PCP

يا عمال العالم اتحدوا

قصص عن الثورة1

قصص عن الثورة سمولني في الليلة العظيمة للكاتب: أناتولي لوناتشارسكي أناتولي لوناتشارسكي: (1875 ــ 1933)، أكاديمي، وشخصية بارزة من شخصيات الثقافة السوفييتية. انضم منذ السابعة عشرة من عمره إلى المنظمة الاشتراكية ــ الديمقراطية، وساهم تحت قيادة الرفيق لينين، في الجريدتين البلشفيتين «إلى الأمام» و «بروليتاري»، وبعد انتصار ثورة أكتوبر شغل سنوات عديدة منصب مفوض الشعب للتعليم في جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية. ولوناتشارسكي خطيب مفوه ومؤلف بارز في القضايا الاجتماعية والسياسية، ومؤرخ للآداب الروسية والأوروبية الغربية، وواضع جملة من المؤلفات المسرحية، والأعمال النقدية الرائعة الخاصة بالأدب السوفييتي. ومعروف كيف أن الرفيق لينين قدر لوناتشارسكي تقديراً عالياً وقال عنه: هو طبيعة موهوبة ثرة بشكل نادر، إنني أحبه، إنه لرفيق ممتاز. كان سمولني (معهد في بتروغراد ــ لينينغراد ــ أصبح سمولني في أيام ثورة أكتوبر مقراً لأركان الثورة) مضاء بسطوع. جمهور من الشعب الهائج يغدو ويروح في جميع ممراته. الحياة تنبجس في جميع الغرف، لكن في زاوية في الممر العلوي، هناك، في أقصى غرفة خلفية، اجتمعت اللجنة العسكرية الثورية باندفاع بشري كبير، وبعاصفة شديدة حقيقية. ومع ذلك فإن بعض الفتيات المرهقات تماماً تغلبن ببطولة على الهجوم الهائل لأولئك الذين كانوا يأتون للاستفسارات والإرشادات ومن أجل الطلبات المختلفة والشكاوى. لا أستطيع أن أتذكر ذلك العمل المدهش دونما إعجاب، وأعتبر أن نشاط اللجنة العسكرية الثورية في أيام أكتوبر هو واحد من مظاهر الطاقة البشرية، التي برهنت على أية احتياطات لها لا تنضب موجودة في القلب الثوري، وعلى ما يستطيعه عندما يدعوه صوت الثورة المدوي. بدأت جلسة المؤتمر الثاني للسوفييتيات مساءً في قاعة سمولني البيضاء. نفسية المجتمعين حافلة ومهيبة. التهيج هائل ولكن دونما أي ذعر بغض النظر عن أن القتال يجري حول القصر الشتوي، والأخبار التي تجيء باستمرار وهي مشحونة جداً بالقلق. حينما أقول: دونما أي ذعر، فأنا أقول عن البلاشفة وعن الأكثرية العظمى للمؤتمر التي تقف مع وجهات نظرهم. وعلى العكس من ذلك، فقد لف الذعر العناصر اليمينية ــ الاشتراكية ــ المنفعلة الحاقدة المرتبكة. إذ يفتتح الاجتماع في آخر الأمر تتكشف نفسية المؤتمر تماماً. أقوال البلاشفة تستقبل بعاصفة من الابتهاج. وبإعجاب حار يستمعون للبحارة الشجعان الذين جاؤوا ليتحدثوا الحقيقة عن المعارك التي تجري حول القصر الشتوي. بأية عواصف غير منقطعة من التصفيق قوبل الخبر الذي انتظر طويلاً، وهو أن السلطة السوفييتية نفذت في النهاية إلى القصر الشتوي وأن الوزراء ــ الرأسماليين ــ اعتقلوا! في أثناء ذلك اعتلى المنصة المنشفي الملازم الأول ــ كوجين ــ الذي لعب دوراً كبيراً في منظمة الجيش في ذلك الوقت، وهددنا بأنه سوف يأتي حالاً بجنود جبهته على بتروغراد. وتلى علينا قرارات ضد السلطة السوفييتية باسم القرار الأول والثاني والثالث إلى الثاني عشر، وبضمنها وحدة خاصة من الجيش وأنهى ذلك بتهديدات مباشرة إلى بترو غراد التي تجرأت على القيام ــ بمغامرة كهذه. لم يرعب هذا أحداً، وكذلك لم يرعب أحداً تصريح بأن سيل الفلاحين سيغفر فاه أمامنا ويبتلعنا جميعاً. يشعر فلاديمير ايليتش لينين بنفسه تماماً كالسمكة في الماء: مرح لا يكل عن العمل، وقد وفق لأن يكتب في مكان ما في الزاوية تلك المراسيم حول السلطة الجديدة، تلك التي ستصبح في يوم ما صفحات مشهودة لتاريخ قرننا. أضيف لهذه الخطوط السريعة ذكرياتي عن أول تعيين لمجلس مفوضي الشعب. لقد جرى هذا في غرفة ما صغيرة من سمولني، حيث كانت الكراسي مغطاة بالمعاطف والقبعات وحيث تزاحم الجميع حول مائدة رديئة الإضاءة. لقد انتخبنا قادة روسيا الجديدة. لقد تراءى لي أن الانتخاب غالباً ما يكون عرضياً جداً، ولقد خفت كثيراً من عدم المطابقة الكبيرة جداً بين المهمات الضخمة والأفراد المنتخبين، الذين عرفتهم جيداً، والذين تراءوا لي بأنهم غير مهيئين بعد لهذا الاختصاص أو ذاك. نفر لينين مني بعدم ارتياح وفي نفس الوقت قال بابتسامة: إننا بحاجة الآن إلى مسؤولين لجميع الوظائف، وإذا ظهر أنهم غير صالحين هناك سننظر ــ بعد ــ إذ نقدر على تبديلهم. كم كان هو على حق! بعضهم قد بدلوهم طبعاً، وبقي البعض الآخر في مكانه. كم كان كهؤلاء الذين بدأوا القضية المكلفين بها بنوع من الخجل، ثم أظهروا فيما بعد بأنهم على مستوى تلك القضية السامية تماماً. لدى البعض طبعاً ليس من المشاهدين فحسب وإنما من المساهمين في الانقلاب كذلك ــ قد اصيب الرأس بالدوران ــ أمام الآفاق الهائلة والمصاعب التي بدت وكأنها لا تقهر. وبثبات روحي مدهش أمعن لينين النظر في تنفيذ المهمات وشرع بها، كما يدير قائد سفينة مجرب دفة سفينة محيطية ضخمة. إعداد: البير كولونيان


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني