PCP

يا عمال العالم اتحدوا

بول ايلوار: الشيوعي حتى آخر قصيدة

بول ايلوار: الشيوعي حتى آخر قصيدة المتأمل لصورة الشاعر الفرنسي ــ بول إيلوار ــ التي رسمها بيكاسو بريشته الرائعة يلاحظ أن ــ إيلوار ــ كان ضخم الجثة، ضخم الجبهة ــ ضخم الأنف، إلا أن له طريقته الخاصة ليكون ضخماً بول إيلوار الحاضر حضوراً لا نهائياً، له صوت أجش، يحسن الإشارة، ويبدي الإشارات حين يتكلم في وقار، يجيد إنشاد الشعر سواء كان شعره أم شعر الآخرين، إيلوار صاحب المهابة البسيطة الطبيعية بالنسبة إلى كل عظيم صادق العظمة في هذا العالم وليس تلك المهابة الجافة المندفعة المصطنعة. قبل الحرب العالمية الثانية بزمن بعيد كان إيلوار يتعذب مع كل من يتعذب مبدياً غضبه ضد الجلادين وكراهيته ضد الأشرار والأغبياء، وحنانه للأبرياء. ذات صباح عام 1944 في شارع ــ دي دراجون ــ الفرنسي كان بول إيلوار ــ ينتظر راكب دراجة في إحدى مطابع حركة المقاومة السرية ليعطيه المنشورات. إنه بول إيلوار الثوري المقاوم للاحتلال الألماني النازي، كان ــ يختم المظاريف بالصمغ ويطوي المنشورات المحرضة على المقاومة الشعبية. كان كل من يعيش مع ــ إيلوار ــ ينسى تماماً أن الشعراء أيضاً يمكن أن يقتلوا. وككل المقاومين الثوار أضطر بول ايلوار إلى البحث عن ملجأ ــ مثل المشتغلين بالحركة المقاومة السرية ــ خاصة أن ــ الجستابو ــ جهاز المخابرات النازية ــ لو تمكن من القبض على إيلوار فإنه سيتعرض لأمور لم يحلم بها أبداً. وإذا كان المقاوم يجلب معه إلى ملجأه حقيبة صغيرة و فرشاة أسنان وغيرها، فإن إيلوار جلب معه عالمه وجلب زوجته ورفيقة نضاله أيضاً ــ نوش ــ لم يكن لديه نقود، وعندما لم يكن لديه ما يأكل باع حزمة صغيرة من روائع الكتب، كانت حوائط الملجأ مغطاة بأعمال بيكاسو، ماكس، أرنست. كان كل من يفكر فيهم في جميع الأوقات هم أولئك المرضى والتعساء ومن تجنّى عليهم الآخرون كما تجنت عليهم الحياة وبول إيلوار هنا كان شفافية الحلم والصفاء المرصّع بالرؤى النقية. في حياة ــ إيلوار ــ نجده مزيجاً من الرجل الخاص والرجل العام من العاشق والثائر، من التأمل الداخلي والثورة، إنه يخاطب بشعره الحاضر فهو يستحضر اللحظة الحاضرة. إن عام ــ 1942ــ له طعم عند ــ إيلوار ،، فهو التاريخ الذي التحق فيه بأول جماعة في حركة المقاومة الفرنسية «عندما ما لم يكن ذلك سهلاً» على حد قول إيلوار نفسه . التحق بالمقاومة الوطنية الفرنسية لكي يكون مع حفنة من الرجال في سبيل تغيير مصير الآخرين، إنه عمل حاسم، صدر عن رجل توغل أكثر من غيره مستكشفاً رحاب الروح العظيمة الباطنية، رجل له تجارب روحية سابقة اصدق من تجارب جميع الذائدين عن الروحانية التقليدية. ومن عالم إيلوار الشعري نقرأ بعض قصائده: فيقول في قصيدته:«في إسبانيا»: لو وُجدتِ شجرة ملطخة بالدم في إسبانيا فهي شجرة الحرية لو وجد فم ثرثار في إسبانيا فهو يتحدث عن الحرية لو وجد قدح نبيذ معتق في إسبانيا فسوف ترشفه الجموع. ومن قصيدته المعنونة:«سبع قصائد حب» نقرأ: باسم الأمل المقبور باسم الدموع في الظلمة باسم الأسى الذي يجلب الضحكات باسم الضحكات التي تجلب الخوف باسم الضحكات في الشارع والوادعة التي تربط أيدينا باسم الثمار المغطاة أزهاراً على أرض طيبة وجميلة باسم الرجال في السجن باسم النساء المبعدات باسم جميع رفاقنا الشهداء والقتلى لأنهم لم يقنعوا بالظل يجب أن ننفّس عن غضبنا ونستثير الحديد ليحفظ الصورة العالية للأبرياء المطاردين في كل مكان والذين سينتصرون في كل مكان. ويقول في قصيدته:«نهار واحد للجميع» السيف الذي لا نغمده في قلوب الأسياد المجرمين نغمده في قلوب الفقراء والأبرياء العيون الأولى عيون البراءة الثانية عيون الفقر فعلينا أن نتعلم كيف نحميها سألعن الحب إذا لم أقتل الكراهية وهؤلاء اللذين أوحوا إلي بها أما أشهر قصائده فهي«الحرية» وفيها نقرأ: على دفاتري المدرسية على منضدتي وعلى الأشجار على الرمل وعلى الجليد اكتب اسمك على كل الصفحات المقروءة على كل الصفحات البيضاء حجارة كانت أو دماً، ورقة أو رماداً اكتب اسمك على الأيقونات المذهبة على اسلحة المحاربين على تيجان الملوك اكتب اسمك على كل جسد منغّم على جبل رفاقي على كل يد مبسوطة اكتب اسمك وبقوة كلمة أبدأ حياتي ثانية لقد وُلدِتُ لأعرفك لأسمّيك أيتها الحرية ألبير كولونيان


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني