PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الخطاب الجماهيري للنخب السياسية في فلسطين

كثيرة هي القضايا التي تؤرق الدراسين لعلم الاجتماع على ان اكثرها ما هو مرتبط بالمجتمع المحيط وقراءة حركات النشاطات والعلاقات بداخله، من هنا سانطلق لاناقش قضية لطالما احتلت حيزا من تفكيري الا وهي " الخطاب الثقافي للسطلة القائمه" في الواقع اود ان اعود الى الوراء قليلا لاتحدث عن فكرة ارى انها على اتصال مباشر بالقضية التي ساطرحها في نصي حيث ان التنشئة الاجتماعية اذا ما ذكرنا مصادرها الاساسيه وهي الاسرة والمدرسة وجماعة الشارع، فان عوامل أخرى جديدة قد دخلت غمار هذه المنافسة في عملية التكوين الثقافي والاجتماعي والديني والسياسي للأفراد فعندما ننظر بعين فاحصه الى التأثير الذي تحمله وسائل الاعلام وخاصة التلفاز من خلال طبيعة الخطابات المعروضه للمشاهد فإننا سندرك ان التكنولوجيا اصبحت عنصرا شبه رئيسي في عملية التنشئة الاجتماعية ولان هذه العمليه تراكمية ومستمرة فإن التأثير وفقا للمرحلة الفيزيائية لحياة الفرد مختلفة، هنا سأقدم الطرح الرئيسي الذي يحتويه نصي حول ماهية المواد الاعلامية المستحدثة التي تبث للمجتمع ومقارنتها بالسلوك الظاهر والخفي للخطاب المؤسساتي للسلطة الفلسطينية. عندما اشاهد كأي فرد من افراد المجتمع المواد الاعلانية المعروضة على شاشة التلفاز المملوكة "للسلطة" أدرك على الفور أن هذه المواد ـ كفهم مبدئي ـ هي ترويجية للنخبة السياسية في المجتمع الفلسطيني ، ولكن إذا ما نظرت الى هذه المواد وتحديدا (الاغاني السياسية للنخبة السياسية)، من باب موضوعي فإنني استطيع ان اقول ان عرض هذه المواد طيلة الفترة المخصصة للبث ألبرامجي التلفزيوني بمعدل مرة كل برنامج بمعنى أنها تقدم للمشاهد على مدار اليوم، والتساؤل لماذا هذه البرامج ولماذا الحرص على بث خطبة وصلاة الجمعة التي تشارك فيها النخبة السياسية ؟ هذا السؤال سعيت جاهدا الى محاولة تفسيره لاجد وبمقارنة زمنية أن هذه النخبة كانت ولفترة غير بعيدة ضمن المبعدين والمحذوفين من الخطاب السياسي القائم، ولأذهب ابعد من ذلك فقد كانت تنعت وتوصف على المستوى المجتمعي بجمله من الأوصاف والآراء السلبية والسيئة منها "عملاء اسرائيل" وغيرها الكثير من الاوصاف الاخرى، اذن ماهو التحول الجديد الذي عمل على تغيير الرأي العام في فترة وجيزة اذا ما قورنت بفترات حقيقية لتطوير او تغيير الاراء، لا يقف الخطاب عند هذا الحد بل ان اشهر المواد الاعلامية التي يشاهدها المجتمع عبر هذه القناة التلفزيونية، برنامج تمثيلي (كوميديا سياسية، وطن على الوتر) وقد يأتي التوقيت الزمني لبث مثل هذا البرنامج في ظل الاوضاع السياسية التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني فهي لاتخفى على احد، من هنا كانت هذه المادة الخطابية وسيله لاسترداد جزء من الحريات المكفوله للمجتمع والتي تمثل حرية الراي والتعبير، فهل هذا البرنامج يصل بنا الى هذه الحقيقه؟. ان ما عرضته سابقا والامثله الثلاثه وهي الاغاني السياسية، نقل وقائع خطبة الجمعه للنخبه السياسية، الدراما السياسية الساخرة، توضح طبيعة الخطاب السياسي لهذه النخبه واضيف ايضا ان هذا الخطاب السياسي الاعلامي هو ذاته لدى النخبة السياسية القائمة في قطاع غزة. ان المفارقة الكبيرة في هذا الخطاب السياسي المعروض اعلاميا يواجهه خطاب اخر تمارسه اجهزة المراقبه في الشارع امام افراد المجتمع، فمن ناحية ظاهرية تكاد لا تفارقك صورة الشخص الذي يرتدي الزي العسكري لاكثر من عشرين ثانية فهم مصطفين بشكل تراتبي في كافة الشوارع والمداخل والحارات فهؤلاء الافراد الذي يرتدون هذا الزي يعتمرون ايضا تلك الخوذة العسكرية زيتية اللون يعلوها كاشف ضوئي، وهم ايضا محملون بأسلحة اوتوماتيكية، حتى انني عندما اتنقل في سيارات الاجرة العمومية لاينفك الحديث يدور عنهم بشيء من الخوف و الرهبه ،التساؤل الذي اطرحه الان هو ما مغزى كل هذا؟ للاجابة على التساؤل اود المقارنه بما اورده ميشيل فوكو في نصه:- المراقبة والمعاقبة حين تحدث ان السجن وعن ذلك البرج داخل السجن الذي يوحي لهؤلاء الافراد داخل السجن انهم مكشوفون ومراقبون بشكل دائم، فتوزع الأفراد العسكريين وانتشارهم في كل مكان يوحي بالفكرة ذاتها كأنهم يقولون للناس أنتم دائما تحت ناظرنا مراقبون فلا تخطئوا فتتعاقبوا. دلالات اخرى قد تكون واضحة ومهمه فالسيارات العسكرية الضخمة التي تجوب الشوارع والمطلية بالالوان الغامقة كالاسود والازرق والاخضر الزيتي فهي الوان نطلق عليها اسم الالوان الدافئة او الساخنة وتثير لدنيا الشعور بالامان او بالدفء، فهذه الالوان مقرونة بالضخامة والقوة والجبروت ، هذه هي رمزية الخطاب المباشر مع افراد المجتمع واذا ابتعدت أكثر من ذلك فانني سأجد الرموز الامنية التي يستخدمها هؤلاء الافراد العسكريين وهي كثيرة وغريبة خلال عمليات التخاطب بين الافراد العسكريين ومنها(رعد،برق،صخر،صقر) وغيرها، فحسب الدلالة الامنيه هذا الالفاظ رموز افراد او مجموعات او امور خاصة بهذا النظام الامني ولكن اذا ما اخذ التفسير السيسيولوجي فإن للبعد اللفظي والرمزي معنى آخر فقد أفسر استخدام هذه الالفاظ المربوطة بصور عقلية تفيد الرهبة والقوة لدينا، لماذا هذه الالفاظ دون غيرها؟ ان الامثله السابقة تمثل الوجه الاخر للخطاب الموجه بصورة مباشرة لافراد المجتمع واكرر ان هذا الخطاب القائم هنا في الضفة الغربية هو مثيله في قطاع غزة. لابعد اكثر في الطرح فبعد حالة الاقتتال الداخلي التي شهدتها الساحة الفلسطينية وانشاء نظامين سياسيين تنتمي النخبة السياسية لكل منهما الى توجه مختلف، بعد هذا الحدث ظهرت فكرة ما يسمى في الخطاب المشرعن السياسي ب"حالة الطوارئ" فكانت السبب الاساس في تطوير مجموعة من الانظمة الرقابية في كافة النواحي سواء بشكل مباشر او غير مباشرة فعلى سبيل المثال يعتبر مصطلح (المسح الامني) اساس المستقبل المهني او الاكاديمي لهذا الفرد او ذاك او لهذه الجماعة او تلك، وقد طبقت هذه السياسية على مختلف المؤسسات التي تحمل خطابها الخاص كالصحه والتعليم، ان استخدام هذه الوسيله لتحديد مستقبل الحياة العامة بالافراد هو وجه جديد من اوجه الرقابه العقابية المستحدثة والتي سبقت حتى ارتكاب الفعل الخاطئ في المنظومة القانوينة، فهذا الفرد على سبيل المثال عوقب قبل ان يقترف الخطأ وهذه الوسيلة الرقابية إنما تعبر وتبرز التوجه الحقيقي للخطاب القائم على منهجين الاول اعلامي موجه هادف، والاخر احتكاكي مباشر هادف. ساستعرض الان وبشكل مختصر بعض أعمال أو نصوص كل من عالم الاجتماع والمفكر ميشيل فوكو وكذلك عالم الاجتماع بيير بورديو. وفقا لما قمت بطرحه من افكار اساسية متمحورة حول نوع الخطاب الذي يحمل المعاني الايجابية لوجه النظام السياسي والنخبة السياسية المحلية والأخرى إلى تقدم مفهوم المراقبة بأساليب جديدة مماثلة لبرج المراقبة داخل السجن والمعاقبة المشرعنه السابقة للحكم والنص القانوني على الافراد والجماعات، اود الان ان اقدم جمله من الافكار النصية التي عرضها كل من فوكو وبورديو في نصوصهما التي تتناول الخطاب وفارضيه والمتحكمين به وكذلك اليات الرقابة والمعاقبه المفروضه. يقول فوكو" يبدو ان الخطاب في ظاهرة شي بسيط، لكن أشكال المنع الذي تلحقه تكشف باكرا وبسرعه عن ارتباطه بالرغبة والسلطة".(فوكو،1970: 9). توضح هذه الفكرة مسألة حساسة قمت بعرضها من خلال نصي حيث ان الوجه الحقيقي للخطاب هو غير الوجه البسيط سريع الادراك، فعرض برنامج درامي كوميدي سياسي ساخر لا يعبر في الحقيقة عن المساحة الحقيقة والمراد بها حرية الرأي والتعبير. ان احتكار الخطاب واتاحته لفئة محددة قادرة على بثه للجمهور وعدم اتاحته لفئات اخرى انما يعبر ويرسي الصورة الحقيقية لطبيعة هذا الخطاب يقول فوكو ايضا في ذات النص" يمكن ان يقال ما هو حقيقي في مكان خارجي غير ملائم، ولكن المرء لايكون واقعا ضمن ماهو حقيقي إلا عندما يكون مستجيبا لقواعد "شرطة" فكرية يتعين عليه بعثها في كل خطاب من خطاباته".(فوكو،1970: 27). يقدم فوكو هنا فكرة اساسيه بأن ما هو حقيقي لا يقيم ضمن الخطاب بناءا على موضوعيته بل عليه ان يكسب مباركة هذا الخطاب حتى يكون حقيقيا وهنا تظهر المقاربة لهذه الفكرة حيث ان المساحة الحقيقية لخطابات اخرى غير موجودة بل وغير متاحة أيضا فإما أن تكسب الحقيقة شرعيتها من صناع الخطاب فتلتغي الحقيقة فيها وتصبح جزءا من الخطاب او ان تبقى خارج الاطار فلا يراها او يسمعها احد، وقد ارى هذه الفكرة متبلورة في الخطاب المطروح من نخب سياسية اخرى لاتنتمى الى ذات التوجه السياسي للنخبه السياسية الملتحقة بسدة الحكم، حيث يظهر جليا الخطاب الجديد وفقا لما يفرضه خطاب القوة القائمة في الضفة الغربية. كما ويقدم فوكو في ذات النص فكرة اخرى حيث يقول" ليست كل مناطق الخطاب مفتوحة بنفس الدرجة، وقابله للاختراق بنفس الدرجة:فبعضها محروس وممنوع علانية (مناطق مميزة ومميزة)، في حين ان البعض الاخر يبدو مفتوحا تقريبا امام كل الرياح وموضوعا رهن اشارة كل ذات متكلمة بدون حصر مسبق".(فوكو،1970 :28) هنا يعرض فوكو احد تكتيكات ممتلكي الخطاب حسب فهمي لنصه، حيث ان المساحات مفتوحة وهي وسيله تكتيكية كما سبق وذكرت بعض الامثله حيث ان الخطاب يحتمل مشاركات في مجالات ومساحات يحددها المتحكمون به وليس متاحا بشكل حقيقي في كل مناطقه ولو ان هذا الامر اصبح حقيقه يوما ما فإننا لن نتلقى خطابا بل ستبرز الحقيقة والحقيقة فقط. كما يعزز فوكو هذا الطرح حينما يقدم في ذات النص مفهوما جديدا "جمعيات الخطاب"(فوكو،1970 :30). حيث يرى ان جمعيات الخطاب هذه لديها وظيفة هي المحافظة على الخطابات وانتاجها، حيث يوزع هذا الخطاب على فئات محدده ومحدده فقط ومضبوطه بدون ان يؤدي هذا التوزيع نفسه الى تجرد أصحابها منها. فوكو يطرح الفكرة التي ادراكها ان الخطاب يتم تقسيمه وفقا لمنطقته ودرجاته فهناك درجات لعرضه وطرحه وهذه الجمعيات او المنتجين له يحرصون على الية التوزيع والية الانتاج الخاصه به. اما بورديو والذي يقدم في نصه "الرمز والسلطه"."النص في النص" وهو الخطاب الذي القاه في الكوليج دوفرانس، يناقش بورديو في هذا النص دور علم الاجتماع في المجتمع وادراكه لطبيعة العلاقات القائمه، يسعى بورديو من خلال نصه الى تأكيد علمية العلم وكذلك إن هذا العلم يجب ان يكون بعيد كل البعد عن الخانه التي تجعل منه مقترحا للحلول او صانعا لها ويشير بورديو في نصه ايضا الى مفهوم "المسافة النقدية" التي يجب على علماء الاجتماع التحلي بها كما يؤكد على موضوعية هذا العلم وانسلاخ علمائه عن أي ارتباطات او مركزيات ثقافية، وبالعودة الى نصي هنا فإنني اقتبس جملا من بورديو قدمها في نصه حيث يقول" ان الوظائف الاجتماعية اوهام اجتماعية وان طقوس المؤسسه هي التي تجعل ممن تعترف له بالدخول في المؤسسة ملكا او فارسا او قسا او استاذا فترسم له صورته الاجتماعيه،وتشكل التمثل الذي ينبغي ان يتركه كشخص معنوي أي كمكلف من لدن جماعه ناطق باسمها"( بورديو،1982 :29). وان كان بورديو هنا يتحدث عن الهابتوس وما تفرضه الوظيفه الاجتماعية وفقا له، فإنني استفيد واسند بهذه العباره التي يورد بها مجموعه من المؤسسات المستقله فالملك مقرون بالمؤسسة السياسية الحاكمة والفارس مقرون بالمؤسسة العسكرية والقس مقرون بالمؤسسه الدينية والاستاذ مقرون بالمؤسسة التعليمية، لذا فإن خطاب هذه المؤسسات خاضع لخطاب مؤسسي واحد يملي على هذه المؤسسات الممثله اتباعه وتنفيذه، فعندما يتحدث بورديو عن راس المال وتقسيماته المختلفه الثقافي والاقتصادي والاجتماعي ودوره في الانتماء لهذه الفئه او تلك ولهذا السلوك او ذاك فإنني اضيف شيئا لا اقصد به الاضافة على نص بورديو فلم اصل بعد الى مرحلة اسمح لذاتي بالاضافة لكنني استطيع القول ان راسمالا سياسيا قد يكون اساسا في البقاء ضمن غطاء هذه المؤسسه او تلك لذا فإن من لايتمتعون براس المال السياسي هذا يتم اقصائهم بشكل مباشر او غير مباشر من اداء الادوار الاجتماعية او حتى المهنية في المؤسسات المختلفه. وبالعودة الى فوكو وفي نصه( المراقبة والمعاقبة)، يقدم فوكو تصوراته حول النظام الرقابي والعقابي ويقدم كذلك التسلسل التاريخي والدمج التكنولوجي وكذلك الجمل القانونية لهذا النظام الذي يكسي نفسه بكساء المباح والشرعي، ففي نصه الاول( مؤسسة الانسان الانضباطي ) من ذات الكتاب يصل فوكو بنا الى مجموعة من المصطلحات مثل الانسان الانضباطي وهو الذي يتم صناعته او انتاجه وفقا لظروف يتم اصطناعها، كما ان النظام الرقابي المرتبط بالتكنولوجيا والذي ينمط افراد المجتمع ايضا وفقا له هو الاخرى جزء من انتاجية هذا النظام الرقابي، وكما قارنت سابقا فيما أورده فوكو في نصه حول السجن وبرج المراقبه فإن انتشار الرجال العسكريين المحمليمن بالاسلحة الاوتوماتيكية انما هم وجه اخر جديد لهذا البرج ولكن الفرق بينهما بأن السجن محدد بمنطقه جغرافيه لكن الشارع في الخارج مفتوح، اورد الان هذا النص لفوكو والذي يعطى تصوره عن تطور مؤسسة رقابيه عقابية كالسجن حيث يقول" كانت المؤسسة ابان عهود الحكم المطلق تأتي في اسفل درجات العقاب، وجود اشكال اخرى من التعذيب ترد على حالات اختراق السيادة المطلقة للحاكم، وتكشف عن جبروته وسطوته غير المحدودة. وفي مرحلة ثانية ومع الغاء تلك العقوبات الاخرى ذات النزعة الانتقامية الرامزة للسلطة المطلقة، يغدو السجن هو المؤسسة المركزية للعقاب. وفي مرحلة ثالثة، مع اصلاح القوانين الجنائية يخرج السجن من حدوده المغلقة، ويروح يطبع نسخته على مؤسسات اخرى معدة للرعاية والاصلاح والتأهيل كالمصنع والمدرسة والثكنة الخ.. فهو إذن كرقاص الساعة في صعود وهبوط مستمر"(فوكو،1990 :43). هنا يبين لنا التراتب الذي قدمه فوكو في توسعية هذا النظام الرقابي الذي اقرنته في نصي بالخطاب السلطوي وكما ذكرت فيما اشار اليه فوكو من اتساع هذه الدائرة وفقا للمراحل التاريخية والحيثيات المستجدة فقد تطور هذا النظام ولا يزال يتطور وقد يكون ما واردته في نصي جزءا من عملية التطور المستمرة فهو كما يصفه فوكو كرقاص الساعة في صعود وهبوط مستمر. وبالتوسع اكثر فإنني استطيع تحقيق مقاربه اخرى في مفهوم اغامبين "الخليع" الذي يقدمه خالد فهمي حيث يستخدم الجسد اساسا للتحليل فيعرض فكرة اغامبين المتحورة وفقا للتطور التاريخي للدولة السيادية، ويعرض خالد فهمي تصورات اغامبين هنا سأستخدم مفهوم الخليع الذي تم استخدامه للدلالة على ذلك الفرد الذي يتم سحب بساط الحمايه القانونية المكفولة له كمواطن ليصبح بعدها خارج هذا المجتمع اي منفيا ومعاقبا يقول اغامبين في نصه"بما ان الاستثناء اصبح قاعدة من السياسة الحديثة فإن ذلك يستتبع ليس فقط ان بعض الاشخاص اصبحوا "خلعاء"، اي مجردين من الحماية القانونية، بل "اننا كلنا اصبحنا خلعاء" لاننا اضحينا نحيا حياة لايمكن الارتكان عليها فهي يمكن ان تسحب منا في أي لحظة وبدون تحفظات".(اغامبين،1995)،(فهمي،2007:7). ان هذا العرض لمفهوم الخليع لهو اقرب مايكون لما قمت بتقديمه حول الاليات العقابية للافراد الذين يتدخل النهج السلطوي في تقرير المستقبل الاجتماعي والمهني لهم، وان كان الخليع لدى اغامبين ينحو منحى اخر الا انه يفسر رفع الشرعية عن هذا الفرد واعتباره من الفئه الغير صالحه فلا يقبل مثلا كموظف في احد المؤسسات كالتعليمية او الصحية، ان هذه الازاحة لمعنى الخليع تبدو واضحه ابان الحالة الطارئة التي نعيشها والتي ايضا يتحدث اغامبين عنها في نصه وفي نصه الاخر في نفس الكتاب "الاجساد الطيعة" يورد فوكو هذه الهالة التي يكتسي بها ذلك الجندي حيث يصف فوكو ويقدم مجموعة من الاوصاف التي تتوفر في ذلك الجندي المقاتل ذو العضلات المفتوله، قد يكون هذا المشهد الذي يصفه فوكو مقربا الى حد كبير في الرجال العسكريين ذوي العشرين مترا، فهم يصطفون بذلك التناسق وبذلك الباس الزيتي الرامز الى المؤسسة العسكرية وتلك السيارات الضخمة التي ترمز الى القوة والفعالية وتلك الاسلحة التي توصف ايضا على مستوى العالم بأنها السلاح الاول الخفيف في القوة والمتانة، كل هذه الرموز وغيرها قمت بمزجها لاخرج في النهاية بهذا الطرح الذي اختصره مجددا. اولا: الخطاب السياسي التكنولوجي"وسائل الاعلام الحديثة" ونقل الصورة وتعظيم حجم الهالة التي تحيط بالنخبة السياسية الحاكمة، فالامثلة الثلاثة التي اوردتها من الكوميديا السياسية، والخطب الدينية "يوم الجمعة" ، والاغاني السياسية التي تمجد هذه النخب ، هذه الامثلة الثلاثة وان كان كل منها يصب في سياق مختلف الا انها تأتي ضمن المناطق الثقافية التي يبثها الخطاب وكما ان فوكو وحين تحدث ان المناطق هذه التي يحتويها الخطاب متفاوته في القداسة او الخصوصية فإن حيزا منها يخضع للمشاركية التي اطلق عليها شخصيا بمصطلح اخر (الحرية الزائفة) التي يسعى الخطاب السلطوي الى تكريسها. وفي المثال الآخر المرتبط بشكل كبير بنظام الرقابة فقد تطورت الاشكال كما وضح فوكو ايضا بل تطورت في وجهة نظري ايضا الى ما اسميه الرقابة العقابية والتي تفرض عقابها اثناء مراحل رقابتها كما اوردت مثال حول مفهوم(المسح الامني) الذي تنطوي تحته كل المؤسسات الاخرى التعليمية الصحية وغيرها، كما ان رموز الرقابة الجديدة التي أوردتها والتي تخطت الحدود الجغرافية للسجن انها لدليل على أن هذا النظام الرقابي اخذ بالنمو والتطور والاتساع ليشمل مناحي مختلفة ولينتج اجساما طيعه وليقسم الافراد الى (مواطن صالح ومواطن طالح). ملاحظة: ما اوردته في نصي يشمل الضفة الغربية كما انه يتمثل ايضا في قطاع غزة مع اختلاف التوجهات الفكرية لهذه النخب السياسية ولمالكي الخطاب. بقلم الرفيق بهاء الخطيب


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني