبير عن حياة الناس القرويين الذين ولدو و ماتو بين براثن الفقر.
في عام ( 1963 ) عاد يلماز بيوتون الى استبول و قد تركت واقعة سجنه بسبب الدعاية الشيوعية عدة مشاكل له من قبل الرجعية التركية و في هذه الأثناء أقترح عليه صديقه ( فريد جيهان ) بأن يوقع يلماز مقالاته و الروايات بأسم مستعار و اقترح أسم غوني عليه (معنى غوني بلغة الكردية المسكين ).
في عام ( 1964 ) مثل يلماز غوني في ( 11 ) فيلماً في عام ( 1965 ) مثل في ( 22 ) فيلماً و كتب سيناريو ( 8 ) افلام و وقته لقبوه بملك الشاشة القبيح لآنه لم يكن ينتمي الى الطبقة الإرستقراطية و في عام ( 1967 ) مثل أحد أشهر أفلامه ( سيدخان ) و وصل عدد الذين شاهدو فلمه الى ثمانية ملاين مشاهد و هو رقم لم يكن أحد قد سجله في تركيا قبله و الفيلم اخذه يلماز من احد مسرحيات الكاتب الكبير (ناظم حكمت ) فكان تعاون بين عملاقين انتجا تحفة فنية .
في عام (1968 ) تقرر السلطات تجنيده للخدمة الإلزامية و يساق الى كتيبة الإنظباط علماً انه أنها دراسته الثانوية التي تعطيه رتبة ظابط و تم حرمانه من الرتبة بسبب الحكم الصادر بحقه بتهمة الدعاية للشيوعية و لذالك يلغى تقليده هذه الرتبة .
في العامين(1970- 1971 ) كانا مشبعين للغاية بنجاحات ليلماز غوني فقد شارك في ( 20 ) فيلماً و كتب ( 9) افلام و نشرت لأول مرة روايته كاملة ( ماتو و رؤوسهم محنية ).
كان يلماز غوني المخرج الأول الذي إستطاع ان يقول الحقيقة عن المافيا التركية يجرأة بأنها من رذائل المجتمع الرأسمالي .
يشارك في عام ( 1976 ) في مهرجان الرابع لدول اسيا و افريقية و امريكا الجنوبية المقام في الاتحاد السوفياتي في طشقند .
إعتقل يلماز للمرة الثانية في ( 17-3-1972 ) يتهمة دعم المالي و شراء اسلحة للشبيبة اليسارية التركية و يقول يلماز في التحقيق ( انه اعطا مسدس و 4000 ليرة و بعد شهر 10000 ليرة و خمسة مسدسات و خمسة مدافع رشاشة الى الشبيبة اليسارية ) رغم انه كان بمقدوره أن ينكر ذالك لآن لم يكن هناك دليل مادي ضده .
لاكنه أعلن هذا الكلام في كل مكان من خلال لقائاته و حواراته مع القضاة و فضلاً عن ذالك في أجتماعات المجالس العسكرية و يقول ( لو انهم طلبو مني المساعدة الآن لسلكت نفس السلوك ).
أصدر بحقه الحكم ( 7 ) سنوات مع الأشغال الشاقة و أخذ الى سجن ( سليميه ).
في عام ( 1974 ) وصول حكومة إئتلافية في تركيا و إعفي عن يلماز غوني و أحتشد المئات من الناس لأستقباله .
و قد قضى في سجن ( سليميه ) فترة تزيد عن السنتين كانت من اكثر السنوات رعباً في حياته فقد كانو يحرمونه من النوم و توجيه الإيهانات الا إنسانية .
إنظم يلماز الى حزب العمل الشيوعي التركي بعد خروجه من السجن و في ( 14-9-1974 ) إعتقل للمرة الثالثة بتهمة قتل مدعي عام ( سف موتلو ) رغم ان ابن عم يلماز غوني (عبد الله بيوتون ) قد سلم نفسه الى الشرطة و أعترف بجريمة .
في جلسات المحاكمة إستجوب الشهود و أفاد ( 33 ) أن عبد الله بيوتون هو القاتل و ( 5 ) قالو انهم لم يشاهدة يلماز يطلق النار و واحد فقط أفاد بأن يلماز هو القاتل فكان كافياً للرجعية أن تصفي حسابها مع من كانو يسمونه ( المتمرد ).
هرب من السجن في (12 -10-1981 )الى اليونان و طلب اللجوء السياسي في سويسرا و لم يعطيه و حصل على اللجوء في فرنسا منذ ذالك الحين أصبح لاجئاً سياسياً .
في عام ( 1982 ) تم تجريده من الجنسية التركية و في فرنسا أخرج أهم الأفلام التقدمية في العالم ( الجدار ) و في أيلول ( 1984 ) توفي في باريس المخرج و المناظل و الاجئ السياسي يلماز غوني و دفن في مقبرة ( بيرلاشيز ) بين أبطال كومنة باريس 18 أذار1871